لم يستقر الحكم في عدد من الدول الأفريقية. التي أمضت فترة ما بعد الاستقلال بين انقلاب عسكري وفترة انتقالية. وسجلت أفريقيا أكثر من 200 انقلاب على مدار 60 عاما. بمعدل أربع انقلابات في السنة.
سجلت السنوات الأربع الأخيرة تسارعا في وتيرة هذه الانقلابات بلغت انقلابين اثنين في السنة في الدولة الواحدة في بعض الأحيان.
عامان وست انقلابات
أطاح عسكريون في بوركينافاسو بالرئيس روك مارك كريستيان كابوري، نهاية جانفي 2022، في محاولة ناجحة بين أخرى عديدة باءت بالفشل. قبل أن ينفذ العقيد إبراهيم تراوري انقلابا آخر يوم الجمعة 30 سبتمبر، أطيح خلاله بالرئيس بول هنرى داميبا.
وقالت مصادر إخبارية بوركينابية إن الانقلاب العسكري جاء على خلفية رفض المحكمة العسكرية الإفراج عن العقيد إيمانويل زونغرانا، يوم 22 سبتمبر، أي أسبوعا فقط قبل تنفيذ الانقلاب. وأودع العقيد زونغرانا الحبس بتهمة محاولة تنفيذ انقلاب ضد الرئيس البوركينابي روك مارك كريستيان كابوري. ورغم انقلاب داميبا على كابوري إلا انه لم يتم الإفراج عن العقيد المعتقل.
وأشارت وسائل إعلام محلية في بوركينافاسو إلى أن زونغرانا يتمتع بشعبية كبيرة وسط الجيش. وتوقعت أن يعين رئيسا للبلاد خلفا لداميبا.
وتعد بوركينافاسو ثاني دولة ينفذ فيها انقلابان في سنة واحدة، بعد مالي عندما نفذ عسكريون انقلابا، بقيادة رئيس المرحلة الانتقالية الحالي آسيمي غويتا، في ماي2021، ضد الرئيس باه نداو، الذي جاء إلى الحكم بعد انقلاب بقيادة العقيد ساديو كامارا على الرئيس المالي آنذاك ابوبكر كيتا يوم 18 أوت 2020.
وفي تشاد استولى الجيش على السلطة بعد اغتيال الرئيس إدريس ديبي شهر أفريل 2021، في انقلاب عسكري، وتولى نجله محمد إدريس ديبي السلطة. وحضر الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون مراسم الدفن رغم خطورة الوضع الأمني حينها.
وفي غينيا نفذ عسكريون انقلابا يوم 5 سبتمبر 2021، بقيادة العقيد بقيادة مامادي دومبوي، ضد الرئيس ألفا كوندي.
أسباب
جاء الانقلاب في بوركينافاسو بعد مظاهرات في البلاد يوما قبل تنفيذه، وهي مظاهرات طالبت باستقالة الرئيس لـ”عدم كفاءته في التعاطي مع القضايا الأمنية”، حسب وسائل إعلام محلية. وتعرضت قافلة الإمدادات إلى قصف إرهابي في العاصمة الاقتصادية “بوبو ديولاسو”. ما أسفر عن مقتل 50 مدنيا و11 جنديا. وكانت الحادثة واحدة من عدد من الأعمال الإجرامية استهدفت مدنيين وعسكريين على حد سواء.
ويبدو أن الملف الأمني عامل مشترك بين حالات الانقلاب المسجلة في عدد من دول أفريقيا ما وراء الصحراء. نفذ انقلابين عسكريين على خلفية تردي الأوضاع الأمنية وتنامي ظاهرة الإرهاب، رغم وجود قوات أجنبية تقول إنها هناك لمكافحة الإرهاب. واتهم المجلس العسكري الحاكم دولة غربية برعاية الإرهاب وتمويله.
وطردت قوة برخان العاملة هناك تحت غطاء “مكافحة الإرهاب”، إثر ذلك، ما اجبرها على تغيير مكان تواجدها إلى النيجر. ولم تهنأ القوة بمكانها الجديد، حتى اندلعت مظاهرات واحتجاجات في أنحاء النيجر تطالبها بالرحيل.
وتعرف ظاهرة الإرهاب تناميا في منطقة أفريقيا ما وراء الصحراء. وزاد من حدتها التنافس الدولي على القارة، بين المستعمر السابق وقوى جديدة تبحث عن تثبيت موطئ قدم لها، في قارة تزخر بالموارد الطبيعية والمواد الخام.
وما يزيد الأمور سوءا هو ثقل وتيرة التنمية التي توفر مناخا خصبا للجماعات الإرهابية، لتجنيد المزيد من العناصر في صفوفها مقابل أموال يسدون بها حاجات قليلة.
وتشير أرقام لأممية إلى وجود ما لا يقل عن 38 مليون شخص يعانون الجوع في غرب أفريقيا وحدها.
وفاقمت الحرب الروسية الأوكرانية وانشغال العالم بها، الوضع في إفريقيا، وارتفاع أسعار الغذاء عالميا من الوضع الغذائي المتردي في القارة. الذي يؤدي بدوره إلى الصراعات على الموارد وبالتالي توفير بؤر خصبة للا أمن.