مفكر وسياسي وإسلامي تونسي، عاش في المنفى في لندن نحو عشرين عاما، قبل أن يعود إلى بلاده بعد ثورة 2011، ويتولى رئاسة مجلس النواب.
ولد راشد الغنوشي في 22 جويلية 1941 في مدينة الحامة بولاية قابس بالجنوب التونسي. عاش طفولته في كنف أسرة ريفية تشتغل بالفلاحة والزراعة.
تلقى تعليمه الابتدائي والثانوي في الحامة وقابس، ثم انتقل إلى العاصمة تونس، حيث أتم تعليمه في جامعة الزيتونة.
تحصل على شهادة في أصول الدين، وأعجب خلال تلك الفترة بمادة الفلسفة التي أضيفت وقتها إلى منهج التعليم الزيتوني.
مارس مهنة التدريس في مدينة قفصة أواخر عام 1963.
رحلة خارجية
انتقل الشيخ الغنوشي بعدها إلى مصر من أجل مواصلة الدراسة، والتحق عام 1964 بكلية الزراعة في جامعة القاهرة، وبقي فيها حوالي ثلاثة شهور.
بعد تخليه عن الدراسة في الجامعة المصرية، لأسباب سياسية، شد الغنوشي الرحال إلى سوريا وهناك درس الفلسفة، وعاش فيها من 1964 إلى 1968.
الأستاذ #راشد_الغنوشي: #تونس نجحت في انجاز #ثورة سلمية والمحافظة عليها وتحقيق حرّيات التعبير والانتخابات والتداول السلمي على #السلطة ومقاومة #الإرهاب والمطلوب الآن دعم #الاستقرار وتهدئة الأوضاع لتحقيق النمو الاقتصادي والإجتماعي وحياة معاصرة حرّة وكريمة لكل التونسيين والتونسيات🇹🇳 pic.twitter.com/TWKWIv1UzE
— حزب حركة النهضة (@NahdhaTunisie) June 9, 2021
ويقول الغنوشي، إنه لم يكن في شبابه مشدودا إلى الإسلام ، وكان فكريا أقرب إلى الحيرة والشك والتمرد على القديم والسائد.
وفي سيرته الذاتية المنشورة على موقعه على شبكة الإنترنت، أورد أنه كان مولعا بالفكر الناصري وبالتيار القومي العروبي، ولكنه تخلى عنه والتحق بالتيار الإسلامي بعد هزيمة 1967.
ورفض حينها عرض جماعة الإخوان المسلمين بالانضمام إليها، لعدم رغبته في الانتماء لأي حركة في ذلك الوقت، كما جاء في سيرته الذاتية.
بعد سوريا، ذهب الغنوشي إلى فرنسا لإكمال دراساته العليا في جامعة السوربون.
العودة والتصادم مع بورقيبة
في نهاية الستينيات، عاد الغنوشي إلى تونس، وبدأ نشاطه الدعوي وسط طلاب وتلاميذ الثانويات.
وتزامنت عودته إلى تونس مع تولي الحبيب بورقيبة رئاسة الجمهورية التونسية، إثر تعديل دستوري في 27 ديسمبر 1974.
يقول الغنوشي في سيرته الذاتية إنه اكتشف بعد عودته إلى تونس مدى”التغريب الذي أصبحت عليه البلاد”، في إشارة منه إلى النهج العلماني الذي انتهجه بورقيبة.
وفي 6 جوان 1981 أعلن رسميا عن تأسيس حركة الاتجاه الإسلامي التي تحولت في 1989 إلى حركة النهضة، وانتخب راشد الغنوشي رئيسا لها وعبد الفتاح مورو نائبا له.
بدأ الغنوشي يثير قلق نظام بورقيبة، الذي حكم عليه نهاية 1981 بالسجن 11 عاما، قضى منها ثلاث سنوات وأطلق سراحه.
ثم أعيد القبض عليه، وحكم عليه بالأشغال الشاقة المؤبدة في مطلع 1987.
نظام بن علي والمنفى
بعد تسلم زين العابدين بن علي السلطة في 1987، أصدر عفوا عن الغنوشي في ماي 1988، في أجواء من الانفراج السياسي أعقبت التغيير الذي حصل في رأس النظام.
لكن شهر العسل لم يدم طويلا بين الرجلين، فبعد حصول حركة النهضة على نحو 17 بالمئة من الأصوات في الانتخابات التشريعية لسنة 1989، بدأت تتصادم مع النظام.
وفي أفريل 1989 غادر الغنوشي تونس إلى الجزائر، ثم السودان، ليستقر بعدها في العاصمة البريطانية لندن في 1991. وتحصل على اللجوء السياسي إلى بريطانيا في 1993.
وغادر تونس إلى المنفى بعد أن حكمت عليه المحكمة العسكرية بتونس مع قيادات إسلامية أخرى بالسجن المؤبد بتهمة “التآمر” ضد رئيس الدولة.
أعيد انتخاب الغنوشي في 2007، كأمين عام لحركة النهضة.
العودة بعد الثورة
بعد الثورة التونسية وهروب بن علي إلى السعودية، عاد الغنوشي في 30 جانفي 2011، إلى تونس.
وأكد ناطق باسمه أنداك أن الغنوشي “يدرك جيدا أنه لن يترشح لأي انتخابات ولن يترشح لأي منصب سياسي”. كما أعلن سعيه لتسليم قيادة الحركة لجيل جديد من الشباب..”
لكن المفكر والسياسي التونسي، اقتحم عالم السياسية بعد ذلك، وتحول إلى أحد أبرز وجوه المشهد السياسي في تونس.
في 23 ماي 2016، انتخب رئيسا للحركة التي اقرت خلال مؤتمرها العاشر.
وفي 13 نوفمبر 2019، انتخب الغنوشي رئيسا لمجلس النواب (البرلمان)، بحصوله على 123 صوتا من أصل 217.، ليشغل بذلك أول منصب رسمي له منذ عودته من المنفى.
وفي فيفري الماضي، وقع قع 103 نواب بالبرلمان التونسي عريضة لسحب الثقة من رئيس مجلس النواب الغنوشي على خلفية “سوء إدارة العمل وتنامي العنف داخل البرلمان”.
وجاءت العريضة وسط أزمة سياسية تشهدها البلاد منذ شهور، بين رئيس الجمهورية قيس سعيّد من جهة، ورئيس الحكومة هشام مشيشي الذي تدعمه حركة النهضة.
وإلى جانب اشتغاله بالسياسة، فإن في برصيد الغنوشي أكثر من 20 كتابا ترجم البعض منها إلى الإنجليزية والفرنسية والإسبانية والفارسية والتركية.
ومن بين أعماله ” تجربة الحركة الإسلامية في تونس”، و”مقاربات في العلمانية والمجتمع المدني”، و”الحركة الإسلامية ومسألة التغيير”، و”المرأة بين القرآن وواقع المسلمين.”
كما كتب سيرته الذاتية بعنوان” الغنوشي وأطوار من نشأة الحركة الإسلامية في تونس.”
وحصل الغنوشي عام 2014 على جائزة ابن رشد لحرية الفكر، وجائزة تشاتام هاوس عام 2012، وكانت مناصفة مع منصف المرزوقي، الذي كان آنذاك الرئيس المؤقت لتونس..