بعد سيطرته على السلطة بانقلاب عسكري في فبراير الماضي، يعلن الجنرال، مين أونغ هلينغ، توليه رئاسة الوزراء في ميانمار، ليشدد قبضته على هذا البلد المنهك بالفقر وبفيروس كورونا.
قال قائد الانقلاب أونغ هلينغ ـ في خطاب بثه التلفزيون الرسمي ـ إن حالة الطوارئ قد تستمر حتى أوث 2023.
وتعهد أونغ هلينغ بإجراء “انتخابات بمشاركة تعددية وأن تكون حرة ونزيهة”، لكنه توعد من يعارضونه ومجلسه العسكري بأنهم ينشرون كوفيد-19 عمدا.
وتحدث عن نشر “أخبار كاذبة ومعلومات مضللة عبر شبكات التواصل الاجتماعي”، تتناول بالتضليل سياسات حكومته بشأن التعامل مع الفيروس، واصفا إياها بأنها “أداة الإرهاب البيولوجي”.
وفي الأول من فبراير الماضي، أطاح جيش ميانمار بالحكومة المدنية، وأعلن حالة الطوارئ لمدة عام. واعتقل مستشارة الدولة، أونغ سان سو تشي، والرئيس وين مينت، إلى جانب مسؤولين كبار آخرين اتهمهم الجيش بتزوير الانتخابات.
وكان الجيش قد استولى على السلطة وعزل الحكومة المدنية بقيادة سو تشي بعد فوز حزبها بالانتخابات التي قال الجيش إنها “شابها التلاعب” ونفت اللجنة الانتخابية في ميانمار هذه المزاعم.
احتجاجات.. وقمع وكورونا
واندلعت احتجاجات في أعقاب الانقلاب العسكري، واتهمت منظمات حقوقية القوات المسلحة بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، وقالت الأمم المتحدة، إن ما لا يقل عن 872 امرأة وطفلا ورجلا غير مسلحين قتلوا في جميع أنحاء ميانمار منذ الانقلاب، وأصيب الآلاف.
واتهم خبراء الأمم المتحدة المجموعة العسكرية بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، لكنهم لم يفرضوا حتى الآن سوى قرار غير ملزم “لمنع تدفق الأسلحة” إلى ميانمار.
وعقب الانقلاب، سعى العسكريون إلى منع تداول معلومات حول القمع، فكثّفوا قطع خدمة الإنترنت خلال الليل، وحظروا موقع فيسبوك، وهو شبكة التواصل الاجتماعي الأكبر شعبية في ميانمار.
ودخلت دخلت البلاد عقب الانقلاب في عصيان مدني، وطرد عشرات الآلاف من العمال لإعلانهم الإضراب عن العمل.
وبسبب العصيان المدني، أغلقت مستشفيات عامة، ورفض الأطباء والموظفون الآخرون العمل في ظل حكم العسكر,
وبسبب هذه الأوضاع الكارثية، انتشر فيروس كورونا في أوساط الناس، وانتشرت مقاطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي تظهر ضحايا الفيروس، الذين ذكرت تقارير صحفية أنهم لقوا حتفهم في منازلهم بسبب نقص العلاج ووجود طوابير طويلة تنتظر إمدادات الأكسجين.
ومع تفشي فيروس كورونا، أصبح نظام الرعاية الصحية في وضع يفوق قدرته، إذ خلت المستشفيات من الطواقم بسبب مقاطعة العمل من قبل الموظفين الصحيين المعارضين لحكم العسكر.
وتشير تقارير إخبارية إلى أن الأزمة الصحية جاءت لتضاف إلى الفوضى السياسية والاقتصادية، إذ باتت جثث ضحايا فيروس كورونا الملفوفة على عجل بقماش مشمع، ترسل بأعداد كبيرة إلى المحارق أو المقابر.
مواقف دولية
شددت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وبريطانيا العقوبات على المجموعة العسكرية والشركات المرتبطة بالجيش في ميانمار، لكن جنرالات هذا البلد تعودوا على العزلة الدولية بعد خضوعهم لعقوبات خلال الحكم العسكري السابق.
ودعا الاتحاد الأوروبي الثلاثاء إلى الانهاء الفوري لحالة الطواريء في هذا البلد، وعودة الحكومة المدنية الشرعية لتولي مسؤولياتها.
وأشارت بريطانيا من جهاها، إلى أن ميانمار يجب أن “تقودها حكومة منتخبة ديمقراطيا”، وذلك عقب تولي الحاكم العسكري مين أونغ هلاينغ منصب رئيس الوزراء في حكومة انتقالية.
وتعتبر روسيا و الصين من حلفاء النظام العسكري في ميانمار، وتعد بكين واحدة من أهم شركاء ميانمار الاقتصاديين، واستثمرت مليارات الدولارات في مناجم وبنية تحتية وخطوط أنابيب غاز في الدولة الواقعة في جنوب شرق آسيا.
وميانمار ، وكانت تسمى “بورما”، هي إحدى دول جنوب شرقي آسيا. تتميز بنظامها السياسي المعقد، وينص دستورها الذي صاغه المجلس العسكري على تقاسم السلطة بين إدارة مدنية والجيش.
ورغم وصول حكومة مدنية، إلى السلطة عبر انتخابات عام 2015، إلا أن جيش ميانمار، حافظ دوما على دوره الرئيسي في توجيه السياسة.
ويمتلك جيش ميانمار، 25 مقعدا في البرلمان ومجلس الشيوخ معا، الأمر الذي يمنحه فرصة للعب دور رئيسي في تحديد أعضاء الحكومة بعد كل انتخابات تشهدها البلاد.
وعرفت ميانمار انقلابات عسكرية، أولها كان عام 1958، وثانيها كان عام 1962، وثالثها في فبراير 2021.
وبشتهر في هذا البلد بانتهاكاته لحقوق الإنسان، وبموجب قانون صدر عام 1982، تم تصنيف الجماعات العرقية التي “لا تمتلك أصولا محلية” على أنهم “مواطنون مساعدون”، ليفقد على إثره مسلمو “الروهينغا” حقوق المواطنة واعتبارهم “عديمي الجنسية”.
وبتعرض ” الروهينغا ” لأبشع أنواع القمع والإبادة من طرف حكام ميانمار، ما أثار موجة تنديد عالمية ضدهم.