جيوبوليتيكا

جريدة إلكترونية متخصصة في الشؤون الدولية والدبلوماسية والإستراتيجية
تصدر عن مؤسسة الشعب

الأحد 26 مارس 2023
  • الرئيسية
  • ملفات
  • تحليلات
  • دبلوماتيكا
لاتوجد
عرض كل النتائج
جيوبوليتيكا
  • الرئيسية
  • ملفات
  • تحليلات
  • دبلوماتيكا
جيوبوليتيكا
لاتوجد
عرض كل النتائج

قمة عربية استثنائية بالجزائر شكلا ومضمونا

جيوبوليتيكا - جيوبوليتيكا
2022-09-08
في حدث, دبلوماتيكا, رئيسي
0
قمة عربية استثنائية بالجزائر شكلا ومضمونا
مشاركة على فيس بوكمشاركة على تويتر

بدأ العد التنازلي لانعقاد القمة العربية التاريخية  الـ 31 في الجزائر، يومي 1و2 من شهر نوفمبر المقبل، في توقيت مميز وشديد الأهمية يتزامن والذكرى الـ 68 لاندلاع الثورة التحريرية المباركة ضد المستعمر الفرنسي الغاشم، ليحمل دلالات كثيرة عنوانها أن الجزائر التي رفعت شعار الحرية والتحرر والانعتاق من قيود القهر والاضطهاد في وجه أعتى قوة استعمارية في العالم، وأن بلد المليون ونصف مليون شهيد، لا يزال يتبنى قضايا الشعوب المظلومة ويسعى للمّ «شمل عربي «، في محطة فارقة من أجل الارتقاء بالعمل العربي المشترك.

ملف: هيام لعيون وفتيحة كلواز وإيمان كافي

للمرّة الرابعة في تاريخها، تحتضن الجزائر اجتماعا للقادة والملوك العرب على بعد مسافة 53 يوما، لتدحض الشائعات المغرضة والكاذبة حول احتمال تأجيل عقد القمة العربية، أقاويل وأحلام صادرة عن أبواق وأفواه ترفض التئام الوحدة العربية، حيث وصلت أولى الدعوات الرسمية، خلال الأسبوع الجاري، إلى رئيسي دولتي فلسطين محمود عباس ومصر عبد الفتاح السيسي، اللذان أعربا عن تأكيدهما حضور قمة الجزائر،  في انتظار توزيع باقي الدعوات، خلال الأيام القليلة المقبلة على قادة عرب من رؤساء وملوك.

ويحرص السّاسة الجزائريون خلال هذه القمة على «تعزيز قيم التعاون والتضامن والدفع بالعمل العربي المشترك لضمان مكانة لائقة للأمة العربية، وتمكينها من ممارسة دورها الريادي على الساحة العالمية،» وهذا من أجل «مواجهة التحدّيات المشتركة والاستجابة لتطلعات شعوبها التواقة لقيم وروح الوحدة والمصير المشترك، وبما يدرأ عنها مخاطر ظروف دولية ما فتئت تزداد تعقيدا.» وفق ما ورد  في الموقع الإلكتروني الخاص بالقمة العربية الذي أطلقته الجزائر، الثلاثاء الماضي.

شعار وموقع رسمي

وبغية إنجاح هذا الموعد، سخّرت الجزائر كل الإمكانات والجهود، وهيأت جميع شروط نجاح أعمال القمّة، بالتنسيق الوثيق مع الأمانة العامة لجامعة الدول العربيّة وباستجابة ودعم من الدول العربية الشقيقة من أجل «جعل هذا الموعد العربي منارة مضيئة في مسار العمل العربي المشترك وفرصة مواتية لتعزيز اللحمة والوحدة العربية». وفق ذات الموقع الخاص بالقمة العربية، حيث يتضمن عدة أبواب تشمل: جدول أعمال القمة ووثائقها، تاريخ القمم العربية العادية والاستثنائية، وباب خاص لتسجيل الوفود المشاركة.

