يكاد يجزم محللون سياسيون ومتابعون للشأن الدولي ان العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا هي شرارة حرب عالمية ثالثة إن لم تسو دبلوماسيا في وقت قريب.
نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” مقالا يحذر فيه كاتبه من قيام حرب عالمية ثالثة، ما لم يتراجع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على عملياته في أوكرانيا. خاصة وان العقوبات الاقتصادية لن تجدي نفعا لوقف الحرب. وهو الموقف نفسه الذي ذهب إليه باحثان من روسيا وألمانيا خلال ندوة الشعب حول العملية العسكرية في أوكرانيا.
قال كاتب المقال في الصحيفة، إن بوتين يتجه شيئا فشيئا نحو خسارة الحرب في أوكرانيا، وشبه ما يحدث الان ببداية الحرب العالمية الثانية. التي اشتعلت شراراتها يوم أول سبتمبر 1939، بغزو أودولف هيتلر بولندا.
وأردف أن الغزو كان حادثة واحدة ضمن سلسلة أحداث سبقت الغزو، وبدت معزولة عن بعضها آنذاك، لكن تراكمها أدى على حرب عالمية ثانية. حسب ما نقله موقع الجزيرة عن الصحيفة.
وعدد كاتب المقال أحداثا سبقت اندلاعها وقارنها بأحداث تقع منذ سنوات في شرق أوروبا. فقارن غزو اليابان لمنشوريا عام 1931، والغزو الإيطالي للحبشة عام 1935،بالحرب الروسية الجورجية في 2008، ضم شبه جزيرة القرم في 2014 ثم العملية العسكرية الروسية الحالية في أوكرانيا، وغيرها من الأحداث.
وقال إن تغاضي القانون الدولي إزاء ما وصفه بالانتهاكات في سوريا با ستخدام الأسلحة الكيمياوية ضد المدنيين، وحرب إيران ضد جيرانها، جعل بوتين يتيقن انه سيفلت من العقاب إن هون غزا أوكرانيا.
ثم يضيف أن الغرب قضى 22 عاما في استرضاء بوتين، وعزا الدمار الذي لحق باوكرانيا إلى المهادنة لاالغربية لروسيا.
أوهام
يقول كاتب المقال إن العقوبات الاقتصادية الغربية ضد روسيا وان ألحقت الضرر بها على المدى البعيد، فإنها غير كافية لردع بوتين. لأن الأخير يعلم أن تراجعه دون نصر حقيقي يجعل خسارته أكبر من تبعات العقوبات نفسها. وبالتالي سيخسر سلطته.
وعليه يصيف الكاتب أن بوتين لن يتراجع نظرا لعدم وجود مؤشرات تدل على انه يريد تقليص خسائره. وأنه يمكن أن يلجأ إلى استخدام أسلحة كيمياوية أو حتى نووية، لأن ثمن التراجع أكبر من الاستمرار في الحرب. لذلك يطالب الكاتب الغرب ببتزويد أوكرانيا بطائرات مقاتلة، لتقليص عمر معاناة الأوكرانيين.
وختم الكاتب بالسؤال: كيف ستبدأ الحرب العالمية الثالثة؟ ليجيب: “بنفس الطريقة التي بدأت بها الحرب الماضية”.
تحيز
لكن يبدو أن الكاتب متحيز جدا للموقف الغربي، الذي يستعمل القانون الدولي والمنظمات الدولية بما يخدم مصالحه. فهو لم يراع القانون الدولي في انتهاكات الكيان الإسرائيلي ضد الفلسطينيين في فلسطين، ولا العدوان ضد العراق وإسقاط النظام فيه ثم إدخاله في دوامة فوضى لن يخرج منها، ليتضح بعدها أنها كانت تمثيلية، ولا القصف الجوي لليبيا واليمن والدمار الذي ألحق بهما.
ولم يشر إلى أن أمريكا غزت أفغانستان بدعوى حماية أمنها القومي مما أسمته تنظيم القاعدة في بلاد الشام والعراق. لكنه يلوم روسيا التي تعتبر أن تقدم الناتو إلى حدودها القريبة وتجاوز الخطوط الحمراء هو مساس بأمنها القومي، وبالتالي من حقها أن تتدخل لمنع أوكرانيا من الانضمام للناتو ولو بالقوة العسكرية.