تقع الجزائر في بيئة إقليمية غير مستقرة أمنيا وسياسيا وحتى اقتصاديا، كيف لا والأزمة الليبية بتداعيات المختلفة لم تجد لها حلا منذ أكثر من عقد من الزمن.
أما الجارة تونس فتمر بوضع اقتصادي صعب للغاية، في حين أن منطقة الساحل الافريقي المعروفة بأزماتها ومشاكلها المختلفة والمعقدة لا تزال تشهد حالة لا استقرار في جميع المجالات وعلى كافة المستويات ، كل ذلك بسبب التدخلات الخارجية وضعف التنمية وتنامي نشاط الجماعات الارهابية والمنظمات الإجرامية… ، والأمر نفسه ينطبق على الجهة الغربية والجنوبية الغربية للجزائر فالوضع الأمني في منطقة الصحراء الغربية المحتلة من قبل المغرب متدهور وخطير، وهذا بعد انهيار اتفاق وقف إطلاق النار الموقع عام 1991 بين جبهة البوليساريو والمملكة المغربية من قبل الأخيرة ، نهيك التغلغل الصهيوني الجديد القديم في القارة الأفريقية عموما ومنطقة المغرب العربي على وجه الخصوص ، ووصولا الى التصدعات والانقسامات التي تسعى المملكة المغربية أحداثها بين الافارقة داخل الصف الافريقي، كل ذلك يجعل الجزائر اليوم في مواجهة العديد من التحديات الأمنية والسياسية والاقتصادية التي تفرضها التحولات الإقليمية وكذا طبيعة النظام الدولي المتغيرة، والتي تحتم عليها الاستمرار في انتهاج سلوك براغماتي من أجل تجاوز والتغلب على هذه التحديات، وكذا كسب الرهانات القادمة.
مقدمة
ليست الدبلوماسية الجزائرية بمنأى عن التحولات الدولية التي عرفها العالم منذ نهاية الحرب الباردة لذلك عليها أن تعمل في اتجاه تنويع تعاملاتها في العلاقات الدولية الراهنة، وعدم الركون إلى موروثات الحرب الباردة، لأن السياسة الخارجية هي عبارة عن خط لرسم العلاقات الخارجية لدولة معينة مع غيرها من الدول.
واستحضار أدبيات التحليل العلمي في السياسة الخارجية لا سيما في مفهوم التغيير أو التحول فإن الباحث (شارل هيرمان Charles Herman) وضع مفهوما وسطيا بين التحول في الأهداف والتوجهات العامة للسياسة الخارجية والذي يطال كل من الأهداف والإستراتيجيات والأليات وسماه بالتغيير التوجيهي: Adjustment change ويقصد به تغيير في مستوى الإهتمام الموجه إلى قضية أو دوائر مناطقية مع إستمرار بقاء السياسة الخارجية في تبني أهدافها الكبرى مع تغيير واضح في الأدوات 1.
لعل إستحضار هذا المفهوم سيكون مفيدا في موضوع العلاقات الإفريقية للجزائر ولا سيما في تكييف أهدافها مع الرهانات الجديدة التي تعرفها القارة الإفريقية. وعليه سنحاول التركيز على أهم التحديات والرهانات التي توجه السياسة الخارجية الجزائرية في القارة الإفريقية .
أولا: التحديات الأمنية
بات الأمن يشكل أكبر تحدي للسياسة الخارجية الجزائرية في القارة الإفريقية ، فالجزائر تقع في بيئة غير مستقرة مما جعلها محاطة بمجموعة من التهديدات خاصة تلك التهديدات اللادولاتية (إرهاب، جريمة منظمة ، هجرة غير سرية..)، هذا وقد شهدت القارة الإفريقية في الأونة الأخيرة جملة من التحديات والمخاطر الأمنية العابرة للحدود، والتي بدأت تستأثر إنتباه القوى الدولية، لا سيما في منطقة الساحل والصحراء .
تواجه السياسة الخارجية الجزائرية في القارة الإفريقية جملة من التحديات الأمنية نذكر منها، تفاقم حدة الصراعات العرقية والسياسية في القارة الإفريقية، ويمكن أن نشير هنا إلى ما كتبه ” ربيرت جاكسون” في الدورية الأمريكية المشهورة ” Atlantic Monthly” حول ” الفوضى القادمة” في إفريقيا وهي نتاج زيارته مناطق الصراعات الملتهبة في غرب إفريقيا. فقد وصف إفريقيا بأنها: تطرح نموذجا للفوضى العارمة؛ حيث تشهد إنهيار لمؤسسات الدولة، وتعاني من الأوبئة والجريمة، وانهيار حكم القانون 2.
ويبدو أن تصاعد حدة الصراعات والحروب الداخلية التي شهدتها القارة خلال العقد المنصرم أسهمت بدورها في تأكيد نبوءات جاكسون ومن يسيرون على دربه في إطار ما يسمى بالنزعة التشاؤمية”Afro Pessimism.”، فقد شهدت جمهورية الكونغو الديمقراطية حربا إقليمية كبرى شاركت فيها عشر دول إفريقية وهو ما أدى بالبعض إلى وصفها: بأنها الحرب العالمية الإفريقية الأولى. كما شهدت المنطقة من جنوب السنغال وحتى ليبيريا حروبا وصراعات أخرى تورطت فيها نحو خمس دول إفريقية أخرى. ولا شك أن هذه الصراعات الإفريقية تؤدي إلى تدهور اقتصادي وانهيار مؤسسات الدولة إضافة إلى شيوع ثقافة العنف والفساد في هذه المجتمعات، هذا من دون تجاوز ماحدث في بعض الدول الإفريقية الأخرى التي كانت مسرحا لصراعات عرقية عنيفة مثل: رواندا، وبورندي، وأوغندا، وتشاد، وجيبوتي، والسودان، أضف إلى ذلك فإن هناك بعض الدول الإفريقية التي تعاني مخاطر عدم الاستقرار السياسي وانهيار الدولة 3. كما هو الحال في مالي وإفريقيا الوسطى ، نهيك عن محاولات الانقلابات العسكرية في العديد من الدول الإفريقية كما حدث في كوت ديفوار ، والنيجر، وغينيا وبوركينا فاسو ..، وبالتالي فإن هذه الصراعات والحروب والإضطرابات الأمنية تشكل تحديات أمام السياسة الخارجية الجزائرية في القارة الإفريقية المطالبة بالتجاوب معها بما أنها تنتمي لهذه القارة، و التي تطمح الجزائر للعب أدوار إقليمية فيها .
