شدّ اعتراف موسكو باستقلال جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك عن أوكرانيا عواصم عالمية، واستدعى اجتماعا طارئا لمجلس الأمن، وأحدث ارتجاجا في البورصات وارتفاعا في أسعار النفط والذهب، مع بقاء الأفق مفتوحا على مزيد من التداعيات
اجتماع طارئ لمجلس الأمن الدولي
عقد مجلس الأمن الدولي جلسة طارئة اليوم الثلاثاء، لبحث تطورات الأزمة الأوكرانية – الروسية، بعد إعلان روسيا الاعتراف بـ دونيتسك ولوغانسك، جمهوريتين مستقلتين عن أوكرانيا، وذلك بناء على طلب دول غربية، منها الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا.
حذرت روزماري ديكارلو، وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية وبناء السلام، في إحاطة لها أمام مجلس الأمن، من أن الساعات القادمة حاسمة، وأن هناك خطرا لاندلاع صراع كبير حقيقي ويجب العمل على منعه بأي ثمن.
وجددت المسؤولة الأممية، التزام الأمم المتحدة الكامل بسيادة أوكرانيا واستقلالها ووحدة أراضيها داخل حدود معترف بها دوليا بحسب قرارات الجمعية العامة.
وقالت ديكارلو، حسب موقع الأمم المتحدة، إنها “ببالغ القلق والحزن تطلع مجلس الأمن على الحالة الخطيرة التي تتكشف في أوكرانيا وما حولها”.
شددت على أن التفاوض هو السبيل الوحيد لمعالجة الخلافات القائمة بين الجهات الفاعلة الرئيسية، فيما يتعلق بقضايا الأمن الإقليمي وتسوية النزاع في شرق أوكرانيا، وفقا لقرار مجلس الأمن 2202 (2015)، وحثت على حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية، وتجنب الأعمال والتصريحات التي قد تؤدي إلى تفاقم الوضع.
وأعربت عن أسفها بشدة للقرار الروسي بشأن الاعتراف باستقلال دونيتسك ولوغانسك “الذي قد يكون له تداعيات إقليمية ودولية”، وقرار روسيا بنشر قواتها في شرق أوكرانيا، حسبما ورد في “مهمة حفظ سلام”، كما أعربت عن القلق بشأن الآثار المحتملة للتطورات الأخيرة على أطر المفاوضات الحالية، وذكرت جميع الأطراف المعنية بمسؤولياتها بموجب القانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان.
ردود أفعال دول غربية
قالت ماريا زاخاروفا، المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، اليوم الثلاثاء، إن ردود أفعال الدول الغربية على اعتراف موسكو باستقلال دونيتسك ولوغانسك عن أوكرانيا كانت متوقعة.
وأضافت زاخاروفا، في تصريح لها، أن “موسكو لم تفاجأ برد الفعل الغربي على الاعتراف باستقلال دونيتسك ولوغانسك”.
وكان الرئيس الروسي وقع مساء الإثنين مرسومين يقضيان باعتراف بلاده باستقلال جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك عن أوكرانيا.
ونددت دول غربية بهذا الاعتراف، واعتبرته انتهاكا لوحدة أراضي أوكرانيا، وتوعدت برد حازم وفرض عقوبات على روسيا.
البيت الأبيض: مستعدون للرد الفوري
وأكد البيت الأبيض أن الولايات المتحدة مستعدة للرد الفوري على اعتراف روسيا باستقلال جمهوريتي لوغانسك ودونيتسك عن أوكرانيا.
وذكرت جين ساكي المتحدثة باسم البيت الأبيض في بيان عقب توقيع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على مرسومين للإعتراف باستقلال الجمهورتين: “توقعنا مثل هذه الخطوة من روسيا ومستعدون للرد فورا”.
وأضافت أن الرئيس جو بايدن سيصدر قريبا أمرا تنفيذيا يحظر على الأمريكيين الاستثمار أو التجارة أو التمويل فيما يعرف بـ”المناطق الانفصالية الأوكرانية”، مشيرة إلى أن الأمر التنفيذي سيخول أيضا سلطة فرض عقوبات على أي شخص يتبين أنه يعمل في تلك المناطق من أوكرانيا.
وتابعت “سنعلن قريبا عن إجراءات إضافية تتعلق بانتهاك روسيا للالتزامات الدولية اليوم.. هذه الإجراءات منفصلة عن تدابير اقتصادية سريعة نعدها بالتنسيق مع الحلفاء إذا حدث الغزو.. نواصل التشاور عن كثب مع الحلفاء والشركاء ومن بينهم أوكرانيا بشأن الخطوات التالية وبخصوص التصعيد الروسي المستمر على حدود أوكرانيا”.
وأشار البيت الأبيض إلى أن الرئيس جو بايدن تحدث مع نظيره الأوكراني فلودومير زيلينسكي بعد خطاب بوتين في اتصال استغرق نحو 35 دقيقة.
