توشك كابول، العاصمة الأفغانية، على السقوط بين أيدي حركة “طالبان”، وبالتالي انهيار الدولة في أفغانستان وسقوط البلاد في قبضة هذه الحركة بعد عشرين سنة من مغادرة “طالبان” الحكم.
أعلنت الداخلية الأفغانية اليوم الأحد، حسب وكالة “رويترز”، أن مسلحي “طالبان” بدأوا بدخول العاصمة من جميع الاتجاهات.
ولفتت وكالة “نوفوستي” الروسية إلى تقارير عن استيلاء المسلحين على جامعة كابل غرب المدينة ورفع أعلام حركتهم فوق حي بالعاصمة على الأقل، وسط أنباء عن إخلاء المباني الحكومية على وجه الاستعجال من المسؤولين.
وأفادت وكالة “الأناضول” التركية أن مسلحي “طالبان” سيطروا على الأحياء المحيطة بكابل.
وبدورها، ذكرت الرئاسة الأفغانية في “تويتر”، أن كابل لم تتعرض لأي هجوم، مؤكدة في الوقت نفسه سماع دوي طلقات نارية في “عدد من المناطق البعيدة” في العاصمة.
وأشارت الرئاسة إلى أن أجهزة الأمن تعمل بالتنسيق مع الشركاء الدوليين بهدف ضمان أمن المدينة، مشددة على أن “الوضع تحت السيطرة”.
في غضون ذلك، صرح القائم بأعمال وزير الداخلية الأفغاني، عبد الستار ميرزاكول، في تصريح لقناة “طلوع نيوز”، أن كابل لن تتعرض لهجوم وسيتم ونقل السلطة سلميا، مشددا على أن القوات الأمنية لا تزال تعمل على ضمان الأمن في العاصمة.
ونقلت “رويترز” عن مسؤول في القصر الرئاسي الأفغاني أن الرئيس أشرف غني يجري الآن محادثات طارئة مع المبعوث الأمريكي الخاص إلى أفغانستان زلماي خليل زاد ومسؤولين كبار في حلف الناتو.
في الوقت نفسه، قال مسؤول أفغاني لوكالة “أسوشيتد برس” إن “طالبان” أرسلت وفدا إلى القصر الرئاسي للتفاوض على نقل السلطة في البلاد، وأكدت وسائل إعلام أخرى صحة هذه الأنباء.
وأشارت وكالة “خامة” إلى أن هذه المحادثات من المتوقع أن تتمخض عن تشكيل حكومة انتقالية برئاسة وزير الداخلية وسفير أفغانستان لدى ألمانيا سابقا علي أحمد جلالي، وسط توقعات بتقديم الرئيس غني الاستقالة في الساعات القادمة.
من جهة أخرى، أعلنت “طالبان”، في بيان صدر عنها اليوم، أنها أمرت قواتها بـ”الوقوف عند أبواب كابل” دون محاولة دخول المدينة، بهدف تفادي العنف، مشددة على أنها “لا تريد دخول المدينة بالقوة والحرب بل بسلام”.
وأشارت الحركة إلى أن التفاوض جار على إطلاق عملية انتقالية وتسليم كابل إليها، محملة إدارة الرئيس غني المسؤولية عن أمن المدينة.
وتعهدت الحركة بعدم ملاحقة المسؤولين العسكريين والسابقين في إدارة غني، مطالبة الجميع بـ”البقاء في أماكنهم ومنازلهم وعدم محاولة مغادرة البلاد”.
تأتي هذه التطورات الميدانية على خلفية مواصلة الولايات المتحدة عملية إجلاء طاقم سفارتها من العاصمة الأفغانية.
ونقلت صحيفة “نيويورك تايمز” عن مسؤول أمريكي رفيع المستوى أن مبعوث واشنطن خليل زاد طلب من “طالبان” عدم دخول كابل، ما لم تختتم عملية إجلاء الرعايا الأمريكيين والأفغان المتعاونين مع الإدارة الأمريكية من المدينة، لافتة إلى أن هذه العملية قد تشمل أكثر من 10 آلاف شخص.
مقدمات سيطرة..
وتأتي هذه التطورات على خلفية سيطرة “طالبان” على كافة حدود أفغانستان، ومواصلة الحركة إحكام سيطرتها على مراكز الولايات التي لم تستول عليها بعد.
