أعلنت الحكومة الأفغانية المؤقتة أنها تنوي تطبيق دستور العهد الملكي باستثناء ما يتعارض مع الشريعة الإسلامية.
قال وزير العدل في الحكومة، عبد الحكيم شرعي، إن حركة طالبان ستطبق دستور عهد الملك الراحل محمد ظاهر شاه لفترة مؤقتة، باستثناء البنود التي تتعارض مع مبادئ الشريعة الإسلامية. ومحمد ظاهر شاه آخر ملك حكم أفغانستان قبل إسقاط نظامه السياسي عام 1973.
وكان ظاهر شاه عرض دستورا جديدا في أفغانستان عام 1964 يركز على تحقيق ديمقراطية عصرية، وانتخابات برلمانية، وحقوق المرأة والحقوق المدنية. وترى الحركة أن هذا الدستور قريب جدا من مبادئها ومن مبادئ الشريعة الإسلامية.
طالبان الأمس واليوم
طالبان الملا محمد عمر ليست طالبان اليوم. تغيرت الصفوف والقواعد وكثير من إستراتيجيات العمل.
خلال الـ20 سنة الماضية قتل كثير من قيادات الصف الأول من الجيل المؤسس للقاعدة، وتقاذفت المنافي والسجون عشرات القادة الآخرين.
وأعادت الحركة بناء نفسها من جديد، وترتيب علاقاتها ووسائلها، العسكرية والسياسية، وأعادت تحييد كثير من خصومها المتوقعين، وحاولت تقديم نفسها من جديد باعتبارها حركة وطنية، تحصر نشاطها في تحرير أفغانستان.
ورغم ذلك، لا تزال طالبان محتفظة بكثير من تقاسيم تاريخها ورؤيتها للأحداث، ولا يزال قادتها مصرّين على المحتوى الإسلامي لنضالهم، مركّزين على فكرة الإمارة الإسلامية.
الحاجة إلى الغرب؟
في مقال نشرته مجلة “فورين بوليسي” (Foreign Policy) الأمريكية، قال الكاتب عظيم إبراهيم إن حركة طالبان الأفغانية ليست بحاجة إلى الغرب، وإن الحكومة الجديدة التي نصبتها في كابل ستفعل ما تشاء بمباركة روسيا والصين.
برأي الكاتب، وهو مدير معهد “نيولاينز للإستراتيجية والسياسة ، بواشنطن، أن حكام أفغانستان الجدد “ليسوا حفنة من الأوباش المتطرفين… بل برهنوا على أنهم يتمتعون بدرجة عالية من التنظيم، والمرونة، والدهاء”.
وأكد أن الحكام الجدد يمكنهم إدارة شؤون البلاد دون أن ينالوا مقعدا في الأمم المتحدة، بفضل اعتراف الصين وروسيا ودعمهما لهم، وهما دولتان عضوان في مجلس الأمن الدولي، وهو ما يضمن لطالبان استخدامهما حق النقض (الفيتو) لإبطال أي إدانة محتملة للحركة.
ولفت إبراهيم إلى أن العديد من الزعماء الغربيين أصدروا بيانات -بعد سيطرة طالبان السريعة على أفغانستان- يحثون فيها الحركة على احترام حقوق المواطنين العاديين، وحقوق المرأة والأقليات.
المشكلة – حسب عظيم إبراهيم- تكمن في أن الغرب لا يملك سلطة على طالبان “التي ليست بحاجة إلى اعتراف الغرب بها أو مساعدته”.
ويتوقع الكاتب أن تمتنع طالبان عن التورط مع شبكات “جهادية” عالمية قد تهاجم دولا أخرى، مثلما حدث مع تنظيم القاعدة في تسعينيات القرن الـ20 الماضي على سبيل المثال.
وظلت طالبان، حسب الباحث، على علاقة طيبة مع الصين وروسيا، حتى إن موسكو حذرت الغرب علنا وطالبته بالكف عن التدخل في شؤون أفغانستان. ونجحت طالبان في إقامة شبكة من الحلفاء تحسبا لأي إدانة غربية لها.
ويخلص المقال إلى أن الولايات المتحدة وحلفاءها سيتركون “عن طيب خاطر” أفغانستان تواجه مصيرها طالما أن تصرفات طالبان لن يكون لها تداعيات على الغرب.