أعلنت الجزائر رسميا اليوم الثلاثاء قطع العلاقات الدبلوماسية مع المملكة المغربية على خلفية قيام البلد الجار بمؤامرات وصفتها وزارة الخارجية بـ الدنيئة ضد الجزائر.
أعلن وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج، رمطان لعمامرة في ندوة صحفية عن قطع العلاقات الدبلوماسية مع المملكة المغربية بدءا من هذا الثلاثاء على خلفية قيام البلد الجار بمؤامرات دنيئة ضد الجزائر.
وقدم وزير الخارجية والجالية الوطنية بالخارج جملة من المعطيات التي أدت إلى اتخاذ مثل هذه الخطوة، وقال إن المؤامرات الدنيئة التي تحيكها المملكة المغربية ضد الجزائر مثبتة تاريخيا ومتواصلة منذ الاستقلال وإلى غاية اليوم.
وأكد لعمامرة أن المؤامرات المغربية تأتي انطلاقا من الحرب العدوانية التي شنتها ضد بلادنا سنة 1963 والتي راح ضحيتها أزيد من 800 شهيد جزائري.
وعلى الرغم من الجراح الكبيرة التي خلفتها هذه المواجهة المسلحة، فقد عملت الجزائر جاهدة ـ يضيف لعمامرة ـ على إقامة علاقات عادية مع الجار المغربي. ومن هذا المنطلق، جاءت معاهدة الأخوة وحسن الجوار والتعاون، وكذا اتفاقية ترسيم الحدود بين البلدين، الموقعتين في إفران عام 1969 والرباط عام 1972 لتكريس مبدأ حرمة الحدود الموروثة غداة الاستقلال.
وعرج لعمامرة على الاتهامات الباطلة التي أطلقها وزير الخارجية الإسرائيلي في زيارته للمغرب بحضور نظيره المغربي في 13 أوث البجاري، وأكد أنه لم يحدث أن وجه أي عضو في الحكومة الإسرائيلية منذ 1949رسائل عدوانية من أراضي دولة عربية ضد دولة عربية مجاورة، وهذا الأمر يتعارض مع كل الأعرف والاتفاقات بين البلدين وهو دليل على العداء الشديد دون أدنى أي قيد أو حدود.
وعلى الصعيد الأمني الإقليمي، يقول لعمامرة إن قيام المغرب بهذا الفعل ينتهك بنود المادة الخامسة من معاهدة الأخوة وحسن الجوار المبرمة مع الجزائر، إضافة إلى التعامل البارز والموثق للمملكة المغربية مع المنظمتين الإرهابيتين “لماك” و”رشاد” اللتين قامتا بأعمال تخربية مؤخرا في الجزائر.
ومن جهة أخرى، أوضح وزير الخارجية في كلمته أن قرار قطع العلاقات الدبلوماسية مع المغرب، أن هناك ” بطبيعة الحال اعتبارات تخضع للتعهدات الدولية وهي من مسؤولية سونطراك وشركائها حيث سيتم في هذا الصدد اتخاذ قرار مناسب في ضوء هذا التقييم الذي ستقوم به السلطات المعنية بهذا الأمر..”
أفعال عدائية متكررة
سبق خطوة قطع العلاقات، تأكيد رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، في 18 أوث الجاري خلال اجتماع استثنائي عقده المجلس الأعلى للأمن، أن الأفعال العدائية المتكرّرة من طرف المغرب ضد الجزائر، تفرض إعادة النظر في العلاقات بين البلدين وتكثيف المراقبة الأمنية على الحدود الغربية.
وجاء قطع العلاقات الدبلوماسية مع المغرب في سياق تصعيد مغربي استهدف الجزائر، وزيادة على العداء المغربي للجزائر بسبب قضية الصحراء الغربية، تورطت أجهزة المخابرات المغربية في التجسس على مسؤولين في الدولة الجزائرية باستخدام برنامج “بيغاسوس الذي طورته شركة “ان اس أي” الإسرائيلية.
وكانت القطرة التي أفاضت غضب الجزائر من الدولة الجارة، قيام الممثلية الدبلوماسية المغربية بنيويورك بتوزيع وثيقة رسمية على جميع الدول الأعضاء في حركة عدم الانحياز، تدعم فيها لما تزعم بأنه “حق تقرير المصير للشعب القبائلي”.
وواصلت الجارة الغربية انتهاكاتها للجزائر بالسماح لوزير الكيان الصهيوني، يائير لابيد، خلال زيارته المغرب، يومي 12و13 أوث الجاري بانتقاد الجزائر من فوق أراضيها، وبحضور وزير خارجيتها، ناصر بوريطة، في سابقة عربية خطيرة.
وترفض الجزائر التطبيع مع الكيان الصهيوني، وفي سبتمبر 2020، أعلن رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، أن الجزائر لن تشارك ولن تبارك الهرولة العربية نحو التطبيع مع اسرائيل.
وردت وزارة الخارجية في 15 أوث الجاري، على تصريحات الوزير الإسرائيلي من المغرب، وقالت إن ” التصريحات المغلوطة” الصادرة من المغرب بخصوص الجزائر، تدل على “الرغبة المكتومة” لجرّ الكيان الصهيوني إلى “مغامرة خطيرة” موجهة ضد الجزائر.
وأوردت الدبلوماسية الجزائرية: “بعض التصريحات المغلوطة والمغرضة، الصادرة من المغرب، بشأن الجزائر ودورها الإقليمي وعلاقاتها مع دولة أخرى” ، والتي تناقلتها وسائل إعلام دولية، قائلة إن ” هذه الخرجة الاعتباطية، والتي تمت بتوجيه من قبل ناصر بوريطة بصفته وزيرا لخارجية المملكة المغربية، تدل على الرغبة المكتومة لدى هذا الأخير في جر حليفه الشرق أوسطي الجديد، في مغامرة خطيرة موجهة ضد الجزائر وقيمها ومواقفها المبدئية”.
فرض تأشيرة على الجزائريين
يذكر أنه في 1976، قرر المغرب بشكل فجائي قطع العلاقات الدبلوماسية مع الجزائر التي قامت حينها، إلى جانب عدد من الدول الشقيقة الأخرى، باتخاذ القرار السيادي بالاعتراف بالجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية.
وبعد اثني عشر عاما من قطع العلاقات الدبلوماسية، قرر البلدان سنة 1988 تطبيع العلاقات الثنائية وإدراجها ضمن منظور تاريخي يأخذ بعين الاعتبار “المصير المشترك للشعبين الجزائري والمغربي” وضرورة تعزيز التعاون المثمر بين البلدين.
جاء هذا التطبيع بعد الجهود الحميدة والجديرة بالتقدير التي بذلها رؤساء عدد من البلدان الشقيقة والصديقة نذكر من بينهم خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز الذي مكن التزامه الشخصي بالوساطة الفعالة من خلق مناخ سياسي ملائم سمح بتطوير الوضع بطريقة ايجابية.
و في قرار أحادي الجانب، فرض المغرب تأشيرة الدخول وبطريقة تعسفية وغير مبررة على الجزائريين (بما في ذلك الرعايا الأجانب من أصل جزائري) في أعقاب العملية الإرهابية التي شهدتها مدينة مراكش عام 1994 والتي اتضح لاحقا أنها من فعل شبكة إرهابية مغربية وأجنبية لا علاقة لها مطلاقا بالجزائر.