ترجح تقارير مخابراتية غربية عزم روسيا غزو أوكرانيا في الأسابيع المقبلة، فعدد القوات التي حشدتها روسيا على الحدود الأوكرانية والمقدرة بـ 130 ألف جندي تعطيها إمكانية التوغل على ثلاث جبهات في نفس وقت – عبر البر الروسي في الشرق، وبيلاروسيا في الشمال، وشبه جزيرة القرم في الجنوب.
بدورها تهدد أوروبا بفرض عقوبات اقتصادية ضخمة على موسكو إن هي أقدمت على هذه الخطوة، لكنها قد تواجه في الوقت نفسه أصعب أزمة طاقة في تاريخها، لاسيما أن روسيا تغذي القارة العجوز بـ40 ٪ من حاجياتها من الغاز الطبيعي والبدائل المتاحة حاليا قليلة جدا وغير كافية لتغطية أي عجز محتمل في واردات الطاقة الروسية.
هل تدعم روسيا المتمردين؟
في دراسة، أجرتها مؤسسة “راند” الأمريكية سنة 2001، خلصت إلى نتيجة أن الدعم الخارجي يعد عاملا حاسما في نجاح أي تمرد داخلي (بغض النظر عن مطالبه) مثلما وقع ذلك في البوسنة وأفغانستان في الثمانينيات وطاجيكستان والكونغو وأماكن أخرى من العالم.
ويمكن أن يتخذ الدعم أشكالًا عديدة؛ الملاذ الآمن، والدعم المالي، وتسليم العتاد، والدعم الاستخباراتي، والتدريب كما يمكن أن يحافظ الدعم الخارجي على التمرد نشطا حتى عندما يكون تحت ضغط هائل من القوة المحاربة له. وهذا ما يتهم الغرب به روسيا من خلال دعمها لحركات التمرد في شمال أوكرانيا في دونباس، التي تطالب بالانفصال الكلي عن أوكرانيا وتعرف هذه المناطق حاليا توترا كبيرا ولا يستبعد أن تكون سببا في بداية غزو وشيك.
سيناريوهات
تخشى الدول الغربية الغزو الروسي المحتمل لأوكرانيا وتواجه مجموعة من السيناريوهات:
- ليس من المستبعد استيلاء موسكو على دونباس، حيث يستمر القتال في هذه المنطقة بين الجيش الاوكراني والانفصاليين منذ 2014. كما صوت مجلس الدوما الروسي للاعتراف باستقلال دونيتسك ولوغانسك، ما يمهد الطريق للقوات الروسية لـ”مساعدة” جيرانهم الجدد.
- السيناريو الأكثر خطورة بالنسبة للدول الغربية هو السيناريو الذي تغزو فيه روسيا وتحتل كامل أوكرانيا. وقد تعتبر روسيا أي دعم لأوكرانيا من قبل الدول الأوروبية هو اعتداء على روسيا، ومن غير المستبعد أن توظف موسكو كل الأدوات التي تمتلكها للرد، لاسيما ورقة الغاز الطبيعي، وشن هجمات الكترونية على منصات حساسة، وقد يمتد الرد في حالات أسوأ لاستخدام القوة العسكرية.
- السيناريو الثاني هو أن تتوقف موسكو عند نهر دنيبر ، وتأخذ نصف أوكرانيا، بما في ذلك كييف. وهذا يترك أوكرانيا الغربية، مع موارد اقتصادية محدودة ودفاعات قليلة، تعتمد إلى حد كبير على جيرانها الأوروبيين للحصول على الدعم الاقتصادي والمساعدة، ومع وجود عدد كبير من اللاجئين على الأرجح. في هذا السيناريو ، يكون للغرب أيضًا أقل قدر من التأثير على ما يحدث داخل أوكرانيا.
- إن عدم تقديم أي دعم عسكري لأوكرانيا من قبل الغرب يزيد أيضًا من الخطر على المدى المتوسط المتمثل في تشجيع موسكو على مواصلة تهديداتها لأوروبا بلا هوادة خاصة دول أوروبا الشرقية المنتمية لحلف الناتو.
- من السيناريوهات المحتملة أيضا قدرة الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين على إيصال دعم وأجهزة اتصال سرية إلى أوكرانيا بمستوى قوي بما يكفي لصد الهجوم الروسي أو على الأقل المقاومة لفترة طويلة من الزمن مما يدفع الجانب الروسي الى مراجعة حساباته والقبول بالمفاوضات كحل للأزمة.
- أحد السيناريوهات المرجحة كذلك تقول إن حلف الناتو من المستبعد أن يتدخل بشكل مباشر في هذه الحرب، لو اندلعت بين روسيا واكرانيا، لأن ذلك يعني حرب كونية جديدة، وسيكتفي الحلف بدعم أوكرانيا عبر الدول المنظمة له بشكل فردي في شكل دعم سياسي مخابراتي ولوجستي.
تبقى هذه مجرد سيناريوهات محتملة للازمة الحالية، والتي تشد انتباه العالم لخطورتها وتأثيرها على الاقتصاد العالمي، حيث شهدت أسعار النفط قفزة كبيرة نتيجة المخاوف من ضربة وشيكة على أوكرانيا، كما أن الدول الأوروبية لا تملك أي مخرج لأزمة الطاقة التي تعاني منها، وتبحث عن حلول سريعة تخلصها من الهيمنة الروسية،وتبقى الجزائر، في هذا الجانب الطاقوي، أحد الخيارات الموثوقة على المدى المتوسط لاسيما لو تم استغلال الغاز الصخري والذي تمتلك منه الجزائر احتياطات ضخمة تعادل 4 أضعاف احتياطاتها من الغاز الطبيعي.