أفضت نتائج تقرير أممي بعنوان “الرعي وانعدام الأمن”، مست سبع دول من منطقة الساحل إلى وجود علاقة بين أزمة الرعي وانعدام الأمن في المنطقة.
قال ماثيو بيليرين، المؤلف الرئيسي للتقرير الذي أجرته “بيليتال ماروبي” التابعة لمنظمة الغذاءوالزراعة العالمية “فاو”، إن النتائج أفضت إلى وجود ارتباط بين أزمة الرعي في منطقة الساحل وانعدام المن، حيث تستغل الجماعات المسلحة الوضع للانتشار، والأمر نفسه بالنسبة للرعاة الذين قد يلجأون إلى رفع السلاح في وجه النظام في تلك الدول.
وقال مؤلف التقرير في حوار لموقع ” wakatsera” البوركينابي، اليوم، إن الدراسة مست ألفي شخص، منهم 1700 راعي في 23 منطقة رعوية متضررة، في إطارة دعوة اطلقها رئيس النيجر من العاصمة نيامي يوم 29 جوان، على ان تنشر نتائجها نهاية جوان الجاري.
إلغاء الرساميل
أوضح الباحث أن أزمة الرعي كانت مطروحة قبل 40 سنة، وهي ليست جديدة، لكن ما يحدث الآن من تقليص الأراضي الرعوية، وتكرار حالات الجفاف، والنمو السكاني أدت على تفاقم الأزمة. وما زاد الأوضاع حدة هي المحاصيل الريعية وزراعة الأراضي المنخفضة، وتربية الماشية والتعدين، والأعمال التجارية الزراعية كلها فاقمت من أزمة الرعي.
وأضاف أن تعامل بعض السلطات في دول الساحل السوداني، مجحفة في حق الرعاة، ما يتسبب في التراجع المستمر للأراضي الرعوية وبالتالي إلغاء رسملة الرعاة. وهذا يضطرهم إلى بيع مواشيهم، وتدهور أوضاعهم إلى جانب غياب صوت يمثلهم، كل ذلك قد يدفع بهم إلى رفع السلاح لمعارضة تلك الممارسات.
في بوركينافاسو، يوضح الباحث، حُرم الرعاة من مراعيهم بسبب المناطق المحمية ومناطق الصيد. وهؤلاء مستعدون لحمل السلاح من أجل إنصاف أنفسهم.
الجماعات المسلحة بديل الدولة
وقال المصدر إن الجماعات المسلحة تستغل فشل السلطات وإحباطات سكان الأرياف، التي تعتبر مناطق رعوية، من أجل أخذ مكانة الدول من حيث وظائفها، بتوظيف المظالم الاجتماعية.
وفي هذا السياق، أشار الباحث إلى أن الدراسة غطت “جميع ما يسمى بالمناطق المتمردة التي تعمل فيها الجماعات الجهادية، “ومن الواضح جدا أن هذه الجماعات تهدف إلى استبدال الدول تدريجيا في وظائفها الأساسية”.
و”في هذه المناطق، أصبحت هذه الجماعات الآن إلى حد كبير هي التي تحمي المناطق الريفية وتحكمها وتحكمها” يقول “بيليرين”.
ومنذ إجراء مجالات البحث في سبتمبر 2020 ، ازداد الأمر سوءا.
وتجدر الإشارة، مع ذلك، إلى وجود اختلافات واضحة للغاية بين المناطق الخاضعة لسيطرة “مجموعة دعم الإسلام والمسلمين JNIM” و”الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى EIGS “. بينما تُتهم هذه الأخيرة بعدم احترام الشرعية الإسلامية لتحصيل الزكاة أو الانغماس في سرقة الحيوانات دون أي مبرر قتالي.
تصفية حسابات
ويشير التقرير -حسب بيليرين- إلى أن جماعات الدفاع عن النفس غالبا ما غرقت في تصفية حسابات مجتمعية تبدو فيها السيطرة على الأراضي أو سرقة الحيوانات قضايا خفية ولكنها حاسمة.
في 2018، اتخذ هذا العنف بعدا جديدا تماما دفع قرى بأكملها – على سبيل المثال في شمال وسط بوركينا فاسو – إلى الانضمام إلى هذه الجماعات الجهادية لحماية نفسها، وأحيانا أيضا للانتقام.
ولم يعد هؤلاء “المجندون الجدد” ضحايا للأزمة الريفية فحسب، بل أصبحوا أيضا أفرادا متعلمين، أويعيشون أحيانا في المناطق الحضرية، وقد انضموا إلى تلك الجماعات بعد اختفاء أحبائهم. وويلاحظ التقرير وجود تحول جماعي للعنف يبعث على القلق الشديد.
ويعتبر الباحث أن الرعاة هم أول الضحايا رغم تصويرهم على انهم متواطئون في انعدام الأمن. وهم الأكثر استهدافا، سواء من قبل من يسمون أنفسهم “الجهاديين” أو غيرهم من الجماعات المسلحة أو جماعات الدفاع عن النفس. فكل اعتقال أو إعدام للراعي يؤدي إلى عدم استقرار أسرته بأكملها. ما تسبب في ارتفاع لعدد الأسر الوحيدة الوالد أو الأيتام.
ركود وحلول
ويعتبر مؤلف التقرير أن نشاط الثروة الحيوانية يتأثر بشدة بالوضع الحالي. ويعوق التنقل إلى حد كبير داخل البلدان أو على الصعيد الإقليمي، لأن توغو وبنين تمنعان عبور الحدود استجابة لخطر العدوى الأمنية.
بينما تتعرض المرونة الرعوية للتهديد بسبب زيادة تركيز الحيوانات في مناطق معينة من الضغط على الكتلة الحيوية للأعلاف وعلى الوصول إلى الموارد مع المستخدمين الآخرين. وتباطؤ الأسواق ، بسبب عدم إمكانية الوصول إليها ، وانخفاض المبيعات، وبالتالي تنخفض أسعار الحيوانات ، مع ارتفاع تكلفة النقل والأعلاف في الوقت نفسه
حلول
أما عن الحلول لمعالجة هذه الأزمة المزدوجة، فيقول الباحث هو معالجة أصل المشكلة، حيث أن الكثير من الصراعات “الطائفية” أصلها نزاع على الحصول على الأراضي والمياه.
والأهم من ذلك، لوقف أزمة الرعي، يرى المؤلف، أنه من الضروري إعادة التفكير في أمن الأراضي الرعوية، ويجب أن يكون الرعاة في قلب عمليات التشاور المحلية التي تؤدي إلى تحديد شروط الوصول والاستخدام المشتركة مع الموارد المحلية مع المستخدمين الآخرين.
المصدر: Djihadisme et crise du pastoralisme au Sahel, que faire ? – Wakat Séra (wakatsera.com)
ماثيو بيليرين باحث في منطقة الساحل يعمل في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية (Ifri) ومجموعة الأزمات الدولية (ICG).