أكد رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، أمس، أن المؤامرات التي تحاك ضد الجزائر بسبب “استقلالية مواقفها ونظامها الاجتماعي المدستر، لن تسكت صوتها”، مشيدا بـ”الوعي الكبير” للجزائريين الذين رفضوا الانسياق وراءها وتشبثوا بـ”التغيير الذي يأتي من المؤسسات.”
أخطأ من قال إن الجزائر ستسقط بعد سوريا
قال الرئيس تبون في مقابلة صحفية مع قناة “الجزيرة” القطرية، إن “المؤامرة على الجزائر موجودة منذ زمان وليست وليدة اليوم.”
وأضاف أن الجزائر “مستهدفة لأنها لا تقبل بتنفيذ المؤامرات على العالم العربي وهي الجمهورية الوحيدة التي بقيت واقفة من بين الدول العربية الأخرى التي شهدت تخريبا تحت مسمى “الربيع العربي.”
وأوضح أن الجزائر هي “حاملة مشعل الشعوب المقهورة والمضطهدة، وبالتالي هناك من يريد إسكات صوتها والجزائر لن تسكت”، مرجعا السبب وراء استهداف الجزائر إلى كونها “لا تعاني من أي مديونية خارجية وهي مستقلة بمواقفها ونظامها الاجتماعي مدستر ومقنّـن”.
ولدى تطرقه إلى الشأن الداخلي، قال الرئيس إن”الحراك المبارك الأصيل أنقذ الدولة الجزائرية من كارثة واضحة المعالم، حيث وصل تقهقر الدولة إلى درجة الذوبان.”
وشدد على أن “13 مليون جزائري أنقذوا بلادهم من العهدة الخامسة وتمديد الرابعة وتوجهوا إلى الانتخابات الرئاسية التي شارك فيها ما يفوق 10 ملايين ناخب.”
وأردف بالقول: “كنا نسير نحو عهدة خامسة لرئيس لا يمكنه التسيير بسبب وضعه الصحي وكانت هناك عصابة تستولي على السلطة منذ 5 سنوات وكانت الأمور ستنتهي إلى العنف لو استمر ذوبان الدولة.”
وفي هذا الصدد، أكد أن “الخطر زال اليوم، وذلك بفضل الوعي السياسي الكبير الذي اكتسبه الشعب الجزائري من عدة تراكمات جعلته يدرك أن التغيير يأتي من الداخل ومن المؤسسات، بعيدا عن العنف.”
واعتبر من جهة أخرى، أن “الحراك الأصيل انتصر بفضل سلميته تحت حماية الجيش ومصالح الأمن رغم محاولات الاستفزاز”، و”أن المسيرات الأخيرة مجهولة الهوية وغير موحدة فكريا، لا في المطالب ولا في الشعارات.”
وأشار إلى أن “50 من بين 58 ولاية جزائرية لا تشهد أي مسيرات في الفترة الأخيرة.”
وأضاف رئيس الجمهورية أن «العصابة التي استغلت حالة الفوضى» وكانت تتكون من «50 شخصا كانوا هم أصحاب القرار ويتحكمون في الاستثمار»، كانت ترغب في «استغلال مرض الرئيس السابق للاستيلاء على السلطة لخمس سنوات أخرى».
وأوضح أنها نهبت «مئات المليارات من الدولارات وحولتها إلى الخارج بعضها ظاهر والآخر غير ظاهر»، مضيفا أن الدولة «استثمرت حوالي ألف مليار دولار منذ بداية الألفينيات وكان حجم تضخيم الفواتير يقارب 30 بالمائة».
وقال إن “العدالة حجزت واسترجعت جميع الممتلكات الظاهرة للعصابة وتم إرجاعها إلى خزينة الدولة»، والجزائر تعمل – مثلما قال – مع «الدول الصديقة في أوروبا والعالم لاكتشاف واسترجاع الأموال المنهوبة..”
وفي الشأن السياسي، أوضح الرئيس أن «الجزائر تخلصت من الإسلام الإيديولوجي إلى غير رجعة» وأن «التيار الإسلامي الناشط في الجزائر يختلف عن باقي التيارات الإسلامية في الدول الأخرى».
وأشار إلى أن «العلاقة بين الرئاسة والجيش علاقة طبيعية»، مؤكدا أن «الجيش الجزائري مؤسسة دستورية تقدس دستور الدولة وهو حامي الحمى وبفضل قوته لم يمس استقرار الجزائر» وأنه قد «أخطأ من قال إن الجزائر ستسقط بعد سوريا».
الجزائر استعادت دبلوماسيتها ونخوتها
ولدى تطرقه إلى الشأن الدولي، شدد رئيس الجمهورية على أن «الجزائر استعادت دبلوماسيتها ونخوتها” وأنها «لم تخرج يوما عن القانون الدولي وعن تطبيق قرارات الأمم المتحدة.”.
وقال في هذا الإطار، إن موقف الجزائر بشأن القضية الفلسطينية «ثابت» و»لا يتغير بالتقادم أو بالتخاذل»، مذكرا أنه يوجد اتفاق في إطار الجامعة العربية يتعلق بالأرض مقابل السلام، بما يعني قيام دولة فلسطين وبعدها السلم، ولكن – مثلما قال – «للأسف، اليوم لا يوجد لا سلام ولا أرض، مما يدعو الى التساؤل عن جدوى التطبيع».
وفيما يخص العلاقات مع الجارة المغرب، قال الرئيس تبون: «لسنا نحن من لدينا مشكل مع المغرب ولكن المغرب من لديه مشكل معنا»، مذكرا أن «قضية الصحراء الغربية بين أيدي اللجنة الأممية لتصفية الاستعمار منذ أربعة عقود» وأن الأمم المتحدة تعتبر أن الصحراء الغربية «مستعمرة».
وذكر في هذا الشأن أنه «سبق وأن كانت علاقاتنا جيدة مع المغرب والحدود مفتوحة بالرغم من ملف الصحراء الغربية»، مجددا موقف الجزائر الثابت والذي لم يتغير تجاه الصحراء الغربية «ولا نقبل بالأمر الواقع مهما كانت الظروف».
وبخصوص الأزمة الليبية، ذكر الرئيس أن الجزائر رفضت أن تقع طرابلس كأول عاصمة عربية وإفريقية «في قبضة المرتزقة» وأنها «كانت على استعداد للتدخل بصفة أو بأخرى لمنع سقوطها».
وأضاف بالقول: «حينما قلنا أن طرابلس خط أحمر، كنا نقصد جيدا ما نقول والرسالة وصلت لمن يهمه الأمر»، مذكرا بموقف الجزائر المطالب في مؤتمر برلين بإجراء انتخابات عامة في ليبيا تحت إشراف الأمم المتحدة.
وأشار إلى أن «الأشقاء الليبيين طالبوا بأن تتم المصالحة الليبية في الجزائر، وهذا ما أكده رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية في زيارته الأخيرة إلى الجزائر».
واعتبر أن اهتزاز استقرار ليبيا كانت له تداعيات على الوضع في المالي ودول الساحل، حيث كانت «قوافل محملة بالأسلحة الثقيلة والخفيفة تم رصدها بالأقمار الصناعية متجهة إلى منطقة الساحل ولم يتم منعها وإيقافها بهدف تطويق الجزائر».
وأكد الرئيس تبون، أن مثل هذا السلوك يهدف إلى «تطويق الجزائر لتسهيل اختراقها» وأنه «لهذا السبب نسعى إلى تقوية جيشنا بشكل أكبر»، مشيرا الى أن المناورات العسكرية للجيش في الفترة الأخيرة جاءت «لضمان جاهزيته لأي طارئ».
وحول الأوضاع في مالي، قال الرئيس تبون إن الجزائر «كانت تتكفل بمشاكل مالي منذ الاستقلال وذلك بحسن نية».
وبخصوص العلاقات مع فرنسا، قال رئيس الجمهورية إنه «توجد بفرنسا ثلاثة لوبيات لا يتوافق أحدها مع الآخر: الأول من المعمِّرين الذين غادروا الجزائر بعد الاستقلال وورّثوا حقده لأحفادهم، والثاني امتداد للجيش السري الفرنسي، والثالث متكون من جزائريين اختاروا الوقوف مع فرنسا».
وبشأن افتتاحية جريدة “وموند» الفرنسية التي تطرقت فيها إلى الوضع في الجزائر، رد رئيس الجمهورية بالقول إن «الجزائر التي تحدثت عنها هذه الجريدة ليست هي الجزائر التي نعرفها.”