وموازاة مع ذلك نشرت الجامعة العربية على موقعها الرسمي الشعار الرسمي للقمة العربية، وأعلنت الأمانة العامة للجامعة العربية أنها «تقوم بالتنسيق مع الجهات المعنية في الجزائر، الدولة المضيفة، لاستكمال الترتيبات التنظيمية والموضوعية اللازمة لانعقاد هذه القمة بشكل ناجح بما يخدم المصالح العربية المشتركة»، معلنة أن القمة ستبدأ أعمالها بالاجتماعات التحضيرية لمجلس الجامعة على مستوى المندوبين، ثم وزراء الخارجية.

وفي السياق،  فقد أعرب قبل يومين الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، عن تطلعه لأن تكون القمة العربية الواحدة والثلاثون في الجزائر، «محطة مهمة في تاريخ العمل العربي المشترك، وأن تكون سببا للالتئام والوحدة، وتعبيراً أصيلاً عن الرأي العام العربي، والذي يرغب في رؤية زعمائه وقد اجتمع شملهم وتوحدت كلمتهم».

تصريحات ابو الغيط جاءت بعد تأكيدات رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون بأن القمة العربية المقررة بالجزائر ستكون ناجحة، حيث تسعى الجزائر إلى لم الشمل العربي.

أهمية ومميزات 

تعمل الجزائر على رعاية قمة عربية ستدخل التاريخ من بابه الواسع، نظرا للقرارات المنتظرة والحضور النوعي المرتقب، حيث ستكون واحدة من أهم القمم العربية، حيث ستفتح ملفات إقليمية ودولية راهنة، على رأسها القضية الفلسطينية والعمل العربي المشترك، في وقت تعيش بعض العواصم العربية على وقع تدخلات أجنبية، ما سيسمح بتبادل وجهات النظر بين مختلف القادة العرب.

وستحتل ملفات الطاقة والأمن الغذائي، والمائي مكانة لها في قمة نوفمبر بالعاصمة الجزائر، إذ لابد برأي مراقبين من حشد الدعم العربي، وتكاثف الجهود أكثر في سبيل إيجاد مكان «محترم» للعالم العربي في عالم متغير.  أمر يؤكده ما ورد في الموقع الإلكتروني للقمة العربية، إذ جاء فيه «وتنعقد قمة الجزائر في ظل ظروف دولية وإقليمية دقيقة وأحداث حساسة وسياقات صعبة، مما حدا برئيس الجمهورية،  عبد المجيد تبون، على جعل وحدة الصف ولم الشمل ونبذ الفرقة وتغليب التوافق والائتلاف على التنافر والاختلاف، عنوانا للقمة وهدفا أسمى لها».

اختلاف قمة الجزائر، يكمن هذه المرة في التحول الرقمي، حيث صنعت الجزائر الاستثناء، ولأول مرة في تاريخ القمم العربية، ستكون من دون أوراق « ويؤكد الموقع الإلكتروني الخاص بالقمة العربية، أن «الجزائر التي قطعت أشواطاً مهمة في مجالات التحوّل الرقمي واستعمال تكنولوجيات الإعلام والاتصال، تسعى لتوفير جميع الشروط الضرورية حتى تكون قمة الجزائر 2022، أوّل قمة عربية بدون ورق».

وما يميز قمة الجزائر المنتظرة أنها ستعقد في ذكرى 1 نوفمبر 1954 ذكرى إطلاق أول رصاصة ضد فرنسا الاستعمارية لتنتشر مبادئها حول كل دول العالم لتتحول الجزائر، حينها إلى «كعبة للثوار»، كما أنها ستعقد في الذكرى الستين لاستقلال الجزائر الذي أراده رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون أن يكون مميزا واستثنائيا.

