أثار استفتاء مقاطعات أوكرانية من أجل تقرير المصير والانضمام إلى روسيا حفيظة الدول الغربية. هذه الدول التي لم تتوان عن تقسيم دول ورثت حدودها عن الاستعمار، وأخرى تصارع من اجل تقرير مصيرها، دون أن تجد سندا دوليا رغم الاعتراف بشرعية مطلبها.
استخدم حق تقرير المصير منذ انهيار الاتحاد السوفييتي، وانفصال جمهورياته السابقة على غير محمله. وحرف عن الأصل الذي أوجد من أجله.
حق تقرير المصير
أدرج الحق في ميثاق المم المتحدة العام 1951، طبقا للمادتين الأولى والثانية منه. وأريد بيه آنذاك تمكين الدول الواقعة تحت الاستعمار الأجنبي من نيل استقلالها. استنادا إلى حق “المساواة بين الشعوب، وأن يكون لكل من ها تقرير مصيرها”. وعليه حثت المنظمة الدول القائمة بإدارة الأقاليم المستعمرة وغير المتمتعة بالحكم الذاتي، او تلك الواقعة تحت الوصاية والحماية، على ترقية وتطوير كل مناحي الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، واحترام ثقافات الشعوب هناك.
في العام 1960، أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة إعلان منح الاستقلال للبلدان والشعوب المستعمرة طبقا للقرار رقم 1514 خلال الدورة 15 للجمعية.
وجاء في القرار: تعلن الجمعية العامة “رسميا ضرورة وضح حد بسرعة وبدون قيد او شرط للاستعمار بجميع صوره ومظاهره”. واعتبر الإعلان أن ” لجميع الشعوب الحق في تقرير مصيرها ولها بمقتضى هذا الحق أن تحدد بحرية مركزها السياسي وتسعى بحرية على تحقيق انتمائها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي”.
وعلى هذا الأساس بدأت موجة التحرر من نير الاحتلال الأجنبي، ونالت الكثير من الدول استقلالها. لكن ذلك لم يمنع ان تخترق دول أخرى الميثاق. وتعتدي على أراضي دول أخرى. سواء في السنوات القليلة التي تلت الإعلان، أو في مطلع الألفية الحالية.
تسييس المبدأ
وعلى الرغم من أن الإعلان منح الشعوب حق تقرير مصيرها إلا أن أقاليم كثيرة مازالت تحت الحكم الأجنبي، أو تخضع للاحتلال.
ويشير موقع الأمم المتحدة إلى بقاء 17 إقليما تحت السيطرة الأجنبية، وغير متمتع بالحكم الذاتي، مقسمة بين فرنسا (2) والمملكة المتحدة (10) والولايات المتحدة الأمريكية (3) ونيوزيلاندا (1). إلى جانب الصحراء الغربية التي تخضع للاحتلال المغربي.
وعلى رأس تلك القضايا القضية الفلسطينية والقضية الصحراوية. ورغم عدالة القضيتين إلا أنهما تعتبران من أقدم قضايا تصفية الاستعمار.
يعاني الشعب الفلسطيني من كل أشكال انتهاك حقوق الإنسان، والتمييز العنصري، والإبادة العرقية على مرأى ومسمع العالم.
ورغم قرار الجمعية العامل للأمم المتحدة بحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره شهر نوفمبر 2021. حيث صوتت 158 دولة لصالح هذا القرار، مقابل 6 دول ضد و10 دول امتنعت عن التصويت.
لكن وبعد نحو عام آخر من عمر القضية، مازالت المسألة تراوح مكانها. بل ويستمر المحتل الصهيوني في السطو على ممتلكات الفلسطينيين، واحتلال المزيد من الأرض وبناء المستوطنات.
ويمنع الاحتلال الفلسطينيين من تعليم تاريخهم ويحاول فرض منهاج برواية الكيان الزائفة عن تاريخ فلسطين. ضاربا عرض الحائط كل المواثيق والقرارات الدولية.
وبالمثل يعاني الشعب الصحراوي الذي لم يُمكّن من تنظيم استفتاء، رغم مرور نحو ثلاثة عقود على الاتفاق حول تنظيم استفتاء تقرير المصير. ولم تبت الأمم المتحدة في القضية رغم العديد من القرارات الدولية والإقليمية بعدم شرعية التواجد المغربي على الأراضي الصحراوية.
تحريف
لكن حق تقرير المصير الذي جاء في وقت اتسم باحتلال شعوب شعوبا أخرى قد حور عن أصله. وتعدى تطبيق المبدأ إلى محاولة تقسيم دول قائمة بذاتها دول ذات سيادة ومعترف بسيادتها واستقلالها.
وأولى تلك الدول هي السودان التي راحت ضحية تسييس المبدأ هي السودان الذي قسم في 2011 على دولتين اثنتين، السودان والسودان الجنوبي على أساس ديني.
وعايش العالم عودة الاستعمار التقليدي، عندما غزت الولايات المتحدة الأمريكية أفغانستان والعراق. وأسقطت الأنظمة هناك وانتقلت جيوشها في المنطقة لتستقر فيها أكثر من عشرين سنة.
ونجم عن ذلك فوضى وانقسام في العراق على وجه التحديد. ووصل به الضعف قيام الأكراد بتنظيم استفتاء الانفصال في أكتوبر 2017. وجاءت نتائجه مؤيدة للانفصال إقامة دولة مستقلة بنسبة تجاوزت 90 في المائة.
مصادر:
معلومات بشأن | الأمم المتحدة وإنهاء الاستعمار (un.org)
الأقاليم غير المتمتعة بالحكم الذاتي | الأمم المتحدة وإنهاء الاستعمار (un.org)