على صعيد آخر، فقد شهدت المنطقة العربية بعد 2011 انتفاضات شعبية في بعض الدول العربية ، والتي أفرزت تداعيات أمنية خطيرة في المحيط الإقليمي للجزائر خصوصا والقارة الإفريقية عموما، ونخص بالذكر هنا الإنفلات الأمني في ليبيا بعد سقوط نظام معمر القذافي في 2012، وما تبعه من إنتشار للأسلحة وتدفق المسلحين والجماعات “الإرهابية” من صحراء ليبيا إلى شمال مالي، باتت المخاوف تنتاب المنظومة الأممية والإقليمية مـن أدوار تضطلع بها جماعات متطرفة وأخرى متمردة في المتاجرة بمئات الأطنان من ترسانة الأسلحة الليبية، وتهريبها عبر الحدود، ويلقي هذا التهديد بظلاله الكئيبة على دول الجوار الليبي، ومنها الجزائر والتي تأثرت في العمق بالأزمة الليبية ولعل الإعتداء الإرهابي على أكبر منشأة للغاز في الجزائر (قاعدة تيقنتورين) سنة 2013، خير دليل على ذلك. وفي نفس السياق سربت صحيفة “صنداي تايمز” عام 2013 تقرير صادر عـن الإستخبارات البريطانية يؤكد أن بوكو حرام إستطاعت تأمين طريقها لتهريب السلاح من ليبيا إلى نيجيريا عبر تشاد، وأنه من بين السلاح المهرب مدافع مضادة للطائرات وقذائف هاون، وصواريخ أرض-جو، وقـد أصبحت مضامين ذلك التقرير حقيقة صارخة اليوم، كما مكَّن السلاح الليبي تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامـي (AQMI)، وحركات التمرد الطارقية مثل حركة تحرير وإستقلال إقليم أزواد (MNLA) مـن السيطرة على شمال مالي، وإدخال المنطقة في حرب أهلية أعقبها دخول القوات الفرنسية والإفريقية إلى مالي بحجة طـرد “الإرهابيين 4.
كذلك من بين التحديات الأمنية التي تواجه السياسية الخارجية الجزائرية في القارة الإفريقية، تصاعد عمليات خطف واحتجاز الرهائن من قبل الجماعات والتنظيمات الإرهابية في الساحل وغرب إفريقيا، من أجل طلب الفدية، والتي نجحت الجزائر في جعل المجتمع الدولي يتبنى تجريمها ، كآلية لقطع التمويل عن هذه التنظيمات الإرهابية.
من جهة أخرى، تشكل الجماعات الانفصالية على غرار الطوارق خاصة في النيجر وحركة تحرير دلتا النيجر، بالإضافة إلى تنظيم ما يسمى بالدولة الإسلامية…، حيث يتموضع الطوارق في المنطقة الشمالية في منطقة أغاديس، وهي ممر لخط أنابيب نيغال وخط لاغوس، وبالإمكان أن تتخذ الجماعات الإرهابية المتطرفة، هذه الخطوط كورقة ضد الحكومة لأجل الضغط عليها، لتلبية مطالبها كالإدماج والتنمية ، وفي ظل ضعف الإمكانيات لن تتمكن الحكومة النيجيرية من حماية ما يقارب 800كلم كامتداد لهذه الخطوط عبر أراضيها، ونفس الوضع ينطبق على الجزائر وبقية الدول الإفريقية الشريكة في هذا الإستثمار. أما بالنسبة للجماعات الإرهابية على غرار “القاعدة” وتنظيم “الدولة الإسلامية”، فعلى الرغم أنها لم تمس أشغال إنشاء خط نيغال*، إلاّ أن البيئة الأمنية غير المستقرة والمتطلبات المتجددة قد تؤدي بهذه التنظيمات الإرهابية إلى التفكير في استغلالها من أجل الحصول على مطالبها 5.
ثانيا: التحديات السياسية
تواجه السياسة الخارجية الجزائرية في إفريقيا جملة من التحديات السياسية، أبرزها قضية الإستعمار وتصفيته في القارة ، ونشير هنا إلى أخر مستعمرة في القارة السمراء، ألا وهي الصحراء الغربية، التي مازالت تنتظر إنصافها من طرف المجتمع الدولي، والجزائر كانت ولا زالت تقف دائما إلى جانب الشعوب المستعمرة في العالم، ومنها شعب الصحراء الغربية، حيث خاضت الجزائر منذ منتصف السبعينيات من القرن العشرين معارك دبلوماسية طويلة في الهيئات والمنظمات الدولية والإقليمية تضامنا مع الشعب الصحراوي الذي يطالب بحقه في تقرير المصير. ولعل ماقامت به الجزائر داخل منظمة الوحدة الإفريقية دفاعا عن القضية الصحراوية خير دليل على ذلك، حيث حصلت الجمهورية العربية الصحراوية على العضوية الكاملة في المنظمة الإفريقية في 12 نوفمبر 1984، وهو التاريخ نفسه الذي غادرت منه المملكة المغربية منظمة الوحدة الإفريقية، لكنها عادت اليوم إلى البيت الإفريقي تحت مسمى جديد “الإتحاد الإفريقي” وكان ذلك في قمة أديس أبابا في جانفي 2017، بعد أن اقتنع صناع القرار في المغرب أن سياسة المقعد الشاغر لم تعد مجدية وبالتالي العودة للإتحاد الإفريقي، في محاولة لمنافسة غريمها الجزائر داخل أجهزة المنظمة الإفريقية هذا من جهة ، وتشكيل محور منافس لمحور الجزائر جنوب إفريقيا ونيجيريا من جهة أخرى . فالمغرب يعول هنا على بعض الدول المساندة له في قضية الصحراء الغربية كالسنغال كوت ديفوار الغابون ..، لتشكيل وتصدر محور جديد موازي لمحور الجزائر أبوجا بريتوريا، وهذا يشكل أكبر تحدي سياسي بالنسبة للجزائر داخل منظمة الاتحاد الإفريقي، التي تخشى تصدع الصف الإفريقي من جراء هذه الإنقسامات المحتملة، يذكر أن الجزائر سبق وأن حذرت بعد طلب عودة المغرب للإتحاد من أي انقسامات والتي قد تعصف بالمجموعة الإفريقية ككل، وبالتالي فالجزائر مطالبة بلعب أدوار أكبر وبذل جهود أكبر لتخطي مثل هكذا تحديات.
كذلك من بين التحديات السياسية التي تواجه الجزائر في القارة الإفريقية، نفوذ وهيمنة القوى الكبرى على العديد من دول القارة الإفريقية، كما هو الحال مع فرنسا التي تبقى تمثل القوة والسند الأول للعديد من الدول الإفريقية، ولعل الاستنجاد المالي بها من أجل التدخل العسكري، الذي طالما رفضته الجزائر، تكريسا لمبدأ الحل الإقليمي للمشاكل الإقليمية خير دليل على ذلك. لأن فرنسا في الواقع لم تحركها الإيديولوجيا في مثل ذلك العمل العسكري وإنما قادتها بالدرجة الأولى مصالحها الإقتصادية والإستراتيجية، فهي تعتبر إفريقيا منطقة نفوذا التاريخية، وتعمل على حماية شركة أريفا AREVA الفرنسية المستغلة لليورانيوم بالنيجر. لذلك سارعت فرنسا للتدخل ضمن عملية القط المتوحش في جانفي 2013 لوحدها منافسة بذلك الدور الأمريكي الذي صار يبدي إهتماما واضحا بالمنطقة منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001.
فالجزائر كانت دائما ترفض التدخلات الأجنبية في شؤون الداخلية للدول الإفريقية، انطلاقا من مبادئ سياستها الخارجية، التي تنص على عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، وتجلى ذلك بوضوح في الأزمة الليبية أين رفضت تدخل حلف الناتو ، كما رفضت بشدة التدخل الفرنسي في مالي، لكن رفضها وتنديدها لم يغير شيء في المعادلة ونفدت التدخلات وكانت لها تداعيات على منطقة الساحل عموما والجزائر على وجه الخصوص ( زياد نشاط الجماعات الإرهابية ، إنتشار الأسلحة…) ، وبالتالي فإن التدخلات الأجنبية باتت تشكل تحدي كبير أمام السياسة الخارجية الجزائرية في القارة الإفريقية.
