أصبحت ملامح حرب باردة بين روسيا وأمريكا أكثر وضوحا، بفعل وجود مرتقب لقوات كل طرف على الحدود المتاخمة للبلدين.
ردا على التواجد اللصيق لحلف الناتو في أوكرانيا المتاخمة لروسيا، قررت هذه الأخيرة العودة عسكريا إلى الفناء الخلفي لأمريكا.
وقال نائب وزير الخارجية الروسية سيرغي ريابكوف: “لا أريد تأكيد أي شيء، ولن أستبعد أي شيء أيضا”، في رد على سؤال عما إذا كانت روسيا تنوي نشر البنية التحتية العسكرية الروسية في دول خارج أوروبا، مثل كوبا أو فنزويلا. وذلك يوم 13 جانفي الحالي.
وعيد ونفي
تعهدت واشنطن برد “حاسم” إذا نفذت روسيا انتشارا عسكريا في كوبا وفنزويلا”. ويجمع العداء واشنطن ونظامي الحكم الاشتراكيين في كوبا وفنزويلا، وهو ما دفع لفرض عقوبات أميركية على الدولتين لعقود طويلة.
وصرّح مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان ، الخميس الماضي، لن “نرد على هذه التهديدات علنا”، وأضاف “إذا تحركت روسيا في هذا الاتجاه، فإننا سنتعامل مع الأمر بحزم”.
ورغم أن وسائل إعلام روسية أشارت إلى أن عملاء من أجهزة الاستخبارات زاروا بالفعل الدولتين في الأيام الأخيرة، لكن مسؤولين في الرئاسة الروسية نفوا إمكانية أن تنشر روسيا الصواريخ في فنزويلا وكوبا.
وقال المتحدث باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف، أن موسكو لا يمكنها نشر صواريخ روسية في كوبا وفنزويلا. وقال: “لا يمكننا نسيان أن هاتين الدولتين مستقلتين وذات سيادة”. إلا ان الولايات المتحدة تعدت برد حاسم إذا ما نفذت روسيا الخطوة.
والتقى الأسبوع الماضي دبلوماسيون ومسؤولون أميركيون بنظرائهم الروس في جنيف، ثم استضافت بروكسل اجتماعات مجلس حلف شمال الأطلسي وروسيا. وتوجّه الطرفان إلى فيينا لحضور اجتماع منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، المؤلّفة من 57 عضوا بينهم روسيا وأوكرانيا والولايات المتحدة وبقية الدول الأوروبية.
وحتى الآن، لم تنجح الاجتماعات المكثفة في نزع فتيل التوتر حول أوكرانيا. وتقول تصريحات أمريكية إن موسكو نشرت ما يزيد على 100 ألف جندي على طول حدودها مع هذا البلد. وهي الخطوة التي اعتبرتها روسيا امرا عاديا يدخل في إطار إعادة توزيع قواتها داخل إقليمها.
حرب باردة؟
خلال المحادثات بين روسيا والولايات المتحدة الأمريكية، بين 9 و13 جانفي، شبه نائب وزير الخارجية الروسية سيرغي ريباكوف الذي ترأس وفد بلاده في المفاوضات، التوترات بين الطرفين بأزمة الصواريخ الكوبية.
وقال المتحدث باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف، في مقابلة مع قناة “سي إن إن” الأمريكية، إن مستوى التوتر على الحدود مع أوكرانيا مرتفع للغاية. ولذلك “روسيا تريد الحصول على رد مباشر على مقترحاتها بشأن الضمانات الأمنية”.
وأضاف بيسكوف: “لدينا توتر شديد للغاية على الحدود. هناك الكثير من التوتر في هذا الجزء من أوروبا”، مشيرا إلى أن مثل هذا الوضع “خطير جدا على القارة”، ولهذا السبب بالذات تنتظر روسيا ردا مباشرا على مخاوفها.
وقال المسؤول الروسي إن موسكو تريد “إجابة محددة للغاية على مقترحاتها المحددة للغاية”. وأكد أن الولايات المتحدة، لم تقدم أي دليل على مثل هذه الاتهامات، وقال: “ما زلنا ننتظر الأدلة والإثباتات”.
وترفض الولايات المتحدة الامريكية المطالب الروسية بشأن الضمانات الامنية لعدم توسع حلف الناتو شرقا. وتعتبر ان من حق أية دول ان تنظم إلى الحلف. وأنه لا يحق لأي كان ان يفرض عليه رفض انضمام عضو جديدة.
بين أمريكا اللاتينية وروسيا
من المقرر أن يزور الرئيس الأرجنتيني، ألبرتو فيرنانديز، روسيا يوم الثالث فيفري المقبل حسب ما أعلنته الرئاسة الروسية. ومن المنتظر ان يلتقي بنظيره الروسي، فلاديمير بوتين.
وكانت روسيا قدمت شهر ديسمبر 2020، دفعة من لقاحات سبوتنيك، في إطار مساعداتها للتغلب على فيروس كورونا. ووقعت حكومة الأرجنتين صفقة مع صندوق الاستثمارات المباشرة الروسي تشمل 10 ملايين جرعة.
وتدخل هذه المساعدات الروسية لدول أمريكيا اللاتينية في إطار التحولات الجيوسياسية التي يشهدها العالم. وبالتالي محاولة روسيا العودة إلى الساحة الدولة كأحد الأقطاب المؤثرة من جهة. ومن اجل إيجاد ورقة ضغط على الولايات المتحدة الأمريكية في حال أخلفت هذه الأخيرة بالتزاماتها تجاه روسيا غداة انهيار الاتحاد السوفييتي. وهو الحاصل فعلا.