وافق مجلس الوزراء الألماني على قرار مغادرة القوات الألمانية من مالي، وبموجب القرار تنتهي أكبر مهمة خارجية للجيش الألماني، والتي يشارك فيها نحو 1100 عسكري في نهاية ماي من عام 2024، وذلك بعد نحو 11 عاماً من بدايتها.
كانت برلين أعلنت قرار الانسحاب من مالي نهاية 2022 قبل أن تصادق الحكومة عليه، بسبب التوتر مع المجلس الانتقالى الحاكم. وأكّدت الحكومة الألمانية برئاسة أولاف شولتز أن عساكرها سيغادرون مالي تدريجيا في الأشهر 12 المقبلة.
وكانت برلين نشرت نحو ألف عسكري في مالي، ومعظمهم بالقرب من بلدة غاو شمال البلاد، حيث تتمثل مهمتهم الرئيسية في جمع معلومات استطلاع لبعثة الأمم المتحدة لحفظ السلام في مالي (مينوسما)، التي تأسّست عام 2013 لدعم القوات الأجنبية والمحلية في مواجهة الدمويين، لكن مؤخرا شهدت تكرار المناوشات بين السلطات المالية والبعثة.
و«مينوسما” هي بعثة أممية تتألّف من 12 ألف عسكري منتشرين بهذه البلاد، وتكبّدت أعلى الخسائر في العالم السنوات الماضية، فمنذ إنشائها قتل 183 عسكريا من عناصرها في أعمال عدائية.
وجاء قرار الحكومة الألمانية نتيجة توتر العلاقات العام الماضي بين ألمانيا ومالي، حيث طردت باماكو المتحدث باسم بعثة “مينوسما”، بتهمة نشر “معلومات غير مقبولة”.
وتوقّف الاتحاد الأوروبي عن تدريب الجيش والحرس الوطني، وأعلن منسق السياسة الخارجية بالاتحاد، جوزيب بوريل، أنّ السلطات المالية لم تقدم ضمانات كافية بأن الجنود الماليين المدربين من الاتحاد الأوروبي لن يشاركوا في عمليات مع شركة “فاغنر”.
ألمانيا ليست البلد الأوروبي الوحيد الذي يغادر أفريقيا، فقد أنهت فرنسا أيضا مهمة قوات عملية “برخان” العسكرية في مالي مع تصاعد الخلافات مع المجلس الانتقالي الحاكم. ففي عام 2020 أعلن الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون أنه سيسحب قوات بلاده التي تقاتل الجماعات الإرهابية في مالي منذ 2013، وجاءت الخطوة على إثر تدهور العلاقات بين باماكو وباريس، ونمو المشاعر المعادية لفرنسا بشكل مطرد في البلاد، حيث خرج الماليون للتظاهر للمطالبة بتسريع رحيل القوة العسكرية الفرنسية.
وفي 15 أوت 2022 غادرت مالي آخر وحدة من قوات مكافحة الإرهاب الفرنسية التي كانت تتمركز منذ 10 سنوات هناك بهدف محاربة الإرهاب في المنطقة، اعتبرها رئيس وزراء مالي، شوغيل مايجا، تخلى عن بلاده، والذي اتهم في سبتمبر الماضي، فرنسا في الأمم المتحدة بالتخلي عن بلاده في منتصف الطريق، ولقي حديثه موجة من التعاطف والإصغاء.
ورأت دراسة للمعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية، أنّ قراري فرنسا وألمانيا بالانسحاب علامة ضعف أوروبي أمام منافسين دوليين، محذّرة من أنّ الانسحاب لن يفيد الأوروبيين، وسيجني المنافسون المكاسب.