تجمع الجزائر ومصر عديد القضايا والمواقف الإقليمية المشتركة، نظرا لوزنيهما خاصة في القارة الأفريقية. وينتظر أن تنعكس هذه العلاقة على القمة العربية المقرر عقدها في الجزائر شهر مارس المقبل، في ظرف يتسم بأزمات في عدد من الدول العربية والأفريقية.
إصلاح الجامعة العربية
يرتقب ان تناقش مسألة إصلاح الجامعة العربية في القمة العربية المقبلة التي ستعقد في الجزائر شهر مارس. وأكد الرئيس عبد المجيد تبون، في ندوة البعثات الدبلوماسية والقنصلية، شهر نوفمبر 2021، على دراسة ملف إصلاح الجامعة العربية، مشددا على ضرورة تنسيق العمل العربي المشترك لدعم القضية الفلسطينية، التي قال إنه يجب التقيد بالمبادرة العربية كأساس لحلها.
وتدخل زيارة الرئيس الجزائري إلى مصر التي تدوم يومين في هذا الإطار. وترمي إلى طرح قضية القمة العربية المقررة شهر مارس المقبل. حيث سبقت زيارته إلى مصر، زيارة وزير الخارجية رمطان لعمامرة، الذي سلم الرئيس الصري عبد الفتاح السيسي رسالة من نظيره الجزائري.
وقبلها زار لعمامرة المملكة العربية السعودية، وتمحورت الزيارة -حسب بيان وزارة الخارجية آنذاك- حول “أهم محطات المسار التحضيري بهدف توفير شروط نجاح هذه الدورة”. وزار جمهورية تونس للغرض نفسه.
ملف سد النهضة
دخلت الجزائر على خط الوساطة في أزمة سد النهضة، بطلب من إثيوبيا. وأسفرت زيارة وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة إلى إثيوبيا شهر جويلية الماضي، عن فتح الطّرف الإثيوبي الملف.
وطلبَ وزير الخارجية الإثيوبية نائب رئيس الوزراء ديميكي ميكونين، من الجزائر أن تبلغ وجهة النظر الاثيوبية المتمثلة في احترام نصيب دولتي المصب السودان ومصر.
وطُلب من الجزائر أيضا أن تساهم بدور بناء في “تصحيح التّصوّرات الخاطئة حول سد النهضة”. إلى جانب التّوسّط لها مع السودان لحل مشاكلهما الحدودية بالطرق السّلمية. و
أثمرت الزّيارة اتفاقا على إقامة تعاون متعدّد، وتعزيز الشّراكة على المستوى الإقليمي.
من جهة أخرى تباحث سفير مصر لدى الجزائر، مختار وريدة، ملف سد النهضة رفقة وزير الموارد المائية الجزائري يوم 11 جانفي واستعرض السفير موقف مصر من الأزمة، ورغبتها في أن يكون الحل سلميا، بقبول كل الأطراف الاشتراك في مياه نهر النيل بشكل عادل. وهو موقف الجزائر من ملف سد النهضة.
وتتمتع الجزائر بسمعة طيبة لدى إثيوبيا، منذ استطاعت دبلوماسيتها إنهاء حرب طويلة الأمد بينها وبين أريتيريا، بداية الألفية الثانية. وتعتبر أبرز النجاحات نظرا لظروف تلك لفترة.
وعليه ينتظر أن تؤدي الجزائر دورا في حل أزمة ملف سد النهضة، نظرا لقبول كل الأطراف وساطتها.
الأزمة الليبية
تتقاسم الجزائر ومصر انشغالا مشتركا حول الأزمة الليبية، التي امتدت على مدار 11 عاما، دون أن يجد المتنازعون الداخليون والخارجيون حلا لإنهائها.
وقد تنافر الموقف الجزائري والمصري بخصوص الأزمة سابقا. حيث دعت الجزائر منذ البداية إلى عدم التدخل في الشؤون الداخلية لدولة ليبيا، واعتبرت أن ما يحصل داخلها شأن داخلي محض بين نظام كان قائما، ومعارضين.
لكن كان لمصر رأي مغاير حيث حاولت مرات التدخل عسكريا وافتكاك موافقة من المنظمات الإقليمية ومجلس الأمن الدولي. ورفض هذا الأخير وأصدر قرارا بعدم التدخل عسكريا مجددا في ليبيا.
كان ذلك قبل أن تقتنع مصر بالموقف الجزائري الداعي إلى ضرورة إيجاد حل سياسي يجمع كل الليبيين، باستثناء الجماعات الإرهابية، إلى طاولة الحوار. وهو ما تم فعلا حيث استطاعت الجزائر منذ 2014 جمع أكبر عدد من الفرقاء الليبيين إلى طاولة الحوار، باستقبالهم على أراضيها.
واتضح اتساق الموقفين الجزائري والمصري حول الأزمة الليبية من خلال لقاءات دول الجوار التي احتضنتها الجزائر ومصر وتونس بشكل دوري لإيجاد حلول سلمية للمسألة الليبية.
بين مصر وتركيا
اتسمت العلاقة بين مصر وتركيا بالتنافر الشديد بسبب مواقف كل طرف من الأزمة الليبية. حيث ساندت مصر المعسكر الشرقي بقيادة خليفة حفتر، بينما ساندت تركيا المعسكر الغربي بقيادة الحكومات المتتالية والمعترف بها دوليا.
وكانت مصر تتهم تركيا بمساندة تيار الاخوان المسلمين في العاصمة طرابلس. وهو تيار تعاديه مصر سياسيا منذ تأسيسه. لكن استطاعت الدبلوماسية الجزائرية بشكل غير معلن إذابة الجليد بين الطرفين. وتبين ذلك من خلال تغيير تركيا موقفها من النظام المصري ومنع وسائل الإعلام المصرية المعارضة الناشطة على الأراضي التركية من بث ونشر ما يعارض النظام في مصر.
وبهذا استطاعت الجزائر تقريب وجهات نظر القوتين الاقليميتين حول أزمة امتدت آثرها في كل الساحل ووصلت أوروبا.
بالنظر إلى ما سبق عرضه يمكن القول إن الجزائر تتمتع باحترام من دول محيطيها الجيوبوليتيكي. وبالتالي يمكنها أن تؤدي أدوارا في حل مشاكل بين الأطراف المذكورة. ما يعزز دبلوماسيتها في دزاريا وإقليميا.