- التغلغل الإسرائيلي داخل القارة الإفريقية تحدي سياسي
تنطلق سياسة الكيان الصهيوني في تحركها نحو إختراق القارة الإفريقية والتغلغل فيها من منطلق نظرية إستراتيجية/سياسية/ إقتصادية اصطلح عليها (نظرية الأطواق) والتي تقول بأن الكيان الإسرائيلي محاط بعدد من الأطواق الإقتصادية والسياسية ،وجب خرقها وعلى رأسها قارة أفريقيا التي تتوفر بها موارد إقتصادية كبرى لاسيما في مجالات الزراعة والمياه، علاوة على أهميتها السياسية الدولية المتمثلة في القوة التصويتية للدول الأفريقية داخل المحافل الدولية المختلفة لاسيما بالأمم المتحدة.
أما من الناحية الاقتصادية يعتبر الكيان الصهيوني القارة الإفريقية بأقطارها المختلفة (غرب أفريقيا، والقرن الأفريقي و الساحل ووسط إفريقيا وجنوبها وشرقها) بالغة الأهمية بالنسبة له، فدول هذه المنطقة الأفريقية .بالإضافة إلى تعدد ثرواتها ومعادنها، لديها مشاريع زراعية واعدة، إنتبه إليها الكيان الإسرائيلي ، الذي تمكن خلال العقود القليلة الماضية من تطوير تكنولوجيا زراعية متقدمة جدا ويسعى لبيعها لعدد من دول العالم بشكل يعود عليه ربحا إقتصاديا يقدر في العام الواحد بحوالي 15 مليار دولار 6. وفي هذا الصدد ومنذ عام 2004 دعم الكيان الصهيوني برامج ومشروعات زراعية في دول غرب أفريقيا لاسيما السنغال منها مشروع مزرعة (كير مامورسار) الذي يموله الكيان ويدعمه بالماكنة الزراعية بهدف إستصلاح وزراعة ما يقارب من 5 آلاف هكتار من الأراضي الزراعية جنوبي السنغال ؛ ويهدف الكيان استحداث مشروعات مماثلة له في كل من ليبيريا والنيجر ومالي على الحدود مع الجزائر من جهة الجنوب، مقابل كسب أصوات هذه الدول في المحافل الدولية وتأييد عضوية الكيان بالإتحاد الإفريقي بصفة مراقب ومشاركته في قمم إقتصادية إفريقية مثل الاكواس جوان 2017 وتأييد مشروع عقد قمة أفرو- إسرائيلية الهدف منها تشتيت صف إفريقيا وكسر تضامنها وتأييدها للقضية الفلسطينية في المحافل الدولية.7 وهذا يشكل تحديا أمام السياسة الخارجية الجزائرية في القارة الإفريقية والتي تبقى تعمل على تفعيل الشراكة الأفروجزائرية في إطار النيباد تحديدا و الإتحاد الأفريقي عموما من أجل التصدي الإستراتيجي للتغلغل الإسرائيلي في إفريقيا غربا، وسطا وشرقا ودعوة الأفارقة للتأييد القضية الفلسطينية .
كذلك من وسائل وآليات الكيان الصهيوني للتغلغل داخل القارة الإفريقية، هو استحداث جهازا داخل وزارة الخارجية أطلقت عليه إسم( ماشاف) وهو المكلف بعمل تواصل إقتصادي إجتماعي مع الهيئات المحلية والخيرية داخل الدول الأفريقية من خلال دعم المشاريع الصغيرة ومتناهية الصغر المتعلقة بالمجالات التجارية والزراعية بدول أفريقية مختلفة في مقابل أن يحصل الكيان على منتجات هذه المشروعات والتي تقوم بدورها بإعادة تصديرها مرة أخرى إلى دول الإتحاد الأوروبي. وهو الجهاز الذي أسهم في تغلغل إسرائيل إقتصاديا وإجتماعيا بعدة دول أفريقية مثل غينيا وإفريقيا الوسطى ومالي والنيجر وفي نفس الوقت ساهم في تحسين صورتها لدى السكان المحليين من الطبقات الفقيرة والمتوسطة التي تشتغل بهذه المشروعات. لتبييض صورتها العنصرية لدى الرأي العام الافريقي8.
وبالتالي يمكن القول أن تغلغل الكيان الصهيوني داخل القارة الإفريقية يشكل تحديا وإزعاج بالنسبة للجزائر، وذلك لما له من انعكاسات سلبية على القارة الإفريقية عموما والسياسة الخارجية الجزائرية خصوصا ، وهذا من خلال :
– تعكس توجهات الكيان الصهيوني، محاولته إختراق التكتل الإفريقي في إطار النيباد بقيادة الجزائر وغيرها، والظفر بأسواق تجارية واستثمارات واعدة في كافة أرجاء إفريقيا، والبحث عن مكاسب سياسية من خلال توجهاته الاقتصادية خدمة لسياساته العنصرية في الشرق الأوسط، ونسف أبعاد التضامن الأفريقي سواء في إطار الشراكة الأفروجزائرية أو في إطار الإتحاد الإفريقي عموما.
– تغذية النزاعات الإفريقية استخباراتيا ولوجستيا وضمان استمرارها لتسهيل عملية التوغل وعائدات ذلك على التوجهات الإسرائيلية المتعددة السياسية الإقتصادية و الأمنية .كما كان الحال في تغذية النزاعات الداخلية في عدد من الدول جنوب إفريقيا في السابق، وفي زائير سابقا، الصومال، روندا ،إفريقيا الوسطى، كينيا ، سيراليون والحرب بين إثيوبيا وإيريتيا سابقا، ودول الساحل .
– محورية القضية الفلسطينية ،بحيث سعى الكيان الإسرائيلي بتوجهاته الإفريقية نحو كسب الأصوات الإفريقية في المحافل الدولية عبر مشروع ما يسمى بالشراكة الأفرو-إسرائيلية على حساب القضية الفلسطينية ومصادرة مواقف وأصوات الأفارقة لصالحه في المحافل الدولية مقابل مساعدات مالية وفنية وتكنولوجية واستثمارات إسرائيلية في إفريقيا.
– التوجهات الإسرائيلية الإفريقية الأخيرة، إنطلاقا من محاولات التوغل الإسرائيلي المؤسساتي في إفريقيا، من خلال طموح الكيان الصهيوني المشاركة في قمة الإكواس بليبيريا جوان 2017 ، وكذا طلب الحصول على عضوية صفة مراقب بالإتحاد الإفريقي، (التي حصل عليها بقرار أحادي من قبل رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي ، ولولا تدخل الدبلوماسية الجزائرية وبعض الدول الأفريقية المساندة لها لا وتجميد هذا القرار لاصبح الكيان الصهيوني اليوم عضو مراقب في المنظمة الافريقية) ، وصولا إلى السعي لعقد مؤتمر ما سمي بـ إسرائيل –إفريقيا والذي كان مقرر خلال شهر أكتوبر 2017 بلومي عاصمة التوغو. كل هذه الخطوات تشكل تحديات أمام الدبلوماسية الجزائرية التي تدافع بشراسة لمنع الكيان الإسرائيلي من التسرب داخل هياكل المؤسسات الإفريقية.
