أعلنت حكومة مدريد عزمها فتح تحقيق في قضية استيراد شركات إسبانية الغازوال الروسي من المغرب، ويشكّل هذا مفاجأة بحكم أن المغرب الذي يعاني من فاتورة ارتفاع الطاقة، تحول إلى مصدّر لهذه المادة. وقد يتسبب هذا المستجد في أزمة بين المغرب والاتحاد الأوروبي.
جاء تحرك حكومة مدريد في أعقاب نشر جريدة «إلموندو» تحقيقا، الجمعة الماضية، حول واردات الغازوال الروسي من المغرب بشكل كبير للغاية، وتحدّثت كيف تورّطت شركات مغربية في خرق القوانين الأوروبية الخاصة بالحد من استيراد الطاقة من روسيا، وتابعت بأنّ أطرافا دولية نبّهت حكومة مدريد لهذا الملف في نهاية مارس الماضي. وتساءلت «إلموندو» كيف لدولة مثل المغرب ليست منتجة للنفط، أن تتحوّل فجأة إلى مصدّرة للغازوال؟
وكان مجلس أوروبا قد منع في قرار له خلال جويلية الماضي، استيراد النفط الخام وإدخاله بحرا إلى الأراضي الأوروبية، ثم قام الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة يوم 5 فيفري الماضي بمنع الدول الأعضاء من استيراد النفط الروسي.
وكان الاعتقاد في البدء، هو أنّ السفن التي ترسو قبالة مياه مدينة سبتة الاسبانية ، تبيع لشركات في هذه المدينة، مستغلة بأنها سوق حرة، لكن تبين لاحقا تورط شركات مغربية في استيراد الغازوال الروسي وبيعه مجددا إلى الأوروبيين. وكانت فضيحة الغازوال الروسي قد اندلعت في المغرب خلال فيفري الماضي، عندما طلب حزب الاتحاد الاشتراكي المغربي من الحكومة، تقديم توضيحات حول التلاعب في الغازوال الروسي.
والمثير أنّ شركات مغربية تقوم باستيراد الغازوال الروسي منذ شهور إلى ميناء مدينة طنجة في مضيق جبل طارق عبر شركات مسجلة في مناطق حرة، وتشتريه من السفن الروسية في المياه الدولية للمضيق، ثم تدّعي أنه مستورد من مناطق آسيوية أو أمريكية. ولم تقم حكومة الرباط بأي تحقيق في هذا الملف.
ووجدت الحكومة الإسبانية نفسها مجبرة على فتح تحقيق بشأن كيفية دخول الغازوال الروسي إلى السوق المحلية، وذلك تطبيقا لقرار 5 فيفري الذي يحظر استيراد النفط الروسي ومشتقاته.
وصرّحت تيريسا ريبيرا، نائبة رئيس الحكومة، والوزيرة المكلفة بالانتقال البيئي، أن الحكومة ستفتح تحقيقا في هذا الملف، وستعمل على مراجعة وثائق استيراد الغازوال للوقوف على مدى وقوع مخالفات، وهل الأمر يتعلق بالغازوال الروسي أم لا. في الوقت ذاته، ستطلب مساعدة الاتحاد الأوروبي لتحري شواهد الاستيراد لتطبيق العقوبات الأوروبية ضد النفط الروسي التي جرى فرضها بعد غزو موسكو لكييف.
هذا، وإذا أسفر التحقيق عن نتائج تؤكّد فرضية بيع شركات مغربية للغازوال الروسي للأسواق الأوروبية، وقتها قد يترتّب عنه إجراءات أوروبية وأمريكية ضد هذه الشّركات ومدرائها مثل وضعهم في لائحة سوداء، وربما مصادرة ممتلكاتهم في الدول الأوروبية.