حلت نهار الأمس الذكرى الـ 81 لتأسيس “الجيش العربي الليبي”، وسط مساعي السلطات المؤقتة في ليبيا لتوحيد ولملمة ما تفكك بعد دخول البلاد عام 2011 في حالة فوضى واقتتال داخلي.
التأسيس
عقب إعدام المجاهد عمر المختار من قبل القوات الإيطالية، أجمعت بعض القبائل على تأسيس ّجيش للتحرير ” تحت قيادة الملك الراحل إدريس محمد السنوسي.
واجتمع السنوسي في منزله بالإسكندرية في 20 أكتوبر 1939 مع 40 من القادة والزعماء الليبيين المقيمين بمصر، وقرروا تشكيل جيش لتحرير بلادهم، وافتتح مكتب لقبول المتطوعين بالقاهرة في 12 أوث 1940.
وبعد استقلال ليبيا في 24 ديسمبر 1951، جرت إعادة هيكلة الجيش الليبي، وبدأت السلطات في تكوين الجيش وفي إرسال البعثات العسكرية للخارج.
وبعد تسلمه السلطة عام 1969، عمل العقيد الراحل معمر القذافي على تطوير الجيش، وأبرم صفقات تسليح مع بعض الدول مثل الاتحاد السوفياتي سابقا، وفرنسا. وكانت ليبيا من أكثر دول المنطقة إنفاقا على التسلح.
ومنذ عام 1984، قرر النظام الليبي إلزامية التجنيد العام لكل مواطن ليبي بلغ سن الرشد، وأدخل النساء في السلك العسكري.
ووفق خبراء عسكريين، كانت ليبيا تمتلك معدات عسكرية كبيرة إلى حد ما. وأبرمت بعد رفع العقوبات لسلسة من العقود العسكرية الكبرى لتزويدها بأحدث الأسلحة.
وتشير مصادر مختلفة إلى أن عدد أفراد الجيش الليبي كان يبلغ حوالي 76.000 جندي قبل 2011.
تفكك وانشقاق
بعد انزلاق ليبيا في دوامة الفوضى عام 2011، ومقتل العقيد القذافي في 20 أكتوبر2011، تفككت ليبيا وحدث انشقاق وسط القوات المسلحة، بعد أن التحقت وحدات وأفراد من الجيش الليبي بمقاتلي “ثورة 17 فبراير “.
وقسمت ليبيا سياسيا وعسكريا بين كيانين، منطقة شرقية ومنطقة غربية، تتنافسان على الشرعية، وبنهاية 2015 كان في ليبيا برلمانان وحكومتان.

وقاد اللواء، خليفة حفتر منذ عام 2014 كتائب وميليشيات في الشرق الليبي، توصف من قبل البعض بـ “الجيش الوطني الليبي”، وفرض نفسه عسكريا وسياسيا بعد مبايعته ضباط من هذا الجيش رئيسا للأركان.
وظل يروج لنفسه على أنه القائد الأوحد لـ”الجيش الليبي”، حتى أنه فرض زيا موحدا على مليشياته حتى تشبه الجيش النظامي.
وجرى اقتتال بين ميليشيات الشرق والغرب، بدعم وتأجيج من قوى خارجية لها مطامع في ثروات ليبيا.
وفي 2016، جرى تأسيس “حكومة الوفاق الوطني” برئاسة رجل الأعمال فايز السراج الذي بدأت عملها في العاصمة طرابلس.
مهمة يعرقلها حفتر
توالت الأحداث بتعيين “مجلس رئاسي ليبي جديد” و”حكومة وحدة وطنية” في مارس 2021، وأوكلت لهما مهمة قيادة البلاد إلى الانتخابات العامة المقررة في 24 ديسمبر 2021..
ويترأس المجلس الرئاسي، محمد المنفي (شرق)، وعضوية كل من موسى الكوني (جنوب)، وعبدالله اللافي (غرب)، ويمثل مجتمعا “القائد الأعلى للجيش”، لكن قراراته لا تتخذ إلا بالإجماع، طبقا لما نص عليه الاتفاق السياسي الذي أشرفت عليه البعثة الأممية.
ورغم الانفراج السياسي، الذي حصل تحت ضغوط دولية، ما تزال السلطة المؤقتة في ليبيا عاجزة عن بسط سيطرتها الكاملة على الأراضي الليبية، وتعاني صعوبات في إعادة بناء جيش نظامي محترف بسبب انتشار السلاح والميليشيات غير المنضبطة.
وفي جويلية الماضي، أقر رئيس حكومة الوحدة، عبد الحميد الدبيبة، بصعوبة توحيد جيش بلاده، واعتبر أن “الأمور ليست سهلة”.
ويشير مراقبون إلى أن معرقل توحيد المؤسسة العسكرية هو خليفة حفتر ، الذي يسعى إلى البقاء في المشهد الليبي، رغم فشل حملته العسكرية على طرابلس في أفريل 2019.
وكان مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى ليبيا، يان كوبيتش صرح أن المليشيات التابعة لحفتر في الشرق لم تسمح لحكومة الوحدة الوطنية بالسيطرة على المنطقة.
وفي استفزاز واضح للسلطة المؤقتة، أصدر حفتر أمس قرارات شملت ترقيات وتكليفات في صفوف قواته التي تتمركز شرق البلاد. وصرح أنه لن يخضع لأي سلطة مدنية.
يأتي ذلك في الوقت الذي أعطى المجلس الرئاسي بصفته قائدا أعلى للقوات المسلحة تعليمات لجميع الوحدات العسكرية بضرورة “التقيد بتعليماته بشأن الترقيات وتشكيل الوحدات العسكرية وتعيين آمري المناطق العسكرية وغيرها.. “.
ويقول محللون سياسيون أن هناك إمكانية لتوحيد الجيش الليبي، ولكن بشرط أن يكون حفتر خارج المشهد.