وفي الأخير يمكن القول أن مشروع الشراكة الأفرو-إسرائيلية المزعومة تستهدف الهيمنة و الإختراق لنسف أسس ومقومات التضامن الإفريقي، وبالتالي حرمان إفريقيا من إطلاق مبادرات ذاتية لمعالجة مشاكلها بنفسها بعيدا عن الهيمنة الإقليمية و العالمية للقوى الكبرى.
إذن يشكل تغلغل الكيان الصهيوني داخل القارة الإفريقية، تحديا كبيرا أمام السياسة الإفريقية للجزائر، هذه الأخيرة مطالبة بالوقوف أما التوجهات الصهيونية وصد كل المحاولات لتغلغل هذا الكيان داخل القارة الإفريقية.
ثالثا: التحديات الإقتصادية
على غرار باقي الدول الريعية الإفريقية بقيت هيكلة التجارة الخارجية الجزائرية على الحالة التي كانت عليها منذ عقود، حيث تسيطر على الواردات السلع المصنعة والنصف مصنعة، في حين يسيطر على الصادرات قطاع المحروقات من غاز ونفط. وهو ما يوحي بأن الجزائر غير عازمة على إحداث قفزة نوعية في طبيعة اقتصادها على الصورة التي تسمح لها بتحقيق إستراتيجية إحلال الواردات وتنويع منتجاتها، لما هو مبين في الجدول أدناه.
جدول رقم (3): يبين أهم واردات الجزائر 2014- 2017 (بمليون دولار).
المواد | 2014 | 2015 | 2016 | 2017 | المجموع |
السيارات السياحية | 2963 | 2966 | 1342 | 1617 | 8888 |
السيارات لنقل البضائع | 2109 | 1365 | 709 | 472 | 4655 |
الاطارات المطاطية الجديدة | 441 | 280 | 408 | 325 | 1454 |
قضبان من الحديد والصلب | 1886 | 1386 | 1136 | 553 | 4961 |
المازوت | 1132 | 870 | 445 | 700 | 3147 |
منتجات المعادن من الحديد والصلب | 664 | 672 | 440 | 602 | 2378 |
بنزين عالي الجودة | 772 | 886 | 797 | 798 | 3253 |
القمح | 2371 | 2395 | 1790 | 1789 | 8345 |
الحليب المجفف | 1795 | 999 | 799 | 1235 | 4828 |
السكر | 840 | 695 | 849 | 988 | 3372 |
الذرة | 977 | 872 | 769 | 769 | 3387 |
زي السوجا | 566 | 0 | 525 | 601 | 1692 |
بن غير محمص | 307 | 297 | 306 | 331 | 1241 |
الأدوية | 2061 | 1511 | 1546 | 1342 | 6460 |
منتجات صيدلانية غير الأدوية | 460 | 446 | 474 | 551 | 1931 |
الخشب | 736 | 564 | 479 | 276 | 2055 |
المجموع | 62047 |
المصدر: من إعداد الباحث بناء على إحصائيات الوكالة الوطنية لتطوير الاستثمار، تطور بعض المنتوجات المستورد (2014-2017)،على الموقع: www.andi.dz.
فرغم ما تزخر به الجزائر من إمكانيات وثروات طبيعية متنوعة إلا أنها لا تزال تعاني من تبعية للخارج في مجال الصناعة والزراعة، وإن كانت الصناعة تتطلب إمكانيات بشرية وتكنولوجية حديثة فإن الزراعة ليست بهذا التعقيد، فرغم المساحة الشاسعة للجزائر وتنوع المناخ فيها إلا أنها لا تزال تعاني من التبعية إلى الخارج في المجال الغذائي، خاصة في المواد الواسعة الاستهلاك والضرورية كالحبوب والحليب ومشتقاته، وهو ما تبينه فاتورتها سنة 2017 المقدرة بـ3.79مليار دولار. هذا وقد ارتفعت فاتورة غذاء الجزائريين من 3,2 مليار دولار سنة 1999 إلى 11 مليار دولار سنة 2014،كما أن القيمة الإجمالية للغذاء خلال هذه المدة بلغت 87 مليار دولار علما أن السكان زاد خلال هذه الفترة بستة ملايين نسمة فقط، % 80 من الفاتورة كانت كلفة المواد الأساسية كالحبوب بأنواعها والحليب والزيوت النباتية 9 .
أما في مجال الصادرات، فلا يزال النفط هو المسيطر على مبيعات الجزائر إلى الخارج بنسبة تفوق%93، في حين لا تتجاوز الصادرات خارج قطاع المحروقات نسبة%7، فخلال السداسي الأول من عام 2016 لم تتجاوز إيرادات الجزائر خارج المحروقات 949 مليون دولار 10، وهي نسبة ضئيلة جدا لدولة تطمح أن تكون قوة إقليمية، غير أنها لا تزال تصر على الاعتماد على المحروقات كمصدر رئيسي لإيراداتها المالية، واعتماد دبلوماسية النفط في المدة الأخيرة للخروج من مأزق إنخفاض أسعاره في الأسواق الدولية.
وتشير الإحصائيات إلى أن نسبة التبادل التجاري بين الجزائر وإفريقيا لا يتعدى عتبة %1 من الحجم الإجمالي للتجارة الخارجية الجزائرية، خلال الفترة 2007-2002 مثلا لم تتعدى قيمة المبادلات بين الطرفين 1,694مليار دولار، بلغت حصة الواردات منها 859 مليون دولار وحصة الصادرات 835 مليون دولار، تصدرت كوت ديفوار قائمة المتعاملين الأفارقة بنسبة %29 من إجمالي المبادلات، تليها جنوب إفريقيا بـ %12، ثم نيجيريا والكاميرون 11 .
وما دام النفط هو عصب الصادرات الجزائرية فإنه من الأكيد أن تكون وجهة التسويق هي الدول الصناعية وليست الدول المتخلفة على شاكلة دول إفريقيا جنوب الصحراء، وهو ما يفسر ضعف التبادل التجاري بين الطرفين.
كذلك من بين التحديات التي تعترض عملية تفعيل الدبلوماسية الإقتصادية للجزائر، ومن ذلك على سبيل المثال لا الحصر: منافسة قوى إفريقية أخرى للجزائر في مجال الإستثمار وخاصة في مجال الخدمات عدم وجود بنوك جزائرية في إفريقيا….الخ؛ ونشير هنا إلى المنافسة الإقليمية الشرسة للجزائر من طرف المملكة المغربية في المجال الاقتصادي، إذ ينتشر المغرب بسرعة فيما يتعلق بالاستثمارات الإقتصادية في دول غرب إفريقيا وخصوصا في مالي، حيث يعتبر المغرب أول شريك اقتصادي لهذا البلد، الذي عقد معه خال “شهر سبتمبر 2013 سبعة عشر 17 اتفاقا في مجال البنوك والإستثمار والصحة، والتكوين وغيرها”12 وقد كان آخر ما توصل إليه الطرفان هو إتفاق الإعفاء الضريبي 13 بين الطرفين في 8 ماي 2014، وهو بالطبع ما ستستفيد منه المغرب قبل مالي . وعلى سبيل المقارنة يبقى الجانب الجزائري بعيد عن هذه البراغماتية الإقتصادية مع الدول الإفريقية، حيث لا تتعدى التبادلات التجارية معها نسبة %1 وهي ذات النسبة التي كانت موجودة خلال السبعينات من القرن المنصرم. ورغم الإستدلال بتواجد شركة سوناطراك في دول مثل مالي والنيجر وموريتانيا إلا أن عائداتها لا تزال بعيدة حتى عن تغطية تكاليف الوساطة التي تقوم بها الجزائر.
