قبيل انعقاد القمة المنتظرة بين الرئيسين الروسي، فلاديمير بوتين، والأمريكي جو بايدن، حول أوكرانيا وتوسع حلف الناتو، طفت على السطح احتجاجات عارمة في كازاخستان، المحسوبة على الجانب الروسي.
في خضم اشتعال الملف الأوكراني، بين روسيا والولايات المتحدة الأمريكية، وتمسك كل طرف بموقفه من الآخر. اشتعلت على الحدود الروسية احتجاجات في جمهورية كازاخستان، المحسوبة على روسيا.
ضغط
ويحاول خصوم روسيا الضغط قبيل اجتماعات الحوار الأمني الاستراتيجي الروسي الأمريكي. حيث تصر روسيا على موقفها من ضرورة التزام حلف الناتو بالتزاماته بعدم التوسع شرقا. بينما يصر الغرب على اتهام روسيا بمحاولة غزو أوكرانيا، على غرار العام 2014، وضم جزيرة القرم.
وبالتالي يمكن تفسير الأحداث في كازاخستان، وفي هذا التوقيت بالضبط، بالرغبة الغربية في ثني روسيا عن إجبار خصمها التقليدي على عدم الاقتراب من الخطوط الحمراء. أي جمهوريات الاتحاد السوفييتي سابقا. بمعنى أن الطرف الأمريكي وحلفاؤه الأوروبيون، يريدون التصعيد على الميدان من أجل التأثير على نتائج المحادثات لاحقا.
وقالت نائب وزير الخارجية الأمريكية، ويندي شيرمان، اليوم، “أبلغنا روسيا بأننا لن نسمح لأي طرف بمنع انضمام الدول لعضوية الناتو.. رفضنا المطالب الروسية بتقييد انتشار حلف شمال الأطلسي أو انضمام أعضاء جدد للحلف”.
ابتزاز
ونقلت وسائل إعلام محلية ودولية، أن مدنا كازاخية تضم أكبر عدد من الجالية الروسية، تعرضت لحرق ونهب الممتلكات. ما يفسر على انه رسالة لروسيا من اجل تقديم تنازلات.
ورصدت تسجيلات كاميرا وفيديو، حسب وسائل إعلام، مشاهد لتوزيع أسلحة خفيفة على المتظاهرين، ما مكنهم من اقتحام مراكز شرطة والاستيلاء على مخازن الأسلحة. وهذا أضعف قدرات الدفاع عن المواجهة والتحكم في رقعة انتشار الاحتجاجات.
هذه الحيثية، إن صدقت، فهي تعزز الفرضية التي ذهبنا إليها في بداية المقال. حول التدخل الخارجي بغرض الابتزاز والتأثير على مسار المفاوضات.
أسباب داخلية
الخلفيات المذكورة آنفا لا تمنع من وجود أسباب داخلية، سمح استغلالها بتأجيج الاحتجاجات. بسبب الأوضاع الاقتصادية المتدنية، وارتفاع نسبة التضخم.
كانت الشرارة الأولى لاندلاع الاحتجاجات في كازاخستان هي قرار الحكومة برفع أسعار الغاز بشكل لم تتحمله جيوب الكازاخيين. خاصة في مدينة “تازار” المحاذية لحقول الغاز الضخمة جنوب البلاد.
من جهة أخرى وبسبب تنفيذ الحكومة الإصلاحات التي فرضها صندوق النقد الدولي منذ ثلاث سنوات، عانى المواطنون من بسبب التخلي عن سياسات دعم المواد الأساسية. ما أثر على مستوى المعيشة خاصة بالنسبة للطبقة الوسطى التي بدأت تتآكل.
إضافة على البطالة في أوساط الشباب الذي تكون خارج كازاخستان في أمريكا وبريطانيا وعاد ولم يجد وظائف تناسب تحصيله العلمي، وهم من قاد تلك الاحتجاجات. حسب مصادر إعلامية.
إضافة إلى الشعور بالتهميش الذي خلفه نقل عاصمة البلاد من آلما آتا سابقا إلى مدينة نور سلطان غداة استقلال كازاخستان العام 1998.
ويرى مهتمون في الشأن الكازاخي، أن من شأن النظام السيطرة على هذا الانفلات بمساعدة الحلفاء، الذين تدخلوا في شكل قوات حفظ سلام من روسيا وبلاروسيا وأرمينيا وطاجكستان.
رغم أن البعض يرى في أن التدخل سيزيد التصعيد، نظرا لرفض الوجود الروسي لأسباب تاريخية تعود إلى الحقبة السوفييتية.