كتاب يقوم على قدر من المعايشة بين الكاتب وموضوعه.. وفيه وقائع غير مألوفة، بل إن بعضها ” تشيب له سود النواصي”، إنه كتاب “الملك المفترس” Le roi pre’dateur الذي ألفه أريك لوران (الذي سبق له أن كتب مذكرات الملك الحسن الثاني ملك المغرب وعايش الأسرة المغربية الحاكمة فترة كافية)، ومعه الكاتبة في الصحيفة الأسبوعية لوجورنال السيدة كاترين غراسيي، والتي سبق لها أن وضعت كتاب (حاكمة قرطاج) gouverneur de Carthage الخاص بزوجة الرئيس التونسي المخلوع بن علي..
يتناول كتاب الملك المفترس حياة ملك المغرب الحالي محمد السادس منذ توليه العرش عام 1999 وحتى عام 2012، ويستعرض في حوالي 171 صفحة حياة الملك مستندا لمشاهدات المؤلفين وشهادات حوالي أربعين شخصية مغربية من الداخل والخارج، منهم من الحاشية وآخرون من الخبراء والسياسيين.
عناوين الكتاب تشي بمضامينه، الفصل الأول عنوانه “ملك من ذهب” يتحدث فيه عن ثروة الملك والتي جعلته يحتل المرتبة السابعة عالميا في بلد فيه 18,1% من السكان يصنفون في خانة الفقر، علما أنه أعلن نفسه “ملكا للفقراء”(صفحة 10)، وأن راتبه يساوي ضعف راتب الرئيس الأمريكي والرئيس الفرنسي (صفحة 14) وله 12 قصرا و30 مقر إقامة يعمل فيها 1200 موظفا ينفقون حوالي مليون دولار يوميا، وينفق ثلاثة ملايين دولار سنويا ثمنا لملابسه، وقيمة نفقات القصر تعادل ميزانية أربع وزارات (صفحة 22).
يروي الكاتب القصة التالية التي كان قد كتبها في كتاب سابق عن والد الملك: (أسرتي العلوية هاجروا من العربية السعودية وقدموا إلى منطقة تافيلالت بالمغرب ولم يكن لهم نفوذ كبير، وفي إحدى السنوات جاءت أسراب الجراد فأتلفت المحاصيل، فغضب الناس وأكثروا من الدعاء ولكن الجراد عاد في الموسم المقبل، فلجأ الناس إلى أجدادي لكونهم أشرافا من سلالة الرسول عليه السلام، وطلبوا منهم أخذ زمام السلطة ففعلوا.. سكت قليلا ثم أضاف ووجهه مبتهج “فتوقفت غارات الجراد لحسن الحظ” (صفحة 29).
ويستغرق الحديث عن الملك الحسن الثاني جزءا غير قليل من الكتاب (حتى صفحة 38)، ويتناول الكتاب الكيفية التي تم فيها التخلص من رجال الأب وبخاصة إدريس البصري (وزير داخلية الحسن الثاني القوي)، ويكشف الكتاب –طبقا لرواية المؤلف- الإحن بين رجال القصر وأحابيلهم المتبادلة (46-49).. وعلاقات الملك مع رجال الخليج (صفحة 49-50)، كما يتناول الكتاب الصراع مع القاعدة والتنظيمات السلفية (حتى صفحة 60).
ويتابع الكاتب رصد العلاقات الفرنسية المغربية ودور الشركات والعلاقات المريبة وأدوار الشخصيات في نسج هذه العلاقات وتوترها أحيانا (حتى صفحة 73)، ويفرد الكاتب فصلا لشخصية محورية هي خالد الودغيري (رجل مصرفي) وكيف لعب أدوارا في دمج بنوك معينة، بل وتنقله بين مناصب عليا من بنوك المغرب إلى بنوك السعودية، ليعود بعدها لفرنسا لينتهي بحكم قضائي غيابي لمدة 15 سنة (حتى صفحة 88)، لتبدآ قصة رجل آخر هو انس الصفريوي، وهو كما يصفه الكاتب ثاني أغنياء المغرب بعد الملك (صفحة 90)، ومن أكبر العاملين في قطاع العقارات.
ثم يستعرض الكتاب توظيف شركات الدولة لدعم شركات الملك، ويستعرض الكاتب كيف قام الملك بطرح أحد المسؤولين واسمه منير المجيدي على الأرض أثناء مناقشة حول وضع شركة “أونا”، وبدأ بضربه، وكيف ضرب وبصق على أحد المستشارين (محمد المعتصم) مما دفع الرجل لمحاولة الانتحار بتناول مواد صيدلية وإلقاء نفسه في مسبح المنزل إلا ان البستاني تمكن من إنقاذه (الصفحات 108-109)، وبعد عرض الفساد في الدولة خلال فترات مختلفة، يسرد الكتاب قصصا منها بالأسماء والقصص المثيرة (حتى صفحة 130) ويكتمل الكتاب بعرض العلاقات الفرنسية المغربية من خلال نفس المنهج السابق (وقد أسهب في شرح موضوع القطار السريع ومشروعات الملك في نطاق الطاقة…)
كتاب كاشف.. لكن الحسم بصحة ما ورد فيه أمر يحتاج لجهد باحثين آخرين..