توالت التهديدات على القارة الأوروبية وأمنها. حرب شرقيها وجفاف يضرب أنهارها ويعطل الملاحة فيها، ثم تهديد نووي. تهديدات يغذيها مدد أمريكي لإطالة عمر الحرب في أوكرانيا.
خسائر بشرية
أحصت الأمم المتحدة ما لا يقل عن خمسة آلاف قتيل جراء الحرب الروسية الأوكرانية. وأشار موقع الأمم المتحدة إلى أن بعثة مراقبة حقوق الإنسان في أوكرانيا سجّلت 13,560 ضحية مدنية في البلاد: قُتل 5,614 مدنيا، بينهم 362 طفلا، وأصيب 7,946 شخصا بجراح، منهم 610 من الأطفال، بين 24 فيفري 2022 و23 أوت 2022. وأضاف الموقع أن 92 في المائة من هذه الإصابات نتجت عن استخدام أسلحة متفجرة ذات آثار واسعة النطاق في مناطق مأهولة بالسكان، من كلا الطرفين المتحاربين.
في حين سجّلت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين حوالي 7.3 مليون حالة عبور للحدود من أوكرانيا حتى تاريخ 7 جوان 2022، مع عودة 2.3 مليون شخص مرة أخرى إلى البلاد.
أمريكا تطيل عمر الحرب
هنأت الولايات المتحدة الأمريكية أوكرانيا بمناسبة عيدها الوطني بتقديم حزمة من المساعدات العسكرية والأسلحة بقيمة 3 مليار دولار. وهي المساعدات الأكبر منذ بدء الحرب في أوراسيا. وعبر الرئيس الأمريكي بالمناسبة عن فخره بتقديم هذه الإعانة التي” ستسمح لأوكرانيا بالحصول على أنظمة دفاع جوي وأنظمة مدفعية وذخائر، وأنظمة مضادة للطائرات المسيّـرة، ورادارات، لضمان استمرارها في الدفاع عن نفسها على المدى الطويل”.
ويستشف من السلوك الأمريكي رغبة في إطالة أمد الحرب وذلك لعدد من الأسباب أهمها، إبقاء أوروبا في حالة تبعية أمنية لحلف الناتو الذي تهيمن عليه الولايات المتحدة الأمريكية. خاصة وأن أوروبا وعلى رأسها فرنسا وألمانيا شرعتا في تشكيل نواة جيش أوروبي موحد لتحقيق استقلالها الأمني عن الناتو. يضاف إلى ذلك تنشيط المركب الصناعي العسكري الذي ينتعش بفعل الحروب. ومنها انتعاش جزء من اقتصاد يعاني كسادا بفعل تداعيات فيروس كورونا وما انجر عنه من غلق تام لأشهر طويلة.
أوروبا أكبر المتضررين
يعيد التدخل الأمريكي في الحرب الروسية الأوكرانية إلى الأذهان نتائج الحرب العالمية الثانية حيث تدخلت أمريكا لوجستيا. وبينما دمرت أوروبا عن آخرها شهد الاقتصاد الأمريكي أوج ازدهاره. ووجه الشبه اليوم هو أن أمريكا تطعم وتطيل أمد الحرب هناك دون أن تتلقى تداعيات مباشرة على اقتصادها وأمنها الصلب أو اللين. على عكس دول أوروبا التي تعاني نقصا فادحا في الطاقة بسبب تبعيتها شبه الكاملة لسوق الطاقة الروسي وعدم وجود بديل في المتناول في الوقت الراهن.
وكانت النرويج تعوض جانبا من الطاقة المصدرة لأوروبا، لكن الجفاف الذي ضرب أنهارها، سيؤثر على توليد الكهرباء ومنه على التصدير للدول الأوربية. يذكر ان النرويج تؤمن 25 بالمائة من الطاقة للسوق الأوروبية بعد العقوبات الروسية المضادة.
وتعتبر ألمانيا أكبر المتضررين من هذه الحرب ومن المشاركة فرض عقوبات اقتصادية على روسيا. فبعد تراجع إمدادات الغاز الروسي عبر أنابيب “نورد ستريم”، هاهو الجفاف يضرب أكبر أنهارها، نهر الراين”. ومن شأن هذا ان يعرقل الملاحة وبالتالي نقل الفحم الذي عولت عليه ألمانيا لتعويض المصدر الروسي للطاقة. للعلم كانت المانيا قبل وقت قريب قررت إغلاق أخر منجم للفحم تمهيدا للاعتماد على الطاقات النظيفة.
امتعاض ألماني
وبالنظر إلى الأضرار التي لحقت ألمانيا جراء العقوبات المفروضة على روسيا والعقوبات الروسية المضادة، عبر الحزب الاشتراكي الماني عن امتعاضه من سلوك الولايات المتحدة الأمريكية.
ونقلت مجلة “دير شبيغل” الألمانية، الجمعة، عن مجموعة من أعضاء الحزب الاشتراكي الديمقراطي الحاكم بألمانيا، دعوته إلى “أسرع وقف ممكن لإطلاق النار بأوكرانيا كنقطة انطلاق لمفاوضات سلام شاملة”. وحذر الموقعون على عريضة تحت مسمى ” البنادق يجب أن تصمت” من إرسال المزيد من الشحنات العسكرية الغربية إلى أوكرانيا. واقترح الحزب أيضا أن تتوسط الصين بين الطرفية لإنهاء الحرب ومنها إنهاء معاناة العالم.
فوكوشيما أوراسيا
كارثة أخرى تهدد أوروبا وهي مفاعل محطة زابوريجيا، وتعتبر أكبر محطة نووية في اوروبا. وسيطرت القوات الروسية على موقع المفاعل شهر مارس 2022. لكن مازال يشرف عليها فنيون أوكران. وتعرضت مولدات الكهرباء التي تزود المفاعل للقصف مطلع شهر اوت. وهو ما ينذر بحدوث كارثة نووية على غرار كارثة فوكوشيما التي حدثت بعد تسونامي العام 2011. حيث عجزت اليابان عن تبريد المفاعل ما تسبب في انفجار نووي مازالت تبعاته الى اليوم. حيث أعلنت اليابان رغبتها في افراغ 5 طن من المياه المشعة، التي قالت إنها عالجتها. لكن الصين وكوريا الجنوبية حذرتاها من الخطوة واعتبرت أن ذلك تهديد لأمنيهما.
وبالعودة إلى مفاعل زابوريجيا، فإن أوروبا كلها متخوفة من عودة شبح تشرنوبيل. وتتهم كييف وأوروبا روسيا بقصف مولدات المحطة لحرمان أوكرانيا من الكهرباء. بينما تتهم روسيا أوكرانيا بالقصف نظرا للحاجة الاستراتيجية للمحطة التي تقع في جزيرة القرم التي تسيطر عليها روسيا منذ 2014.