وأعلنت “طالبان” عن سيطرتها اليوم على مدينة محمود راقي (مركز ولاية كابيسا شمال شرقي البلاد)، ومدينة باميان (مركز الولاية التي تحمل الاسم نفسه وسط البلاد) ومدينة خوست (مركز ولاية خوست جنوب شرقي البلاد) ومدينة ميدان شهر (مركز ولاية وردك وسط البلاد) ومدينة نيلي (مركز ولاية دايكندي وسط البلاد) وجلال آباد (مركز ولاية ننكرهار في الشرق) ومدينة مهترلام (عاصمة ولاية لغمان في شرق البلاد).
وذكرت “طالبان” أن مسلحيها سيطروا على سجن قاعدة بغرام العسكرية (وهي كانت قاعدة رئيسية لقوات حلف الناتو في البلاد) وأطلقوا سراح عناصر الحركة المعتقلين هناك.
في غضون ذلك، أكدت وكالة “نوفوستي” نقلا عن مصدر مطلع صحة الأنباء عن مغادرة القيادي العسكري الأفغاني البارز، عبد الرشيد دوستم، بلده إلى أوزبكستان مع مجموعة من العسكريين، مضيفة أن دوستم يجري الآن محادثات مع سلطات هذا البلد المجاور.
ونقلت وكالة “رويترز” عن مسؤولين أفغان أن حركة “طالبان” سيطرت على مدينة جلال آباد شرقي أفغانستان دون قتال صباح الأحد، وأمنت الطرق التي تربط البلاد بباكستان.
وقال مسؤول أفغاني مقيم في جلال آباد “لا توجد اشتباكات في الوقت الحالي لأن الحاكم استسلم لطالبان”. “السماح بمرور طالبان كان السبيل الوحيد لإنقاذ أرواح المدنيين”.
وأكد مسؤول أمني غربي سقوط المدينة، وهي واحدة من آخر المدن التي ظلت تحت سيطرة الحكومة إلى جانب العاصمة كابل.
وقال مسؤول أمني آخر في المدينة إن “طالبان” وافقت على منح ممر آمن لمسؤولي الحكومة وقوات الأمن أثناء مغادرتهم جلال آباد.
وأضاف أن قرار الاستسلام اتخذ لتفادي “سقوط ضحايا ودمار”.
وأدى استيلاء مقاتلي “طالبان” على جلال آباد إلى محاصرتهم العاصمة كابل عمليا.
وبعد سقوط مدينة مزار شريف شمالي أفغانستان في أيدي “طالبان” أمس السبت، أشارت بعض التقارير إلى أن الحركة باتت تسيطر على 90% من البلاد.
وسائل إعلام: طالبان سيطرت على 90% من أفغانستان
أكدت وسائل إعلام إيرانية أن حركة طالبان الأفغانية باتت تسيطر على 90% من أراضي أفغانستان.
وذكرت قناة “IRIB” الإيرانية التلفزيونية: “طالبان تسيطر على 90% من أراضي أفغانستان.. ودخل أنصار الحركة مدينة مزار الشريف واستولوا على سجن المدينة، فقط العاصمة كابل والأقاليم المجاورة تحت سيطرة الحكومة الأفغانية”.
وأفادت وكالة “أسوشيتد برس” نقلا عن برلماني أفغاني بأن “طالبان استولت على مزار شريف، وسط مقاطعة بلخ وأكبر مدينة في شمال البلاد، إضافة إلى ذلك، احتلت الحركة المراكز الإدارية لمحافظتي لغمان ودايكوندي دون مقاومة”.
وأشارت إلى أن “كابل وجلال آباد مركز إقليم ننجرهار الشرقي على الحدود مع باكستان، لا تزالان تحت سيطرة الحكومية”، فيما باقي المناطق سقطت أمام طالبان.
مساع لاجتماع طارئ لمجلس الأمن الدولي
أعلنت الخارجية الروسية اليوم الأحد أن موسكو تعمل مع شركائها على عقد اجتماع طارئ لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بشأن أفغانستان.
