تشير القراءة المتأنية للمناقشات الإسرائيلية وتقارير مراكز دراساتهم الأكثر تغلغلا في هيكل صنع القرار الإسرائيلي إلى أن المرحلة القادمة سيكون فيها قطاع غزة هو مركز الفعل الإسرائيلي، وأن الخطة الإسرائيلية في المستقبل القريب تقوم على سلسلة مترابطة من الخطوات على النحو التالي:
1- مواصلة الاستفزاز الإسرائيلي للمشاعر الدينية بخاصة في القدس وتحديدا الخرق المتواصل والاستفزازي إلى الحد الذي يضع التنظيمات الفلسطينية بين نارين، إما الصمت والاكتفاء بالضجيج الإعلامي (مما يفقدها قدرا من مصداقية تهديداتها) أو القيام برد عسكري، وستعمل إسرائيل على تكثيف الاستفزاز لدفع المقاومة للرد العملي عسكريا.
2- ستستغل إسرائيل الرد العسكري للمقاومة للقيام بهجوم واسع وغير مسبوق في ضراوته ضد القطاع بالقدر الذي يقنع القيادة العسكرية الإسرائيلية بأنها نجحت في “تحجيم” القدرة العسكرية للمقاومة.
3- عند وصول الرد الإسرائيلي لذروته يتم تحريك دول غربية (أمريكية أوروبية) لدفع أطراف عربية للتوسط بين المتحاربين لترتيب وقف إطلاق نار طويل المدى قد يصل عشر سنوات أو أكثر.
4- أن يتم وضع ضمانات تقتنع بها إسرائيل لاحترام وقف إطلاق النار من خلال:
أ- الحصول على ضمانات عربية / دولية لاحترام الاتفاق.
ب- تواجد أمني في قطاع غزة لجهتين هما سلطة التنسيق الأمني من ناحية ومراقبين دوليين من الأمم المتحدة أو من هيئات دولية أخرى كالاتحاد الأوروبي أو من دول عربية من ناحية ثانية، وقد تكون تركيا مرشحة لأخذ دور في هذا المجال.
ت- التخفيف التدريجي للحصار على غزة بقدر مواز لدرجة التزام المقاومة بشروط وقف إطلاق النار واقتناع إسرائيل بهذا الالتزام.
ويبدو أن وقف إطلاق النار في جنوب لبنان يشكل النموذج المقتدى في العقل الإسرائيلي الاستراتيجي، وأن اتفاقيات الهدنة عام 1949 تشكل النموذج التاريخي لاستغلال الهدنة والتوسع والبناء، وقد يتكرر ذلك في تسارع الاستيطان في الضفة الغربية تحت ظلال خيمة وقف إطلاق النار الجديد.
ذلك يعني أن على المقاومة أن تبني إستراتيجيتها للمدى المتوسط على أساس “السيناريو الأسوأ”.