دفعت الحرب المشتعلة شرق أوربا بين روسيا وأوكرانيا، الولايات المتحدة الأمريكية إلى التعجيل بإيجاد حل للأزمة الليبية. على أمل أن ينهي الاستقرار في هذا البلد أزمة الطاقة ويعيد التوازن إلى سوقها العالمي. يبدو هذا منطقيا إذا سيطرت حكومة موالية للغرب على السلطة في ليبيا.
يعتزم الرئيس الأمريكي جو بايدن زيارة ليبيا خلال جولته الشرق الأوسطية المقررة ابتداء من الجمعة 15 جويلية. ومن المتوقع ان يناقش حل الأزمة الليبية وموضوع فتح حقول النفط لإعادة الإنتاج وضخه إلى السوق الدولية، في وقت يعيش الغرب على وقع أزمة طاقة.
النفط ضحية السياسة
يتأثر إنتاج النفط في ليبيا بالتجاذبات السياسية بين الفصائل المتنازعة على السلطة. فتارة تغلق الحقول، وتفتح تارة أخرى، طبقا لما تسفر عنه الاتفافات أو الخلافات السياسية. هذا ما سبب خسائر للخزينة بنحو 3 مليار دولار. إذ تراجع إنتاج النفط في ليبيا من 1.2 مليون برميل يوميا سنة 2021، إلى ما لا يزيد عن 100 إلى 150 ألف برميل شهر جوان الماضي. حسب تصريحات وزير النفط الليبي محمد عون.
ويتوقع ان يرتفع الإنتاج الليبي من النفط إلى نحو 4 مليون برميل يوميا في حال التوصل إلى حل نهائي ودائم للأزمة. حيث تتوفر ليبيا وحدها على 4 بالمائة من الاحتياطي العالمي للنفط.
آلية لضبط الإيرادات
ومن بين الأسباب التي تؤثر على تدفق النفط إلى الأنابيب، الأعطال التقنية، وقدم المنشآت وعدم صيانتها. لكن اهم الأسباب هي عدم توزيع عائدات النفط بالتساوي على مناطق ليبيا. حيث يتهم برلمان طبرق والحكومة المؤقتة، حكومة الوحدة الوطنية المعترف بها دوليا بالاستحواذ على كامل عائدات النفط، دون تمكين الشرق الليبي من الاستفادة منها لتحقيق مشاريع تنموية.
وفي هذا السياق، اقترحت الولايات المتحدة الأمريكية، ضرورة إيجاد آلية لضبط إيرادات النفط وإعادة توزيعها بالتساوي. حيث قدم المقترح السفير الأمريكي لدى ليبيا، ريتشارد نورلاند، شهر مارس المنصرم، وغرد على حسابه حول الموضوع شهر جوان الماضي. ثم التقى بعدها رئيس المؤسسة الليبية للنفط مصطفى صنع الله. وقال إن “الجهود جارية بدعم دولي لإنشاء آلية بقيادة ليبية لتوفير الشفافية، فيما يتعلق بكيفية إنفاق عائدات النفط”.
ومن المقرر أن يناقش بايدن موضوع استعادة انتاج النفط في ليبيا، خلال زيارته المبرمجة إليها ضمن جولته الشرق أوسطية التي تبدأ الجمعة المقبل.
من المستفيد؟
وستسمح إعادة الإنتاج، في حال التمكن من تحييد حقول النفط من النزاع السياسي، بتخفيف ضغط الطاقة على أوروبا على الأقل. وتسببت الأزمة الأوكرانية في فرض عقوبات اقتصادية على روسيا. لترد هي الأخرى باستعمال الروبل الروسي لسداد مستحقات الغاز والنفط من الدول المستوردة.
وتعتبر الشركتان الإيطالية إيني والفرنسية توتال من اكبر الشركات العالمية في حقول النفط الليبية.
ويعتمد الاتحاد الأوروبي بنسبة 45 بالمائة على صادرات روسيا من النفط. واستورد 2.2 مليون برميل نفط يوميا من روسيا سنة 2022.
يذكر أن العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا جاءت على خلفية رغبة هذه الأخيرة الانضمام إلى حلف الناتو. واعترضت روسيا على الأمر على اعتبار أنه خرق لالتزام الحلف بعدم تمدده شرقا، غداة انهيار الاتحاد السوفييتي.
لكن وفي الجهة المقابلة، فإن استفادة برلمان طبرق والحكومة المؤقتة في الشرق الليبي من عائدات النفط، سيحرم السلطة الحكومة بها دوليا في طرابلس من ورقة ضغط مهمة. حيث سيزول الدافع إلى تنظيم انتخابات لاختيار رئيس ليبيا، ويزول معه الضغط الشعبي، وقد خرج متظاهرون في الشرق الليبي مطالبين بإنهاء الخلاف السياسي وإيجاد حلول للظروف المعيشية التي لم تعد تطاق.
هل تتأثر روسيا..
على الرغم من العقوبات الاقتصادية الغربية المفروضة على روسيا، لكنها أعلنت زيادة في إنتاج النفط بين 7 و8 بالمائة شهري ماي وجوان . ما يعني أن العقوبات على النفط الروسي لم تؤت اكلها بالنسبة للمتحالفين الغربيين.
يمكن إرجاع ذلك إلى ارتفاع الطلب الآسيوي على النفط بسبب التعافي السريع من آثار فيروس كورونا، وعودة آلة الإنتاج خاصة في السوق الصينية التي تعتبر من أكبر مستهلكي الطاقة. وتنتج روسيا 11 مليون برميل نفط يوميا في المتوسط.
وأعلنت الحكومة الأمريكية نهاية ماي تراجع مخزونها الاستراتيجي من النفط بستة ملايين برميل وهو المستوى الأدنى منذ 1987. وذلك بسبب ضخ المزيد من النفط في الأسواق لتفادي ارتفاع جنوني آخر في الأسعار.
وقالت إدارة معلومات الطاقة، إن صافي واردات الولايات المتحدة من النفط هبط 903 آلاف برميل يومياً منتصف ماي 2022 إلى 2.15 مليون برميل يومياً. فيما ارتفعت صادرات الولايات المتحدة من النفط الخام إلى أعلى مستوى منذ مارس 2020.