كشف تحقيق لموقع فرنسي عن أدلة جديدة تمتد إلى أكثر من 10 سنوات، تثبت تورّط المغرب في الفضيحة المدوية “مغرب غيت”، بتوظيف نواب أوروبيّين مرتشين ضد عدالة القضية الصحراوية، وإسقاط أية قرارات تصدر لصالحها أو ضد استغلال المغرب لثروات الشعب الصحراوي.
قال الموقع الاستقصائي الفرنسي “Off Investigation”، إنّ المغرب قدّم بسخاء هدايا لبرلمانيين أوروبيين، لتحقيق رغبته في ضم الأراضي الصحراوية إليه. وأكّد الموقع أنّ المملكة المغربية استخدمت منذ سنوات طويلة العضوين السابقين في البرلمان الأوروبي، أنطونيو بانزيري وجيل بارنيو، الخاضعين لتحقيق المدعي العام البلجيكي في فضيحة فساد البرلمان الأوروبي التي تورط فيها المغرب، من أجل الدفاع عن اطروحتها بشأن الصحراء الغربية.
مبالغ كبيرة لشراء الذمم
جاء في التحقيق أنّ مكتب المدعي العام في بروكسل ووسائل الإعلام البلجيكية والإيطالية والتصريحات الأخيرة لأجهزة المخابرات البلجيكية، كشفوا بأن “مجموعة من أعضاء البرلمان الأوروبي عملت لصالح المغرب مقابل مبالغ كبيرة من المال دفعت نقدا بشكل سرّي من قبل المغرب”.
وانطلق التحقيق من سؤال جوهري: “لأي أهداف قام النظام المغربي بإفساد أعضاء البرلمان الأوروبي، بمن فيهم أنطونيو بانزيري، الذي وجد المحققون عنده 700.000 أورو نقدا؟ وما هي المصالح التي يرغب المغرب في الدفاع عنها؟”، وأشار ذات المصدر الى أنّ هؤلاء النواب المرتشين تبنوا الخطاب المغربي الذي يهدف إلى “تبرير” احتلال الصحراء الغربية.
«بانزيري” عميل مرتشي
نقل الموقع الاستقصائي عن مصدره، أن بانزيري لم يكن يتطرق إطلاقا إلى تنظيم استفتاء تقرير المصير في الصحراء الغربية، بل يرى أن بديل هذا الطرح، هو الاعتراف بـ “السيادة” المزعومة للمغرب على الصحراء الغربية.
وبخصوص انتهاك حقوق الانسان في الاراضي الصحراوية المحتلة، قال بانزيري، وفق مصدر الموقع، “إنّها مشكلة تحتاج إلى أن تعالجها الأمم المتحدة، بعيدا عن تقرير المصير”، كما نقل الموقع الفرنسي شهادة لأحد مصادره، والتي أكد فيها أن النائب الايطالي السابق كان دائما “يفرق بين الصحراويين القاطنين بالصحراء الغربية المحتلة والصحراويين المتواجدين بمخيمات اللاجئين”.
وثائق سريّة تورط المخزن
أبرز التحقيق وثيقة سرية مؤرخة في 27 أكتوبر 2011، وجّهتها بعثة المملكة المغربية لدى الاتحاد الأوروبي إلى وزير الخارجية المغربي، وتمّ تصنيف الإرسالية تحت خانة “عاجل” ومختومة بـ “سري”، أكّدت على وجوب “تعزيز مصداقية بانزيري حتى لا يظهر بأنه مؤيد للمغرب”، مشدّدة على أنه “ليس من مصلحة المغرب أن ينظر إلى السيد بانزيري على هذا النحو”.
وبخصوص جيل بارنيو، والذي قام بعدة رحلات إلى المغرب، أبرز الموقع الاستقصائي عمله على تبييض صورة المملكة، ومن ضمن ما أفاد به أنه في التقرير الرسمي لاجتماعات مجموعة الصداقة بين الاتحاد الأوروبي والمغرب، التي عقدت بين 31 جانفي و4 فيفري 2013، أشاد النائب الفرنسي بـ “تقدم” الديمقراطية المغربية. وذكر بأنه بمناسبة رحلة إلى المغرب نظّمت خلال هذه الفترة، تلقى جيل بارنيو بأمر من الملك المغربي، وساما خلال حفل رسمي في البرلمان المغربي.
ومن ضمن ما قام به هذا النائب لصالح المغرب، إنشاء مؤسّسة “أورو ميد أ« عام 2018، والتي تدعي على موقعها أنّ لديها “مهمة تعزيز وترقية فضاء متماسك بين أوروبا والبحر الأبيض المتوسط وإفريقيا مع ازدهار مشترك ومستقر”.
تناقض الاتحاد الأوروبي
يرى التحقيق ذاته أن الاتحاد الأوروبي ومؤسساته استسلموا لأجندة المغرب، مبرزا بأن بعض أصدقاء المغرب أنفسهم يعترفون بأنّ الصحراء الغربية تمر “باحتلال”. وأشار إلى أنه في شهر جانفي الماضي، صادق البرلمان الأوروبي على قرار يدعو إلى إنهاء مضايقة الصحفيين في المغرب.
لكن من الواضح، يؤكّد التحقيق، أن هذا الواقع الحقوقي، في ظل “العلاقات الجيدة بين بروكسل والرباط”، لم يمنع الاتحاد الاوروبي من إبرام اتفاقيات تجارية مثيرة للجدل مع المغرب من أجل استغلال موارد الصحراء الغربية: الأسماك والطماطم والفوسفات وغيرها من المحميات الطبيعية القيمة، مضيفا: “هذه الثروات من شأنها أن تفسر أن العيون الأوروبية تنظر في جهة أخرى عندما يتعلق الأمر بحقوق الإنسان للصحراويين”.