تمر العلاقات المغربية الإسبانية بتوتر متصاعد، بسبب خلافات متجددة بين البلدين، بشأن قضايا الهجرة غير الشرعية والصحراء الغربية، إضافة إلى سبتة ومليلية ومواضيع أخرى.
يزيد تدخل الاتحاد الأوروبي على خط الأزمة التي اندلعت منذ شهور، في تفاقم الخلافات بين البلدين الجارين، وسط اتهامات النظام المغربي لإسبانيا بالاستقواءا بالأوروبيين في أزمة ثنائية.
وصادق البرلمان الأوروبي الخميس الماضي على مشروع قرار، ينتقد المغرب لانتهاكه اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل، واستخدامه للقاصرين في أزمة الهجرة إلى سبتة المحتلة من طرف إسبانيا.
وحظي مشروع القرار بموافقة 397 صوتا ومعارضة 85 صوتا.
وفي ردها على قرار البرلمان الأوروبي، اعتبرت وزارة الخارجية المغربية في بيان “أن الأزمة توجد بين المغرب وإسبانيا وليس مع الاتحاد الأوروبي..”
وأشارت إلى أن “توظيف البرلمان الأوروبي في هذه الأزمة له نتائج عكسية..”
الصحراء الغربية
توصف العلاقات بين المغرب وإسبانيا، بأنها متشابكة ومعقدة، لأسباب تاريخية وأخرى اقتصادية..
يأتي على رأس الخلافات قضية الصحراء الغربية، حيث ترى الرباط أن جارتها الشمالية تخذلها بموقفها المؤيد للشرعية الدولية.
ويحاول المغرب بشتى الطرق استمالة إسبانيا، لتعترف بسيادته المزعومة على الصحراء الغربية، لكن مدريد ظلت تؤكد دوما أن موقفها ثابت، وأنه لا يخرج عن إطار الموقف الأوروبي والدولي في هذا الخصوص.
واستخدم المغرب ورقة الرئيس الصحراوي، إبراهيم غالي للضغط على مدريد من أجل تغيير موقفها بشأن الصحراء الغربية.
وفي أفريل الماضي، استقبلت إسبانيا إبراهيم غالي للعلاج من فيروس كورونا في أحد مستشفياتها.
ودعا وزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة في 15 جانفي الماضي، الدول الأوروبية إلى تغيير موقفها بشأن الصحراء الغربية، والاقتداء بالرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب الذي اعترف في 2020 بسيادة المغرب المزعومة على الإقليم المحتل مقابل تطبيع العلاقات بين الرباط وتل أبيب.
ملف الهجرة
يعتبر ملف الهجرة غير الشرعية من الملفات التي تعكر صفو العلاقات بين المغرب وإسبانيا.
وشكلت السواحل المغربية منطلقا لما يعرف بـ”قوارب الموت” في البحر الأبيض المتوسط، إلى جانب سواحل ليبيا والجزائر وتونس.
وتتهم مدريد الرباط باستخدام ورقة الهجرة للتأثير على موقفها بشأن الصحراء الغربية.
وتوترت العلاقات بين البلدين في ماي الماضي، على خلفية تدفق آلاف المهاجرين باتجاه مدينة سبتة المحتلة من طرف إسبانيا.
وتدفق حوالي 8 آلاف من المهاجرين غير الشرعيين، بينهم قصر نحو مدينة سبتة، ما أثار استياء مدريد وشركائها في الاتحاد الأوروبي، واتهموا المغرب بالتغاضي عن هذا التدفق انتقاما من جارتها.
واتهمت وزيرة الدفاع الإسبانية، مارغريتا روبليس، المغرب بـ”الاعتداء” و”الابتزاز”، بعد اجتياح سيل من المهاجرين إلى مدينة سبتة، واعتبرت أنه اعتداء على حدود الاتحاد الأوروبي.
ودعمت دول الاتحاد الأوروبي موقف إسبانيا بشأن أزمة سبتة، وهو ما أوضحه البرلمان الأوروبي في قراراه الخميس الماضي.
وأكد البرلمان الأوروبي في هذا الخصوص أن “حماية وسلامة سبتة تخص الاتحاد الأوروبي بأسره”، لأن المدينة ذات الاستقلال الذاتي هي جزء من “حدوده الخارجية”.
سبتة ومليلية
ينظر المغرب إلى إسبانيا على أنها دولة محتلة لأراضيه، وعارض منذ استقلاله عن فرنسا عام 1956 ، ارتباط مدينتي سبتة ومليلية بالمملكة الإسبانية.
وتقع مدينة سبتة في أقصى شمال المغرب على البحر الأبيض المتوسط، ومليلة في شمال شرق المغرب، على شاطيء البحر الأبيض المتوسط.
وترفض السلطات المغربية الاعتراف بشرعية الحكم الإسباني على المدينتين، وتعتبرهما جزاءا من الأراضي المغربية، رغم أن الأمم المتحدة لم تصنف المدينتين ضمن المناطق المحتلة، على غرار ما فعلت مع الصحراء الغربية.
ومن جهتها، ترفض إسبانيا بشكل قاطع التنازل عن سبتة ومليلية، وفي ديسمبر 2020، استدعت وزارة الخارجية الإسبانية، سفيرة المغرب في مدريد، كريمة بنيعيش، بسبب تصريحات لرئيس الحكومة المغربية، سعد الدين العثماني.
وجاء في بيان لوزارة الخارجية الإسبانية، أنه تم استدعاء سفيرة المغرب في إسبانيا على وجه السرعة “لتقديم توضيحات” حول تصريحات العثماني حول مغربية مدينتي سبتة ومليلية.
وتكشف مصادر صحفية أن الحكومة الإسبانية بدأت في دراسة إلحاق مدينتي سبتة ومليلية بمنطقة شنغن الأوروبية.
ونقلت التقارير الصحفية عن مسؤول حكومي إسباني، قوله الجمعة الماضي، إن بلاده تدرس إلغاء اتفاق يسمح بالمرور دون تأشيرة من المدن المغربية إلى مدينتي سبتة و مليلية.
وفي سياق الخلافات بين البلدين، احتجت السلطات المغربية عام 2007 على زيارة قام بها ملك إسبانيا السابق، خوان كارلوس إلى مدينة سبتة، وجددت حينها مطالبتها بالسيادة على سبنة ومليلية.
غير أن رئيس حكومة المغرب السابق، عبد الإله بن كيران، صرح في جويلية 2015 بأن الوقت لم يحن لكي يطالب المغرب باسترداد المدينيتن المحتلتين.