أما فيما يخص مبادرة الشراكة الجديدة من أجل التنمية في إفريقيا ” النيباد”، والتي تركز عليها الجزائر كآلية في سياستها الخارجية تجاه إفريقيا، من أجل النهوض بالتنمية في القارة الإفريقية ، إلا أن هناك عدة عراقيل يجب تجاوزها لمحاولة النهوض بالقارة ومسايرة العولمة، فبالرغم من إحاطة الدول المؤسسة للمبادرة ولكل ما يتعلق بالقارة ومسارها التنموي، إلا أن مواقفها هي ذاتها إنعكست وأصبحت ترى في المبادرة مجرد محتوى فقط، وذلك يرجع إلى عدة أسباب:
– عدم وجود رأي عام مشجع لعملية التكامل وتقارب الدول لتحقيق التنمية، ومحاولة الوقوف على أهم مشاكلها المتمثلة في الفقر، والتخلف، والمرض.
– لم تحض النيباد حتى اليوم باهتمام سواء على المستويات الرسمية والشعبية، حيث أنها لا تزال مجهولة لدى عدد من الجماهير والتنظيمات السياسية، وتنظيمات المجتمع المدني، الأمر الذي يتنافى مع ما ترمي اليه المبادرة لنفسها من كونها ملكية خاصة للشعوب، فهناك تصريحات رسمية لكل من ليبيا وغامبيا وكينيا عن عدم الرضا عن أسلوب وتوجيه وإدارة نيباد من حيث عدم التشاور الكافي مع الدول الإفريقية.
– عدم وجود إستقرار سياسي وهذا ما يتنافى مع شروط التكامل خاصة وأن القارة الإفريقية تعاني من عدة أزمات جعلت دولها تتخبط فيما بينها، كالصراعات الإثنية في البحيرات الكبرى، وأيضا النزاعات في السودان، وإريتريا والصومال، ليبيا.
إضافة إلى ذلك هنالك العديد من والتحديات الأمنية الداخلية والخارجية التي تهدد مسار الإستثمار الجزائري الطاقوي في إفريقيا، ولّعل أهمها:
– تتموقع الجزائر ضمن بيئة إقليمية إفريقية غير آمنة ، حيث تنمو فيها العديد من التهديدات والتحديات التي تواجه دول المنطقة خاصة في منطقة شمال إفريقيا والمغرب العربي وأيضا منطقة الساحل الإفريقي ، أين تكثر الجريمة المنظمة والهجرة غير الشرعية، وتجارة الأسلحة والمخدرات والجماعات الإسلامية ، كلها تؤثر على مسار قطاع الموارد الهيدروكربونية في الجزائر محليا وإقليميا ، وخاصة إذا تعلق الأمر بنقل هذه الموارد الطاقوية عبر خطوط الأنابيب التي هي فرصة اعتداءات الجماعات الإرهابية .
– إمكانية عدم إستكمال إنشاء خطوط أنابيب نيغال ولاغوس وهذا راجع لتكلفة الإنتاج في مقابل الأزمة الاقتصادية في الجزائر، خاصة وأن الاقتصاد الجزائري يعتمد بشكل كبير على عائدات الريع النفطي ،مّما يتوجب عليها القيام بإصلاحات سوسيو -اقتصادية والتحول نحو التصنيع.
– تراجع احتياطي المواد الهيدروكربونية في الجزائر حيث سجل تناقص ملحوظ خلال ثلاث سنوات متتابعة %- 2.3 عام 2008 ،0.9%- خلال 2007 ، 2.5-% خلال 2006. وفي ظل الأزمة العالمية وإنخفاض أسعار النفط والبترول، فقد تدنى سعر البرميل الواحد إلى 30 دولار بعد أن سجل معدل 140دولار للبرميل في سنوات سابقة، وهو ماأثّر على مصادر تمويل إنشاء خطوط الأنابيب ضمن الإستثمار في المشاريع الطاقوية للجزائر في أفريقيا 14 .
إذن هناك جملة من التحديات الاقتصادية التي تواجه السياسة الخارجية الجزائرية في القارة الإفريقية، الشيء الذي يفرض على الجزائر تفعيل وتنشيط الدبلوماسية الإقتصادية في القارة الإفريقية ، وهذا لن يتأتى إلا إذا توفرت الإرادة السياسية لدى صناع القرار في الجزائر بتجاوز هكذا تحديات .
رهانات السياسة الخارجية الجزائرية
بما أن السياسة الخارجية الجزائرية اتجاه القارة الإفريقية تنتظرها رهانات وتواجهها تحديات، يستوجب على صناع القرار في الجزائر البحث عن أليات جديدة عساها تساهم في تفعيل وتحسين أداء السياسة الخارجية الجزائرية في القارة السمراء، من خلال :
الحفاظ على الدور المحوري للجزائر في منظمة الإتحاد الإفريقي.
تعتبر الجزائر عضوا فعالا في الإتحاد الإفريقي، حيث تساهم بدرجة كبيرة في حل مشاكل القارة المتعلقة خاصة بتعزيز التنمية، والتقليل من الفقر المتزايد، وترشيد أنظمة الحكم بما يتماشى مع أهداف البلدان الإفريقية في مشاريع اندماجها الإيجابي في الاقتصاد العالمي. وفي هذا الإطار فقد كانت الجزائر إحدى الدول الخمسة المؤسسين لمبادرة الشراكة الجديدة من أجل تنمية إفريقيا (النيباد) إضافة إلى كل من مصر، السيغال، نيجيريا وجنوب إفريقيا، حيث تعمل مع هذه الدول على تنظيم وتفعيل سياسات النهضة الإقتصادية الإفريقية، بمشاركة الدول المانحة والمؤسسات الدولية المهتمة.
مكانة وحجم مساهمة الجزائر في ميزانية منظمة الإتحاد الإفريقي
تربط الدول مساهمتها المالية في نفقات وميزانيات الهيئات السياسية الدولية العضو فيها بمدى تأثيرها الدبلوماسي في سياسات وبرامج تلك الهيئات، ومدى حاجتها إليها في خدمة مصالحها، وإن كان من الصعب إجراء تقييم شامل ودقيق للمكاسب السياسية والاقتصادية التي حققتها الجزائر دبلوماسيا نتيجة مساهمتها ومساعداتها المالية للدول والهيئات، فإنه يمكن ملاحظة مؤشر هام يصنف دائما ضمن معايير قياس النفوذ والتأثير الدبلوماسي لكل دولة، من خلال حجم تمثيلها في المسؤوليات المتقدمة والأكثر أهمية في هياكل الهيئات التي تمول نشاطاتها، وحتى إن كان إسناد هذه المناصب يتم بالإنتخاب، فإن ذلك يسبقه إتصالات وتحالفات ترمي فيها كل دولة بثقلها الدبلوماسي والمالي لحشد الدعم لمرشحها ،حيث يلعب ثقلها المالي دورا أساسيا، فضلا عن العلاقات الثنائية التي تربطها بمجموع الدول الأعضاء، وهنا توجد الجزائر ضمن كبار الدول المؤثرة في سياسات الإتحاد الإفريقي، الذي حازت فيه منصبا من الصف الأول وبالغ الأهمية ضمن هياكله، ولقد وجهت القيادة السياسية في الجزائر جزء من النفقات الخارجية الجزائرية إلى دعم ميزانيات وبرامج الهيئات السياسية الدولية، التي تطمح الجزائر إلى لعب دورا نشطا فيها، وخاصة منظمة الإتحاد الإفريقي، وتجلى ذلك لما بدأت الجزائر تتجه منذ سنة 2007إلى رفع مساهمتها بشكل كبير في رأسمال أهم المؤسسات المالية الإفريقية التي تشرف على منح قروض ومساعدات مختلفة للدول النامية والفقيرة لتنشيط إقتصاداتها 15.