لقاء القيادات العربية بالجزائر، سيأتي أيضا بعد تعافي العالم من جائحة كورونا وعلى ضوء أوضاع دولية غير طبيعية خلفتها الأزمة الروسية ـ الأوكرانية، لذلك ستكون قمة «الإجماع العربي»، بحسب تعبير الأمين العام المساعد، رئيسة قطاع الشؤون الاجتماعية بالجامعة العربية، هيفاء أبو غزالة مؤخرا.

أجندة ثقيلة تتصدرها «قضية الأمة»

قمة الجزائر التي تم التحضير  لها منذ عدة أشهر من خلال المشاورات مع القادة العرب، ستحمل في أجندتها قضايا عديدة، إذ «تتطلع للعمل مع بقية الدول العربية الشقيقة بغية التوصل إلى مخرجات وقرارات طموحة من شأنها تعزيز التوافق والاستجابة لتطلعات الشعوب العربية».

كما ستخصص القمة الجزائرية «لقضية الأمة، حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة ذات السيادة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشريف، من خلال تفعيل مبادرة السلام العربية»، إلى جانب تعزيز دور وتأثير الجامعة العربية لتعزيز مكانتها على الصعيد الدولي وتمكينها من مواكبة التطورات الحاصلة على المستويين الإقليمي والدولي.

وأضاف المتحدث «تسعى الجزائر لوضع القضية الفلسطينية في صلب أولويات القمة العربية، وبلورة موقف موحد يدعم حقوق الشعب الفلسطيني من خلال تفعيل مبادرة السلام العربية، ووفاء منها لتاريخها التحرري المجيد والتزامها الثابت بدعم الشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة باعتبارها قضية العرب المركزية».

انتصار للدبلوماسية الجزائرية

لم تتوقف آلة الدبلوماسية الجزائرية بقيادة الرئيس عبد المجيد تبون عن التحرك، منذ توليه زمام رئاسة الجزائر في اتجاه عربي، إذ خصص معظم خرجاته إلى عواصم عربية، إلى كل من السعودية، الكويت،  مصر، تونس وقطر، «حرصا منه على توفير وتهيئة جميع ظروف نجاح هذا الموعد العربي المتجدّد، فقد كرّس رئيس الجمهورية سنة التنسيق والتشاور مع أشقائه القادة العرب وجعلهما أرضية خصبة ووسيلة مثلى لبلوغ الأهداف المسطّرة والتي تطمح إليها الشعوب العربية قاطبة».

فيما لم تتوقف الخارجية عن التحضير لهذه القمة التاريخية، حيث حل الوزير لعمامرة مبعوثا من طرف الرئيس تبون، بعدة بلدان عربية مؤخرا منها ببيروت، للمشاركة في الاجتماع التشاوري لوزراء الخارجية العرب، حيث أطلع لعمامرة نظراءه على الترتيبات التنظيمية للقمة والمبادرات التي اتخذتها بلادنا في هذا المجال، فضلا عن زيارة العراق وسوريا ودول أخرى شقيقة.

اعتماد الصحافة الأجنبية

فتحت الجزائر تسجيلات الوفود الإعلامية من الصحفيين والتقنيين العاملين خارج الجزائر لحساب الصحافة الأجنبية، غير المرافقين للوفود الرسمية، والراغبين في تغطية فعاليات الدورة الـ 31 لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة التي ستعقد بالجزائر، للحصول على اعتمادات مؤقتة، منذ الفاتح أوت الماضي إلى 30 سبتمبر الجاري.

“قمة نوفمبر”.. تجاوب عربي وثقة بلا حدود

باشرت الجزائر بحر الأسبوع الجاري تسليم رؤساء الدول العربية دعوة رئيس الجمهورية للمشاركة في القمة العربية المزمع انعقادها في 1 و2 نوفمبر القادم، ليبدأ العد التنازلي لقمة تتزامن مع مستجدات إقليمية ودولية تستدعي توحد الصف العربي لمواجهة تداعياتها على المنطقة، قمة ستكون نقطة حاسمة ومحورية لاجتماع العرب حول رؤية اقتصادية شاملة لتحقيق تنمية مستدامة تتطلع إليها الشعوب العربية.

