يتولى إدارة شؤون حركة طالبان قادة سياسيين وعسكريين، بعضهم لم يخرج من الظل. ومنذ تسلم الحركة مجددا للسلطة منتصف الشهر الجاري، تسلط الأضواء على هؤلاء القادة الذين يرجح أن يتولوا قيادة أفغانستان في المرحلة المقبلة.
في ما يأتي عرض موجز لأبرز القادة الرئيسيين لحركة طالبان.
الملا هيبة الله أخوند زاده: ولد عام 1967 في منطقة باجواي في ولاية قندهار بأفغانستان، وينتمي إلى قومية البشتون وبالتحديد من قبيلة نورزاي القوية في مدينة قندهار.

يعتبر من الأعضاء المؤسسين لحركة طالبان، وكان مساعدا مقربا لمؤسس الحركة، الملا محمد عمر الذي عينه عام 1996 رئيسا لمحكمة عسكرية في كابل.
لم يكن يعرف سوى القليل عن أخوند زاده الذي كان اهتمامه منصبا على المسائل القضائية والدينية أكثر من فن الحرب.
عين هبة الله أخوند زاده زعيما حركة طالبان في 26 مايو 2016 ، من قبل مجلس الشورى الحركة خلفا لزعيم الحركة السابق أختر محمد منصور الذي قتل في غارة أمريكية بطائرة بدون طيار في 22 مايو 2016.
تولى أخوند زاده المهمة الحساسة المتمثلة بتوحيد طالبان التي مزقها صراع عنيف على السلطة بعد وفاة الملا منصور وكشف عن إخفائها لسنوات وفاة مؤسسها الملا محمد عمر.
و نجح في تحقيق وحدة الجماعة وكان يميل إلى التحفظ مكتفيا ببث رسائل سنوية نادرة في الأعياد الإسلامية.
وتحت قيادة أخوند زاده وقعت طالبان اتفاق سلام تاريخي مع الولايات المتحدة في قطر في 29 فبراير 2020، ووصف أخوندزاده الاتفاق بأنه “انتصار كبير” للجماعة.
وفي 18 جويلية الماضي، أعلن أخوند زاده أنه يؤيد تسوية سياسية للنزاع في أفغانستان. ويعرف عن الرجل أنه قليل الظهور إعلاميا.
الملا عبد الغني برادر : ولد عام 1968 في ولاية أرزغان (جنوب) ونشأ في قندهار، و ينحدر من قبيلة بوبالزي، إحدى القبائل البشتونية الدورانية. وهي نفس القبيلة التي ينتمي إليها حامد كارزاي رئيس أفغانستان الأسبق.

يعد أحد مؤسسي حركة طالبان مع الملا عمر الذي توفي في 2013 ، تغيرت حياته بسبب الغزو السوفياتي في 1979 وأصبح مجاهدا ويعتقد أنه قاتل إلى جانب الملا عمر.
كان الملا برادر القائد العسكري لطالبان عندما اعتقل في 2010 في مدينة كراتشي الباكستانية. وأطلق سراحه في 2018 تحت ضغط من واشنطن خصوصا.
ويلقى برادر احتراما لدى مختلف فصائل طالبان، وعين رئيسا لمكتبهم السياسي في العاصمة القطرية الدوحة.
ومن الدوحة قاد المفاوضات مع الأمريكيين في سبتمبر 2020، و التي أدت إلى اتفاق وصف بالتاريخي، نص على انسحاب جميع الجنود الأجانب بحلول 1 مايو 2021، مقابل ضمانات أمنية وفتح مفاوضات مباشرة غير مسبوقة بين الحركة والسلطات في كابول.
ودعت الاتفاقية، التي وقعها كل من المبعوث الأمريكي الخاص إلى أفغانستان، زلماي خليل زاد والملا برادر، إلى حوار بين الأفغان لمواصلة السعي إلى “وقف إطلاق نار دائم وشامل”.
التقى عبد الغني برادر بالعديد من الشخصيات الأجنبية والدولية لكسب المزيد من الاعتراف العالمي، وترأس وفدا إلى الصين في وقت سابق.
بعد سيطرة الحركة على العاصمة كابول منتصف الشهر الجاري، زاد ظهور عبد الغني برادر أمام الكاميرات، وخاصة أثناء عودته إلى أفغانستان بعد عشرين عاما في المنفى.
وعاد الملا برادر في 17 أوث الجاري إلى قندهار، ثاني أكبر مدن أفغانستان ومهد طالبان وعاصمتهم إبان فترة حكمهم لأفغانستان بين عامي 1996 و2001. وأعلنت الحركة بالتزامن مع عودة برادر انتهاء الحرب، والعفو العام عن جميع الخصوم.
وسلطت الأضواء على عبد الغني برادر أيضا في المحادثات التي يجريها مع وجهاء وسياسيين حول تشكيل الحكومة.
ويعرف عن هذا الرجل بأنه من الشخصيات المعتدلة داخل حركة طالبان، ولا يستبعد مراقبون أن يكون له دورا ما في مستقبل الحركة، وربما رئيس أفغانستان.
سراج الدين حقاني: ولد عام 1973، هو نجل أحد أشهر قادة الجهاد ضد السوفيات جلال الدين حقاني. وهو الرجل الثاني في طالبان وزعيم الشبكة القوية التي تحمل اسم عائلته “شبكة حقاني”.