وقال الرئيس الأوكراني “ناقشت مع الرئيس الأمريكي أحداث الساعات الأخيرة.. سنعقد اجتماعا لمجلس الأمن القومي لبحث التطورات الأخيرة”.
وفي السياق، ألغى أنطونيو غوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة زيارة كان مقررا أن يقوم بها إلى الكونغو الديمقراطية بسبب تطورات الأزمة الأوكرانية.
الناتو: اعتراف روسيا يقوض جهود حل النزاع
أدان ينس ستولتنبرغ الأمين العام لحلف شمال الأطلسي “الناتو”، اعتراف روسيا بـ دونيتسك ولوغانسك جمهوريتين مستقلتين عن أوكرانيا، معتبرا أن هذا القرار يقوض الجهود المبذولة لحل النزاع وينتهك اتفاقية مينسك.
وجدد ستولتنبرغ، في بيان، دعم الناتو لوحدة وسيادة أوكرانيا، داعيا موسكولاختيار طريق الدبلوماسية والسحب الفوري لقواتها العسكرية الموجودة حول وداخل أوكرانيا.
وقال إن هذه الخطوة الروسية تقوض الجهود المبذولة لحل النزاع وتنتهك اتفاقيات مينسك، متهما موسكو بأنها “تواصل تأجيج الصراع في شرق أوكرانيا من خلال تقديم الدعم المالي والعسكري للانفصاليين، كما أنها تحاول تقديم ذريعة لغزو أوكرانيا مرة أخرى”، مشددا على “دعم الحلف لسيادة وسلامة الأراضي الأوكرانية المعترف بها دوليا”.
ألمانيا تتهم..
واتهمت أنالينا بيربوك وزيرة الخارجية الألمانية، الاثنين، روسيا “بانتهاكها الصارخ” للقانون الدولي، وتقويض الجهود الدبلوماسية الرامية لحل النزاع في شرق أوكرانيا، بعد اعتراف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بـ دونيتسك ولوغانسك جمهوريتين مستقلتين عن أوكرانيا.
وقالت بيربوك، في تصريح لها بثته وكالة الأنباء الألمانية، إن هذه الخطوة “تمثل انتهاكا صارخا للقانون الدولي، وضربة شديدة لجميع الجهود الدبلوماسية” لحل الأزمة الأوكرانية.
وأضافت وزيرة الخارجية الألمانية أنه جرى تجاهل الجهود التي تبذل على مدار سنوات في إطار صيغة نورماندي وضمن منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، بشكل متعمد وبدون أي سبب مفهوم.
وتابعت بيربروك “هذا الاعتراف يمثل أيضا انتهاكا آخر لوحدة أراضي أوكرانيا وسيادتها، وهوما ندينه بأشد العبارات الممكنة”، وتعهدت بأن ترد ألمانيا والحلفاء على هذا الانتهاك للقانون الدولي، وستدعوروسيا إلى التراجع عن هذا القرار.
اليابان يدين..
أدان رئيس الوزراء الياباني كيشيدا فوميو اليوم الثلاثاء بشدة اعتراف روسيا بـ”دونيتسك” و”لوجانسك” كجمهوريتين مستقلتين.
وقال كيشيدا -حسبما نقلت هيئة الإذاعة اليابانية (إن إتش كيه)- إن: “تصرف روسيا ينتهك سيادة أوكرانيا ووحدتها، وينتهك القانون الدولي ولا يمكن السماح به”.
وأضاف أن اليابان ستراقب التطورات عن كثب وبقلق بالغ وستعمل مع دول مجموعة السبع الأخرى والمجتمع الدولي لتنسيق الردود بما في ذلك العقوبات.
وأضاف رئيس الوزراء أنه في حالة غزو روسيا لأوكرانيا، فإن اليابان سترد أيضا مع العمل مع أعضاء مجموعة السبع والمجتمع الدولي، مشيرا إلى أنه تم إبلاغه بأن بعض المواطنين اليابانيين في أوكرانيا سيغادرون، لكن كثيرين آخرين بما في ذلك أولئك الذين لديهم أفراد من أسر أوكرانية مصممون على البقاء.
ماكرون يطالب بعقوبات ضد روسيا
أدان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الاثنين، إعلان نظيره الروسي فلاديمير بوتين اعتراف بلاده بـ دونيتسك ولوغانسك جمهوريتين مستقلتين عن أوكرانيا.
وطالب ماكرون، وفق بيان للرئاسة الفرنسية “الإليزيه”، بـ”عقوبات أوروبية محددة الأهداف” على روسيا، ردا على هذه الخطوة.
ودعا الرئيس الفرنسي إلى عقد اجتماع طارئ لمجلس الأمن الدولي لبحث الأزمة الأوكرانية.
قراءة الرئيس الأوكراني
وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، إن اعتراف روسيا بـدونيتسك ولوغانسك جمهوريتين مستقلتين عن أوكرانيا، “يعني انسحاب موسكو من اتفاقيات مينسك”.
وأضاف زيلينسكي، في تصريح له “حدود أوكرانيا المعترف بها دوليا ستبقى كما هي.. على الرغم من تصرفات روسيا”.
