عرفت منطقة المغرب العربي في 2021، اضطرابات سياسية، بداية بليبيا التي فشلت في ترتيب انتخابات رئاسية كان مقررا إجراؤها يوم 24 ديسمبر ليتم تأجيلها إلى تواريخ لاحقة لم يتفق عليها بعد بشكل قطعي.
عاشت تونس احتجاجات مؤيدة وأخرى مناهضة لسياسة الرئيس التونسي قيس سعيد. وأنهى المغرب السنة بسلسلة احتجاجات داخلية رفضا للتطبيع، وقبلها توتر شديد مع كل جيرانه قبل أن يستعين بالكيان الإسرائيلي لاستعراض القوة.
وفي خضم هذه التطورات عرفت الدبلوماسية الجزائرية تحولا من موقف الصامت ورد الفعل إلى موقف المبادر بالفعل.
ليبيا أول الغيث
بالنسبة إلى ليبيا، أهم حدث كان الاتفاق على إجراء انتخابات رئاسية بإجماع الأطراف الداخلية والقوى الخارجية لإنهاء الأزمة. كأحد مخرجات مؤتمري برلين 1 وبرلين 2. وأهم ما ميز المؤتمر الثاني هو وجود ممثل وحيد للشعب الليبي ممثلا في حكومة الوحدة الوطنية بقيادة عبد الحميد الدبيبة.
وقد تكللت جهود الجزائر في هذا منذ 2014 بالنجاح، بالتوصل إلى اجاع دولي بضرورة تغليب الحل السلمي، ونبذ العنف والحلول العسكرية التي أثبتت فشلها في كل الازمات والنزاعات الداخلية.
وفي هذا السياق، احتضنت الجزائر عددا من لقاءات دول الجوار، منها اثنين في 2021. كان الأول شهر أوت 2021.
وناقش الاجتماع أهم العوائق التي تحول دون تسوية الأزمة الليبية. وتعلق الأمر بملف المرتزقة والمقاتلين الجانب وضرورة خروجهما تطبيقا لقرار الأمم المتحدة رقم 2570، ومخرجات مؤتمر برلين2.
ومن مخرجات اللقاء أيضا دمج الميليشيات في جيش موحد. وتفعيل لجنتي السياسة والأمن. تفعيل الاتفاقية الرباعية بين ليبيا ودول الجوار لتأمين الحدود المشتركة.
لكن رغم كل محاولات إجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها الذي كان محددا يوم 24 ديسمبر 2021، لكن المحاولات باءت بالفشل لأسباب داخلية وأخرى خارجية.
مد العون لتونس
وفي تونس طفت أزمة سياسية منتصف السنة، بين الرئيس التونسي قيس سعيد ومجلس النواب. حيث أقال رئيس الحكومة هشام المشيشي، وتجميد عمل البرلمان إلى غاية الانتخابات التشريعية 2022. وتلا القرار مظاهرات مساندة لقرار الرئيس وأخرى مناوئة له.
وجاء القرار بعد سلسلة الاحتجاجات الشعبية ضد الحكومة، بسبب الصعوبات الاقتصادية الناجمة عن آثار جائحة كورونا، إلى جانب انهيار المنظومة الصحية.
وحاولت الجزائر التخفيف من حدة التوتر بين طرفي الأزمة الرئيس التونسي قيس سعيد ورئيس حركة النهضة راشد الغنوشي. ذلك ان أي انفلات أمني في تونس سيزيد من متاعب الجزائر وارتفاع تكاليف ضمان أمنها الوطني، في محيط تهيمن عليه اضطرابات أمنية وحروب داخلية.
وجرت اتصالات بين مسؤولين جزائريين وتونسيين في مختلف المستويات، لتخفيف حدة الأزمة السياسية وإيجاد مخرج آمن. وتعتبر الجزائر طرفا يمكن الوثوق به لأنها بعيدة عن محاور التحالفات الكبرى التي تخدم مصالحها على حساب مصالح دول وشعوب المنطقة.
وقبل أيام أقرضت الجزائر تونس 300 مليون دولار. في محاولة لتخفيف ضغط الزمة الاقتصادية التي دفعت تونس لطلب قرض من صندوق النقد الدولي. هذا الأخير الذي تريث إلى حين صدور تقرير الوفد المكلف بإجراء محادثات فنية حول برنامج الإصلاح الاقتصادي التونسي؟
الصحراء الغربية تضامن ثابت
حققت الصحراء الغربية في 2021 انتصارات دبلوماسية على نظيرتها المغربية. حيث صوتت المحكمة الأوروبية ببطلان الاتفاق التجاري المغربي مع غيره من الدول حول استغلال ثروات الصحراء الغربية، دون موافقة الشعب الصحراوي ممثلا في جبهة البوليساريو.
وقبل هذا رفضت دول أوروبية اعتراف الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، بسيادة المغرب على الصحراء الغربية.
وتسبب ذلك في أزمة دبلوماسية بين تلك الدول على رأسها ألمانيا وإسبانيا، وبين المغرب الذي استغل الظروف الاقتصادية المزرية للشعب المغربي، وزج بثمانية آلاف مغربي في معركته السياسية، عندما فتح الحدود وسمح لهم بالزحف نحو سبتة ومليلية اللتين تنازل عنهما لإسبانيا قبل خمسة قرون.
لم يتغير موقف الجزائر من الصحراء الغربية رغم التهديدات المغربية، بل رافعت الجزائر كعادتها لصالح القضية الصحراوية في أورقة الأمم المتحدة، على اعتبار أن القضية تتعلق بتصفية استعمار. كما هو مسجل في اللجنة الرابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة لجنة المسائل السياسية الخاصة وإنهاء الاستعمار.
القطيعة مع المغرب
على عكس علاقتها التعاونية مع الجيران تونس وليبيا والصحراء الغربية، لم تكن علاقة الجزائر والمغرب على “أحسن ما يرام، بسبب التصرفات العدوانية لهذا الأخير تجاه الجزائر. أدت إلى قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلد الجار.
وزاد الاضطراب السياسي في المغرب باضطراد منذ إعلان النظام المخزني ترسيم التطبيع مع الكيان الإسرائيلي.
وخرج الشعب المغربي في مظاهرات شعبية حاشدة، جمعت بين مطالب سياسية بإلغاء التطبيع، ومطالب اجتماعية واقتصادية نظرا للأوضاع المتردية التي يعيشها الشعب المغربي، وزادتها جائحة كورونا تأزما. وبلغت الاحتجاجات أوجها نهاية السنة عندما وقع الطرفان مذكرة تعاون عسكري.
ويعد هذا التعاون سابقة في علاقات الدول العربية المطبعة مع الكيان الإسرائيلي. ويعتبر تهديدا مباشرا للأمن الجزائري. بالنظر إلى تصريح وزير خارجية الكيان، يائير لابيد، الذي هدد الجزائر صراحة عند زيارته للمغرب شهر اوت 2021.