صارت الهجرة السرية اليوم من أكثر القضايا المطروحة على الساحة الدولية والمنطقة المتوسطية خاصة، كما أنها تعد السؤال الأكثر إرباكا للحسابات السياسية في ضفتي المتوسط، فما من لقاء حكومي أو غير حكومي بين الضفتين إلا وتلقي الهجرة السرية بظلالها عليه، وفي ذلك مؤشر مباشر على حساسية الموضوع وقوته الرمزية والمادية في صياغة السياسات المستقبلية وبناء العلاقات الثنائية.
شكلت ظاهرة الهجرة غير الشرعية من بلدان جنوب وشرق حوض البحر الأبيض المتوسط (العربية) إلى الدول الواقعة على شواطئه الشمالية (الأوروبية)، بعدا مهما ومتميزا من أبعاد سياسات التعاون الأوروبي- العربي. حيث مثلت هذه الهجرة تحديا وفرصة في آن واحد لتعزيز الشراكة الأورو- المتوسطية، وذلك نتيجة للعلاقة التي تربط الهجرة الغير شرعية وتشابكها مع قضايا أخرى، مثل البطالة والبيئة والاستقرار السياسي، والأوضاع الديمغرافية والاقتصادية والاجتماعية في البلدان العربية والدول الأوروبية. وكذلك لاتصالها بالمسائل الأمنية، بما في ذلك التخوف من التطرف الإسلامي والعنصرية الأوروبية وأعمال العنف والإرهاب.
تزايد ظاهرتي الهجرة غير الشرعية من شمال أفريقيا واللاجئين من العراق وسوريا إلى أوروبا، أعطى بعدا مهما ومتميزا من أبعاد السياسات الأوروبية، فالتدفق المتزايد للاجئين السوريين إلى التراب الأوروبي، تم توظيفه من قبل منظمات إرهابية من جهة ومن أحزاب يمينية متطرفة على حد سواء.
هذه المؤشرات تدل على وجود علاقة بين الظاهرتين ويبرر بالتالي طرح الإشكالية التالية:
كيف نقرأ ظاهرة الهجرة غير الشرعية في العلاقات الأورو- المغاربية؟ وما تأثيرها على الأمن المجتمعي في أوروبا؟
أسباب وعوامل الهجرة
عرفت الجمعية الأوروبية الهجرة غير الشرعية سنة 2018 على أنها: “حركة لمجموعة من الأشخاص إلى مناطق إقامة جديدة خارج القواعد النظامية للدولة المستقبلة.” 1
تزداد الهجرة غير الشرعية كثافة وحجمًا وتأثيرًا كلما كان الفارق الاقتصادي والاجتماعي كبيرًا بين إقليمين متجاورين في العالم.
فقد أصبحت ظاهرة الهجرة غير الشرعية هاجسا لدى كثير من دول الشمال، ويمكن تلخيص أسبابها كما يراها المختصون في الظروف الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي تعيشها الشعوب المغاربية والإفريقية، كما تبرز أسباب أخرى ذات أهمية بالغة في توجيه تيارات الهجرة السرية، ومن ضمنها القرب الجغرافي وكذلك طموح الشباب والبحث عن النجاح.
وحسب هربرلوبوغ فإن العوامل المتحكمة في الهجرة تتمثل في :
- عوامل الطرد: وهي مجموعة من المظاهر السلبية الموجودة في بلد الأصل كالركود الاقتصادي والعنصرية والخلافات السياسية والكوارث الطبيعية.
- عوامل الجذب: وهي مجموعة المظاهر الإيجابية الموجودة في بلد الاستقبال. 2
العامل البيئي أو الجغرافي
يعتبر القرب الجغرافي من أوروبا أهم عامل لتدفق العدد الهائل من المهاجرين، ذلك أن الجزائر تشكل بوابة رئيسية وصلة وصل بين أفريقيا وأوروبا. هذا الموقع الجغرافي، ساهم في تسهيل عملية انتقال الأفارقة على العموم والمغاربة على الخصوص إلى الضفة الشمالية للمتوسط، كما تساهم شساعة الحدود الجزائرية 7520 كلم وحوالي 6320 كم مع الدول الجوار في تفاقم الظاهرة (*). وينطبق الأمر على دول الساحل المحاذية للمنطقة المغاربية، حيث تشهد هذه الدول تقلبات طبيعية قاسية، كالتصحر وزحف الرمال على الواحات الصالحة للعيش وكذا الجفاف باعتبارها تقع في مناطق ذات مناخ قاري أين تقل النسب المئوية لسقوط الأمطار.
لذا عملت الدول الأوروبية على زيادة التعاون البيئي في المنطقة، حتى لا يشكل التدهور البيئي عامل طرد جديدا باتجاه الهجرة.
لقد اعتبرت ظاهرة الهجرة غير الشرعية في المغرب العربي أحد أبرز التهديدات الأمنية الحديثة التي تواجه الأمن المغاربي. فقد اختلفت أشكال الهجرة السرية من وإلى الإقليم المغاربي باختلاف الأسباب المؤدية إلى ذلك.
فقد اعتبر الإقليم ذو الموقع الاستراتيجي بالنسبة للعديد من الدول ملاذا لأطماعها. فالدول الإفريقية الجنوبية تنظر للمنطقة على أنها محطة مهمة للعبور إلى ما وراء بحر المتوسط والدخول إلى أوروبا، وفيما يجد المغاربة أن المنطقة لا تحقق لهم مستوى طموحاتهم وآمالهم ومستقبلهم.
فقد اعتبر الإقليم ذو الموقع الاستراتيجي ملاذا للعديد من المهاجرين، الذين ينظرون للمنطقة على أنها محطة مهمة للعبور إلى ما وراء البحر المتوسط والدخول إلى أوروبا. بينما لا يجد المغاربة أن المنطقة تحقق طموحاتهم وآمالهم.
العامل الاقتصادي
تعتبر الحدود الجنوبية لمنطقة المغرب العربي مصدر للهجرة غير الشرعية للأفارقة تجاه المنطقة، وتعود الأسباب إلى انهيار اقتصاديات دول الساحل الإفريقي، فعلى الرغم من امتلاكها لثروات طبيعية هائلة، إلا أن الركود الاقتصادي في هذه الدول جعل أفرادها يعتمدون على الفلاحة والزراعة كمورد أساسي، بيد أن هذا المورد عجز بدوره على سد حاجات الأفراد والمواطنين نظرا لصعوبة الظروف كالتصحر والجفاف، مما تولد عنه انتشار سريع للفقر والبطالة اللذين يعتبران داعيان قويان للهجرة نحو الدول الأوروبية، وبالمقابل تسجل هذه الدول ارتفاعا مطردا للنمو الديمغرافي سنة بعد أخرى وقد انجر عن هذه العوامل مجتمعة انتشار المجاعة التي أصبحت تهدد سكان تلك الدول.
أما فيما يخص الهجرة غير الشرعية من المغرب العربي تجاه أوروبا فيتجلى الأمر عند التباين في المستوى الاقتصادي بصورة واضحة بين دول الجنوب ودول الشمال الجاذبة، نظرا لتذبذب وتيرة التنمية في دول جنوب المتوسط، وفشل السياسات الحكومية، فاستمرار الحكومة في سياسة الاعتماد على القطاع الخاص فقط لتوفير فرص عمل جديدة يؤدي إلى تفاقم كارثة البطالة التي تزيد من الظاهرة، بالإضافة إلى عدم قدرة الحكومات المغاربية على طرح حلول حقيقية وجذرية لمشكلة البطالة المتفاقمة بين الريف والمدينة، وبهدف البحث عن الاستقرار الدائم وتحقيق حياة أفضل.
