تتصاعد المظاهرات في العديد من مناطق المملكة المغربية احتجاجا على أزمة نقص وصلاحية المياه الصالحة للشرب، في غياب تام للحكومة في تأمين الأمن المائي لصالح المواطنين.
دفع الجفاف الذي يهدد دواوير ومدن كبرى، المغاربة للاحتجاج على النقص الكبير في المياه الصالحة للشرب وانقطاعها المتكرر وضعف جودتها وجفاف الآبار والأودية.
ونظم المتظاهرون، بحسب وسائل إعلام محلية، مسيرات احتجاجية سيرا على الأقدام أو ركوبا على دوابهم، مطالبين بتزويدهم بهذه المادة الحيوية لاسيما وأن معاناتهم تتجدد كل موسم صيف حيث يضطرون إلى قطع كيلومترات طويلة للتزود بالماء.
وبات مشكل جودة الماء يطرح بحدة لذلك خرج السكان بمدينة فاس للاحتجاج على ذلك، كما شهدت مدينة بني ملال ومدن أخرى في الأسابيع الماضية احتجاجات أكدتها الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، نتيجة النقص في الماء ببعض الأحياء وتغير مذاقه.
وموازاة مع جفاف العديد من الآبار والمنابع التي كانت مصدرا للحصول على الماء الصالح للشرب، يلجأ السكان المتضررون الى مضاعفة جهودهم وطريقهم نحو الحصول على الماء والضغط على المصادر التي لم تنضب بعد، والتي يصطف خلفها الناس لفترات طويلة، كما يشتكي سكان المدن من ضعف جودة المياه في الصنابير ما يدفعهم إلى البحث عن مصادر طبيعية للماء ويضطرون إلى قطع كيلومترات لذلك.
وأكد رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك، بوعزة الخراطي، وجود مشكل سلامة مياه الشرب، منبها إلى أن من يقوم بالتحاليل للماء هوالموزع، ما يجعله طرفا وحكما في نفس الوقت.
ونبه الخراطي إلى وجود أزمة في الماء الصالح للشرب بالمغرب، خاصة مع ضعف سقوط الامطار في السنوات الثلاث الماضية، مشيرا إلى ما عاشه المغرب في القرن الماضي مع أزمة الجفاف، دون أن يتم اتخاذ إجراءات تحول اليوم دون تكرار المآسي التي حدثت حينها.
تعويض ضحايا الحرائق ومطالب أخرى للحكومة
وموازاة مع أزمة “العطش”، تتواصل عمليات تطويق وإخماد ألسنة اللهب التي امتدت على نطاق واسع شمال المغرب، وتتزايد معها مطالب الهيئات الحقوقية المرفوعة إلى نظام المخزن، والتي تشدد على ضرورة تحمل مسؤوليته والقيام بتفعيل دور صندوق الكوارث الطبيعية والقيام بعمليات استعجالية لتعويض الضحايا.
وأدت النيران المشتعلة شمال المغرب منذ الأربعاء الماضي، الى وفاة شخص وإجلاء مئات العائلات، وإتلاف مئات الهكتارات من الغابات، تتصاعد مطالب العديد من الهيئات بالتدخل العاجل لتعويض الساكنة المتضررة، عن الخسائر الفادحة التي تكبدتها، على غرار فيدرالية اليسار والنهج الديمقراطي والجمعية المغربية لحقوق الإنسان.
وشددت النائب البرلمانية عن فيدرالية اليسار، فاطمة التامني، في سؤال كتابي موجه إلى وزير الداخلية، على “ضرورة القيام بعمليات استعجالية من أجل تعويض ساكنة المناطق المتضررة جراء الأضرار التي لحقتها بسبب الحرائق”، مشيرة الى حجم الأراضي الفلاحية التي احترقت، والمحاصيل الزراعية التي أتلفتها ألسنة اللهب، إضافة إلى نفوق نسبة مهمة من المواشي والدواجن.
وتوقفت التامني عند ما أدت إليه الحرائق، من “تشريد للفلاحين وسكان المناطق القروية الذين تضرروا نتيجة احتراق منازلهم، وما احتوته من أفرشة وتجهيزات مختلفة، كما كانت وراء إتلاف معداتهم المهنية وغيرها من وسائل التخزين والتنقل”.
ولفتت الى أن ألسنة النار “لاتزال تشكل تهديدا للساكنة المجاورة لها”، داعية إلى “توفير مزيد من الموارد البشرية واللوجستيكية”.