وقال زامير كابولوف المبعوث الخاص للرئيس الروسي لشؤون أفغانستان ومدير الدائرة الثانية لآسيا في الخارجية الروسية: “نحن منخرطون في هذه الجهود، وشركاؤنا أيضا يعملون عن كثب على ذلك”.
لكنه حذر من أن هذا الاجتماع حتى في حال انعقاده لن يغير الوضع، وأضاف: “كان من الضروري التفكير في عقد اجتماعات من قبل وليس الآن”.
ونقلت وكالة “تاس” عن مصدر في الخارجة قوله إن الوزارة تراقب عن كثب تطور الأوضاع في أفغانستان بالتنسيق مع السفارة في كابل”.
من جانبه، قال فلاديمير دشاباروف النائب الأول لرئيس لجنة الشؤون الدولية في مجلس الاتحاد الروسي، إنه “يجب على مجلس الأمن الدولي الاستجابة لما يحدث في أفغانستان واتخاذ قرار يلزم الأطراف بالجلوس إلى طاولة المفاوضات لمنع إراقة الدماء على نطاق واسع في البلاد”.
يأتي ذلك في الوقت الذي دخلت قوات حركة “طالبان” أطراف العاصمة كابل، وقال مسؤولون في الحركة إنهم يأملون في تسليم المدينة لهم دون قتال.
بايدن: أي إجراء يهدد الأمريكيين سيقابل برد عسكري “سريع وقوي”
أكد الرئيس الأمريكي جو بايدن أن بلاده أبلغت وفد طالبان إلى مفاوضات السلام في الدوحة، بأن “أي إجراء من شأنه أن يهدد حياة الأمريكيين سيقابل برد عسكري سريع وقوي”.
وقال: “الوجود العسكري الأمريكي المستمر في أفغانستان لن يحدث فرقا، في حال لم يرغب الجيش الأفغاني في الاحتفاظ ببلاده”.
وأشار الرئيس الأمريكي، إلى أنه وافق على إرسال قوات عسكرية إضافية إلى كابل للمساعدة في سحب السفارة الأمريكية بأمان وإخراج الأفراد من أفغانستان.
وقال: “بناء على توصيات فرقنا الدبلوماسية والعسكرية والاستخباراتية، فقد سمحت بنشر ما يقرب من 5 آلاف جندي أمريكي للتأكد من أننا يمكن أن يكون لدينا سحب منظم وآمن للأفراد الأمريكيين وغيرهم من أفراد الحلفاء”، مضيفا أنه “سيفعل ذلك كما يتم إجلاء بعض الأفغان الذين يخضعون لبرنامج تأشيرة خاص”.
من جهته، قال مسؤول في الدفاع، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إنه “من بين الـ5 آلاف التي أعلن عنهم بايدن، هناك 4 آلاف موجودون هناك بالفعل، وتمت الموافقة على حوالي 1000 عسكري جدد سيكونون من الفرقة 82 المحمولة جوا”.
العودة بعد 20 سنة..
طالبان الأفغانية حركة إسلامية سياسية مسلحة، نشأت عام 1994م وحكمت أجزاء كبيرة من أفغانستان وسيطرت على العاصمة الأفغانية كابل في 27 سبتمبر 1996م.
أعلنت قيام الإمارة الإسلامية في أفغانستان وأميرها الحالي هو هبة الله أخوند زاده.
نشأت الحركة الإسلامية الدينية المعروفة باسم طالبان في ولاية قندهار الواقعة جنوب شرق أفغانستان على الحدود مع باكستان عام 1994م، على يد الملا محمد عمر، وهو أبو طالبان، وساعده على ذلك طلبة المدارس الدينية الذين بايعوه أميرا لهم عام 1994م.
في 22 سبتمبر 2001 ونتيجة ضغوط دولية من أطراف عديدة سحبت كل من المملكة العربية السعودية والإمارات اعترافهما بحكومة طالبان ما ترك باكستان الدولة الوحيدة التي تعترف بحكومة طالبان.
وفي أكتوبر 2001، قامت الولايات المتحدة مدعومة من قبل بلدان أخرى بغزو أفغانستان لرفض حركة طالبان تسليم أسامة بن لادن وقامت قوات تحالف الشمال بخوض المعارك البرية وتم استبعاد حركة طالبان من دفة الحكم.