العامل الاجتماعي
إن الهجرة تدور في مجالين مختلفين ديمغرافيا، أحدهما يعرف زيادة سكانية تصل إلى حد العجز عن تلبية الطلب الوطني على الشغل والسكن والخدمات الاجتماعية. ويعرف الآخر انخفاضا في عدد السكان خاصة نسبة الشباب، فبالنسبة لدول شرق وجنوب المتوسط، فإن نموها السكاني حسب تقديرات منظمة الأمم المتحدة مرشح للارتفاع على مدى 20 سنة القادمة 3، ففي سنة 2016 مثلا، قدر عدد سكان الدول المطلة على المتوسط أكثر من 502 مليون نسمة أي نسبة 7% من عدد سكان العالم. وقد بلغت نسبة النمو الديمغرافي في منطقة المتوسط 20% ما بين 1970- 2018 وسينتقلون إلى ما يقارب 524 مليون نسمة في سنة 2025 حسب البنك الدولي 4.
ومن النتائج الأولى للانفجار الديمغرافي نجد مشكلة البطالة، فإذا كان الفرد العامل يرى أن انخفاض الدخل مبرر كاف للهجرة بغرض رفع مداخيله، فإن العاطل عن العمل يرى أن مبرره أكثر من كافي، لذا تعتبر البطالة أحد الأسباب الرئيسية للهجرة إلى الخارج طلبا للعمل، وتزداد حدة البطالة في دول العالم الثالث لاسيما دول جنوب المتوسط، حيث تعرف افريقيا أعلى معدلات البطالة في العالم، غير ان هذه المعدلات تتفاوت هي الأخرى بين الدول الافريقية وتخلف كذلك حسب الجنس والفئة العمرية.
تحتل قارة أفريقيا قائمة أكثر المناطق التي تحوي أعلى معدلات فقر في العالم، وبخاصة مناطق جنوب الصحراء أو أفريقيا السمراء (الدول الأفريقية عدا دول شمال أفريقيا)، وتصل نسبة الفقر فيها إلى أكثر من 35.2 في المئة من إجمالي سكان القارة. ويهدف العالم إلى القضاء على الفقر بحلول 2030.
وتشير نتائج منظمة «غالوب» العالمية للإحصاءات، إلى أن 54 في المائة من تعداد السكان في 27 دولة مختلفة في أفريقيا جنوب الصحراء – من أصل 42 دولة – يعيشون في فقر مدقع على أقل من 1.25 دولار يوميًا 5 . ففي سنة 2015، وحسب البنك الدولي فإن أفريقيا تحتل المرتبة الأولى من حيث عدد الفقراء إذ يعيش حوالي نصف عدد فقراء العالم في هذه القارة وحوالي 41% من فقراء أفريقيا يعيشون تحت المقياس العالمي للفقر أي 1,90 دولار 6.
وأظهرت إحصائيات المنظمة أن 16 في المائة من سكان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يعيشون على 1.25 دولار أو أقل في اليوم، بينما يعيش 28 في المائة من سكان المنطقة ذاتها على دولارين أو أقل في اليوم 7.
والملاحظ أن البطالة تمس الأفراد من جميع المستويات العلمية والمهنية وحتى الحاصلين على شهادات عليا، وإن عدم قدرة سوق العمل الوطنية على تأمين هذه الطلبات على العمل يجعل الأفراد يتجهون إلى طلبها في الخارج ولو في ظروف عمل صعبة. بالإضافة إلى الفشل في حل المشاكل الاجتماعية المتمثلة في الفقر، والمجاعة والبطالة والأمراض.
تنبهت الدول الأوروبية إلى هذه المسألة واعتبرت أن تقديم مساعدات للدول المعنية لتحقيق الاكتفاء الذاتي في الغذاء، سوف يخفف من حدة الصراعات والنزاعات الداخلية، ويحفز المواطنين على البقاء في بلدانهم.
العامل السياسي
تعتبر منطقة المغرب العربي خاصة، وإفريقيا بصفة عامة من أهم المناطق المصدرة والمستقبلة للاّجئين بسبب الحروب وعدم الاستقرار الداخلي الذي تعرفه دول المنطقة. فقد كانت الجزائر في فترة العشرية السوداء من أهم المناطق التي كانت تنطلق منها الهجرة نحو أوروبا.
فقد تميزت نهاية القرن العشرين بحركات هامة من اللاّجئين بصفة فردية أو جماعية من جراء الحروب والنزاعات التي عرفتها عديد من مناطق العالم لاسيما أفريقيا جنوب الصحراء، حيث أن عدم الاستقرار الناجم عن الحروب الأهلية والنزاعات وانتهاكات حقوق الإنسان بسبب انتماءاتهم العرقية أو الدينية أو السياسية، يعدّ أحد الأسباب الرئيسية لحركات الهجرة التي تجبر الأفراد على النزوح من المناطق غير الآمنة إلى أخرى أكثر أمنا، وهو ما يطلق عليه بالهجرة الاضطرارية أو اللّجوء السياسي. حيث سجل تقرير الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين عبور 29700 مهاجر من مختلف الجنسيات عبر المتوسط مرورا بإيطاليا وإسبانيا خلال الربع الثالث من العام 2017 وعليه وصل عدد المهاجرين في إيطاليا وإسبانيا 122200 مهاجر خلال السنة نفسها.8
وقد سجلت اللجنة الأوروبية في تقريرها السنوي لسنة 2018، حوالي 150000 مهاجر غير شرعي، حيث انخفضت النسبة بـ 25% مقارنة بسنة 2017. إذ تراجعت نسبة المهاجرين غير الشرعيين من وسط المتوسط عن طريق مالطا وإيطاليا بحوالي 80% وذلك بمساعدة الشرطة الساحلية الليبية 9.
تصاعد اليمين المتطرف وظاهرة الإسلاموفوبيا
طرح باري بوزان B. Buzan اثني عشر تعريفا تتمحور حول هاجس الأمن، ورغم ذلك يبقى الإجماع على تعريف الأمن ما قدمه آرنولد ولفرز Arnold Wolfers سنة 1952 بأن الأمن بالمعنى الموضوعي، يقاس بغياب التهديدات للقيم المركزية المكتسبة، وبالمعنى الذاتي غياب الخوف من تعرض هذه القيم المكتسبة للهجوم 10.
فالمختصون في قضايا الأمن يجمعون على الحد الأدنى من المعايير الثلاثة المقدمة من طرف ولفرز كمحاولة جادة لتعريف الأمن، حيث يفترض من أجل حفظ القيم الرئيسية المكتسبة لأية مجموعة، غياب التهديدات ضدها، وتسطير أهداف سياسية من أجلها.
ويذهب ولتر ليبمانWalter Lippmann إلى أن الأمة لا تكون آمنة إلى الحد الذي لا تكون فيه مضطرة إلى التضحية بالقيم الأساسية إذا رغبت في تجنب الحرب، وكانت قادرة على الحفاظ على تلك القيم من خلال تحقيق نصر في حالة خوضها الحرب.
