أثارت أنباء اختيار مبعوث أممي جديد إلى ليبيا، خلفا للأمريكية ستيفاني ولياميز، أسئلة عن مدى نجاح المبعوث الجديد في حلحلة الأزمة الليبية المتعثرة، وما إذا كان سيكرر ما فعله سابقوه أم لديه جديد.
تحدثت مصادر دبلوماسية عن أن المرشح الجديد لمنصب الممثل الخاص للأمين العام، رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا هو الوزير السنغالي السابق عبدالله بيتالي.
وشغل بيتالي منصب رئيس بعثة الأمم المتحدة في جمهورية أفريقيا الوسطى «ميوسكا»، كما شغل في وقت سابق رئيس لجنة المراجعة الاستراتيجية لعمل البعثة الأممية في ليبيا. والسؤال: هل ينجح المبعوث الجديد إلى ليبيا في حل الأزمة، أم يكرر نفس أخطاء سابقيه؟
«مهمة صعبة»
من جهته، قال وزير التخطيط الليبي السابق، عيسى التويجر، إن «بعثة الأمم المتحدة كمؤسسة تنفذ أجندة تعمل على توافق مصالح الدول الكبرى، ولا تكون ذات فعالية في حال اختلاف هذه الدول، لذلك فإن دور المبعوث هو إقناع الأطراف الدولية بضمان مصالحها، وكلما نجح في ذلك تمكن من جمع الأطراف الليبية الممثلة لهذه الدول».
وأوضح أن «المشكلة وجود خلاف جوهري حول من يحكم وكيف يحكم، وبالتالي لم تصل الأطراف الليبية حول هدف مشترك يمكن التفاوض عليه، ويبقى التفاوض حول مصالح ووسائل لا تؤدي إلى حل، لذا ستكون مهمة المبعوث الجديد بنفس الصعوبة التي واجهت المبعوثين السابقين، وفرص النجاح ستكون محدودة، إلا إذا حدثت انفراجة ما»، وفق تقديراته.
“فرصة ودعم دولي”
في حين أكد عضو المجلس الأعلى للدولة في ليبيا، محمد الهادي، أن «ملف تعيين مبعوث أممي جديد إلى ليبيا أصبح قضية تؤرق وتقض مضاجع الأمم المتحدة، وبالأخص بعد فشلها في كثير من المحاولات لتعيين مبعوث خاص لها؛ وذلك بسبب الاختلافات بين الدول الأعضاء، ونتيجة لصراعات دولية وإقليمية حول الملف الليبي».
وقال «من الإشكاليات أصلا الرغبة الشديدة لكل دولة بين الدول الأعضاء لتعيين مبعوث خاص يتوافق مع طموحها وأهدافها الاستراتيجية بالمنطقة، ولهذا فمن وجهة نظري من الصعب الوصول لهذا القرار، لاسيما في ظل الحرب الروسية الأوكرانية، وهذا سينعكس سلبا وبشكل مستمر على كافة المشهد في حال ما تم تعيين المرشح الأفريقي»، وفق قوله.
وتابع: «وأعتقد أنه لن يتم التوافق على هذا الخيار، وإن تم فمن الصعب أن ينجح؛ بسبب التدخلات الخارجية، لكن التوجه بأن يكون الملف الليبي ملفا أفريقيا هو أمر مطروح منذ فترة، لذا يحتاج لشخصية قريبة منه، وأيضا لفشل كل المبعوثين السابقين، لذا وجود شخصية أفريقية أو عربية سيكون لها فرص النجاح كبيرة؛ لفهمها ولاطلاعها الكبير على طبيعة الدولة الليبية وتاريخها، وما له علاقة بها»، كما قال. وأضاف: «بحسب ما سبق، فإن فرص النجاح كبيرة، وكبيرة جداً، إذا حاول النجاح، وتلقى دعماً دولياً كبيراً، وكانت هناك رغبة حقيقة من المجتمع الدولي في إنهاء هذه الأزمة».
«هذا، ومنذ الأزمة التي أعقبت سقوط النظام الليبي السابق عام 2011، تولى منصب المبعوث الأممي في ليبيا، سبعة ممثلين خاصين؛ منهم أربعة أوروبيين، واثنين من الشرق الأوسط.
وكان آخر هؤلاء السلوفاكي يان كوبيتش، الذي عُين في جانفي 2021، لكنه تخلى عن المنصب بعد 11 شهرًا من توليه المهمة، واستقال في نوفمبر الماضي.
ومنذ ذلك الحين عملت الأمريكية ستيفاني ويليامز على التقريب بين وجهات نظر الفرقاء الليبيين، «كمستشارة خاصة» للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش.
من هو عبد الله باتيلي؟
باتيلي سياسي ودبلوماسي سنغالي، من مواليد 1947، له توجه يساري، بعد عمله لفترة طويلة أمينا عاما لحزب الرابطة الديمقراطية « الحركة من أجل حزب العمال، وترشحه للرئاسة عام 1993، وحلوله في المركز الرابع، التحق بحكومة بلاده في نفس العام وزيرا للبيئة حتى عام 1998، ثم تولى منصب وزير الطاقة لعام واحد.
بعد التجربة في العمل الحكومي، التحق باتيلي بالأمم المتحدة، حيث عمل دبلوماسيا بالمنظمة الأممية، ومنذ عام 2014، أسندت إليه مهمة الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في وسط أفريقيا.
أكاديميا يمتلك باتيلي، سجلا دراسيا حافلا، فهو حاصل على درجة الدكتوراه من جامعة برمنغهام بإنجلترا، ودكتوراه دولة من جامعة الشيخ أنتا ديوب، بالعاصمة دكار، وقد كتب ونشر العديد من الكتب حول التاريخ والسياسة.