قبل أقل من شهرين عن انعقاد أشغال القمة العربية القادمة في 1 و2 نوفمبر القادم، تسعى الجزائر الى تجميع الدول العربية في قمة عربية لا تريدها ان تكون من اجل الحضور فقط بل لوضع النقاط على الأحرف، اتجاه جملة من القضايا التي تهم المنطقة العربية أبرزها وفي مقدمتها القضية الفلسطينية بالمشرق، بالإضافة الى مسائل أخرى هامة ومصيرية.

الى جانب اجتماع العرب على رؤية اقتصادية شاملة لتحقيق تنمية مستدامة والاستمرارية في الملف الشامل للألفية للتنمية، حيث تسعى الجزائر لان تكون ضمن هذا السياق الاقتصادي والتنموي، وسط جملة من المتغيرات والأحداث السريعة.

في اتصال مع «الشعب»، وضعت أستاذة العلوم السياسية والعلاقات الدولية الدكتورة نبيلة بن يحيى الخطوط العريضة لحركية دبلوماسية بأبعادها المتعددة، يؤكد الدور الإقليمي والدولي الذي تؤديه الجزائر كدولة عربية، مغاربية، افريقية، متوسطية وإنسانية، من خلال بلورة مفهوم الديناميكية السياسية الفاعلة والمتجددة لدور الجزائر الراهن والمقبل.

وعن آخر المستجدات، أكدت الدكتورة ان تفضيل سوريا عدم طرح موضوع استئناف شغل مقعدها بجامعة الدول العربية خلال قمة الجزائر، «حرصا منها على المساهمة في توحيد الكلمة والصف العربي في مواجهة التحديات التي تفرضها الأوضاع الراهنة على الصعيدين الإقليمي والدولي» حسب بيان وزارة الخارجية.

ويتم تسجيل الدولة الجزائرية ماضية في تحضيراتها للقمة قبل اقل من شهرين من انعقادها، بحركية دبلوماسية حثيثة من اجل جمع المهم والفاعل في هذه القمة، ـ أضافت المتحدثة: «وقد شاهدنا استقبال وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج هذا الأسبوع من طرف الرئيسين الفلسطيني والمصري لتسليمهما رسالة الدعوة التي وجهها إليهما رئيس الجمهورية للمشاركة في أشغال القمة العربية الـ 31.

وأكد الوزير خلال زيارته للدولتين جاهزية الجزائر لعقدها، معربا في نفس الوقت عن ارتياحه «الكبير» لمستوى التجاوب الذي عبرت عنه الدول العربية من أجل المساهمة في إنجاح هذا الموعد، وقد عبر الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط عن ثقة العرب وامله بأن تكون القمة القادمة «مهمة في تاريخ العمل العربي المشترك وسبباً للالتئام والوحدة، وتعبيرا أصيلا عن الرأي العام في بلادنا الذي يرغب في رؤية زعمائه وقد اجتمع شملهم وتوحدت كلمتهم».

في السياق نفسه ابرزت المتحدثة ان الكلمة الفاصلة هو في نجاحها وفاعليتها، فالمهم هو ما سينبثق عن هذه القمة من مخرجات وقرارات ترسخ وتفعّل العمل والدفاع العربي المشترك، خصوصا ما تعلق بإطلاق تنمية عربية مشتركة في ظل التحديات الإقليمية والدولية أمنيا واقتصاديا، غذائيا وصحيا، معتبرة انه من الملفات ذات الأولوية التي تتوقعه وتنتظره شعوب المنطقة من القمة العربية المزمع عقدها في الجزائر.