ويصل شارل فيليب دافيد Charles- Philippe Davidفي تحليله لمسألة الأمن إلى اعتبار أنه يمكن فهم الأمن، في نهاية المطاف، بوصفه غياب التهديدات العسكرية، وغير العسكرية التي يمكن أن تعيد النظر في القيم الأساسية التي يريد شخص ما، أو جماعة معينة تشجيعها، أو الحفاظ عليها، والتي يمكن أن تؤدي إلى خطر استخدام القوة.11
ويرى جيف هايسمانJef Huysma 12 أن هناك ثلاثة أخطار تهدد الأمن المجتمعي من خلال الهجرة وهي:
- إضعاف النظام العام
- تحديات متعلقة بالمساس بالهوية الثقافية
- زعزعة استقرار سوق العمل المحلي.
ويضيف جيف هايسمان أن عملية أمننة الهوية كمرجعية مهددة من المهاجرين، قد استخدمت لتبرير تطوير سياسة الجوار الأوروبي لجعل الوصول إلى المواطنة الأوروبية أكثر صعوبة وهو ما يفسر كيف ولماذا أصبحت الهجرة قضية أمنية 13.
لذا فإنه مع بداية التسعينيات من القرن العشرين أخذت قضية الهجرة تحتل قمة أولويات العمل السياسي في دول الاتحاد الأوروبي في إطار تعاونها مع بلدان جنوب وشرق المتوسط، نظرا لما تمثله الهجرة من صراعات مستقبلية قد تثير نزاعات عسكرية 14.
وتدريجيا تحولت الهجرة إلى مسألة أمنية بكل المقاييس بعدما كانت مسألة اجتماعية واقتصادية، وأصبحت أمننة الهجرة أحد القضايا الهامة في الاستراتيجية الأمنية الأوروبية. وتقاطعت هذه الامننة مع مفهوم الأمن المجتمعي واعتبار الهوية أحد مواضيع الامن التي يجب حمايتها.
ويفترض ألكسندر ويندتA. Wendt أن هوية الدولة تتحدد بأنماط التفاعل مع الأطراف الأخرى، أي أن التفاعل يؤلف منظومة القيم والأهداف واستراتيجيات الدولة، بمعنى آخر أن هوية الدولة ليست سابقة على التفاعل، بل تتحدد من خلاله. وذلك يعني أن الاختراق كان من خلال صوغ هوية الدولة التي تحددت بدورها من خلال التفاعل مع الكيانات أو الأطراف الأخرى في النسق. وقد يكون التفاعل على مستويين:
أولا: التفاعل السلبي بين الهويات الفرعية وهوية الدولة: هوية الأقلية مع هوية الدولة، أو هوية الشعب مع الهوية القومية، أو الهوية القومية مع الهوية الدينية… إلخ).
ثانيا: التفاعل بين الدولة والأطراف الخارجية في النظام الدولي 15.
مما سبق فإن البنائية بوصفها إطارا مفاهيميا يرتكز على مفاهيم: البنية، الفاعل، الهوية، المصالح والمعايير، فإنها إطار مفاهيمي اجتماعي قائم على الأفكار.
وعليه تم إنشاء نظام شنغن للمعلومات Schengen Information System (SIS) ومن ثم اعتماد نظام محدث SIS II، وهي قاعدة بيانات متطورة تمكن السلطات المسؤولة في دول شنغن من تبادل البيانات حول فئات معينة من الأشخاص 16.
(يتطلب عنوانا فرعيا لأن الفكرة تبدو غير مترابطة مع ما قبلها) فتصاعد عدد المهاجرين غير الشرعيين أدى إلى تحول الاتجاهات المعادية للهجرة والمهاجرين من ردود فعل منعزلة ومحدودة إلى سياسات عامة، حيث أصبح المهاجرون هدفا لحملات عنصرية تتبناه أحزاب راديكالية متطرفة وضعتها كبرنامج سياسي للوصول إلى السلطة، أو لتوسيع قاعدتها الشعبية. كما تزامن ذلك مع تزايد الحواجز أمام المهاجرين في دول الاتحاد الأوروبي على المستوى الرسمي.
إن التغير الديمغرافي في المنطقة العربية يعتبر بالنسبة للأوروبيين مصدرا محتملا لعدم الاستقرار، وخاصة أن التوزيع السكاني غير متوازن بين شمال المتوسط وجنوبه. ويؤثر عدم التوازن السكاني في سياسات الهجرة التي تعتمدها الدول الأوروبية، في إطار حرية الحركة بالنسبة إلى العمال 17، ويمكن تصنيفها على أنها عملية انتقائية، تتجلى في سياسة الدول الأوروبية العامة المتعلقة بالهجرة والتي تتجه نحو تشجيع هجرة الأدمغة والكفاءات التي تعتمد عليها اقتصادياته الليبرالية والرأسمالية (قانون ساركوزي ) ووقف كل أنواع الهجرة الشرعية الأخرى عن طريق إخضاع المرشحين للهجرة لقانون التأشيرات الذي يستحيل معه الدخول إلى فضاء شنغن، كل هذه القوانين ساهمت وتساهم في إبداع أشكال جديدة للهجرة السرية وبالتالي انتعاش مافيا تهريب البشر وارتفاع عدد الضحايا من المهاجرين السريين.
وتُعد الهجرة غير الشرعية مشكلة حقيقية، وتحتاج دول الشراكة الأورو – متوسطية، من جهة، إلى المزيد من التعاون في جهودها لوقف تلك الهجرة، لاسيما في اتخاذ إجراءات صارمة ضد المهربين والمتاجرين حيث تقوم شبكات الجريمة المنظمة باستغلال الضعفاء، وتخريب سيادة القانون. ومن جهة أخرى، إلى حماية المهاجرين ومعاملتهم طبقا لقانون حقوق الإنسان.
وترى الدول الأوروبية أن تدفق الهجرة من المنطقة الجنوبية تهديدا أمنيا حيث سيدفع ذلك إلى تصاعد حالات العنصرية، مما يشكل للدول الأوروبية المتسمة تقليديا بالتسامح والانفتاح حرجا وحساسية، الشيء الذي يؤدي إلى عدم الاستقرار.
كما أن الفوبيا الأوروبية تتمثل في نقل المهاجرين لمشاكلهم وعاداتهم إلى المدن الأوروبية وضواحيها، مما سيؤدي إلى تأثيرات سلبية داخل النسق الاجتماعي والديمقراطي الأوروبي. كما تأثرت الهجرة بتصاعد ظاهرة العنف في المنطقة، حيث شكل تنامي التطرف وكراهية الغرب هاجسا مقلقا حول مدى علاقة هذا التطرف بالديمقراطية والاستقرار في المنطقة.
لذا تعاملت الدول الأوروبية مع مشكلة التطرف كظاهرة مرتبطة بأعمال عنف أو إرهاب، إلى جانب ما تحمله من أخطار داخلية تؤثر في نسيجها الاجتماعي. فالمجموعات المهاجرة أصبحت تتضامن دينيا واجتماعيا حيث أشار لها بارتن بادي في كتابه “انقلاب العالم” وسماها بانفجار الخصوصيات 18، بالإضافة إلى اتجاهاتها الراديكالية وارتباطها بمسألة الإرهاب، مما وضع الطبيعة العلمانية لهذه الدول على المحك.
