تعمل الجزائر مع روسيا على الارتقاء بالشراكة الثنائية بينهما إلى مستويات أخرى غير تلك المألوفة منذ 6 عقود، ومن المرتقب أن يوقع الجانبان على اتفاقيات نوعية في مجالات الأمن الغذائي والتجارة والإمداد بالمواد الأولية.
نالت زيارة وزير خارجية روسيا، سيرغي لافروف، إلى الجزائر، الكثير من الاهتمام والمتابعة من قبل الإعلام الدولي، سواء من حيث الجوانب الرمزية أو فحوى مباحثاته مع كبار مسؤولي الدولة الجزائرية.
وحظي لافروف ووفده الكبير، باستقبال حار، بمطار هواري بومدين الدولي، ليباشر تنفيذ أجندة الزيارة بوضع أكليل من الزهور بمقام الشهيد، ثم استقباله من طرف رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون.
ومن حيث التوقيت، تزامنت الزيارة مع إحياء الجزائر للذكرى 77 لمجازر 08 ماي 1945، والذي أصبح يخلد رسميا تحت اليوم الوطني للذاكرة، ويسبق بيوم واحد عيد النصر في روسيا، وكلا البلدان يمجدان تضحيات الملايين الذين سقطوا في ميدان الشرف دفاعا عن الاستقلال والقيم والمبادئ التي تميز كل مجتمع.
وطيلة 60 سنة من العلاقات الدبلوماسية، احتفظ البلدان لبعضهما البعض بصفة الصديق التاريخي أو الحليف المميز، بالنظر إلى الشواهد التاريخية للتعاون في كثير من المجالات وفي الأوقات الصعبة.
ومن أجل تثمين هذا الرصيد المعتبر على الصعيد الثنائي، تعمل الجزائر وموسكو، على «مشروع الشراكة الإستراتيجية المعمقة»، وهي وثيقة تمهيدية، تتضمن اقتراحات الجانب الروسي لتوقيع اتفاق شامل في عدة قطاعات، سلمتها للجانب الجزائري والذي سيقدم هو الآخر مقترحاته وتصوراته لسبل تعميق التعاون الشمل.
وعادة ما تحدد مشاريع الاتفاقات الإستراتيجية، أهدافا مشتركة في القطاعات التي يراها الطرفان الموقعان ضرورية، مع وضع آجال زمنية لتنفيذها، تكون في الغالب خططا خماسية (05 سنوات).
وستدرس اللجنة العليا الاقتصادية المشتركة، التي ستجتمع في الجزائر، في القريب العاجل، بحسب وزير الخارجية الروسية، سيرغي لافروف، كافة التفاصيل الممكن التوافق بشأنها في مشروع «اتفاق الشراكة الإستراتيجية المعمقة».
وفي حال التوصل سريعا إلى صيغة نهائية، فسيكون الاتفاق أهم شيء في أجندة الزيارة المقبلة لرئيس الجمهورية عبد المجيد تبون إلى موسكو، والتي تأتي تلبية لدعوة من نظيره الروسي فلاديمير بوتين.
وترتبط الجزائر وروسيا، في الوقت الحالي، ببيان «الشراكة الإستراتيجية» الموقع سنة 2001، والذي نجم عنه إبرام عديد الصفقات والتفاهمات على الأصعدة العسكرية والتقنية ومعالجة الديون وتقوية الحوار والتنسيق السياسي على مستوى المحافل الدولية.
ولأن كلا البلدين يبحثان عن منافذ جديدة للامتداد اقتصاديا، يمكن لهما تحقيق منفعة متبادلة في الأمن الغذائي وضمان خطوط توريد آمنة للحبوب والمنتجات الزراعية، وكذا زيادة الاستكشافات الطاقوية وتطوير الصناعة الصيدلانية وزيادة منح التعليم، ناهيك عن مواصلة التنسيق والتشاور في المنابر الدولية، كالمنتدى العالمي للطاقة وأوبك+ والأمم المتحدة ومجموعة أصدقاء ميثاق الأمم المتحدة.
يذكر، أن قيمة المبادلات التجارية بين البلدين بلغت العام الماضي 3 ملايير دولار، ويمكن أن تقفز إلى ما فوق هذا الرقم في حال تجسيد الكثير من الاتفاقيات المبرمجة.