تعتبر واشنطن “شبكة حقاني” التي أسسها والده “إرهابية” وواحدة من أخطر الفصائل التي قاتلت القوات الأميركية وقوات حلف شمال الأطلسي في العقدين الماضيين في أفغانستان.
وكان جلال الدين حقاني أسس الشبكة في السبعينيات، لكنه تخلى عن قيادة عمليات الجماعة منذ بضع سنوات لابنه سراج الدين حقاني، الذي حددت وزارة الخارجية الأمريكية في مارس 2008، بأنه “إرهابي عالمي”، ورصدت مكافأة مالية بخمسة ملايين دولار مقابل الإيقاع به.
ومقاتلو حقاني المعروفون باستقلاليتهم ومهاراتهم القتالية وتجارتهم المربحة، هم المسؤولون على ما يبدو عن عمليات طالبان في المناطق الجبلية في شرق أفغانستان، ويعتقد أن تأثيرهم قوي على قرارات الحركة.
الملا يعقوب: هو نجل الملا محمد عمر ، ورئيس اللجنة العسكرية التي تتمتع بنفوذ كبير في طالبان، و تقرر التوجهات الاستراتيجية للحرب ضد الحكومة الأفغانية.
ويشكل ارتباطه بوالده الذي كان مقاتلو الحركة يبجلونه كزعيم لحركتهم، عامل توحيد لحركة واسعة ومتنوعة إلى هذا الحد.
ورغم ذلك ما زال الدور الذي يلعبه داخل الحركة موضع تكهنات، ويعتقد بعض المحللين أن تعيينه رئيسا لهذه اللجنة في 2020 كان مجرد إجراء رمزي.
ذبيح الله مجاهد: اسمه الجقيقي هو عبد الله مجاهد، ينحدر من عرقية البشتون التي ينتمي إليها معظم قيادات حركة طالبان.
حارب مع عناصر طالبان في أفغانستان، وفي 2007 عين في منصب المتحدث الرسمي باسم ” إمارة أفغانستان الإسلامية”.

عمل ضمن فريق وزارة الثقافة والإعلام خلال حكم طالبان لأفغانستان بين عامي 1996 و2001
بعد عودة الحركة إلى السلطة في أفغانستان في 15 أوث 2021، عاد ذبيح الله مجاهد إلى الظهور بصفته الناطق الرسمي باسم الحركة.
في أول مؤتمر صحفي عقده في كابول في 17 أوث الجاري، تحدث ذبيح الله عن سياسات وتوجهات الحركة في الفترة المقبلة، وقال إن أفغانستان كانت وما زالت دولة إسلامية “سواء قبل 20 عاما أم الآن، لكن هناك اختلافا هائلا بين ما نحن عليه الآن وما كنا عليه قبل 20 عاما”.
وأكد أن الحركة ستبقى على صلة مع وسائل الإعلام “التي ستعمل بحرية”.