ولقد زاد البعد الأمني لسياسات الهجرة إلى الاتحاد الأوروبي من التقييد على الهجرة إليها في ظل تخوف متزايد من التطرف الإسلامي (ظاهرة الإسلاموفوبيا) الذي أدى بدوره إلى حالات من المعاملة التفضيلية لصالح المهاجرين المسيحيين، سواء من أوروبا الشرقية أو من بلدان نامية مثل أثيوبيا والفلبين.
كما دفع ذلك الاعتبار الأمني إلى قيام تعاون بين دول شمال المتوسط الأوروبية ودول جنوبه وشرقه لمواجهة ظاهرة التطرف والإرهاب والجريمة المنظمة. وقد ازداد الاهتمام الأوروبي بمسألة التطرف الإسلامي والإرهاب في المنطقة العربية، مع تزايد الحركات العنصرية العرقية في بعض الدول الأوروبية وتعاظم نموها ونفوذها، حيث عملت على تغذية الشعور ضد المهاجرين الشرعيين وغير الشرعيين، ودعت إلى طردهم من البلاد، الأمر الذي دفع بالسياسة الأوروبية إلى التعاون مع بلدان الضفة الجنوبية للمتوسط للحد من هذا التطرف 19. فمنذ 2013 تقريبا شهدت الساحة السياسية الغربية (الأوروبية خصوصا) صعودا قويا لأحزاب اليمين المتطرف في أغلب دول أوروبا الغربية، خاصة النمسا، النرويج، الدنمارك، هولندا، سويسرا وفرنسا، سواء في الانتخابات المحلية وحتى البرلمانية والرئاسية، ولعل وصول السيدة مارين لوبان -زعيمة الجبهة الوطنية إلى الدور الثاني للانتخابات الرئاسية الفرنسية حاملة مشروع طرد اللاجئين والمهاجرين غير الشرعيين- يظهر تناميا متصاعدا لظاهرة الإسلاموفوبيا.
بحصول مارين لوبان لنسبة 34 بالمائة، أصبح اليمين المتطرف يشكل قوة سياسية لافتة على الساحة الأوروبية. ويمكن تفسير ذلك أن تنامي مشاعر الخوف والعداء للإسلام والمسلمين غذته بيئة أمنية مضطربة داخل التراب الأوروبي وتوالي العمليات الإرهابية طالت عواصم أوروبية أهمها فرنسا، ومحاولة القادة السياسيين خلق صورة نمطية محددة للمهاجرين من جنسية عربية أو من ديانة إسلامية الذي أصبح يحمل صورة سلبية: ذلك الإرهابي المتطرف الذي يهدد أمن واستقرار الدول الأوروبية. وحاولت هذه الأحزاب طرح مشكلة الهوية الأوروبية رغم أن هذه الأحزاب وبعض الحكومات الأوروبية تبالغ في التخوف من هذه الظاهرة.
والسبب وراء نجاح اليمين المتطرف حسب دراسة للباحث المتخصص في مجال اليمين المتطرف فورفقانغكايوست 20 هي:
- أن قادة هذه التيارات يطرحون حلولا سهلة لمشاكل اقتصادية معقدة، فمثلا يرون أن حل مشكلة البطالة لا يتأتى إلا من خلال طرد المهاجرين الأجانب، الذين يستولون على عمالة أبناء البلد، وهي حلول ذات طبيعة عنصرية موجهة للمهاجرين العرب والمسلمين.
- يركزون على قضية واحدة هي قضية الهجرة وما تثيره من مسائل عديدة مثل قوانين الهجرة، الجنسية، المواطنة، الحقوق النقابية والاجتماعية).
- تؤيد هذه الأسباب عمليا الاعتقاد ببرنامج سياسي ومجتمعي قوامه التمييز العنصري الواضح من خلال التبني الصريح لمفاهيم عنصرية أهمها: كره الأجانب Xenophobia، الانتماء الوطن Nativism، التمييز العنصري 21 Racism.
وكره الأجانب هو الميل إلى الخوف وعدم الثقة تصل إلى كراهية الأجنبي وتختلف عن العنصرية، باعتبار أن هذه الأخيرة تنحصر في كره الآخرين بسبب عرقهم أو نسبهم، أما الاكزينوفيا فهي كره الآخرين فقط لأنهم أجانب أو غرباء.
ويعمل تيار الانتماء إلى الوطن على تغذية العنصرية وكره الأجانب، إذ يتهم المهاجرين بعدم انتمائهم إلى وطنهم ويشكك في مدى استعدادهم للتفاعل مع قضايا الوطن.
ومن بين المبررات التي تقدمها الأحزاب اليمينية المتطرفة هي مسألة الهوية الأوروبية والآثار الاجتماعية والقيمية على المجتمع الأوروبي، فالأمواج البشرية من اللاجئين والمهاجرين غير الشرعيين تحمل عادات وتقاليد وسلوكيات تختلف عن تلك الموجودة في البلدان الأوروبية وقد تؤدي إلى صدام ثقافي وتهدد الموروث الثقافي والروحي لمجتمعات الدول المستقبلة.
ومن بين الأخطار التي تخشاها الأحزاب اليمينية هي الآثار الديموغرافية فالمجتمع الأوروبي يعاني من الشيخوخة، وتزايد عدد المهاجرين الشباب سيغير من الخريطة الديمغرافية لأوروبا، ففي بعض المناطق عدد المهاجرين أكبر بكثير من السكان الأصليين مما يشكل خطر على النسيج السكاني لأوروبا وعليه تهديد للهوية الأوروبية.
وهنا نشير الى المفارقة في المعايير الأوروبية كون الجهات الرسمية ترحب بالهجرة الاقتصادية والعلمية في حين ترفض الهجرات الأخرى بينما الأحزاب اليمينية فهي ترفض الهجرة جملة وتفصيلا، وقد بررت أنجيلا ماركيل في طريقة تعاطيها مع المهاجرين واللاجئين بانخفاض في نسب النمو الديمغرافي وارتفاع نسبة الشيخوخة 22. وتزداد المشاعر المعادية للمسلمين في جميع أنحاء أوروبا، لا سيما في فرنسا وألمانيا، التي تضم عدد أكبر من الأشخاص من المغتربين المغاربة في فرنسا والأتراك في ألمانيا. وقد أشارت دراسة لمركز لبحث التطرف اليميني والديمقراطية ومقره في لايبزيغ، إلى أن التعصب الألماني ضد الأجانب قد ارتفع بشكل حاد، لاسيما ضد المسلمين. ويعتقد أكثر من %44 ممن شملهم الاستطلاع أنه ينبغي منع المسلمين من الهجرة من ألمانيا، بزيادة عن نسبة %36,5 قبل أربع سنوات. واتفق %56 تقريبا على أن عدد المسلمين في ألمانيا جعلهم يشعرون بأنهم غرباء في بلدهم، بزيادة عن نسبة %43 عام 2014 . 23
وقد دعت الأحزاب اليمينية إلى خيار “صفر هجرة” الرامي إلى منع دخول المهاجرين الأجانب خاصة من المنطقة المغاربية إلى الأراضي الأوروبية من خلال اتخاذ إجراءات تقييدية صارمة، وهذا الخيار شددت عليه دوائر سياسية وإعلامية محسوبة على التيارات المتطرفة والمعروفة بالعداء للعرب والمسلمين. رغم أن هذا الخيار لم يتحقق ولن يتحقق لإدراك أصحاب القرار في الاتحاد الأوروبي أن الهجرة المتوسطية ليست إلا انعكاسا لمعطيات تاريخية، اقتصادية، جغرافية وثقافية من الصعب القفز عليها، أيضا يؤكد التقرير الأوروبي السنوي لعام 2018 على فئة الضعفاء من المهاجرين (الأطفال والنساء) لمساعدتهم وحمايتهم باعتبارهم ضحايا النزاعات والمشاكل السياسية 24.
