تحتفل الدبلوماسية الجزائرية بيومها الوطني المصادف ليوم 8 أكتوبر من كل عام. دبلوماسية عرفت عودة قوية على الساحة الدولية في السنوات الأخيرة تعيد إلى الأذهان فترتها الذهبية في سبعينات القرن الماضي.
في السنوات الثلاث الأخيرة تميزت الجزائر بحراك دبلوماسي متميز، بعد سنوات ركود. أهم القضايا التي برزت فيها الدبلوماسية الجزائرية هي إعادة مسار حل الأزمة الليبية إلى جادة الصواب، بعد أن حاولت أطراف دولية تحويل ليبيا إلى مستنقع تتصارع فيه المصالح الدولية على حساب الشعب الليبي ودول الجوار.
وبرزت الدبلوماسية الجزائرية أيضا في الحرب الروسية الأوكرانية، كقطب هام نظرا لأزمة الطاقة التي خلفتها العقوبات الاقتصادية الغربية على روسيا. ومن أبرز تلك القضايا الت ي تهم الدبلوماسية الجزائرية على الإطلاق هي القضية الفلسطينية.
“مع فلسطين ظالمة أو مظلومة”
تعيش الجزائر هذه الأيام على وقع التحضير للقمة العربية المقررة مطلع نوفمبر. هذه القمة التي يرجى منها الكثير للم الشمل العربي. وعليه أجرت الدبلوماسية الجزائرية اتصالات وزيارات مكثفة إلى عدد من الدول العربية، قصد تقريب وجهات النظر وشرح الهدف من القمة العربية العادية الحادية والثلاثين.
وتحتضن الجزائر ثالث قمة عربية عادية لها، بعد قمة 2005. وكانت اول قمة عادية تحتضنها الجزائر في نوفمبر 1973 بين 26 و28 نوفمبر. وقمة غير عادية بين 7و9 جوان 1988.
ولعل أهم القضايا المطروحة هي القضية الفلسطينية. ويصادف انعقادها والذكرى الـ33 لإعلان قيام دولة فلسطين يوم 15 نوفمبر 1988. ورغم تحول مواقف دول عربية من القضية والهرولة نحو التطبيع. وكان أول رد فعل للجزائر على موجة التطبيع تصريح الرئيس عبد المجيد تبون برفض “الهرولة” نحو التطبيع، ما لم يعد الكيان الاسرائيلي إلى حدود 67 ويعترف بالدولة الفلسطينية على تلك الحدود وعاصمتها القدس.
ليبيا من الحرب الأهلية إلى الانفراج
في بداية الأزمة الليبية والتدخل الدولي، وقفت الجزائر موقفها الاعتيادي من سيادة الدول واحترام القانون الدولي. وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الغير.
لكن ومع تحول الشأن الداخلي إلى حرب أهلية في إطار صراع دولي على الأراضي الليبية، طرحت الجزائر- التي وجدت نفسها أمام معضلة أمنية- مبادرة لإنهاء الخلاف الليبي سنة 2014، أهم بنودها هو نزع سلاح الميليشيات وتوحيد الجيش الليبي.
وكانت تلك الأرضية التي بنت عليها فيما بعد المبادرات الدولية لوضع نهاية لصراع داخلي بأبعاد دولية عصف بأمن منقطة الساحل وبلغ قلب أوروبا. خاصة بعد تملص حلف الناتو من عملية إعادة الإعمار التي عادة ما تتبع تدخلاته.
واستضافت الجزائر عددا من القيادات الليبية بهدف تقريب المواقف وإيجاد أرضية مشتركة بين أقطاب الصراع الداخلي. وكذلك فعلت مع الدول المتدخلة خاصة التقريب بين الموقفين التركي والمصري، وهو ما انتهى بدحر الخلافات بين الطرفين، ومنه بدأت بوادر انفراج تلوح في الأفق.
وبلغ الحراك الدبلوماسي الجزائري بشأن الأزمة الليبية أوجه سنة 2020. وتوالت زيارات وفود دبلوماسية ووزراء خارجية عرب وغربيين ممن لهم علاقة مباشرة بتداعيات الأزمة الليبية. ففي مطلع السنة زار رئيس الحكومة السابق فايز السراج الجزائر، وتبعه وزير الخارجية التركي مولود شاويش أوغلو. ثم وزير الخارجية الإيطالي لويجي ديمايو ثم وزير خارجية مصر سامح شكري.
محورية ملف الطاقة
التغيرات الجيوسياسية التي أحدثتها الحرب الروسية الأوكرانية- وظهور الطاقة كسلاح استراتيجي، حاولت أوروبا استخدامه ضد روسيا قبل أن ترد هذه الأخيرة بإجراءات مضادة- أبرزت الجزائر كشريك موثوق في الطاقة. وعليه شهدت الجزائر في الفترة الأخيرة إنزالا دبلوماسيا غربيا. منها زيارة وزير الخارجية الإيطالي، كما سلف ذكره، التي كان لها طابع اقتصادي لبحث إمدادات الطاقة. ووقعت الجزائر صفقة بقيمة لتوريد الغاز إلى إيطاليا منتصف جويلية الماضي.
وزارت نائب وزير الخارجية ويندي شيرمان الجزائر يومي 9 و10 مارس 2022. نوقش خلالها سبل تعزيز التعاون الاقتصادي، قضايا الأمن الإقليمي والتطورات الدولية. وناقش الطرفان موضوع الحوار الاستراتيجي الخامس. تلتها زيارة وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، في إطار زيارة شرق أوسطية لبحث إمدادات الطاقة.
وزار وزير الخارجية الروسي الجزائر، في زيارة وصفت بالمفاجئة نهاية ماي المنصرم. تنفيذا لحيثيات مكالمة هاتفية بين الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، التي أكدت أهمية تبادل الزيارات رفيعة المستوى. واحتضنت الجزائر اجتماع الخبراء التمهيدي للدورة العاشرة للجنة الحكومية المشتركة الجزائرية الروسية للتعاون الاقتصادي، في ظرف دولي اتسم بسعي الدول الغربية على تسقيف سعر النفط الروسي.