لم تعمر محاولة المغربي أحمد الريسوني التهجم على الجزائر طويلا، حيث لم تجد تصريحاته العدائية صدى لها في المنظمة التي يرأسها ولم يتبق أمامه، بعد خرجته المثيرة للسخرية، سوى تقديم استقالته من رئاسة الاتحاد.
قرر مجلس أمناء الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الاستجابة لاستقالة أحمد الريسوني من رئاسة الاتحاد، مع إحالتها على الجمعية العمومية الاستثنائية للبتّ فيها في مدة أقصاها شهر، مؤكدا أن هذا الموقف جاء «تغليبا للمصلحة وبناء على ما نص عليه النظام الأساسي للاتحاد».
وكان الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين قد أعلن قبلها، ضمنيا، تنصّله من التصريحات الاستفزازية للريسوني، إذ أوضح في منشور له عبر صفحته الرسمية على الفيسبوك، حمل توقيع أمينه العام، علي محيي الدين القره داغي، أن «دستور الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين ينص على أن الرأي الذي يسند إلى الاتحاد هو الرأي الذي يتم التوافق والتوقيع عليه من الرئيس والأمين العام، بعد المشورة، ثم يصدر باسم الاتحاد. وبناء على هذا المبدأ، فإن المقابلات أو المقالات للرئيس أو الأمين العام تعبر عن رأي قائلها فقط ولا تعبر بالضرورة عن رأي الاتحاد».
ولأن السحر ينقلب دوما على الساحر، تحولت هذه الخرجة المستفزة لشخصية كان حري بها الاحتكام إلى القيم الإسلامية، إلى سقطة نكراء سيذكرها التاريخ كمحاولة لتأجيج نار الفتنة والزج بالمنطقة إلى ما لا يحمد عقباه. كما أبانت دعوات الريسوني عن فكر متطرف خطير يعكس العقيدة التوسعية للمخزن المغربي وحقده الواضح تجاه الجزائر.
وقد قوبلت محاولة الريسوني استغلال منصبه في هيئة عالمية تضم العلماء المسلمين، للتهجم على الجزائر وعلى الجارة الشقيقة موريتانيا، باستهجان الشعب الجزائري والطبقة السياسية ومنظمات المجتمع المدني، حيث كانت جمعية العلماء المسلمين الجزائريين قد أعلنت عن تجميد نشاطها في الاتحاد العالمي للعلماء المسلمين، كما دعت كل العلماء المسلمين إلى دعم قرارها والحذو حذوها في المطالبة بتنحية الريسوني من منصبه، فضلا عن ردود متنوعة من الشقيقة موريتانيا.
وأمام سكوته المطبق عن الزيارات المتتالية لقيادات عسكرية وأمنية صهيونية إلى المغرب وتجرئه، بالمقابل، على التهجم على الجزائر، اعتبرت العديد من المنظمات أنه كان الأجدر بالريسوني تسخير جهوده لإفشال التطبيع الذي يفسح المجال للكيان الصهيوني على حساب مصالح مواطني بلده ويعطيه موضع قدم في المنطقة المغاربية.
وفي ذات المنحى، كانت أحزاب سياسية وطنية قد أجمعت على أن تصريحات الريسوني لا تأتي إلا من قبل «حاقد جهول، متنكر لقيم الإسلام»، مصنفة إياها في خانة «المراهقة المتأخرة والفراغ الروحي الذي يعاني منه البعض، خاصة عندما يتعلق الأمر بسيادة الجزائر ووحدة ترابها وشعبها».
كما لم تمض تصريحات الريسوني مرور الكرام بالنسبة للشقيقة موريتانيا، التي لم تسلم هي الأخرى من سهامه المسمومة، حيث وصفت هيئة العلماء المسلمين الموريتانيين هذه التصريحات بـ»المريبة والمستفزة»، معتبرة أن هذا النوع من الدعوات «لا علاقة له بوحدة الصف الإسلامي» وأنه «تطاول» على سيادة الدول.
بدوره، اعتبر المجلس الأعلى للأئمة الصحراويين، أن دعوة الريسوني الى «الجهاد» ضد الصحراء الغربية والجزائر وموريتانيا، يأتي «إرضاء وتملقا لنظامه الاستعماري التوسعي وتجاهلا للعدو الحقيقي للأمة الإسلامية ولشعوبها والذي ارتمى في أحضانه النظام المغربي».