مفهوم الإسلاموفوبيا
الاسلاموفوبيا أو الخوف من الإسلام عرض اجتماعي وسياسي ظهر في الغرب، في سنوات الأخيرة، ما يعني أن مناخ التعصب والكراهية لا يتراجع، بل يتزايد بوجود تيارات سياسية متطرفة تغذي الكراهية. فـالإسلاموفوبيا في أبسط تعريفاتها هي: خوف غير مبرر من الإسلام والمسلمين، وبالتالي جوهر هذه الظاهرة هو استياء على أساس الدين بالدرجة الأولى.
وهي إشكالية نفسية- فكرية وتتمثل في ثنائية الاختلاف بين الأنا أو الذات المكونة للهوية كالدين، الثقافة، القيم، منظومة العادات. فكما يقول المفكر الفرنسي مكسيم رودنسون بأن: ” المسيحية الغربية قد رأت في العالم الإسلامي خطرا يهددها قبل أن يبدأ النظر إليه كمشكلة حقيقية” 25 فالشخص يمكن أن يكون نصف فرنسي ونصف جزائري، ولكن من الصعب جدا أن يكون نصف مسلم ونصف مسيحي (*) وعليه في الصراعات الثقافية يطرح السؤال: “من أنت؟” بدلا من “مع أي طرف أنت؟”. فكما يرى تيموثيجارتونآش أن: “الهوية بالأساس، تحديد للذات، لكن يجب أن يؤخذ في الاعتبار كذلك ما يراه الآخر.” 26 فتركيا ترى نفسها أوروبية، إلا أن أغلب دول الاتحاد الأوروبي لا تراها كذلك، فهي دولة من الشرق الأوسط أو من آسيا، بينما الجميع يرى أن بريطانيا أوروبية، إلا إنها ترى نفسها أطلسية 27 . وبالرجوع إلى أصل الظاهرة في حد ذاتها فهي ظاهرة نفسية في طبيعتها، أكثر من كونها سياسيّة أو اقتصاديّة أو اجتماعيّة، لتتطوّر عقبها وتتكيف مع متطلّبات البيئة الواقعيّة لتصبح متلازمة ومتخمة مع قضايا أخرى تغذيها كالقضايا السياسية (المتاجرة الانتخابية)، الاقتصاديّة (توظيف المشاكل الاقتصادية لتنمية مشاعر الخوف والعداء)، الصراع الاجتماعي، التوترات الدينية، التطرف، الإرهاب وحرية التعبير…الخ.
وهناك تيار يربط ظاهرة الاسلاموفوبيا بالعنصرية ويتمثل في التعريف الذي قدمه عالم الاجتماع السياسي الفرنسي في معهد البحوث والدراسات العالمية بباريس “Vincent Geisser”، أين اعتبر «الإسلاموفوبيا» شكلا حديثا من العنصرية ضد المسلمين، فهي لا تعبر عن عودة المعارضة القديمة «الحروب الصليبية ضد الجهاد» على الرغم من بقاء تلميحات تعبر عن حجج لاهوتية يعتمدها أنصار «الإسلاموفوبيا».
فالأحزاب اليمينية المتطرفة تتبنى الطرح من خلال تأييد عملي
ببرنامج سياسي ومجتمعي قوامه التمييز العنصري الواضح من خلال التبني الصريح لمفاهيم عنصرية أهمها: كره الأجانب Xenophobia، الانتماء الوطن Nativism، التمييز العنصري 28.
وفي كل المراكز والمنتديات التي تهتم بقضايا الأمن، هناك الحديث عن خطر الجنوب كبديل لخطر لم يأت من الشرق، كما لو كان الأمر مجرد إعادة توجيه جغرافي للخطر، يسمح بالإبقاء على إطار التحليل ومرجع استراتيجي تقريبا متطابق مع الخطر السابق 29.
ورغم الزخم الهائل من الكتب التي تشير إلى العدو الجديد، فإن ذلك لن يجيب عن مطلب الهوية بالنسبة للمجتمع الغربي الذي فقد الرؤية الإيديولوجية وبالتالي فقد المعنى، ولعل التحالف البروتستانتي الصهيوني هو محاولة لوضع الإسلام عدوا خارجيا، ومحاولة أمريكية لتجديد التحالف الأمريكي – الأوروبي في إطار محاربة “الإرهاب” (*) وبالاعتماد على تفسير “صموئيل هنتنغتون”(Samuel Huntington) للعلاقة بين الغرب والعالم الإسلامي، نجد أن «الإسلاموفوبيا» حسبه: أمر طبيعي وذلك لكون العالم الإسلامي يمثل كتلة متجانسة لا تقبل التحضر والحداثة؛ فالخوف عند الغرب ناجم عن رفض المسلمين لقيمهم وثقافتهم، كما وعبر الخوف من تصاعد الصحوة الإسلامية في العالم الإسلامي عند “هنتنغتون” عن ظاهرة «الإسلاموفوبيا». 30
وفي حقيقة الأمر أن الرهاب الإسلامي مرجعه في تقديرنا إلى الصورة النمطية للقوارب الرابطة بين الضفتين، فالقوارب التي تحمل المسلمين إلى الشواطئ الأوروبية وخاصة الإسبانية تعيد إلى الاذهان صورة تلك القوارب التي حملت المسلمين الهاربين من بطش المسيحيين من أوروبا متجهة الى الضفة الجنوبية سنة 1492م. فكما يقول وليد عبد الحي في مقاله “حضور التاريخ: من اللحظة الراهنة إلى الافاق السياسية” أنه يتعذر على الباحث في الظواهر السياسية الكبرى أن يتخطى البعد الزمني في تحليل تطور بنية هذه الظواهر. وحسبه أن البعد الزمني يتبدى في تجليات ثلاثة: أولها حضور التاريخ السياسي، وثانيها سطوة اللحظة الراهنة، وآخرها غواية المستقبل. 31
أولوية مكافحة الهجرة السرية في السياسة الأوروبية
قامت الدول الأوروبية بعقد اتفاقات مع البلدان العربية المطلة على البحر الأبيض المتوسط بغية توفير ظروف معيشية أفضل تحد من هجرة مواطني هذه البلدان إلى الاتحاد الأوروبي، وذلك من خلال المساعدة على تحقيق الاكتفاء الغذائي. بالإضافة إلى إنشائه الصناديق الخاصة بالتعويض عن الآثار الاجتماعية الناتجة من التكييف الهيكلي في اقتصادات بلدان جنوب وشرق المتوسط، وإقامة مشروعات مشتركة توفر فرص العمالة وتساعد على بقاء المواطنين في بلدانهم.
لقد أظهرت سياسات الدول الأوروبية في مؤتمر برشلونة عام 1995 تأكيدها على محاربة العنصرية والتعصب العرقي وعدم التسامح واحترام التنوع والتعدد في مجتمعاتها، والتعاون في منع ومحاربة الإرهاب وتهريب المخدرات والجريمة المنظمة.