أصبحت الجزائر تساهم منذ عام 2005 بنسبة 15 بالمائة في ميزانية الإتحاد الإفريقي، بعد اتفاقها مع أربعة دول أخرى هي ليبيا، نيجيريا، جنوب إفريقيا ومصر على أن تتقاسم بالتساوي فيما بينها 75 بالمائة من ميزانية الإتحاد الإفريقي، لمواجهة العجز المالي الكبير في ميزانية الإتحاد بسبب تخلف وعجز أغلب الدول الإفريقية الأعضاء فيه عن دفع مساهماتها المالية السنوية، ومع القرار الأخير برفع ميزانية الإتحاد الإفريقي إلى 200 مليون دولار تكون مساهمة الجزائر السنوية فيه قد إرتفعت إلى نحو الضعف في أقل من 6 سنوات 16.
سيطرة الجزائر على المناصب الهامة والحساسة في الإتحاد الإفريقي.
غالبا ما ينظر إلى الجزائر كدولة تنفر من التعاون الأمني، لكن لطالما إستثمرت الجزائر في الأمن الإقليمي، فأصبح لها وجودها في مختلف هيكليات التعاون الأمني الأفريقي. حيث ارتقى وزير الخارجية الجزائري رمضان لعمامرة إلى المنصب الدبلوماسي الأول بعدما كان مفوّض دائرة السلم والأمن في الإتحاد الأفريقي لسنوات عدّة (2008-2013)؛ وتضم هذه الدائرة التي تُعَدّ الأكثر حيوية في الإتحاد الأفريقي، مجلس السلم والأمن الذي يوازي في أفريقيا مجلس الأمن القومي الأميركي في الولايات المتحدة الأمريكية، ويتولّى المفوّض صلاحيات نافذة، مثل تمثيل الدائرة في الشأن العام ووضع جدول أعمال اجتماعات السفراء في مجلس السلم والأمن لتقويم النزاعات والأزمات الدائرة في القارة الأفريقية. خلال تسلّمه منصب المفوّض، كان لعمامرة – الملقّب بـ”السيد أفريقيا” – الشخصية الأبرز في الإتحاد الأفريقي بعد الرئيس. وكان واحداً من مسؤولين جزائريين كثر يتسلّمون مناصب أساسية في الإتحاد الإفريقي في مجالَي الأمن ومكافحة الإرهاب. قبله، كان سعيد جنيت، أول مفوّض لدائرة السلم والأمن (2002-2008)، قيادة آليات السلام الأفريقية، وبينما كان يعمل في منظمة الوحدة الأفريقية سلف الإتحاد الأفريقي ساعد على تصميم الهندسة الأفريقية للسلم والأمن أي الإطار الذي يدير الإتحاد الأفريقي من خلاله السلم والأمن في القارة. 17
ومنذ 2002، استثمرت الجزائر بقوّة في الهندسة التي ساهم “جنيت” في تصميمها. وقد كان الرئيس الجزائري الأول، أحمد بن بلة، حتى وفاته في العام 2012، رئيس لجنة حكماء أفريقيا والممثّل الوحيد لدول الشمال فيها، وهي عبارة عن هيئة تضم خمس شخصيات مرموقة من المناطق الخمس في أفريقيا يؤدّون دور الوسطاء في النزاعات كما يقدّمون المشورة لرئيس الإتحاد الأفريقي. ودعمت الجزائر أيضاً الجهود الهادفة إلى تعزيز لواء الاحتياط الشمالي التابع لقوة الاحتياط الأفريقية، أي الذراع التنفيذي لمجلس السلم والأمن المعني بالتدخّل السريع فضلاً عن دعم السلام والعمليات الإنسانية. كما ساهمت الجزائر في تطبيق خطة عمل الإتحاد الأفريقي لمكافحة الإرهاب ومحاربته عبر استضافة المركز الأفريقي للدراسات والبحوث حول الإرهاب (المعروف أكثر بالاسم الفرنسي المختصر CAERT)، الذي يسعى إلى توجيه جهود مكافحة الإرهاب وتنسيقها في مختلف أنحاء أفريقيا.
هذه الاستثمارات طويلة المدى في الهندسة الأفريقية للسلم والأمن، فضلاً عن تعيين بيروقراطيين جزائريين في مناصب أساسية في الأمم المتحدة مثل مكتب الأمم المتحدة لدى الإتحاد الأفريقي، ومكتب الأمم المتحدة لغرب أفريقيا (حيث يتولّى جنيت حالياً منصب المبعوث الخاص لأمين عام الأمم المتحدة)، قد تبدو متناقضة مع صورة الجزائر المنعزلة والتي لا تبدي ارتياحا للتعاون الإقليمي والدولي. قد يقول البعض إن الجزائر تستحق التقدير لدورها في الخطوات التي قُطِعت نحو تحقيق الهندسة الأفريقية للسلم والأمن، على الرغم من أن هذه الخطوات ناقصة ومتزعزعة، كما أنهم يشيرون إلى تشدّد الإتحاد الأفريقي في التعامل مع التغييرات غير الدستورية في الحكم، ونشر قوات تابعة للإتحاد في بعثات لدعم السلام في الصومال ومالي وجمهورية أفريقيا الوسطى 18 .
في المقابل، يقول البعض الأخر إن وجود الجزائر الطاغي في الإتحاد الأفريقي يندرج في إطار مخطّط مدبّر من أجل تسخير التعاون الأمني الأفريقي ومكافحة الإرهاب بهدف تحقيق مصالح ضيّقة. قد يكون الهدف الأساسي من تعيين جزائريين في المناصب المهمة إبقاء الهندسة الأفريقية للسلم والأمن تحت السيطرة. فقد حلّ إسماعيل شرقي (منذ2013- 2021) مكان لعمامرة في منصب مفوّض السلم والأمن في الإتحاد الأفريقي، وهكذا ظلّ المقعد حكراً على دولة واحدة، في حين انتقلت مناصب المفوّضين السبعة الأخرى في الإتحاد الأفريقي من دولة إلى أخرى، مرّة واحدة على الأقل، خلال الأعوام الإثني عشر الماضية. وبالإضافة إلى ذلك، أطلقت الجزائر، بمعزل عن الهندسة الأفريقية للسلم والأمن، مبادراتها الخاصة في مجال التعاون الأمني بين مايُعرَف بدول منطقة الساحل، مثل القيادة الإقليمية للعمليات المشتركة لمكافحة الإرهاب ومقرّها تمنراست في جنوب الجزائر.
