يشرع الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، في زيارة إلى دولة مالي، بعد غد الإثنين. للقاء الرئيس الانتقالي أسيمي غويتا.
تأتي الزيارة رغم التوتر الشديد في العلاقات الثنائية فرنسا ومالي. بعد أن قررت هذه الأخيرة الانتفاض ضد مستعمرها السابق. وإيجاد حلفاء آخرين على رأسهم روسيا الفدرالية.
وتتزمن الزيارة أيضا مع انسحاب آخر الجنود الفرنسيين من مالي الثلاثاء الماضي. من قاعدة تومبكتو العسكرية التي استلمها الجيش المالي بعد تسع سنوات من تواجد قوات عملية “برخان” هناك.
توتر
شهدت العلاقات الفرنسية المالية توترا شديدا منذ انقلاب أفريل الماضي. حيث أطاح الكولونيل أسيمي غويتا بالرئيس المالي السابق باه نداو. ونددت فرنسا بهذا الانقلاب.
وعلقت العمليات العسكرية المشتركة مع مالي، بسبب هذا الانقلاب. وقالت حينها إن القرار سيظل ساريا حتى تتلقى ضمانات بشأن عودة الحكم المدني في مالي.
ودعت إلى عقد اجتماع طارئ لمجلس الأمن الدولي بعد الانقلاب العسكري في مالي. وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إن “عقوبات سيفرضها الاتحاد الأوروبي على المسؤولين عن اعتقال زعماء مالي فيما قال إنه “انقلاب من داخل انقلاب”.
من جهته، اتهم رئيس الحكومة الانتقالية في مالي،شوغويل مايغا، في وقت سابق، فرنسا بتدريب جماعات إرهابية في بلاده. وقال إنه عندما اتفق مع فرنسا على مكافحة الارهاب قامت هذه الأخير بمنع قوات الجيش المالي من دخول مدينة كيدال وسلمتها إلى حركة تم تشكيلها من ممثلين عن حركة “أنصار الدين” التي تعد مرتبطة بتنظيم “القاعدة”.
انسحاب أم إعادة انتشار؟
جاء انسحاب القوات الفرنسية من مالي، في إطار إنهاء عمل قوات “برخان” في الساحل، المعلن عنه شهر جوان الماضي، عقب الانقلاب العسكري في مالي. حيث تقرر تسليم ثلاث قواعد عسكرية هي: “تيساليت وكيدال وتمبكتو” في شمال مالي.
وتشير تصريحات مسؤولين عسكريين فرنسيين غلى أن الانسحاب الخير يدخل فير إطار استراتيجية إعادة الانتشار. وصرح قائد عملية مكافحة الجهاديين في منطقة الساحل الجنرال، لوران ميشون، لوكالة “فرانس براس” أن “المرحلة الثانية ستبدأ في الأشهر الستة القادمة، وستشمل إعادة هيكلة كل من القيادة والقوات، لا سيما في مالي”.
وأضاف “كنا حوالي 5 آلاف عسكري فرنسي في منطقة الساحل في صيف 2021، وسنصبح نحو 3 آلاف في صيف 2022. سيكون هناك عدد أقل بكثير من القوات التقليدية ومزيد من القوات الخاصة التي تعمل ضمن قوة تاكوبا الأوروبية. هناك الآن نحو 900 عنصر في القوة والأوروبيون يواصلون تقديم طلبات الانضمام. يعد هذا الانخراط الأوروبي نجاحا سياسيا لمنطقة الساحل ومالي”.
فقدان هيمنة
ثارت عدد من شعوب المستعمرات الفرنسية السابقة على غرار مالي والنيجر ضد التواجد الفرنسي على أراضيها. وطالب مالي روسيا بالتدخل لحمايتها من الهيمنة الفرنسية، والتدخل الفرنسي السافر في شؤونها الداخلية.
وفي هذا الإطار أبرمت روسيا صفقات توريد السلاح إليها، وهذا ما أغضب فرنسا التي تستشعر خاصة جمهورية أفريقيا الوسطى ومالي، حيث فشلت فرنسا في إرساء الأمن بينما مكن التدخل الروسي من إجراء انتخابات رئاسية رغم الظروف الأمنية المضطربة هناك.
وقد تستنجد دول أفريقية قابعة تحت الهيمنة الفرنسية بروسيا، باعتبارها بديلا يدحر التدخل الفرنسي المبني على إطالة عمر الصراعات الداخلية من أجل ضمان استمرار مصالحها وفق منطقها الدائم “فرق تسد”.