وتعتبر الشراكة الأورو- المتوسطية تصورا خاضعا للهاجس الأمني حيث يطغى على الأوربيين ضغط عدم الاستقرار في الفضاء الجنوبي للبحر المتوسط (الضغط الديمغرافي الهجرة غير الشرعية تصاعد “الإرهاب” الجريمة المنظمة وتجارة المخدرات وان كانت هذه الأخيرة أحيانا تأتينا من أوروبا)، وعليه تتضمن السلة الاجتماعية والإنسانية ضرورة تنظيم الهجرة باتفاقيات خاصة تتضمن كافة الحقوق الاجتماعية والإنسانية وتكثيف التعاون للحد من الهجرة السرية بواسطة التأهيل المهني والمساعدة على خلق فرص العمل.
لذا تعهدت الدول المشاركة بتسريع معدلات التنمية وتحسين أحوال المعيشة وزيادة معدلات العمالة لسد الفجوة بين الدول الأوروبية والبلدان المتوسطية، وذلك من خلال التعاون الاقتصادي، وتقديم المساعدات المالية من دول الاتحاد الأوروبي إلى بلدان المنطقة، والالتزام بتطوير الموارد البشرية. كما دعت الدول الأوروبية إلى اعتماد سياسات لمواجهة الضغوط السكانية، وأقرت بأهمية الهجرة في العلاقة بين الطرفين الأوروبي والمتوسطي.
لقد امتدت الحدود الأمنية للاتحاد الأوروبي من سواحل الضفة الشمالية لحوض البحر الأبيض المتوسط نحو عمق صحاري البلدان المغاربية، إذ انفجرت في وجه أوروبا خلال العام 2005 أزمة الهجرة غير الشرعية وما واكبها من مأساة إنسانية في مدينتي سبتة ومليلية بشمال المغرب، حين قُتل أحد عشر مهاجرا برصاص قوات الأمن الإسبانية خلال عمليات تسلل جماعية ليلية، وتواصلت عمليات العنف ضد هذه الشريحة على السواحل الإيطالية والإسبانية.
وكانت الأزمة بين الحكومتين الاسبانية والمغربية قد برزت للعلن عندما عثرت السلطات الاسبانية على أكثر من 800 مهاجر غير شرعي عند شواطئ الكناري والأندلس خلال الأسبوع الثاني من شهر أوت 2005.
واتهمت الحكومة الاسبانية في حينه نظيرتها المغربية بعدم ممارسة الرقابة على حدودها، وهو ما رفضته الحكومة المغربية التي ما فتئت تؤكد على أن أجهزتها الأمنية لا تدخر جهدا لمكافحة هذه الظاهرة.
وسرعان ما تطورت الأزمة، حيث عاد ملف الهجرة السرية إلى الواجهة من جديد عندما أقدم مئات المهاجرين من الدول الواقعة جنوبي الصحراء في أكتوبر 2005 على تجاوز الأسلاك الشائكة التي تفصل المغرب عن مدينتي سبتة ومليلة الواقعتين تحت السيطرة الاسبانية.
فقد هاجم حوالي 650 مهاجراً إفريقيا السياج الحدودي حول مليلة، وتمكن نحو 350 منهم من اجتيازه بعد انهياره، وذلك في رابع محاولة من هذا النوع، كان نتيجتها مصرع ستة مهاجرين بالإضافة إلى إصابة نحو 135 شخصا بينهم سبعة من ضباط وجنود الشرطة المغربية بجروح، وتؤكد السلطات المغربية إن أجهزتها الأمنية تصرفت في حدود القانون، وأنها حافظت على نقاط مراقبتها، حيث اعتقلت 136 مهاجرا غير شرعي، مما يرفع عدد المعتقلين إلى 1200 معتقل خلال أسبوع واحد، بينما ترى الحكومة الاسبانية أن المغرب لم يقم بواجبه على أحسن وجه لمنع تدفق المهاجرين إلى أراضيها. وبالمقابل، ترى الجزائر أن المسألة أكثر تعقيدا وتعترف بأن حدودها الجنوبية الممتدة على طول 2500 كلم أصبحت الملاذ المفضل للشباب للأفارقة الحالمين بالعبور إلى سواحل جنوب أوروبا.
ومع ذلك، تتفق المغرب والجزائر وكذلك تونس وليبيا على أن أراضيها أضحت منطقة عبور وإقامة للعديد من هؤلاء المهاجرين السريين من الساحل ومن إفريقيا السوداء الذين يجتازون الصحراء سنويا كمقدمة للانتقال إلى أوروبا.
ويرى المراقبون أن هذا الاتفاق ساهم كثيرا في بلورة شبه موقف مغاربي موحد إزاء هذه الظاهرة التي تؤرق العلاقات المغاربية الثنائية والمغاربية- الأوروبية، أساسه أن الدول المغاربية لن تتحول إلى حارس للحدود التي ينطلق منها المهاجرون نحو الضفة الشمالية سواء كانوا أفارقة من دول غرب الصحراء أم من الدول المغاربية.
ويشدد هذا الموقف المشترك على أن الهجرة غير الشرعية مسألة معقدة لا يمكن حلها عن طريق طرف واحد، ولابد من تضافر كل الجهود حتى تتمكن دول البحر الأبيض المتوسط من السيطرة عليها.
وقد شكلت قضية المهاجرين التونسيين إلى أوروبا بعد الثورة التونسية في شهر أفريل 2011 أزمة حقيقية بين إيطاليا التي أعطت حق المرور لهؤلاء وفرنسا التي منعت مرور القطارات وعلى متنها مئات المهاجرين التونسيين. مما شكل أزمة داخل الاتحاد الأوروبي الذي يقر قانون شنغن.
وكادت مشكلة الهجرة غير الشرعية أن تؤدي إلى أزمة في العلاقات الفرنسية والإيطالية التي خيمت عليها سحابة من التوتر حيث قدمت إيطاليا احتجاجا رسميا وذلك باستدعاء سفيرها. رغم أن ألان جوبيه في تعليقه على الحادث، قال أنه: “لا وجود لأي خلاف بين فرنسا وإيطاليا، نحن جيران وأصدقاء وسنجد الحلول اللازمة بشأن المهاجرين “.وقال “أن باريس ليست قلعة محصنة، إنها متفتحة وتستقبل سنويا حوالي 200 ألف مهاجر، ولكنها غير مستعدة لقبول مهاجرين غير شرعيين، لأننا في فرنسا نعاني كذلك من بطالة مرتفعة في صفوف الشباب“.
قبل بضع سنوات خلت، كانت الدول الأوروبية لا تزال تقود جهود الإنقاذ في المتوسط في إطار عملية “ماري نوستروم”. بين عامي 2013 و2014، حيث أنقذت السفن الإيطالية وحدها أكثر من 100000 شخص من الغرق. لكن بعدها بوقت قصير أُطلقت مهمة أمنية حدودية جديدة تحت اسم “عملية تريتونFrontex’s operation Treton” بتمويل أقل وبعدد أقل من السفن لتحل محل عملية “مار نوسترومOperation Mare Nostrum” في عام 2014، لتبدأ الوفيات في البحر الأبيض المتوسط في الارتفاع. في عام 2016، وخلال ذروة ما يسمى بأزمة المهاجرين الأوروبية، بلغت الوفيات وحالات الاختفاء أكثر من 5100 حالة، وفقًا لأرقام المنظمة الدولية للهجرة.