يجد المشكّكون مادّة دسمة في حالات إلتقاء تحرّكات الإتحاد الأفريقي مع الأولويات الجزائرية في الجزائر. فعلى سبيل المثال سعى المركز الأفريقي للدراسات والبحوث حول الإرهاب جاهداً من أجل إنشاء “وحدات الدمج والارتباط” لمشاركة الإستخبارات حول مكافحة الإرهاب في بلدان الساحل التي تكتسي أهمية محورية بالنسبة إلى الجزائر. وكذلك حصلت القدرة الأفريقية للاستجابة الفورية للأزمات – وهي عبارة عن قدرة مستحدَثة للتدخّل بتوجيه من الإتحاد الأفريقي في الحالات التي قد تنشأ مستقبلاً، على غرار الأزمة الأخيرة في مالي – على الدعم من الجزائر. منع المركز الأفريقي للدراسات والبحوث حول الإرهاب المندوبون من المغرب الذي يُعَدّ المنافس الأساسي للجزائر للحصول على النفوذ في الجوار، من حضور إجتماع دولي الذي شارك المركز استضافته مع منتدى مكافحة الإرهاب العالمي والفريق العامل في الساحل.
دور الجزائر في اتخاذ القرار داخل منظمة الاتحاد الإفريقي.
إن السياسة العامة في منظمة الإتحاد الإفريقي بشقيها الداخلي والخارجي يصنعها الفاعلون، الذين يمتازون ببعض الخصائص والمميزات تؤهلهم على التحكم في زمام القرار السياسي داخل المنظمة، وعليه من خلال بعض القرارات يمكن التوصل إلى أصحابه ومهتميه بالدرجة الأولى. ومن خلال مبادئ منظمة الإتحاد الإفريقي، التي تقر أنه ” تتخذ أهم قرارات الإتحاد الإفريقي في اجتماع نصف سنوي لرؤساء الدول وممثلي حكومات الدول الأعضاء من خلال ما يسمى بالجمعية العامة للإتحاد الإفريقي”، أي أن القرارات تعرض على الجمعية العامة للمناقشة واتخاذ المواقف المناسبة في شأنها بشكل عبر عنه عوام نور الدين(*): ” إن مسار اتخاذ القرار على مستوى الإتحاد الإفريقي والقرارات السياسية الصادرة عن هذه المنظمة يتم إتخاذها بالتوافق”.19
إن الجزائر دولة محورية في الإتحاد الإفريقي، باعتبارها ذات ثقل قاري سياسي، وبفضل إمكاناتها التي تضعها دائما في خدمة الشأن الإفريقي، وعليه تعتبر الجزائر من الفواعل الأساسيين في صنع القرار السياسي داخل وخارج منظمة الإتحاد الإفريقي، من خلال اقتراح مبادرات لقضايا مطروحة تحول إلى مشروع يقدم إلى المجلس وبدوره يقدمه إلى الجمعية العامة كإقتراح من الإتحاد لمناقشته وإقراره.
وبالرجوع إلى التاريخ نجد أن هناك ثمة مشاريع لقوانين تم اقتراحهم من قبل الجزائر، وارتقت هذه الإقتراحات لتصبح في الأخير قرار سياسي للإتحاد الإفريقي، ومن بين هذه الاقتراحات نجد:
– مشروع قبول منظمة الوحدة الإفريقية أنداك عضوية البوليساريو” الجمهورية العربية الصحراوية” في المنظمة في نوفمبر 1984.
– تجريم دفع الفدية للجماعات الإرهابية مقابل الإفراج عن المخطوفين، حيث دعا في هذا الخصوص المجلس التنفيذي للإتحاد الإفريقي يوم 12/07/ 2010 بكامبالا (العاصمة الأوغندية) الدول الأعضاء إلى مواصلة حث شركاء الإتحاد الإفريقي لمقترح الجزائر الداعي إلى الدعم التام ودون تحفظ ” لقرار تجريم دفع الفدية للجماعات الإرهابية بالمصادقة على الأدوات القانونية الخاصة وإعتبار دفع الفدية للجماعات الإرهابية جريمة ومنع تحرير الإرهابيين المحبوسين مقابل إطلاق سراح الرهائن. وفي هذا الصدد أثنى الممثل السنغالي على التجربة الجزائرية قائلا:” الجزائر كافحت لوحدها خلال سنوات طويلة ونجحت بفضل عزم شعبها وعملها الجبار على دحر الإرهاب”.
– الجزائر ومبادرة إنشاء القوات الإفريقية للرد السريع على الأزمات، والتي اجتهدت في طرحها كمشروع مكمل لما قامت به من مجهودات كوسيط لحل الصراعات والنزاعات بين الدول الإفريقية، حيث دعا الوزير الأول سابقا عبد المالك سلال الذي مثل رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة في الندوة ال22 لرؤساء الدول والحكومات للإتحاد الإفريقي بأديس أبابا إلى تشكيل وتفعيل القوة الإفريقية للرد السريع على الأزمات في أقرب الأجال. وفي تدخله خلال إجتماع إستشاري على مستوى رؤساء الدول والحكومات على هامش القمة التي عقدت في 29/01/2014 ، ألح الوزير الأول على وضع هياكل تفعيل القدرة بالنظر إلى الأزمات والنزاعات التي تشهدها بعض بلدان القارة. وتعد القدرة الإفريقية للرد السريع على الأزمات ألية إنتقالية بادرت بها الجزائر وقررها رؤساء الدول والحكومات في جانفي 2013.
إنّ أهم التحدیات التي ستظل تطرح أمام الجزائر على المستوى الإفريقي هي ضعف التنسيق بين المجموعة الإفريقية، واستمرار الحروب الأهلية، وتعثر مسيرة الإصلاح في العديد من الأقطار الإفريقية بما فيها الجزائر، وقلة الإمكانيات التي ستبقى عائقا أمام نجاح التجارب التكاملية بالقارة خاصة في ظل غياب مصادر التمويل، والتي وإن وُجدت ستبقى رهينة شروط مجحفة تفرضها الدول المانحة على الدول الإفريقية، ويبقى تفعيل مبادرة الشراكة الجديدة من أجل تنمية إفريقيا (النيباد)، التي تعتبرها الجزائر أهم الإنجازات المحققة على الصعيد الإفریقي أكبر تحدي تواجهه الجزائر ومعها الدول الإفريقية التي التزمت بتحقيق الأهداف المسطرة في وثيقة النيباد خصوصا ما یتعلق بالحكم الراشد ومبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان، وذلك لاعتماد هذه المبادرة على الجهات الخارجية المانحة، مما يخلق تحدي أمام قادة إفریقيا یتمثل في إیجاد حل لإشكالية التمويل الذاتي لمبادرة النيباد، وذلك للخروج من دائرة المشروطية التي تفرضها الدول الكبرى على الدول الإفريقية.
- عودة المغرب إلى مقعده الشاغر ومستقبل الدور الجزائري في الإتحاد الإفريقي
يبدو أن المملكة المغربية إقتنعت أن سياسية المقعد الشاغر لم تعد تخدم مصالحها وبالتالي قررت العودة إلى البيت الإفريقي بعد أكثر من 33 سنة من مغادرته، ولا شك أن هناك عوامل سياسية وإقتصادية دفعت المغرب للإهتمام بأفريقيا والتصالح مع الإتحاد الأفريقي، من بينها الإعتبارات الإقتصادية ؛ لكن العامل الرئيسي الذي يقف وراء هذه العودة هو سعي المغرب إلى منافسة غريمته الجزائر، التي تمتلك نفوذا واسعا في الإتحاد وتعتبر أحد بلدانه المموِّلة له.