حدث مفصلي مهم يمهد للقمة

وعن اجتماع الفصائل الفلسطينية بالجزائر قبيل القمة العربية، اعتبرته بن يحيى حدثا مهما لتنبيهه على ان القضية الفلسطينية قضية توحد كل الأطراف الفلسطينية وأيضا العربية الوفية والمخلصة لأم القضايا.

ما قامت به الجزائر لتوحيد الرؤية السياسية الحقيقية ضمن فهم الفكرة المؤدية الى تحرير الشعب الفلسطيني من احتلال استدماري استهدف الفلسطينيين بإبادتهم وتهجيرهم من أراضيهم، لذلك هي مبادرة من اجل الدفع بالقضية الى رؤية أكثر تفاعلا ونجاحا لفهم الرهانات المقبلة التي تستدعي ان يكون الصف الفلسطيني موحدا، حتى وان تعددت الرؤى يبقى الهدف الأساسي واحدا هو تحرير فلسطين من براثن الكيان الصهيوني.

مالي..السلم والمصالحة

كانت المقاربة الجزائرية دائما واضحة اتجاه إفريقيا من خلال تأكيدها المستمر على سياسة الحوار وعلى التوازنات السياسية الموجودة في إفريقيا، وكانت دوما سليمة في مبناها الاستراتيجي ومسعاها الإتزاني مع كل الأطراف الإفريقية، منها منطقة الساحل وتحديدا مالي، التي تمر اليوم بمرحلة انتقالية تراهن الجزائر على تفعيل اتفاق السلم والمصالحة يؤسس لاستقرار المنطقة،  خاصة وان الشعوب الافريقية رفضت وترفض الوجود الأجنبي، في وقت باتت فيه المقاربة الجزائرية المقاربة الصحيحة والسليمة في تأمين منطقة الساحل بشهادة عديد الفاعلين في العالم.

وعن اتفاق السلم والمصالحة، قالت الدكتورة إن الجزائر بلورت تفاصيله منذ 2015 حيث كان له بعدا استراتيجيا لاستقرار منطقة الساحل، رغم المحاولات المتكررة لبعض الأطراف الخارجية لإفشاله بالنظر الى التدخلات العسكرية الأجنبية في المنطقة.

وكانت المقاربة الجزائرية ومن خلال هذا الاتفاق السمة البارزة في حل الأزمات المتكررة في منطقة الساحل بالأخص مالي، نظرا للثقة الكبيرة التي تتمتع بها الجزائر مع مختلف الأطياف السياسية بمالي سواء كانوا من السياسيين أو العسكريين أو من المجتمع المدني، نظرا للعلاقات المتجذرة بين البلدين تاريخيا وعلى المستوى الاجتماعي لوجود قرابة اجتماعية بين البلدين.

في الوقت نفسه، يكرس الاتفاق لمقاربة فعالة وللعمق الاستراتيجي الذي تتمتع به الجزائر في الساحل، ولفهمها الحقيقي لمشاكل المنطقة، يأتي هذا الفهم في إطار تحديد التوازنات السياسية الموجودة في إفريقيا، بمقاربة أكثر براغماتية ونضجا وفاعلية، وهذا ما هو كائن لتفعيل اتفاق السلم والمصالحة الذي يعتبر مفتاح حل العديد من التعقيدات الجيو ـ سياسية في هذا البلد الشقيق والصديق.

وهو ما تم لمسه ـ استطردت الدكتورة نبيلة بن يحيى  ـ من لقاء وزير الخارجية والجالية الوطنية بأفراد الجالية الوطنية المقيمة بمالي السبت الماضي، حيث عبروا عن أملهم الكبير في «تطوير المبادلات التجارية أكثر فأكثر، لاسيما عبر تسهيل الإجراءات الإدارية والجمركية بشكل يسمح بالرفع من صادرات المنتجات الجزائرية الى مالي»، في المقابل رحبوا «بالفتح الوشيك للخط الجوي بين الجزائر وباماكو والإجراءات الأخرى التي أمر بها مؤخرا رئيس الجهورية، ما سيكون له تأثير كبير على المبادلات الإنسانية والاقتصادية الجزائرية – المالية».