-
المنطقة المغاربية كممر لأوروبا
اعتبرت منطقة المغرب العربي المنطقة الفاصلة بين وصول الأفارقة لأوروبا، لذلك اتخذتها الجبهات الإفريقية كمحطة عبور للوصول إلى الدول الأوروبية.
ولذا تشهد ظاهرة الهجرة غير الشرعية من خلال مرحلتين ممهدتين للوصول إلى العالم الغربي الأوروبي. أولا إلى الدول المغاربية باعتبارها تتموقع إقليميا بين الضفتين الأوروبية والإفريقية مما يجعل موقعها استراتيجيا، بوابة للمرحلة الثانية وهي الهجرة غير الشرعية إلى العالم الأوروبي من خلال نقطتين هما المغرب “سبتة ومليلية” وليبيا نحو جزيرة لامبدوزة التابعة لإيطاليا.
الجزائر
جاء في تقرير الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين بتاريخ 23 نوفمبر 2017، أن الجزائر احتلت المرتبة الخامسة بين الجنسيات الأكثر إقبالا على الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا بمعدل 6% من مجموع المهاجرين الذين عبروا البحر الأبيض المتوسط ما بين شهري جويلية وأوت 2017، حيث جاءت سوريا الأولى بـ 15% والمغرب 9% ونيجيريا والعراق %7 لكل منهما. 32
ابتداء من سبتمبر 2005، ومع تغيير الحدود الإسبانية وبعد أحداث سبتة ومليلة في المغرب، تحول توقف المهاجرين غير الشرعيين من السواحل المغربية إلى الجزائر، فقد ظهر تزايد الأفارقة على الحدود الجزائرية الجنوبية أغلبهم من مالي، نيجر، سنيغال وتشاد، واستغلوا هذه الفرصة للدخول إلى الجزائر كمرحلة أولية للوصول إلى أوروبا.
في تمنراست التي هي نقطة التماس بين أقصى الجزائر والجوار الإفريقي محط للعديد من الأفارقة المتسللين إلى الجزائر بصفة غير رسمية.
ومنذ ظهور داء الإيدز في تمنراست بين المهاجرين السريين خاصة منذ اختطاف جماعة سياح ألمان واستراليين في الصحراء الجزائرية من قبل جماعة إرهابية ذات علاقة بالقاعدة في عام 2003، شددت السلطات من عمليات التفتيش في الأقاليم الجنوبية.
قامت الجزائر بتعزيز دوريات المراقبة الأمنية. فبدأ عدد الأشخاص الممنوعون من الدخول في تزايد ملحوظ رغم أن السلطات الجزائرية أقرّت بأن هذه الخطوة لن تحل المشكلة العابرة للحدود.
وقد قامت الجزائر بإجراءات قانونية تمثلت في نص التعديل الجديد للقانون الجنائي الجزائري المعتمد يوم 31 أوت 2008 تحت رقم 08/11 المتعلق بشروط دخول الأجانب إلى الجزائر وإقامتهم بها وتنقلهم بها، والمادة 303 مكرر 30 من قانون 09/11 المؤرخ في 25 فيفري 2009 على المعاقبة بالسجن في حق كل من تورط في محاولة الهجرة غير الشرعية تتراوح من 3 سنوات إلى 20 سنة سجنا 33. الإجراء الذي تلقى ردود فعل مختلفة بين المراقبين والخبراء في الجزائر.
المغرب
بحكم موقعه الجغرافي كأقرب نقطة من أوروبا، أضحى مستهدفا من طرف شبكات الهجرة غير الشرعية سواء عن طريق هجرة مواطني دول جنوب الصحراء أو تهجير مواطنين إلى دول أخرى، وأصبح بلد عبور واستقبال للعديد من المهاجرين، كما وظفت المغرب ملف الهجرة سياسيا مع اسبانيا في العديد من المرات.
تونس
لم تشهد تونس هجرات افريقية حولها بالمقارنة مع المغرب والجزائر.
ليبيا
كانت معبرا متشددا لتشاد نحو إيطاليا، لكن علاقتها مع الدولة التشادية جعلتها صارمة في هذه الظواهر. وبعد سقوط نظام معمر القذافي وحالة الفوضى التي عاشتها ومازالت تعيشها ليبيا تضاعف عدد اللاجئين والمهاجرين غير الشرعيين الليبيين.
ففي عام 2016، ومع اكتساب الأحزاب اليمينية المتطرفة شعبية وارتفاع موجة العداء للمهاجرين، اتخذت أوروبا قرارًا مفاجئًا بالاستعانة بمصادر خارجية لإسناد مسؤوليات مراقبة الحدود إليها، وكان الشريك الجديد: شرطة السواحل الليبي. حيث أرسل الاتحاد الأوروبي الأموال والقوارب ونظم بعض الدورات التدريبية لخفر السواحل الليبي بهدف وقف وصول موجات الوافدين إلى الشواطئ الأوروبية.
ولكن في حين أن الشراكة مع ما يسمى بشرطة السواحل الليبي كانت فعالة في خفض عدد الوافدين إلى إيطاليا – انخفض الرقم من 144000 في عام 2017 إلى 46000 في عام 2018 – إلا أن هذا كان يعني من ناحية أخرى زيادة معدلات خطر الوفاة على طريق وسط البحر المتوسط الذي يسلكه المهاجرون، فوفقًا لتقرير صدر مؤخراً عن المنظمة الدولية للهجرة، لقي شخص واحد -من بين 35 شخصًا يحاولون العبور- حتفه في عام 2018، مقارنةً بشخص واحد من بين كل 50 شخصًا في عام 2017.
الخاتمة
لقد احتلت ظاهرة الهجرة الشرعية وغير الشرعية من المنطقة العربية إلى دول الاتحاد الأوروبي، أولويات السياسات الأوروبية، مما دفع دول الاتحاد الأوروبي إلى القيام بعدد من الإجراءات التشريعية والعسكرية والأمنية والاقتصادية بغية الحد منها. وما دام هناك عدم الاستقرار في الجنوب، فإن مشكلة الهجرة ستبقى محافظة على أهميتها لدى الطرف الأوروبي في تعاونه الاقتصادي والسياسي لبلدان المنطقة، الأمر الذي يدعو إلى التساؤل عن مدى إمكانية إيجاد حلول للحد من هذه الظاهرة، لما لها من انعكاسات مستقبلية على سياسات التعاون الاقتصادي والسياسي الأوروبي- العربي.
كما ان هذه الظاهرة تتزامن مع صعود اليمين المتطرف التي تؤجج ظاهرة الاسلاموفوبيا، حيث أصبح للظاهرة تداعياتها السلبية على المسلمين وخصوصياتهم الفكرية والثقافية والعقيدية.
البروفيسور رباحي أمينة
أستاذة العلوم السياسية والعلاقات الدولية، جامعة الجزائر 3
هوامش الدراسة
1- The irregular migration was defined (2018) as the “movement of persons to a new place of residence or transit that takes place outside the regulatory norms of the sending, transit and receiving countries.”, in Maria Njaim, Migration dilmma: Security versus humanitrian nexus, Granite journal, Issue N°2, Novemebre 2018, P.P 25- 32.
