أعاد مشهد أفغانيين وهم يتسلقون الطائرات في مطار كابول بعد سيطرة طالبان على أفغانستان، إلى الأذهان صورة خروج قوات أمريكا من فيتنام في السبعينات، وهي ملاحقة من طرف فيتناميين كانوا يريدون الهروب خوفا من الانتقام.
بينما حطت مروحية أمريكية عام 1975 على سطح السفارة الأمريكية في سايغون عاصمة فيتنام لتخلي الدبلوماسيين والعسكريين الأمريكيين، تشبت فيتناميون تعانوا مع الجيش الأمريكي بالمروحية في محاولة للهروب خوفا من الانتقام، لكنهم أبعدوا، وتحدثت روايات عن نهاية مأساوية لهؤلاء.
الصورة التي نقلتها وسائل الإعلام العالمية ومواقع التواصل الاجتماعي عن أفغان في العاصمة كابول وهم يحاولون الهروب بأي طريقة، لا تعكس بالضرورة أن جميع هؤلاء تعاونوا وخدموا أمريكا ضد بلادهم.
ويشير مراقبون إلى أن الشعب الأفغاني الذي يعاني من الفقر وعدم الاستقرار، يخشى من أن تعود بلاده إلى المربع الأول، الحصار الدولي والبلد عبارة عن بؤرة للعنف والإرهاب، وكل ذلك يؤثر على حياتهم ومستقبلهم.
الخشية من الانتقام
يخشى الأفغان الذين علموا مع القوات الأمريكية منذ غزت بلادهم عام 2001، من الانتقام في حال بقوا في أفغانستان، وخاصة بعد سيطرة حركة طالبان على السلطة في 15 أوث الجاري، إذ تنظر إليهم الحركة باعتبارهم “خونة وعملاء” للأمريكيين.
ومنذ أعلن الرئيس الأمريكي، جو بايدن، عن قرار سحب قوات بلاده من أفغانستان، تتحدث تقارير إخبارية عن مخاوف هؤلاء الأفغان من المصير الذي ينتظرهم هم وأسرهم.
وتداولت مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل إعلام عالمية صورة تظهر أكثر من 600 أفغاني بين رجال ونساء وأطفال، مكدّسين في طائرة عسكرية أميركية هائلة.
والتقطت الصورة ـ التي حصل عليها ونشرها موقع “ديفنس وان” للأخبار العسكرية ــ داخل طائرة نقل من طراز بوينغ سي-17 تابعة لسلاح الجوي الأميركي.
وبحسب الموقع، أكدت السلطات الأميركية عملية إجلاء أفغان مكدسين داخل الطائرة مساء الأحد الماضي، وأوضح الجيش الأميركي أن حوالى 640 أفغانياً كانوا على متنها.
ووعدت الإدارة الأمريكية بمكافأة الأفغان الذين قدموا لها خدمات للأمة الأمريكية طوال عشرين عاما، سواء كانوا مترجمين أو موظفين أو غيرهم. وكشفت عن برنامج لإعادة توطين بعضهم كلاجئين في الولايات المتحدة.
ويشمل البرنامج المترجمين الأفغان الذين عملوا مع القوات الأميركية والأفغان المشاركين في المشاريع التي تمولها الولايات المتحدة، والذين عملوا لصالح منظمات غير حكومية أو وسائل إعلام أمريكية.
واستقبلت الولايات المتحدة في إطار برنامجها 200 أفغاني في نهاية جويلية الماضي، لتوطينهم في إطار ما تسمى”عملية ملجأ الحلفاء”، وتقول إن العملية تشمل إجلاء الآلاف من الأفغانيين المخولين بالحصول على تأشيرات الهجرة الخاصة والذين تقدموا بطلبات.
وتؤكد أن هؤلاء سينضمون إلى أكثر من سبعين ألف أفغاني، حصلوا على تأشيرات الهجرة الخاصة وبدأوا حياة جديدة في الولايات المتحدة منذ عام 2008.
وأجرت واشنطن اتصالات سرية مع بعض الدول لاستضافة الأفغان الذين تعاونوا مع القوات الأمريكية، وكشفت وكالة رويترز في وقت سابق أن مسؤولين أمريكيين أكدوا لها إجراء محادثات مع كوسوفو وألبانيا لتأمين استضافة مؤقتة لهؤلاء الأفغان.
وقالت مصادر إن الولايات المتحدة عرضت امتيازات اقتصادية وسياسية على كوسوفو لاستقبال عدة آلاف من الأفغان.
“ملجأ الحلفاء”
ووضعت واشنطن ضمن خططها لتوطين الأفغان الذين قدموا لها خدمات في بعض الدول العربية، و في 14 أوث الجاري، كشفت شبكة “سي إن إن” الأمريكية أن إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، تقترب من إتمام اتفاق مع قطر لإيواء الآلاف من هؤلاء رفقة عائلاتهم.
وأكد مسؤولون أمريكيون الشهر الماضي أن الجيش يستعد لإيواء ما يصل إلى 35 ألف مترجم أفغاني وأفراد عائلاتهم في قاعدتين أمريكيتين بالكويت وقطر.
وأفاد المسؤولون أن الخطط جارية لبناء مساكن مؤقتة ومرافق أخرى في معسكر السيلية في قطر ومعسكر بورينغ في الكويت، والتي سيتم تهيئتهما لإيواء المترجمين الفوريين لمدة 18 شهرا على الأقل، في عملية حملت اسم “ملجأ الحلفاء”.
وبحسب “سي إن إن”، فإن إدارة بايدن تقوم بدراسة الاستعانة بدولة أخرى للتعامل مع طلبات الهجرة الخاصة للأفغان.
وانتقدت تركيا ،خطة الولايات المتحدة المتمثلة باللجوء إلى دول ثالثة، مثل تركيا، لإعادة توطين آلاف الأفغان، واعتبرت وزارة الخارجية التركية أن المشروع الأميركي سيؤدي إلى “أزمة هجرة ضخمة في منطقتنا”.