من جهة أخرى، كانت الجزائر قد حدرت المجموعة الإفريقية من أي انقسامات داخل الإتحاد الإفريقي بعد عودة المغرب للمنظمة الإفريقية، والتي ستعود بالسلب على القارة الإفريقية ، وفي هذا الصدد قال وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة إن الدخول إلى الإتحاد الأفريقي يتطلب إجراءات محددة وأن المغرب إذا رغب في الإنضمام إلى هذا الإتحاد عليه “الالتزام بكل متطلبات عقده التأسيسي”. وأشار لعمامرة إلى أن الجزائر ترفض شروط المغرب للإنضمام إلى الإتحاد الأفريقي، لافتا إلى أنه من غير المعقول أن تطرح الرباط مسألة عضوية بلد مؤسس مثل الجمهورية العربية الصحراوية 20.
على صعيد أخر، وفي دراسة لـ “معهد كارنيجي للأبحاث حول السلام،” قال إن المغرب يواجه إصرارا قويا من خصميه التقليديين الجزائر وجنوب إفريقيا، من أجل عرقلة طموحاته داخل الإتحاد الإفريقي، وأوضح بأن “الهدف الفوري للمغرب، من خلال عودته إلى الإتحاد الإفريقي، هو دفع المنظمة إلى الحياد في قضية الصحراء الغربية”.وحسب الدراسة، فالمنافسة الشديدة التي احتدمت بين المغرب وخصميه، بمناسبة قمة أديس أبابا نهاية جانفي 2017، “تعد مؤشرا على معارك دبلوماسية في المستقبل 21.
وعليه فإن الحفاظ على الدور الجزائري داخل منظمة الإتحاد الإفريقي، يبقى مرهون ب:
– مدى قدرة الجزائر على إستمرارها في السيطرة على المناصب الهامة في هياكل الإتحاد الإفريقي.
– مدى إلتزام الجزائر بدفع إشتركاتها المالية تجاه المنظمة الإفريقية.
– مدى قدرة الجزائر على إحتواء المغرب داخل المنظمة الإفريقية لتجنب أي محاولات الإنقسام للمجموعة الإفريقية.
– مدى حفاظ الجزائر على علاقاتها بـ حلفائها الاستراتيجيين داخل الإتحاد الإفريقي(جنوب إفريقيا ، نيجيريا …).
– مدى قدرة الجزائر على توظيف تلك المكانة للترويج لتصورتها ومصالحها وربطها بمصالح الدول الإفريقية الأخرى.
الدكتور عبد الملك بلغربي
استاذ العلاقات الدولية جامعة الجزائر3
هوامش الدراسة
1-Charles F. Hermann, « Changing courses : when governments choose to redirect foreigen policy » International Studies Quarty, vol,34, N0 1 ,1990,pp3-21.
2- حمدي عبد الرحمن حسن، الصراعات العرقية والسياسية في إفريقيا: “الأسباب والأنماط وافاق المستقبل“، مجلة قراءات إفريقية، عدد 1 ، أكتوبر 2004، ص 44.
3- المرجع نفسه، ص 44.
4- عبيد إميجن، انتشار السلاح الليبي والتعقيدات الأمنية في إفريقيا، مركز الجزيرة للدراسات، مقال منشور في21 /10/2014، على الرابط التالي: https://bit.ly/2O0nhix، تاريخ الإطلاع 12/02/2022.
* خط نيغال”، أومشروع أنبوب غاز غرب أفريقيا: هو مشروع أنبوب غاز يمتد من نيجيريا إلى الجزائر مرورا بالعديد من دول غرب أفريقيا ومنها إلى أوروبا.
5- Benjamine Auge,”le Trans Saharan gaz pipeline mirage ou réelle opportunité ?“, Ifri, 2010, pp 12-13.
6- محمد عبد العزيز ربيع، إسرائيل و القارة الأفريقية: الأبعاد والمخاطر، سلسلة دراسات حامد الاقتصادي.ب س، ص. 3
7- مشاركة نتنياهو في قمة “الإيكواس”.. قفزة إسرائيلية نحو اختراق القارة الأفريقية.. تل أبيب تستهدف منطقة غرب أفريقيا تحديدًا نظرًا للمشروعات الزراعية الواعدة بها، بوابة العرب الإلكترونية، يومية إخبارية مصرية، مقال منشور في 11/06/2017 على الرابط التالي: https://www.albawabhnews.com/2565308، تاريخ الإطلاع 15/02/2022.
8- المرجع نفسه.
9 – سمية يوسفي، 87 مليار صرفت في عهد بوتفليقية على بطون الجزائريين، جريدة الخبر، يومية إخبارية جزائرية ، العدد 7671، 13/01/2015، ص 7.
10- Ministère des Finances la direction générale des douanes algérienne, « Statistiques du commerce extérieur de l’Algérie (période : les sept premiers mois 2016) », disponible sur le lien : www.douane.gov.dz/pdf, consulte le 03/04/2022.
11 – Negha Alaoui, La projection économique des pays du Maghreb sur l’Afrique subsaharienne,France : IFRIS, 2010, p.14.
12 – Martine Cuttier, « Les ressorts structurels de la crise au Sahel », article publié sur le lien :
http://www.resmilitaris.net/ressources/10180/21/res_militaris_article_cuttier_les_donn_es_structurelles_de_la_crise _au_sahel.pdf, consulté le 09/03/2022 .
13-« Coopération économique Mali –Maroc : De belles opportunités d’investissement se dessinent à l’horizon », article publié le 15/05/2014 sur le lien , https://bit.ly/2O0geGd , consulté le 13/04/2022.
14- Antoin Tisseron, « Enchevetrements géopoliliques auteue de la lute contre le terrorisme dans le sahara », Hérodote ,N0142,2011,P 105.
15- عبد النور بوخمخم، 2 مليار دولار مساعدات الجزائر للفلسطنيين والافارقة، جريدة الشروق،12/12/2010، عدد 3150، ص2. متاح على الرابط التالي : https://bit.ly/2AltCS1، تاريخ الاطلاع 12/03/2022.
16- المرجع نفسه.
17- بنجامين نيكلز، دور الجزائر في الأمن الإفريقي، مجلة صدى” ، مركز كارنيغلي الشرق الاوسط “- مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، 03/04/2014، على الرابط التالي: http://carnegieendowment.org/sada/55240?lang=ar، تاريخ الاطلاع 22/03/2022.
18- المرجع نفسه.
19- وكالة الأنباء الجزائرية، يوم إعلامي بوزارة الخارجية حول الهيكل المؤسساتي ومسار إتخاذ القرار في الإتحاد الإفريقي، نشر في وكالة الأنباء الأنباء الجزائرية يوم 19/01/2012.
20- الجزائر تجدد شروطها لانضمام المغرب للاتحاد الأفريقي وتؤكد “أن ذلك لن يكون على حساب الجمهورية العربية الصحراوية”، رأي اليوم ، صحيفة عربية مستقلة، مقال منشور يوم 21جويلية 2016، على الرابط التالي: https://bit.ly/2PHGU09، تاريخ الإطلاع 26/03/2022.
21- حميد يس، “الجزائر وجنوب إفريقيا عائقا أمام طموحات المغرب الأفريقية”، جريدة الخبر – يومية اخبارية جزائرية، مقال منشور في 28/03/2017، على الرابط : https://www.elkhabar.com/press/article/120013/، تاريخ الإطلاع 12/04/2022.