أصدر البيت الأبيض الأميركي، نهاية الأسبوع، تقريره السنوي حول الاستراتيجية الأمريكية في منطقة الهادي والهندي. وتضمن التقرير عددا من المحاور بنيت على أساس إبقاء المنطقة مفتوحة للجميع.
يعود اهتمام الولايات المتحدة الأمريكية بمنطقة “إندو-باسيفسيك” إلى العام 2010، في إطار مفهوم “المفهوم الاستراتيجي”، والذي يعني التوسع نحو الشرق. وكان الهدف منه هو محاصرة الصين. التي بدأت آنذاك تظهر ملامحها كقوة صاعدة ستحل محل الولايات المتحدة الأمريكية اقتصاديا بالدرجة الأولى.
الصين
وفي هذا السياق، قال الرئيس الأمريكي السبق بيل كلينتون في تصريح لقناة “سي بي إس” الأمريكية، نحن على علم بأنه ليس من الممكن أن نظل القوة الاقتصادية العالمية الأولى في غضون العشر سنوات القادمة، فالصين ستحقق تقدما ساحقا علينا، وسنتراجع للمرتبة الثانية”. حسب ما أروده مهدي المنجرة في كتابه ” الإهانة”.
ومن هنا تتضح أهمية منطقة الهادي والهندي في النظام الدولي طور التبلور. حيث تسعى الولايات المتحدة الأمريكية كبح جماح التفوق الصيني بكل الطرق إعلاميا على وجه الخصوص وعسكريا من خلال التوجه على الشرق الأقصى، واقتصاديا من خلال فرض عقوبات على هذه الدولة المتنامية القوة.
حيث أشار التقرير السنوي لمركز أبحاث الاقتصاد والأعمال البريطاني (CEBR)، إلى أن الصين ستصبح أكبر اقتصاد في العالم بحلول 2030. ويتوقع أن يبلغ الناتج الداخلي الخام الصيني 26 تريليون دولار خلال العام الحالي. وأن يبلغ الناتج الإجمالي العالمي 100 تريليون دولار.
بينما أشارت توقعات سابقة لصندوق النقد الدولي أن تتفوق الصين على الو م أ في الناتج الداخلي الخام ابتداء من 2021. حيث أشار إلى أن نسبة نمو الاقتصاد الأمريكي الحقيقية في حدود 3 بالمائة، وعليه سيصل ناتجها الداخلي 33.6 تريليون دولار العام 2036، و43.9 تريليون دولار العام 2045.
بالمقابل تقدر نسبة نمو الاقتصاد الصيني الحقيقية 8 بالمائة.على أن يبلغ الناتج الداخلي الخام الصيني 69 تريليون دولار عام 2036، و127.8 تريليون دولار العام 2044، أي ثلاثة أضعاف الناتج الداخلي الخام الأمريكي.
الاستراتيجية الأمريكية في الهندي والهادي
تتأتى أهمية المنطقة من القدرات السكانية التي تتمتع بها إذ يقطنها ما يقارب نصف سكان العالم، وثلثي اقتصاد العالم وعددا من أقوى الجيوش في العالم وهي الصين وأستراليا والولايات المتحدة الأمريكية واليابان وكوريا الجنوبية.
وبدأت معالم الاستراتيجية الأمريكية في الهندي والهادي ببناء تحالفات جديدة في إطار أنجلوسكسوني محض، تجسد في اتفاق يوكوس، بينها وبين كل من بريطانيا وأستراليا.
هذه الاستراتيجية أعلن عنها البيت الأبيض الأمريكي في تقريره السنوي تحت عنوان “الاستراتيجية الأمريكية في الهندي والباسيفيكي 2022″ وصدر القترير يوم 11 فيفري 2022.
بدأ التقرير افتتاحيته بمقولة الرئيس جو بايدن مفادها:” مستقبل كل أمة من أممنا ، وكذلك العالم، يعتمد على منطقة الهندي والباسيفيكي حرة ومفتوحة دائما وتزدهر في العقود المقبلة”، وهي إحدى الأهداف الخمس التي تناولها التقرير.
أهداف
إلى جانب ما سبق، يوصي التقرير بربط الجسور مع الحلفاء داخل وخارج المنطقة. وتشجيع الاستثمارات والنمو الاقتصادي فيها، تعزيز الأمن والقدرات الجماعية. تعزيز الأمن والقدرات الجماعية لتحقيق الردع الموسع في المنطقة.
وبناء قدرة إقليمية على الصمود أمام التهديدات العابرة للحدود، باعتبار أن المنطقة تشهد 70 بالمائة من الكوارث التي تحدث في العالم.
آليات
ومن أجل تحقيق الاستراتيجية وضعت الو م أ عشر آليات، تتعلق الأولى باستقطاب موارد جديدة للمنطقة من خلال الاستثمارات في شتى المجالات والقطاعات. وإطلاق شراكات جديدة في القطاع الاقتصادي، تدعيم الردع حيث تتعهد الو الم أ بحماية أمن الحلفاء في المنطقة، وردع العدوان عليها وعلى باقي الحلفاء.
إضافة إلى تعزيز وتقوية الشراكة مع “آسيان” موحدة وقوية. ودعم وتعزيز الصعود الهندي المستمر وقيادته الإقليمية. و منح المزيد من الأدوار للرباعية الأمنية “كواد”، وهي مجموعة تأسست العام 2006 هي وفروعها تقدم أحدث خدمات تقنية المعلومات، والاتصالات، والحلول الأمنية والمقاولات، للقطاعات الحكومية والخاصة بأعلى المستويات من خلال مهندسين وخبراء متخصصين وفنين يملكون الاحترافية والمهنية.
تعميق التعاون الثلاثي مع اليابان وكوريا الجنوبية. دفع الشراكة الأمريكية مع جزر المحيط الهادي، تشجيع استئصال الفساد ودعم الديمقراطية، وتحسين الأمن السيبراني والبنية التحتية الرقمية.
يتضح من خلال عرض الاستراتيجية الأمريكية لمنطقة الهندي والباسيفيكي، توجهات وم أ تجاه المنطقة، والتي ترمي في أساسها إلى محاصرة الصعود الصيني، من خالا بناء تحالفات جديدة مع جيران الصين الأقرب جغرافيا ومحاولة استمالتهم.
لقراءة التقرير من المصدر: U.S.-Indo-Pacific-Strategy.pdf (whitehouse.gov)