وأكد أن “كييف ملتزمة بالتسوية السياسية والدبلوماسية للأزمة في دونباس”، مضيفا “ننتظر خطوات دعم حاسمة وواضحة من قبل شركائنا”.
وتابع “ندعو إلى قمة طارئة لأعضاء صيغة نورماندي لبحث الإجراءات الروسية الأخيرة”.
يشار إلى أن قمة رباعية عقدت بين روسيا، وأوكرانيا، وألمانيا، وفرنسا في يونيو2014 خلال احتفالات الذكرى السبعين لعملية إنزال الحلفاء في النورماندي بفرنسا خلال الحرب العالمية الثانية، وعرفت حينها بـ”رباعية النورماندي”.
وفي 12 فبراير 2015، توصل قادة البلدان الأربعة، إلى اتفاقات في العاصمة البيلاروسية مينسك، تقضي بوقف إطلاق النار شرقي أوكرانيا وإقامة منطقة عازلة، وسحب الأسلحة الثقيلة.
الاعتراف ومضمون اتفاقيات مينسك
قال المندوب الروسي في مجلس الأمن الدولي فاسيلي نيبينزيا، إن الاعتراف بـ”دونيتسك” و”لوجانسك”، اللذين تعترف روسيا بكل منهما جمهورية مستقلة، لا يغير مضمون اتفاقيات مينسك، موضحًا أن المهم التركيز على كيفية وقف الحرب وإجبار السلطات الأوكرانية على وقف قصف أراضي “لوجانسك” و”دونيتسك.
وأكد نيبينزيا -في كلمة بمجلس الأمن الدولي اليوم الثلاثاء- أن “الولايات المتحدة والغرب يلعبان دورًا سلبيًا في أوكرانيا.. دونباس مهدد بمغامرة عسكرية أوكرانية جديدة، ولا يمكن لموسكو أن تسمح بذلك”.
وقال إن انفتاح بلاده على الحوار والدبلوماسية بشأن الوضع في أوكرانيا، مشددًا أنها لن تسمح بإراقة الدماء من جديد في دونباس.
وتعليقا على المواقف من إعلان روسيا اعترافها باستقلال جمهوريتي دونيتسك ولوجانسك أوضح نيبينزيا: “استمعنا إلى بيانات مليئة بالعواطف بشأن الخطوة الروسية، والمواقف الدولية توحي كما لو أن اعتراف روسيا كان خطوة مفاجئة، ولكن هذا غير صحيح”، موضحا أن “الغرب يضخ بلا خجل الأسلحة في أوكرانيا” على حد تعبيره.
وأضاف المندوب الروسي لدي مجلس الأمن الدولي أن حكومة كييف بقيادة فلاديمير زيلينسكي، عادت إلى الخطاب المتشدد وفعلت كل شيء لتدمير اتفاقيات مينسك حول التسوية في دونيتسك ولوجانسك.
ارتفاع أسعار النفط
وقفزت أسعار النفط، أمس الاثنين، مع تصاعد الأزمة بين روسيا والغرب بشأن أوكرانيا، وهوما ينضاف إلى مخاوف الإمدادات التي تبقي أسعار الخام قرب 100 دولار للبرميل.
وأنهت العقود الجلة لخام برنت القياسي العالمي جلسة التداول عند 95.39 دولار للبرميل، مرتفعة 1.85 دولار، أو1.98 في المائة، كما واصلت الصعود في التعاملات اللاحقة على التسوية لتصل إلى 96.28 دولار.
وقفزت عقود خام القياس الأمريكي غرب تكساس الوسيط 2.79 دولار، أو3.06 في المائة، إلى 93.83 دولار.
وواصلت أسعار النفط مسيرتها الصعودية مع تبدد التفاؤل بشأن اجتماع محتمل بين الرئيسين الأمريكي جو بايدن والروسي فلاديمير بوتين في حين أن مجموعة +أوبك+ ما زالت تجد صعوبة في تحقيق الزيادات الإنتاجية المستهدفة.
أسهم أوروبا تهبط
وهبطت الأسهم الأوروبية إلى أدنى مستوى لها في أربعة أشهر، الاثنين، بعد تعليقات من الكرملين أخمدت المال في حل سريع لأكبر أزمة عسكرية لأوروبا في عقود.
وتراجع المؤشر ستوكس 600 الأوروبي بنسبة 1.3 في المائة ليغلق عند أدنى مستوى منذ أكتوبر بسبب مخاوف من تصاعد الصراع بين روسيا وأوكرانيا.
وجاء قطاع التكنولوجيا بين أكبر الخاسرين مع هبوط مؤشره بـ2.6 في المائة إلى أدنى مستوى منذ مارس الماضي، مواصلا التراجع لرابع جلسة على التوالي.
ولامست الأسهم الفرنسية أدنى مستوى لها منذ أوائل دجنبر في حين هبطت الأسهم الألمانية إلى أدنى مستوياتها في 11 شهرا.