عندما تولى العرش عام 1999 خلفا لوالده الراحل، ظن الشعب المغربي أن ملكه الشاب سيحدث قفزة نوعية في المملكة، وبمرور السنوات تأكد أن القفزة كانت باتجاه إحكام قبضة القصر أكثر على شؤون السياسة والاقتصاد، والتضييق على المعارضين وزجهم في السجون بذرائع مختلفة..
جاء محمد السادس إلى الحكم بعد وفاة والده، الحسن الثاني، وقدم للمواطن المغربي سلسلة من الوعود، مثل تحسين ظروفه المعيشية وتحقيق الانفتاح السياسي، والقضاء على التفاوت الاجتماعي.
غير أن المواطن المغربي أصيب بخيبة أمل، عبّر عنها بالاحتجاج والإضراب.
استلام العرش
ولد محمد السادس بن الحسن في 21 أوث 1963 في مدينة الرباط في المغرب، تلقى تعليمه في المغرب، وحصل على شهادة الباكالوريا عام 1981، وعلى شهادة في الحقوق من كلية العلوم القانونية والاقتصادية بالرباط عام 1985.
في سن العاشرة كلفه والده الراحل، الحسن الثاني بتمثيله في جنازة الرئيس الفرنسي جورج بومبيديو في 6 أفريل 1974.
تولى الحكم رسميا في 23 جويلية 1999، وكان يبلغ من العمر 36، وألقى أول خطاب رسمي كملك في 30 جويلية 1999، وهو التاريخ الذي اعتمد رسميا للاحتفال بما يسمى عيد العرش في المغرب.
في 21 مارس 2002، تزوج محمد السادس من سلمى بناني، التي منحت لقب الأميرة “لا سلمي”، وهي مهندسة تنحدر من مدينة فاس، أنجب منها الحسن عام 2003 وهو ولي العهد، وابنة أخرى هي خديجة عام 2007.
عندما استلم العرش، حاول محمد السادس أن يكون مختلفا عن والده الراحل، وأعلن في بداية الألفية عن سلسة إصلاحات، ومشاريع اقتصادية.
في 9 مارس 2011 أعلن في خطاب متلفز، عن إصلاح دستوري يهدف إلى توسيع صلاحيات رئيس الحكومة والبرلمان، مع الحفاظ على سلطات واسعة للملك في تحديد الاختيارات الكبرى.
ومن بين الإصلاحات التي أعلنها، طي صفحة”سنوات الرصاص” التي شهدها المغرب خلال حكم الحسن الثاني، إذ كثرت السجون السرية التي شهدت أبشع أنواع الانتهاكات، من قمع واعتقالات سرية وتعذيب للمعارضين والانقلابيين.
وأنشأ محمد السادس “هيئة الانصاف والمصالحة” في 2004، استلهاما من تجربة جنوب إفريقيا ما بعد الأبارتيد، وأراد من خلالها تسليط الضوء على الجرائم والانتهاكات التي ارتكبت بحق المعارضين وتعويض أسرهم.
وعود باصلاحات وحراك الريف
غير أن الملك، الذي أطلق عليه اسم “ملك الفقراء” ، لم يبلور إصلاحاته إلى واقع، بحسب ما تؤكد تقارير محلية ودولية.
وكشفت تقارير دولية عن وجود تباطؤ في النمو الاقتصادي في المغرب، وتردي الأوضاع الاجتماعية، وتفشي البطالة في صفوف الشباب.
ولم يكن الوضع أفضل حالا على المستوى السياسي، على اعتبار أن الملك بقية يحتكر السلطة، رغم وجود حكومة يقودها حزب إسلامي.
في كتابه”الملك محمد السادس وراء الأقنعة”، يؤكد الصحفي المغربي، عمر بروكسي، أن” السلطة الحقيقية لازالت داخل كواليس القصر، وأن الملك محمد السادس إلى جانب 5 أو 6 من أصدقائه بالمدرسة المولوية هم الذين يديرون سدة الحكم..”
وعنون إحدى فقرات الكتاب الذي نشر في فرنسا بـ”من الربيع العربي إلى الخريف المغربي”، في إشارة ضمنية إلى أن لاشيء تحقق..
وشهد المغرب في السنوات الأخيرة احتجاجات ومظاهرات شعبية في مناطق مختلفة، رفعت خلالها مطالب بالإصلاح السياسي ومطالب إجتماعية.
وشهدت منطقة الريف في شمال المغرب حراكا كبيرا نهاية 2016، بعد مقتل بائع سمك في شاحنة نفايات عن طريق الخطأ عندما كان يحتج على مصادرة بضاعته.
رفع المحتجون طوال أشهر مطالب اجتماعية وثقافية في منطقة الريف، غير أن السلطات باشرت حملة اعتقالات كبرى للعشرات منذ نهاية ماي 2016، وأدانت نشطاء الحراك بعقوبات سجن، منهم ناصر الزفزافي وثلاثة من رفاقه الذين حكم عليهم بعشرين سنة نافذة، بتهم منها “المس بالسلامة الداخلية للدولة”.
وعلى صعيد السياسة الخارجية، تميزت فترة حكم محمد السادس بالتذبذب والتخبط، وظلت قضية الصحراء الغربية تراوح مكانها، بسبب تعنت الدبلوماسية المغربية، ورفضها التعاطي مع الشرعية الدولية بالعودة إلى المفاوضات مع جبهة البوليساريو، إضافة إلى استمرار الانتهاكات المغربية للاجئين الصحراويين، ما أثار ضده منظمات حقوق الإنسان الدولية.
وفي نفس السياق، أقام المغرب في ديسمبر 2020 علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، في مقابل اعتراف الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب بسيادة مزعومة للمغرب على الصحراء الغربية، ما اعتبر أسوأ مقايضة تجريها الدبلوماسية المغربية.
وتورطت الدبلوماسية المغربية أيضا في عهد محمد السادس في أزمات مع دول أوروبية ومع الجوار، و زادت قضية برنامج التجسس الإسرائيلي “بيغاسوس” في تورطها.
ثروة “ملك الفقراء”
من جهة أخرى وبينما يخاطر المغاربة بحياتهم للهجرة إلى أوروبا بحثا عن فرص، ازداد ثراء الملك، وتحول من”ملك الفقراء” إلى ملك فاحش الثراء،
وبحسب مجلة فوربس الأمريكية، انتقلت ثروة محمد السادس من 2.1 مليار دولار سنة 2014، إلى 5.7 مليار دولار.
ويتميز ملك المغرب بأسلوب حياة خاص، وتلتقط له أحيانا صور “السيلفي” بملابس غير رسمية، مع مشاهير في العالم ومع أناس عاديين.