لم يتجاوز قرار قمة مجموعة دول غرب افريقيا حول الانقلاب العسكري في بوركينافاسو تعليق عضوية هذه الأخيرة في مجموعة “إيكواس”. بينما تعرضت مالي لأشد العقوبات تطرفا.
اجتمعت إيكواس يوم الخميس 03 فيفري 2022، في قمة استثنائية لمناقشة الانقلاب العسكري في بوركينافاسو الذي اطارح بالرئيس روك مارك كريستيان كابوري.
مكيالان
وأوفدت المجموعة وفدين عسكري وآخر مدني للوقوف على ما يجري هناك وتقديم تقرير حول الانقلاب، وجاء قرارها معقولا بتعليق عضوية الدولة في إيكواس.
لكن بالعودة إلى الانقلاب الحاصل في مالي يلاحظ أن المجموعة فرضت على مالي حزمة من العقوبات السياسية الاقتصادية والعسكرية، عقب اجتماع مزدوج لإيكواس ومؤتمر رؤساء دول وحكومات الاتحاد الاقتصادي والنقدي لغرب أفريقيا.
وقررت المجموعتان تجميد الأصول المالية لمالي داخل المصرف المركزي لدول غرب أفريقيا. وإغلاق الحدود بين مالي والدول الأعضاء في المنظمة. إلى جانب تعليق المعاملات مع مالي باستثناء المستلزمات الطبية والأساسية.
وتأهب القوات العسكرية الاحتياطية التابعة للمنظمة للتدخل في مالي عند الضرورة. وأخيرا سحب سفراء جميع الدول الأعضاء في مالي. إضافة إلى عقوبات تتعلق بالمساعدات المالية.
وصفت العقوبات المفروضة على مالي بالخطيرة والتي يمكن ان تزيد من تأزيم الوضع الاقتصادي والاجتماعي للشعب المالي الذي يعيش أزمة ممتدة منذ 1960.
دلالات
جلي ان الانقلابين حصلا في مستعمرتين فرنسيتين سابقتين. وإن تشابهت الأسباب الظاهرية ممثلة في الاستبداد وانتشار الفقر وغياب التنمية، واستشراء اللا أمن بسبب تواجد الجماعات الإرهابية، إلا أن الأسباب الخفية تختلف تماما. إذ يبدو أن الانقلاب في مالي كان غصبا عن فرنسا وضد مصالحها، أما في بوركينافاسو فيحتمل أن تكون فرنسا وراء الحدث.
ويستدل على ذلك بموقف الايكواس من الانقلابين، وكيف تساهلت مع الثاني وغلظت العقوبات على الأول. وكذا سعي فرنسا لجعل مجلس الأمن يتبنى مقترحها القاضي بدعم العقوبات الاقتصادية لمجموعة إيكواس ضد مالي. وهو المقترح الذي عرقلته كل من الصين وروسيا باستعمال حق النقض. لكنها لم تحرك ساكنا سوى شجب الانقلاب في بوركينافاسو.
هذا يدفع للتساؤل حول ازدواجية التعاطي مع حدثين متشابهين. قد يكون الجواب في الأسباب الخفية الكامنة وراء كل انقلاب. ففي مالي جهر المجلس العسكري بتوجهه نحو روسيا وعقد اتفاقا لتعاون أمنى وعسكري. وتتهم فرنسا روسيا بإرسال مجموعة فاغنر للقيام بعمليات عسكرية في مالي ضد مصالح فرنسية.
ونفت مالي ما نسب إلى روسيا، وقالت عن سبب التوتر بينها وبين فرنسا هو قيام المجلس العسكري بالمساس بمصالحها ورغبته في إعادة النظر في اتفاقات الدفاع المشترك التي تربط البلدين من ذ الاستقلال.
بالنسبة لبوركينافاسو، يبدو أن فرنسا استبقت الأحداث حتى تتفادى ضربة روسية ثالثة بعد مالي وأفريقيا الوسطى. فعمدت إلى الإطاحة بالرئيس مارك كريستيان كابوري، بعد أن أخذ يتوجه نحو روسيا. خاصة بعد مشاركته في قمة روسيا أفريقيا والدعوة على تعاون ثنائي على أعلى مستوى.
يضاف إلى ذلك دلالات الموقف الفرنسي من الانقلابين في بوركينافاسو 2014 و2022، حيث تدخلت القوات الخاصة الفرنسية “السيف الضالع” في بوركينافاسو لحماية الرئيس المخلوع سابقا بليز كومباوري عندما أطيح به في 31 أكتوبر 2014 إلى برّ الأمان. بينما يحتجز الجيش البوركينابي الرئيس المخلوع.
عسكريا
يرى محللون عسكريون فرنسيون أن الانقلاب في بوركينافاسو يضع فرنسا في ورطة. وهي على مقربة من الانتخابات الرئاسية، أي أقل من ثلاثة أشهر، حيث يصعب عليها اتخاذ أي قرار في حال قتل أي جندي فرنسي من المشاركين في قوات السيف الضالع أو عملية تاكوبا أو برخان. وقد يؤلب الرأي العام الداخلي على الرئيس الحالي إيمانويل ماكرون، خاصة وأنه أعلن نيته للترشح مجددا.
من جهة أخرى تبدو فرنسا في ورطة بسبب فشل عمليات بركان وتاكوبا، خاصة أن السويد سحبت 150 جنديا من أصل 800 جندي من 14 دولة أوروبية يشاركون في عملة تاكوبا.
لكن قد يكون للسياسيين رأي آخر لان الخطر الداهم للتواجد الروسي في أفريقيا قض مضاجع فرنسا، التي بدأت تفقد نفوذها في عدد من مستعمراتها السابقة، وعليه تحاول أن تنقذ ما يمكن انقاذه من الزحف الروسي.