إفريقيا البعد الاستراتيجي

وعن الحركية الدبلوماسية التي تعرفها الجزائر اليوم، أكدت بن يحيى أن مساعي الجزائر الحثيثة تصب كلها في هدف واحد هو تأسيس منظور اقتصادي عالمي جديد، في وقت رحبت ودعت عديد البلدان لأن تكون الجزائر الصوت المرافع لقضايا القارة الإفريقية والعربية مجتمعة في مجلس الأمن.

وتحدثت المختصة عن الأزمة الليبية التي ازدادت تعقيدا وتشابكا رغم وضوح المقاربة الجزائرية بأن يبقى الخلاف ليبي ـ ليبي وضرورة ان يكون الحل ليبيا – ليبيا، وفق مقاربة حوارية وسلمية بعيدة كل البعد عما هو جاري في ليبيا اليوم.

 أوروبا…مقاربة براغماتية

أما فيما يتعلق بالبعد الاقتصادي للدبلوماسية الجزائرية في سياق تعاونها مع القارة الأوروبية، قالت المتحدثة إن القارة تعيش اليوم أزمة طاقوية جد صعبة، ما يجعلها مقبلة على شتاء قاس جدا، لذلك أطلقت الجزائر جملة من المشاريع مع بعض الدول الافريقية بصفة خاصة انبوب الغاز النيجر- نيجيريا، المرتبط بقراءات استراتيجية متعلقة بالحركية الدبلوماسية الجزائرية نحو القارة الافريقية، وبعض الدول العربية والأجنبية.

حيث تتبنى مقاربة متوازنة جدا مع مصالح الدولة الجزائرية في «أمننة» مناطق الجوار، الى بعث مقاربة الأمن والتنمية من خلال المناطق الحدودية، الى جانب إطلاق مشاريع استراتيجية لفك العزلة عن بعض الدولة الإفريقية، وبعث اقتصادي سينعش حتما بعض الدول الأوروبية المتمركزة بحوض المتوسط.

في الوقت نفسه، أوضحت أن الدبلوماسية الجزائرية ذات بعد براغماتي، واقعي، بثوابت معروفة تمثل الهوية التاريخية للجزائر في بعدها التحرري، يحمل مقاربة إنسانية شاملة هذا من جهة، ومن جهة أخرى ، فإن مقاربة الجزائر شاملة تجمع أطرافا متنوعة لبحثها عن تنويع شركائها، بدليل الزيارات المتعددة لرؤساء مختلف دول العالم إليها.

وكانت زيارة الرئيس الفرنسي نهاية الشهر الماضي أحدها، فقد شملت جملة من الملفات الثنائية المهمة، وكانت في مجملها ضمن لجنة مشتركة تحددها علاقات بينية وفق الندية وتوازن المصالح والاحترام المتبادل.

وخلصت بن يحيى الى إدراك الدبلوماسية الجزائرية بالتغيرات الجيو ـ سياسية الواقعة في المجتمع الدولي والتغيرات التي هي ضمن هذا البعد الشامل والكُلاني في حقل العلاقات الدولية في افريقيا، حيث تعتبر الجزائر بعدا افريقيا استراتيجيا باعثا لتنمية حقيقية، وهذا بالضبط ما تطالب به الشعوب الافريقية.

الدبلوماسية في بعدها الاستراتيجي تدخل ضمن الدبلوماسية السياسية بالإضافة الى الدبلوماسية الاقتصادية، التي تعكسها مشاريع اقتصادية ستحرك المجال الحيوي في الجزائر وافريقيا وفي غيرها من الشراكات المتنوعة سواء مع تركيا او الصين او المجموعة الاوربية بالأخص إيطاليا، والدول العربية تحديدا الخليج العربي وغيرها من الدول.