2- عزيزة عبد الله النعيم، الفقر الحضاري وارتباطه بالهجرة الداخلية، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت 2009، ص. 71
(*) مع العلم أن حدود الجزائر الساحلية هي 1200 كم.
3- رباحي أمينة، تأثير الهجرة غير الشرعية في سياسات التعاون الأوروبي- المتوسطي، في محمد غربي واخرون، الهجرة غير الشرعية في منطقة البحر الأبيض المتوسط: المخاطر واستراتيجية المواجهة، دار ابن النديم للنشر والتوزيع/ دار الروافد الثقافية- ناشرون، الطبعة الأولى الجزائر/ لبنان 2013، ص.ص. 313- 326.
4- Agence des villes et territoires méditerranéens durables (AVITEM), avitem.org/content/avril 2018
5- 35 ٪ من الافارقة تحت خط الفقر و%1 فقط من الدول المتقدمة، جريدة الشرق الأوسط، بتاريخ 26 ديسمبر 2015، ص. 1 على الموقع: aawsat.com/ home/article/528151/35
6- Rapport 2018 sur la pauvreté et la prospérité partagée : compléter le puzzle de la pauvreté, www.banquemondiale.org/fr/povrety-and -shared-and prosperity 2018
7- 35٪ من الافارقة تحت خط الفقر و%1 فقط من الدول المتقدمة، جريدة الشرق الأوسط، الموقع نفسه.
8- الجزائر الخامسة في ترتيب الجنسيات الأكثر اقبالا على الهجرة غير الشرعية الى أوروبا في: tsa-algeria.com/ar تاريخ الزيارة 20 أكتوبر 2019، على الساعة 21:49.
9- European Commission, Annual Report on Migration and asylum 2018, European Migration Network 2019, P.58
10- A. Wolfers, “National security as ambiguous symbol.”, in Dario Battistella, Théories des Relations Internationales, 2eme édition revue et augmentée, Les presses Sciences Po, Paris 2006, P. 462.
11- Charles- Philippe David : « La guerre et la paix : Approches contemporaines de la sécurité et de la stratégie », 2eme édition revue et augmentée, les manuels Sciences Po, les Presses Sciences Po, Paris 2006, P.45- 46
12- Wing Commander P.E. O’Neill RAF, The European Union and Migration Security versus Identity? Defense Studies, 11 Dec 2006, P.P. 327-341.
13- Jef Huysmans, “The European Union and securitisation of migration, Journal of Common Market, 38/5, 2000, P. 752.
14- علي الحاج: “سياسات دول الاتحاد الأوروبي في المنطقة العربية بعد الحرب الباردة”، سلسلة أطروحات الدكتوراه (51)، مركز دراسات الوحدة العربية، الطبعة الأولى، بيروت 2005، ص.242
15- مجموعة مؤلفين، التداعيات الجيوستراتيجية للثورات العربية، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، الطبعة الأولى، بيروت 2014، ص. 65
16- European Commission, Migration and home affairs: Schengen Information System (SIS) 2013/
17- وليد محمود عبد الناصر: “التعاون المتوسطي بين مطرقة الهجرة وسندان التطرف”، مجلة السياسة الدولية، السنة 32، العدد 124، أفريل 1996، ص.112.
18- بادي (برتران)، كلود سموتس (ماري)، “انقلاب العالم: سوسيولوجيا المسرح الدولي”، ترجمة: سوزان خليل، دار العالم الثالث بالتعاون مع المركز الفرنسي للثقافة والتعاون العلمي بالقاهرة، قسم الترجمة والنشر، الطبعة الأولى، القاهرة 1998.
19- علي الحاج: “سياسات دول الاتحاد الأوروبي في المنطقة العربية بعد الحرب الباردة، مرجع سبق ذكره، ص246
20- عفيف رزق، “تصاعد اليمين المتطرف في أوروبا: الدوافع والموجات”، على الموقع الالكتروني: http://www.alarabiya.net/views/2009/6/5/74901.html
21- far-right politics, in: http://en.wikipedia.org
22- Georges Tapinos, Immigration et marché du travail, in www. Observateurocde.org/news/ php/85/Immigration_et_march_E9_du_travail.ht
23- دايفيدليبسكا، شيوع ظاهرة كراهية الأجانب في أوروبا، مقال متواجد على الموقعwww.ahvalnews.com/ar/ 5 ديسمبر 2018,
24- Commission Européenne, Fiche pays du REM, in European Migration Network (EMN), 2018, P.3
25- فؤاد جرجس، الامريكيون والإسلام السياسي: تأثير العوامل الداخلية في صنع السياسية الخارجية الأمريكية، مجلة المستقبل العربي، العدد 217، مارس 1997، ص.4.
(*) مقولة لهنتغتون في كتابه ” صدام الحصارات“، تداولها عدة باحثين دون تهميشها وكأنها مسلمة.
26- تيموثيجارتونآش، “هل بريطانيا أوروبية”، ترجمة: بدر الرفاعي، الثقافة العالمية، السنة 12، العدد 70، ماي 1995، ص. ص.20- 35
27- رباحي أمينة، التعاون والتنافس في العلاقات الأورو- أمريكية بعد الحرب الباردة، أطروحة دكتوراه في العلاقات الدولية (غير منشورة)، جامعة بن خدة بن يوسف، كلية العلوم السياسية والإعلام، الجزائر 2009.
28- far-right politics, in: http://en.wikipedia.org
(*)الخطر الأسبق هو المعسكر الشرقي وعلى راسه الاتحاد السوفيتي
(*)هناك اختلاف حول دلالة ومدلول كلمة “الإرهاب” ووضعها بين مزدوجتين يشير إلى ذلك.
29- أمينة قلعي، ظاهرة الاسلاموفوبيا والأمن المجتمعي: تفكيك لطبية العلاقة، المجلة الجزائرية للعلوم السياسية والعلاقات الدولية، العدد 10، ماي 2018، ص 52
30- وليد عبد الحي، “حضور التاريخ: من اللحظة الراهنة إلى الآفاق السياسية”، في كمال عبد اللطيف، وليد عبد الحي وآخرون، الانفجار العربي الكبير في الابعاد الثقافية والسياسية، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، الطبعة الأولى، بيروت 2016، ص.ص. 149- 260,
31- الجزائر الخامسة في ترتيب الجنسيات الأكثر إقبالا على الهجرة غير الشرعية الى أوروبا في: tsa-algeria.com/arتاريخ الزيارة 20 أكتوبر 2019، على الساعة 21:49.
32- بدروني أنيسة وحاج بن علي محمد، “جريمة الهجرة غير الشرعية وآليات مكافحتها في النصوص التشريعية الجزائرية”، في محمد غربي وآخرون، الهجرة غير الشرعية في منطقة البحر الأبيض المتوسط: المخاطر واستراتيجية المواجهة، دار ابن النديم للنشر والتوزيع/ دار الروافد الثقافية- ناشرون، الطبعة الأولى الجزائر/ لبنان 2013، ص.ص. 313- 326.
33- وزارة العدل المغربية “دعم انفاذ القانون والتعاون القضائي بين دول المصدر والمقصد والعبور استجابة لتهريب المهاجرين”، في: https://carjj.org<sites<files<hwl-Ihrj_imgrb1
ملاحظة: آراء الواردة فـي البحوث المنشورة تعبر عن وجهة نظر الباحثين فقط، ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.