استرجعت الجزائر زمام الملف الليبي، الذي كادت أطراف خارجية تسيطر عليه. وشكلت الأزمة الليبية أولوية للقيادة الجزائرية، من خلال استضافة حوار ليبي- ليبي يضم كل الأطراف تحت رعاية الأمم المتحدة ويفضي إلى بناء مؤسسات شرعية عبر انتخابات نزيهة وشفافة تقود ليبيا إلى بر الأمان.
اجتهدت الجزائر، منذ نهاية 2020، في تفعيل مبادرتها التي اقترحتها العام 2014، عندما كانت الأطراف المتناحرة داخليا. والمتنافسة خارجيا، تصم آذانها عن الحل السلمي. وبقيت المبادرة حبرا على ورق بسبب الظروف الداخلية التي ألمت بالجزائر.
الحل السلمي
كثفت الجزائر جهودها في 2021، خاصة مع اجماع دولي على ضرورة إنهاء الأزمة التي طال أمدها. وكانت مؤتمر برلين 1 و2 فرصة لبعثها من جديد، ولاقت المبادرة إجماعا من كل المشاركين هناك. حيث تم اعتماد بنود مبادرتها للعام 2014.
وسعت الجزائر دائما إلى حل النزاعات بالطرق السلمية وانتهاج مقاربة سياسية بعيدا عن الحل العسكري. ولذلك قدمت مبادرة ثانية من أجل حل الأزمة الليبية، فيما عرف بالمبادرة الثنائية الجزائرية التونسية حول الأزمة الليبية.
لقاءات
احتضنت الجزائر عددا من لقاءات دول الجوار، منها اثنين خلال 2021. كان الأول شهر أوت 2021. وناقش الاجتماع أهم العوائق التي تحول دون تسوية الأزمة الليبية. وتعلق الأمر بملف المرتزقة والمقاتلين الجانب وضرورة خروجهما تطبيقا لقرار الأمم المتحدة رقم 2570، ومخرجات مؤتمر برلين2. ومن مخرجات اللقاء أيضا دمج الميليشيات في جيش موحد.
واتفق المجتمعون على تفعيل لجنتي السياسة والأمن. وهما لجنتان نصبتا منذ 2014، بين الجزائر ومصر، لكن موقف مصر المنحاز للمشير خليفة حفتر آنذاك، حال دون بدء عمل اللجنتين. إلى جانب تفعيل اللجنتين الفرعيتين لهما.
ودعا البيان الختامي، أيضا، إلى تفعيل الاتفاقية الرباعية بين ليبيا ودول الجوار لتأمين الحدود المشتركة. وتكثيف التواصل مع كافة الأطراف الأجنبية للتأكيد على حتمية الحلّ السياسي باعتباره الحل السلمي الوحيد للأزمة الليبية.
“دعم استقرار ليبيا”
انعقد الاجتماع الثاني لدول الجوار في الجزائر شهر سبتمبر 2021. وحضر الاجتماع كل من المبعوث الأممي إلى ليبيا يان كوبيتش، والأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط. وزير خارجية جمهورية الكونغو جان كلود غاكسو، الذي تترأس بلاده اللجنة الرفيعة المستوى التابعة للاتحاد الإفريقي حول ليبيا. وبانكول أديوي مفوض الاتحاد الإفريقي للشؤون السياسية والأمن.
وانعقد اللقاء في ظرف تميز بإخفاق ملتقى الحوار السياسي والبرلمان الليبي في إعداد قاعدة دستورية وقانوني الانتخابات الرئاسية والبرلمانية.
وكان بمثابة الضامن لعدم انزلاق الأمور مجددا للنزاع المسلح. على اعتبار أن دول الجوار ستكون أول وأكبر المتضررين من محيط مشتعل بالحروب من كل الجهات.
وانبثق عن الاجتماع قرار دعم المبادرة الليبية لاستقرار ليبيا، حيث احتضنت ليبيا المؤتمر الدولي الأول حول “استقرار ليبيا” مباشرة بعد اجتماع دول الجوار الثاني لدول الجوار في الجزائر2021. وحظي المؤتمر بتمثيل دولي هام.
وتم الاتفاق، أيضا، على ضرورة التنسيق بين دول الجوار واللجنة العسكرية المشتركة (5+5)، لوضع آلية فعالة وعملية بين الطرفين لانسحاب المرتزقة من ليبيا. إلى جانب التأكيد على مخرجات اجتماع شهر اوت المذكورة آنفا.
زيارات رسمية
إلى جانب نشاط الدبلوماسية الجزائرية في تنظيم لقاءات دول الجوار، استقبلت الجزائر ممثلين عن جهتين متنافستين تاريخيا على زعامة ليبيا، طرابلس ممثلة في عبد الحميد الدبيبة رئيس الحكومة المعترف بها دوليا، وعقيلة صالح الذي يرأس البرلمان الليبي منذ الانتخابات التشريعية للعام 2014.
وزار وزير الخارجية رمطان لعمامرة طرابلس للقاء رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية عبد الحميد الدبيبة، في شهر أكتوبر قبيل عقد ليبيا مؤتمرها الدول حول ” استقرار ليبيا. وجدد دعم الجزائر لمبادرة استقرار ليبيا.