احترام الشرعية الدولية

كما تحدد الأعراف الدبلوماسية تعاملها مع الدول ضمن احترام الجزائر للشرعية الدولية في محاكاة الأزمات الراهنة، على الرغم من دعوتها المتكررة الى إصلاح منظومة الأمم المتحدة، لوجود مجموعة من الأحداث المتسارعة التي قفزت عن الهيئة كهيكل، حتى تتجدد هيئة الأمم المتحدة بمدخلات جديدة من خلال عضوية دول تعمل على حل المعضلات والازمات وعلى رأسها الجزائر.

البروفيسور بوحنية قوي: قمة الجزائر.. مرحلة جديدة في العمل الدبلوماسي

يتوقع البروفيسور قوي قيام  وزير الشؤون الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة بجولات أخرى، لتوجيه دعوات إلى رؤساء وملوك الدول العربية الأشقاء العرب للمشاركة في هذه القمة التاريخية والهامة.

وذكر أستاذ العلوم السياسية، أنه بموجب مواثيق جامعة الدول العربية والنظام الأساسي الذي يحدد طبيعة عملها، تعقد اجتماعات لوزراء الخارجية العرب، ثم اجتماع للجان الأعضاء الدائمين لجامعة الدول العربية وابتداء من يوم الثلاثاء الفارط انعقد اجتماع لوزراء الخارجية العرب تحت الرئاسة الليبية، على اعتبار أن يتم تسليم مقعد رئاسة وزراء الخارجية العرب للشقيقة ليبيا، وترأست أعمال دورة وزراء الخارجية العرب، استعدادا وتثمينا لاجتماع الأعضاء الدائمين ثم بعد ذلك اجتماع القمة العربية.

ومع تصريحات الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط فإن كل الأمور تتجه البوصلة إلى أن القمة ستكون في موعدها 1 و2 نوفمبر القادم، كما يرى البروفيسور بوحنية قوي، مشيرا إلى أن تاريخ انعقاد القمة العربية مهم ويحمل رمزية تاريخية في وجدان الشعب الجزائري وحتى الشعوب العربية التواقة للتحرر وهذه الرمزية -بحسبه- وستدشن مرحلة مهمة من التاريخ السياسي المعاصر ولذلك تقوم الجزائر بتعبئة جميع الجهود لإنجاح هذه القمة.

وبهذا الصدد، أكد المتحدث أن تصريح الأمين العام لجامعة الدول العربية أبو الغيط بأن القمة ستنعقد في نوفمبر المقبل، يأتي استجابة لمواثيق جامعة الدول العربية وأيضا استجابة للتوافقات التي تمت سواء في بداية هذه السنة، وفي شهر مارس على أن تعقد هذه القمة بالتوافق في الجزائر، في وقت تم تحضير جميع الظروف والجزائر جاهزة على كل المستويات.

وقال المتحدث في إشارة إلى أهمية عقد القمة العربية في الجزائر أنه معروف في جامعة الدول العربية أن الجزائر دائما تفي بالتزاماتها المالية وأيضا لديها رؤية في مختلف الأزمات الدولية والعربية التي شهدتها المنطقة، بحيث تنسجم قراراتها والشرعية الأممية الدولية وأيضا وفق ما يوحد الصف العربي، وهذا الذي تدعو إليه دائما في مختلف المحافل العربية والدولية والاجتماعات الدورية لجامعة الدول العربية، لذلك الاستعدادات كلها قائمة على قدم وساق، ومن بينها إطلاق شارة اجتماع القمة العربية في 4 سبتمبر الحالي وأيضا إطلاق موقع رسمي للقمة العربية على أساس أن هذه القمة ستكون قمة مدعومة ومسنودة بكل الدعائم الإلكترونية، بحيث أن كل المعلومات ستكون متوفرة.