من جهتها، توقفت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بالقصر الكبير، عند ما خلفته النيران المشتعلة في المنطقة، مشيرة الى فقدان الساكنة محاصيلها الزراعية وماشيتها ومساكنها، واضطرار حوالي 1350 أسرة الى مغادرة دواويرها المنكوبة واللجوء لأماكن آمنة.
وشدد فرع الجمعية على ضرورة تحمل حكومة المخزن مسؤوليتها تجاه المنكوبين، مطالبا اياها بـ”اتخاذ قرارات كبرى من شأنها التسريع في إعادة إعمار المنطقة وتعويض المتضررين”.
وطلب فرع القصر الكبير “تفعيل دور صندوق الكوارث الطبيعية وتعويض الضحايا بما يتناسب مع حجم الخسائر التي تكبدوها، وإحداث مشاريع تنموية حقيقية تفعيلا للتضامن الوطني”، مشيرا الى ضرورة “تسريع وتيرة التدخل سواء على مستوى إطفاء الحرائق أو على مستوى إجلاء الساكنة، لتفادي أية خسائر محتملة في الأرواح”.
ولم يتخلف حزب “النهج الديمقراطي” عن نظرائه، حيث توقف هو الآخر، في بيان له، عند “الخسائر الفادحة في الممتلكات، وفي وسائل عيش الساكنة وهلاك المحاصيل الزراعية والماشية، بسبب الحرائق”، محذرا من أن “الوضع مرشح للتفاقم”.
وطالب الحزب هو الآخر، حكومة عزيز أخنوش، بـ”تحمل كامل مسؤولياتها وإعلان المناطق المتضررة من الحرائق مناطق منكوبة، والإسراع في اتخاذ كل ما يلزم للإنقاذ وإعادة إعمارها، مع اتخاذ الإجراءات العاجلة قصد إيواء المنكوبين”.
تراجعات الحريات
واستنكرت التنسيقية الوطنية للدفاع عن الحق في التنظيم والتجمع السلمي في المغرب، ما تعرض له مناضلو حزب “النهج الديمقراطي” من قمع وتنكيل، خلال وقفتهم الاحتجاجية الاثنين، ودعت الى الوقوف الحازم أمام التراجعات الخطيرة في مجال الحريات.
وقالت التنسيقية، التي تضم اكثر من 20 منظمة حقوقية، في بيان لها، إنها تابعت ما تعرضت له الوقفة الاحتجاجية السلمية التي برمجها حزب “النهج الديمقراطي” أمام مقر وزارة الداخلية، للاحتجاج على عرقلة تنظيم مؤتمره الخامس من خلال عدم تمكينه من قاعة عمومية لهذا الغرض.
وأوضحت انه تم “قطع الطريق من طرف مختلف قوات البوليس المخزني، بمسافة بعيدة عن مقر وزارة الداخلية، ومنع مناضلي الحزب وكافة المتضامنين معهم من الوصول إليه”، إضافة الى “دفع وتفريق المحتجين في مختلف الشوارع والأزقة”، مبرزة “التنكيل البدني بعدد منهم”، وعلى رأسهم الكاتب الوطني لحزب “النهج الديمقراطي” مصطفى براهمة.
وعبرت التنسيقية عن “تضامنها التام” مع كافة المناضلين الذين طالتهم الآلة القمعية، ومع حزب “النهج الديمقراطي” حتى يتمكن من عقد مؤتمره في وقته القانوني وفي قاعة عمومية، مجددة الدعوة الى كافة القوى السياسية والمدنية بالمملكة “للوقوف الحازم أمام هذه التراجعات الخطيرة في مجال الحريات الديمقراطية”.
وشددت في السياق على أن هذه التراجعات “لا تمس وتستهدف حزب النهج الديمقراطي فقط، وإنما تطال كافة القوى المناضلة بالمغرب، والتي اختارت الدفاع بصدق عن مصالح الشعب المغربي، ومن أجل مغرب للحرية والكرامة والديمقراطية”، كما أكدت مواصلة العمل حتى يتمكن حزب “النهج الديمقراطي” من عقد مؤتمره الخامس.
وأظهرت مقاطع فيديو بثها الحزب على حسابه الرسمي على موقع التواصل الاجتماعي “فايسبوك”، الانزال الامني المكثف أمام مقر وزارة الداخلية المغربية، ومحاصرة المتظاهرين من كل الاتجاهات، قبل ان تقوم القوات القمعية بدفع المتظاهرين “بشكل عنيف وغير مبرر”، ومطاردتهم عبر الشوارع.