لا يختلف اثنان في أن ليبيا، بعد تدخل حلف الناتو في مارس 2011، أصبحت دولة فاشلة، تعجز عن القيام بأبسط وظائفها وهي ضمان الأمن.
تحتاج ليبيا رجل إجماع وطني يقود ليبيا في مرحلة ما بعد الرئاسيات إلى بر الأمان. خاصة بعد الفشل الذريع لكل التدخلات الأجنبية في إنهاء الأزمة.
مؤشرات
لا تتوفر ليبيا على الأمن، والعيش الكريم. ولا تملك جيشا موحدا، ولم تستطع الحكومات المتعاقبة حفظ الأمن والنظام العام، ناهيك عن توفير الخدمات على غرار المياه، والكهرباء، والصرف الصحي، والرعاية الصحية، وغيرها من ضرورات الحياة، وكل ذلك بسبب غياب الأمن، الناجم عن غياب الدولة.
ولعل أهم مؤشرين يمكن التعرض لهما في الحالة الليبية هما:
الجيش
رغم ان فترة حكم معمر القذافي تميزت بإضعاف الجيش لصالح ما يسمى اللجان الثورية، واللجان الشعبية، لكن الوضع الأمني كان مستتبا، رغم ممارسات قمعية ضد المواطنين اعتبرت فردية.
وعمد معمر القذافي منذ توليه الحكم في ليبيا إلى إضعاف سلطة الجيش وقوته، مخافة الانقلاب عليه، كما انقلب هو على ملكه إدريس السنوسي.
لكن وبعد اندلاع الأزمة رزحت ليبيا تحت حكم الميليشيات، ففي واقع اتسم بفوضى وغياب الجيش، قام كل حي بإنشاء ميليشيا خاصة لحماية السكان، وكذلك فعلت القبائل. قبل أن تنحرف الأمور وتتحول إلى حرب أهلية عقب انتخابات المؤتمر الوطني العام 2014. حيث دخلت ليبيا حربها الأهلية الأولى.
يضاف إلى ذلك وجود مقاتلين أجانب، سواء جيوش دول أجنبية أو مرتزقة أو شركات أمن خاصة، تعمل لصالح هذه الجهة أو تلك، وليست في صالح الليبيين.
وهذا أدى إلى انعدام تام للأمن، وأفادت تقارير أممية بتعرض المواطنين إلى القتل والتهجير والتنكيل بناء على انتماءاتهم القبلية، سواء من أنصار النظام السابق، أو من معارضيه.
الاقتصاد
أشار تقرير التنمية البشرية للعام 2011، أي قبيل اندلاع الأزمة إلى احتلال ليبيا المركز 64 عالميا في مؤشر التنمية البشرية.
وبدخول الأزمة عامها السابع كانت ليبيا تراجعت إلى الرتبة 108، في المؤشر نفسه. وحافظ ليبيا على المرتبة نفسها للعام الموالي. ما يعني أنها تراجعت 52 درجة عما كانت عليه قبل الأزمة.
دون الحديث عن معاناة المواطن الليبي من أزمة السيولة، حيث لم يتم دفع رواتب العمال لأشهر خلال فترات متقطعة خاصة العام 2015.
نضج
وحسب المؤشرات الأمنية والاقتصادية، تعيش ليبيا تدهورا مستمرا منذ إسقاط النظام، وباتت الأوضاع تعكس صورة يقول اصحابها أن زمن حكم القذافي كان مختلفا وأفضل مما هي عليه الآن.
ولعل ما يدعم هذا المذهب هو اعتراف مسؤول رفيع في حلف الناتو أن التدخل العسكري للحلف في ليبيا لإسقاط نظام العقيد معمر القذافي عام 2011، كان خطأ استراتيجيا فادحاً.
قد تكون الأمور بلغت مرحلة نضج، ولم تعد تتحمل تجربة غير محسوبة، ولعل ليبيا بحاجة إلى قائد يعيد إليها الأمن الضائع، باعتباره أولوية أولى. فهل سيكون سيف الإسلام القذافي؟
وهل يختاره الليبيون رئيسا، على اعتبار أنه رمز من رموز النظام السابق، وكان معارضا لوالده معمر القذافي في تسيير شؤون البلاد في مرحلة ما، وقدم خطة إصلاح قبل سقوط نظام القذافي.
دعا سيف الاسلام القذافي إلى حث الخطى نحو اصلاح النظام الاداري، وقال إن: “الدستور له أهمية حيوية في تحقيق الرخاء لليبيا” وأضاف: “لا يمكنك أن تدير دولة دون أن يكون لديك دستور ودون قوانين اساسية. انها ضرورة”. كان ذلك في مؤتمر بالقاهرة شهر ماي 2010.
لكن القيادات الشعبية آن ذاك تحفظت على توجهه، رغم انه كان الرجل الثاني في النظام بعد القائد معمر القذافي، حيث عينه والده منسقا للقيادات الشعبية في الجماهيرية.
ما يعني أن كلا من مؤتمر الشعب العام (البرلمان) واللجنة الشعبية العامة (الحكومة) والأجهزة الأمنية ترتبط بهذا المنصب. وفقا للوائح الداخلية للقيادات الشعبية الاجتماعية، وهي المرجعية العليا للنظام السياسي الليبي.
فهل يشفع له صنيعه أيام قوة حكم أبيه، ليعود ويحكم ليبيا هو الذي أعلن ترشحه رسميا للانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها يوم 42 ديسمبر 2021..؟