تعول أطراف ليبية ودولية على مؤتمر “برلين 2″الأسبوع المقبل، لحسم ملف”المرتزقة”والمقاتلين الأجانب في ليبيا. يأتي ذلك وسط تزايد التصريحات المطالبة بضرورة تحضير الأرضية للانتخابات القادمة.
“مؤتمر برلين2”
ينعقد “مؤتمر برلين 2” في 23 جوان الجاري في العاصمة الألمانية برلين، بمشاركة الأمم المتحدة وأطراف دولية معنية بالأزمة الليبية.
ويعد ملف المرتزقة والمقاتلين الأجانب، من أبرز البنود التي ستطرح على طاولة المشاركين في “برلين 2”.
وبموجب اتفاق وقف إطلاق النار الذي توصل إليه طرفا النزاع في 23 أكتوبر 2020، يتعين على القوات الأجنبية والمرتزقة مغادرة البلاد خلال الأشهر الثلاثة التي تلت توقيع الاتفاق، أي بحلول 23 جانفي ولم تنسحب أي قوات مرتزقة في ليبيا رغم تخطي المهلة المنصوص عليها في الاتفاق.
وتتفق الأطراف المدعوة للمشاركة في المؤتمر، على ضرورة خروج المرتزقة والقوات الأجنبية من ليبيا، قبل موعد الانتخابات العامة المقررة في 24 ديسمبر 2021.
واستبق الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون عقد “مؤتمر برلين 2 “، وقدم اقتراحا يقضي بانسحاب المرتزقة والقوات العسكرية الأجنبية من ليبيا.
وبحسب مجلة “بوليتيكو”الأمريكية، فقد قدم ماكرون اقتراحه إلى نظيريه الأمريكي، جو بادين والتركي، رجب طيب أردوغان.
وتتضمن الخطة الفرنسية ثلاث مراحل زمنية، تصل مدة تنفيذها إلى ستة أشهر.
“عرقلة الحل السياسي”
تتوالى تصريحات المسؤولين داخل ليبيا وخارجها، مطالبة بضرورة خروج المرتزقة والمليشيات التي تسلللت إلى الأراضي الليبية، بعد الفوضى التي عمت البلاد، عقب سقوط نظام العقيد الراحل معمر القذافي في 2011.
أبرز التصريحات صدرت عن مسؤولي الأمم المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية، إضافة إلى الاتحاد الأوروبي، وهي الجهات التي تسعى لأن يكون مؤتمر “برلين 2″ فرصة لحسم ملف المرتزقة، وإجلاء كافة القوات الأجنبية من ليبيا.
الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جواتيريش، صرح مرارا أن وجود المرتزقة والمقاتلين الأجانب في ليبيا، يعرقل الحل السياسي في هذا البلد.
ويعتبر جواتيريش أن استمرار تواجد هؤلاء المرتزقة والمقاتلين الأجانب، يشكل انتهاكا لوقف إطلاق النار المبرم في أكثوبر الماضي، ولقرار الأمم المتحدة بحظر الأسلحة في ليبيا، والمبرم في 2011
ويتضمن قرار الأمم المتحدة حظرا على توفير أفراد المرتزقة المسلحين.
ويذكر أن هناك اتفاقية دولية تحظر تجنيد المرتزقة واستخدامهم وتمويلهم وتدريبهم، وليبيا طرفا فيها.
وأكد يان كوبيش، المبعوث الخاص للأمين العام ورئيس البعثة الأممية إلى ليبيا، على أهمية” أن يغادر جميع المرتزقة والمقاتلين الأجانب الأراضي الليبية، برا وجوا وبحرا..”
وكان ذلك في إحاطة عرضها المبعوث الأممي أمام مجلس الأمن الدولي في 21 ماي 2021.
بعد توليه رئاسة البيت الأبيض، أبدى جو بادين موقفا حازما بشأن ملف المرتزقة، وطالب من “تركيا وروسيا الشروع فورا” في سحب قواتهما من ليبيا، بما يشمل القوات العسكرية والمرتزقة.
20 ألفا
ووسط غياب أرقام ليبية رسمية عن أعداد العناصر والمقاتلين الذين دخلوا الأراضي الليبية بعد سقوط نظام القذافي، تتحدث تقارير أصدرتها الأمم المتحدة عن الآلاف.
وقدرت الأمم المتحدة في ديسمبر الماضي بنحو 20 ألفا، عدد المرتزقة والعسكريين الأجانب المنتشرين في ليبيا. وأحصت 10 قواعد عسكرية تأوي قوات أجنبية في البلاد..
ويؤكد خبراء أمميون في تقرير لهم صدر في 17 جوان 2020، أن استخدام المرتزقة ساهم في تصعيد النزاع في ليبيا.
ويشير الفريق الأممي المعني بمسألة استخدام المرتزقة، إلى أن كلا من حكومة الوفاق الوطني والجيش الوطني الليبي،اعتمدا على رعايا دول ثالثة، لدعم العمليات العسكرية، بما في ذلك الأفراد العسكريون الروس، والمرتزقة السوريون والتشاديون والسودانيون.
“مرتزقة فاغنر”: تحدثت تقارير الأمم المتحدة بالتحديد عن مجموعة “فاغنر” العسكرية الروسية.
وفي أكتوبر 2018، أوردت تقارير صحفية أن روسيا أرسلت العشرات من أفراد القوات الخاصة والمدربين العسكريين لدعم قوات اللواء المتقاعد، خليفة حفتر، وتدريبهم وإمدادهم بالأسلحة.
وكشفت الأمم المتحدة لأول مرة عن وجود مرتزقة يتبعون مجموعة “فاغنر” الروسية.
ففي 24 أفريل 2020، أورد تقرير للأمم المتحدة سلم إلى مجلس الأمن الدولي، أن مرتزقة من مجموعة “فاغنر” الروسية ومقاتلين سوريين جاؤوا من دمشق لدعم حفتر.
وأوضح الخبراء في تقريرهم أنهم غير قادرين على تحديد المسؤولين عن تجنيد وتمويل المرتزقة الذين أرسلوا للقتال مع حفتر.
وكشفوا في تقريرهم أن عدد هؤلاء “لا يتجاوز 800 إلى 1200″، لكنه يؤكد أن مجموعة الخبراء”ليست قادرة على التحقق بشكل مستقل من حجم انتشارهم”.
وكشفت وسائل إعلام أمريكية وجودهم في 2019. فقد أفادت صحيفتا “نيويورك تايمز” و”واشنطن بوست” أن مرتزقة من فاغنر يشاركون في القتال الدائر في ليبيا، لكن حجم هذه المشاركة اختلف بين الصحيفتين إذ قدرت الأولى عدد هؤلاء المرتزقة بـ200 في حين قدرت عددهم الثانية بالآلاف.
وتنفي السلطات الروسية علاقتها بمجموعة “فاغنر”.
وتتهم تركيا أيضا باستخدام مرتزقة في الساحة اليبية، لكنها تؤكد أن تدخلها في هذا البلد كان لدعم جانب حكومة الوفاق الوطني.
وفي 10 فبراير 2021، أعلن الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان” أن “أفراد القوات المسلحة التركية نُشروا في ليبيا فقط من أجل تدريب الوحدات الموالية لحكومة الوفاق.”
وقال أردوغان حينها إن بلاده ستدرس مسألة سحب قواتها من ليبيا، إذا سحبت الدول الأخرى قواتها أولا.