وأشار البروفيسور قوي إلى أن القمة ستحاول مناقشة القضايا المشتركة التي تكون إلى حد كبير محل توافق، على رأس هذه القضايا قضية دعم حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولة وعاصمتها القدس وحقه في التحرر ومساندته ماديا ووفاء جامعة الدول العربية بالتزاماتها اتجاه القضية الفلسطينية التي تعتبرها الجزائر أم القضايا.

وسيتم طرح آليات التضامن العربي والتهديدات الأمنية التي تهدد الأمن القومي العربي وبعض القضايا ذات الصلة بالوضع الاقتصادي وما خلفته جائحة كورونا على اقتصاديات الدول العربية والتعاون البيني المشترك.

وسيتم التطرق حسب توقعات الاستاذ إلى بعض القضايا التي لها علاقة بالشق الأمني المرتبط بمعالجة كل أشكال الجريمة المختلفة التي تعرفها الدول العربية، ومكافحة الإرهاب والمخدرات.

وعن توجيه أول دعوة إلى فلسطين قال البروفيسور قوي أن الأمر بديهي في الدبلوماسية الجزائرية، خاصة أن الجزائر عرفت عقد ثلاث قمم عربية، قمتان عاديتان وقمة استثنائية، وبالتالي فعقد هذه القمة الرابعة يأتي في ظرف استقرار تعرفه الجزائر وانتعاش للدبلوماسية الجزائرية، ومادام الرئيس الجزائري أطلق على هذه القمة قمة الالتئام العربي ووحدة الصف، فمن البديهي جدا أن يوجه تحية ورسالة حضور وأول دعوة إلى الرئيس الفلسطيني محمود عباس على اعتبار أن فلسطين، سواء في الوجدان الجزائري أو الدبلوماسية الجزائرية تحتل موقع الصدارة باعتبارها -كما قال الرئيس تبون- أم القضايا وبذلك حضور فلسطين مهم جدا لهذه القمة والدعم الجزائري لفلسطين وجميع الفرقاء السياسيين مهم كذلك.

وسوم : القمة العربية بالجزائر
سابقة

مالي تطلب رفع العقوبات الاقتصادية عنها

موالية

الهجرة غير الشرعية وصعود اليمين المتطرف في أوروبا وتنامي ظاهرة الإسلاموفوبيا

جيوبوليتيكا

جيوبوليتيكا

مشابهةمقالات

مخطط المخزن لهدم اتحاد المغرب العربي
رئيسي

مخطط المخزن لهدم اتحاد المغرب العربي

2023-03-26
سحر المخزن ينقلب عليه!
رئيسي

سحر المخزن ينقلب عليه!

2023-03-26
مساعي باتيلي لإخراج المرتزقة وتوحيد الجيش في ليبيا
رئيسي

مساعي باتيلي لإخراج المرتزقة وتوحيد الجيش في ليبيا

2023-03-19
إشتراك
الاتصال عبر
دخول
أسمح بإنشاء حساب
بموافقتك سيتم إنشاء حساب في موقعنا بناءا على معلوماتك الشخصية في حسابك الإجتماعي.
إلغاءموافق
نبّهني عن
guest
أسمح بإنشاء حساب
بموافقتك سيتم إنشاء حساب في موقعنا بناءا على معلوماتك الشخصية في حسابك الإجتماعي.
إلغاءموافق
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
جيوبوليتيكا

جيوبوليتيكا جريدة إلكترونية متخصصة في الشؤون الدولية والدبلوماسية والإستراتيجية تصدر عن مؤسسة الشعب.

© 2020. جميع الحقوق محفوظة ليومية الشعب.

تطوير واستضافة شركة رانوبيت

لاتوجد
عرض كل النتائج
  • الرئيسية
  • ملفات
  • تحليلات
  • دبلوماتيكا
wpDiscuz
موقع الشعب يستخدم نظام الكوكيز. استمرارك في استخدام هذا الموقع ، فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط. تفضل بزيارة سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط .