بثت القنوات التلفزيونية العمومية والخاصة أول أمس وثائقيا حول زيارة رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، إلى فيدرالية روسيا، سلط من خلاله الضوء على مختلف المحطات التي ميزت زيارة رئيس، بدءا بمراسيم الاستقبال الضخمة والمميزة التي حظي بها، واللقاءات المصغرة والموسعة التي جمعته مع الرئيس بوتين والتي خلصت بالتوقيع على اتفاقية الشراكة الإستراتيجية الموسعة، وصولا إلى مشاركة الرئيس في منتدى الاقتصاد الذي أقيم في مدينة سانت بترسبرغ.
ركز الوثائقي الذي حمل عنوان «صفحة خاصة، تبون ـ بوتين.. فرصة للسلام العالمي» في بدايته على الاهتمام الكبير الذي حظيت به زيارة الرئيس عبد المجيد تبون إلى روسيا في الأوساط الإعلامية الوطنية والدولية، خاصة بعدما طرحت قبلها عديد من التساؤلات حول أبعادها وإمكانية حدوثها في ظل كل التجاذبات الدولية الحاصلة، وبعد تأكد الزيارة تلت تساؤلات أخرى حول طبيعة الاستقبال الذي سيحظى به الرئيس، وهو السؤال الذي فرضته على الرأي العام الاستقبالات المثيرة للجدل من قبل الرئيس بوتين لضيوفه السابقين في الكريملين.
بعد عرض مراسيم الاستقبال الضخمة والمميزة والتاريخية والاستثنائية، التي حظي بها رئيس الجمهورية، توقف الوثائقي بالتحليل السيميولوجي عند طريقة الاستقبال، التي كانت مؤشرا ودليلا على الصداقة القوية والاحترام الكبير بين البلدين والشعبين والرئيسين الجزائري والروسي، وكذا عند تصريحات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي عرج على تاريخ العلاقات الجزائرية الروسية التي تعود إلى منتصف الخمسينات من القرن الماضي وعلى طابعها الاستراتيجي الذي يواصل تطوره، ثم توقف الفيلم عند أولى تصريحات الرئيس تبون التي أشاد فيها بمتانة الصداقة بين البلدين الجزائر وتاريخها الطويل والعريق، آتيا مباشرة على ذكر الأوضاع والضغوطات الدولية التي لا يمكنها أن تؤثر على علاقة البلدين، وهي ذات الأوضاع المضطربة التي تستعجل الجزائر لدخول منظمة «بريكس» بحثا عن تنظيم مالي آخر لا يعتمد الدولار واليورو.
بعد عرض صور اللقاء الموسع الذي جمع الرئيسين وأعضاء الحكومتين الجزائرية والروسية، انتقل الوثائقي إلى التركيز على مراسيم التوقيع على اتفاقية الشراكة الإستراتيجية المعمقة، واتفاقيات الشراكة القطاعية بين الحكومتين، التي تجسد رغبة البلدين في الذهاب بالعلاقة الوثيقة بينهما إلى مرحلة أكثر تطورا، وبعدها إلى الندوة الصحفية المشتركة التي أوضحت أهم مخرجات اللقاء بين القيادتين بشأن مختلف الملفات الإقليمية والدولية، ومن بينها الملف الأوكراني، حيث وضع الرئيس بوتين الثقة الكاملة في نظيره الجزائري ليتحدث باسم إحدى أكبر قوى العالم، وسيطا في هذا النزاع.
وعاد الوثائقي في نصفه الثاني إلى مجريات اللقاء الثاني الذي دار بين الرئيسين في الـ 16 جوان، موعد الطبعة المتجددة من المنتدى الاقتصادي الدولي لسانت بترسبرغ، الذي جمع أكثر من 17 ألف مشارك من كل أصقاع العالم، أين لخص فيه بوتين منجزات روسيا الاقتصادية ومفاتيح صمودها أمام الغرب، بينما رافع الرئيس تبون في كلمته لصالح الشعوب المستضعفة والفقيرة، مؤكدا في نفس الوقت أن الجزائر تشهد مرحلة مهمة في مسيرتها التنموية الشاملة بفضل إستراتيجيتها الوطنية والإصلاحات المحورية التي خلقت مناخ أعمال محفز في بلد عازم على تنفيذ خطة استثمارية طموحة في السنوات المقبلة، لاسيما في مجالات الطاقة، البنى التحية والفلاحة، المنتجات الصيدلانية والصناعات المختلفة بما فيها الغذائية والتحويلية، داعيا المستثمرين والمتعاملين الاقتصاديين الروس العموميين والخواص إلى القدوم والاستثمار في الجزائر والاستفادة من البيئة الاقتصادية التحفيزية والجذابة.
انتقل الوثائقي عقب ذلك إلى عرض الأسئلة المباشرة التي طرحت في المنتدى للنقاش، وكان أهمها تلك التي طرحت للرئيس تبون حول كيفية تعامل الجزائر مع الضغوطات التي تتعرض لها، حيث يحاول البعض جعلها تقف في صف مع البلدان التي تفرض عقوبات على روسيا، حتى لا تشتري أسلحة منها، فكان رد الرئيس على السؤال قويا «أرد على ذلك بكلمة واحدة، الجزائريون ولدوا أحرارا وسيبقون أحرارا في قرارهم وفي تصرفاتهم»، لتكون بذلك إجابة كاملة وذات دلالات كبيرة جدا.
كما سلط الفيلم الضوء على التحديات الطاقوية التي تواجه الجزائر مستقبلا، والتي عددها الرئيس وعدد معها الخطط والآليات التي وضعتها البلاد من أجل ضمان أمنها الطاقوي، لينتقل عقبها للحديث عن الحرب الباردة الجديدة وغير المعلنة ذات الأساس الاقتصادي، مؤكدا أنها تختلف عن الحرب الباردة التي تلت الحرب العالمية الثانية، نظرا لترابط العالم والشعوب مع بعضها البعض، وعليه دعا الرئيس تبون إلى ضرورة إبعاد السياسة عن التعاملات الاقتصادية الدولية، مؤكدا بأن خراب الاقتصاد يأتي بتسييس القرار الاقتصادي.
ليختتم هذا الشق من الوثائقي بكلمة الرئيس بوتين التي شكر خلالها رئيس الجمهورية على حضوره المنتدى قائلا «الكل من الحضور يفهمون ما معنى الوصول إلى موسكو والانضمام إلينا في هذا المنتدى، هذا يؤكد على أن الرئيس الجزائري زعيم ويحترم مصالحه الوطنية ومصالحنا جميعا».