نجحت القاهرة والخرطوم في حشد دعم العرب لموقفهما المتعلق بأزمة سد النهضة مع إثيوبيا. يأتي ذلك بينما تتمسك أديسا بابا بالوساطة الإفريقية.
اتفق وزراء الخارجية العرب في اجتماعهم التشاوري في العاصمة القطرية الدوحة أول أمس، على دعم مصر والسودان.
وأكد الوزراء أن الأمن المائي لكل من مصر والسودان هو ” جزء لا يتجزأ من الأمن القومي العربي..”
“إجراءات تدريجية”
ودعوا مجلس الأمن الدولي إلى”عقد جلسة عاجلة لاتخاذ الإجراءات اللازمة لإطلاق عملية تفاوضية عادلة، تضمن التوصل إلى اتفاق عادل وقانوني وملزم، بشأن ملء وتشغيل سد النهضة.”
ولم يستبعد وزير خارجية قطر، الشيخ محمد بن رحمان آل ثاني، في مؤتمر صحفي على هامش الاجتماع، أن تتحذ تالدول العربية “إجراءات تدريجية” لدعم مصر والسودان.
البرلمان العربي من جهته، عبر عن دعمه لموقف وزراء الخارجية، وجدد تأكيد موقفه الرافض لأية “إجراءات أحادية الجانب، تقوم بها إثيوبيا وتلحق ضررا بالحقوق المائية لكل من مصر والسودان..”
ويأتي اجتماع وزراء الخارجية العرب الذي شارك فيه وزير الخارجية، صبري بوقدوم، بدعوة من مصر والسودان، حيث اتفقت الدولتان خلال اجتماع سابق في الخرطوم، على تنسيق جهودهما لدفع إثيوبيا على التفاوض بجدية بشأن مليء وتشغيل سد النهضة.
وتعول القاهرة أيضا على دعم الإدارة الأمريكية في نزاعها مع إثيوبيا، وفي 26 ماي الماضي، اتصل الرئيس عبد الفتاح السيسي بوزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن.
وشدد السيسي في حديثه مع الوزير الأمريكي ـ بحسب بيان للرئاسة المصريةـ على ضرورة أن تضطلع الولايات المتحدة الأمريكية بدور مؤثر لحلحلة ملف سد النهضة.
ومن جهته، شدد بلينكن التزام واشنطن بـ” بذل الجهود للتوصل إلى اتفاق يحفظ الحقوق المائية والتنموية لكافة الأطراف..”
الوساطة الإفريقية
يرعى الاتحاد الإفريقي منذ عام 2011 المحادثات بشأن أزمة سد النهضة، بين مصر والسودان من جهة، وإثيوبيا من جهة أخرى.
غير أن المحاثات تعثرت مرارا بسبب تمسك كل طرف بموقفه.
وتأسف وزير الخارجية المصري، سامح شكري على هامش اجتماع الوزراء العرب، لكون الوساطة الإفريقية”لم تسفر عن النتائج المرجوة”.
غير أن ماجد عبد الفتاح، رئيس بعثة الجامعة العربية لدى الأمم المتحدة، قال إن”هناك حرصا عربيا على عدم تحول الصراع إلى صراع عربي إفريقي..”
ويتهم النظام المصري إثيوبيا بعدم الجدية في مسألة التفاوض، وهو ما أشار إليه رئيس الدبلوماسية المصرية، بقوله إن بلاده والسودان انخرطتا طوال عشر سنوات في مفاوضات مضنية مع الجانب الإثيوبي.
وأكد شكري أن مصر أبدت حسن النية، لانجاز “اتفاق قانوني ملزم وعادل يضمن لإثيوبيا حقها في التنمية دون المس بحقوق دولتي المصب، وبما لا يسبب لأي منهما ضررا جسيما..”
ويقول الوزير المصري إن الطرف الإثيوبي “لا يريد سوى فرض رؤيته قسرا على الآخرين..”
الرد الإثيوبي
ترفض إثيوبيا من جهتها، إشراك وسطاء من خارج الاتحاد الإفريقي، في الأزمة بينها وبين مصر والسودان بشأن سد النهضة.
وعارضت “بشكل كامل” قرار وزراء الخارجية العرب خلال اجتماعهم الأخير في الدوحة، وأعلنت وزراة الخارجية الإثيوبية أمس” إن الجامعة العربية أهدرت فرصة للعب دور بناء في حل الأزمة.”
وأشارت الخارجية الإثيوبية في بيان لها إلى أن “التعاون والحوار هما سبيلا تحقيق الأمن المائي لأي من دول حوض النيل..”
وأكدت أن الملء الثاني لخزان سد النهضة “سيتم في موعده”، أي جويلية المقبل..
وفي منتص جويلية 2020، شرعت إثيوبيا في الملء الأول لسد النهضة، في إجراء أحادي الجانب، دون التوصل إلى اتفاق مع دولتي المصب، مصر والسودان.
ورغم اعتراض الخرطوم والقاهرة، تصر أديسا بابا على ملء ثان للسد بالمياه حتى لو لم تتوصل إلى اتفاق مع دولتي المصب، وتقول إنها لا تستهدف الإضرار بمصالح السودان ومصر، وإن الهدف من السد هو توليد الكهرباء لأغراض التنمية.
إذا اكتفت الدول العربية المجتمعة في قطر بقرار إنشائي يؤيد موقف مصر والسودان من أزمة السد، فلن يكون لهذا القرار أي تأثير ايجابي على مسار الأزمة، وربما يزيد من تعنت إثيوبيا. مطلوب التزام عربي بممارسة كل ما تملك من أدوات الضغط لحمل إثيوبيا على التوصل الى اتفاق ملزم يحقق مصلحة الجميع
— Hassan Nafaa (@hassanafaa) June 15, 2021
وفي خطوة أخرى استفزازية للقاهرة والخرطوم، أعلن رئيس وزراء إثيوبيا، أبي أحمد نهاية الشهر الماضي، أن بلاده “ستبني أكثر من 100 سد مائي ومتوسط في مناطق مختلفة من بلاده، خلال السنة المالية الجديدة..
عصب الحياة
ويعد نهر النيل عصب الحياة في 11 دولة يعبرها، إذ يوفر لها الكهرباء والمياه. ويخشى السودان ومصر أن يجفف السد الذي تبنيه إثيوبيا مواردهما المائية.
وتعتمد مصر على مياه نهر النيل بنسبة 97% والسودان على 77% .
ويقول المحلل السياسي المصري، حسن نافعة في مقال له، إن إصرار إثيوبيا على الملء المنفرد للمرحلة الثانية من خزان سد النهضة، يؤكد أن القضية لم تعد قضية تنمية أو توليد كهرباء، وإنما بالرغبة في التحكم في كمية المياه المتدفقة نحو مصر والسودان.
وحذر الرئيس السيسي في 30 مارس الماضي من أن” مياه النيل خط أحمر، ولن نسمح بالمساس بحقوقنا المائية، وأي مساس بمياه مصر سيكون له رد فعل يهدد استقرار المنطقة بالكامل..”
ورغم أن بعض المصريين فهموا أن السيسي يهدد بالخيار العسكري ضد إثيوبيا، إلا أنه أوضح أن” التفاوض هو الخيار الذي أبدته مصر بخصوص أزمة سد النهضة..”