تتفاعل فضيحة برنامج “بيغاسوس” الذي طورته شركة “إن إس أي” الإسرائيلية، بعد الكشف عن استخدام دول أبرزها المغرب، لهذا البرنامج من أجل التجسس على هواتف سياسيين وإعلاميين ونشطاء وحقوقيين..
يساعد برنامج “بيغاسوس” الذي طورته شركة ‘إسرائيلية، تنسق مباشرة مع حكومة الاحتلال، بالتجسس على الهواتف الذكية عبر اختراقها بفيروس يسمح بالحصول على الصور والمحادثات والوثائق داخل الهاتف.
تورط الاستخبارات المغربية
كشف تحقيق دولي أن المغرب، من أكثر الدول التي أنفقت بسخاء لشراء برمجيات “إن أس أو” الاسرائيلي للتجسس.
وكشفت صحيفة الغارديان البريطانية، أن المغرب قامت بتطبيق برنامج التجسس، واستهدفت أكثر من 6000 رقم جزائري، تم قرصنته والتجسس عليه.
واستهدفت أجهزة الاستخبارات المغربية بالتجسس أيضا صحافيين فرنسيين، وفتحت النيابة العامة الفرنسية، تحقيقا بهذا الشأن.
وأكدت تقارير إعلامية فرنسية، أن المخابرات المغربية استهدفت هاتفي الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس وزرائه السابق إدوار فيليب، في فضيحة التجسس التي استخدمت فيها برنامج “بيغاسوس”.
وكتبت صحيفة “لوموند” الثلاثاء، بحسب معلومات خاصة بها، أن المخابرات المغربية قامت عام 2019 باستهداف هواتف الرئيس ماكرون ورئيس الوزراء آنذاك فيليب، إضافة إلى 14 وزيرا في الحكومة.
وعلق قصر”الإيليزيه” على التجسس المغربي، بالقول لصحيفة “لوموند””إن الوقائع التي جرت ستعد خطيرة جدا في حال ثبتت صحتها”.
وتفجرت الفضيحة عندما نشرت مجموعة من 17 وسيلة إعلامية دولية، من بينها صحف “لوموند” الفرنسية و”ذا غارديان” البريطانية و”واشنطن بوست” الأمريكية، تقريرا بشأن هذا البرنامج.
ويستند التقرير إلى قائمة حصلت عليها منظمتا “فوربيدن ستوريز” والعفو الدولية، تتضمن 50 ألف رقم هاتفي يعتقد أنها لأشخاص تعتبرهم “إن.إس.أو” موضع اهتمام منذ عام 2016.
وتضم القائمة أرقام ما لا يقل عن 180 صحفيا و600 سياسي و85 ناشطا حقوقيا و65 رجل أعمال، وفق التحليل الذي أجرته المجموعة.
غير أن التقرير يوضح أن الاستهداف قد لا يعني بالتأكيد أن هواتف الأشخاص المعنيين قد تم اختراقها، لكنه يؤكد وجود محاولة للاختراق.
ومن جهتها، ندّدت منظّمات أممية وحقوقية ووسائل إعلام والاتحاد الأوروبي وحكومات، بما كشفته تقارير بشأن عمليات تجسس على مستوى العالم استهدفت نشطاء وصحفيين عبر برنامج “بيغاسوس”.
كيف يعمل هذا البرنامج وكيف يخترق الهواتف؟
تكشف التقارير الصحفية المتعلقة ببرنامج التجسس الإسرائيلي أن الطرف الرئيسي الذي استغل البرنامج هي حكومات حاولت تعقب هواتف نشطاء وصحفيين ومديري شركات وسياسيين.
ورغم أن شركات التكنولوجيا العملاقة تصرف مبالغ طائلة سنويا لحماية أجهزتها من الاختراق.
يعتقد الباحثون أن الإصدارات المبكرة من برنامج القرصنة التي كشفت لأول مرة عام 2016، استخدمت رسائل نصية مفخخة لتثبيتها على هواتف المستهدفين.
ويجب أن ينقر المستهدف على الرابط الذي وصله في الرسالة حتى يتم تحميل برنامج التجسس.
خلافا لذلك، استغلت الإصدارات الأحدث من “بيغاسوس” الذي طورته شركة “إن إس أو غروب” الإسرائيلية ثغرات في تطبيقات الهواتف النقالة واسعة الانتشار.
ففي عام 2019، رفع تطبيق المراسلة “واتس آب” دعوى قضائية ضد الشركة الإسرائيلية، قال فيها إنها استخدمت إحدى الثغرات المعروفة بـ”ثغرة يوم الصفر” في نظام التشغيل الخاص به لتثبيت برامج التجسس على نحو 1400 هاتف.
وبمجرد الاتصال بالشخص المستهدف عبر “واتس آب”، يمكن أن ينزل “بيغاسوس” سرا على هاتفه حتى لو لم يرد على المكالمة.
وورد في الآونة الأخيرة أن “بيغاسوس” استغل ثغرة في تطبيق “آي ميساج” الذي طورته شركة “آبل”، ومن المحتمل أن ذلك منحها إمكان الوصول تلقائيا إلى مليار جهاز “آي فون” قيد الاستخدام حاليا.
ماذا يفعل البرنامج إثر تنزيله؟
يؤكد أستاذ الأمن الإلكتروني في جامعة “سوري” البريطانية، آلان وودوارد، أن مطوري “بيغاسوس” تمكنوا مع الوقت في إخفاء” كل آثار البرنامج، ما يجعل من الصعب تأكيد إن كان هاتف معين قد تعرض للاختراق أم لا، لذلك لا يزال من غير الواضح عدد الأشخاص الذين تم اختراق أجهزتهم.
وأشار إلى أن أحدث التقارير الإعلامية تقول إن هناك أكثر من 50 ألف رقم هاتف في بنك أهداف زبائن الشركة الإسرائيلية.
من جهته، قال مختبر الأمن التابع لمنظمة العفو الدولية، إحدى المنظمات التي تحقق في “بيغاسوس” إنه وجد آثار هجمات ناجحة على أجهزة “آي فون” جرى أحدثها هذا الشهر.
هل يمكن التخلص من البرنامج؟
نظرا للصعوبة البالغة في معرفة ما إذا كان هاتفك يحمل البرنامج الخبيث، فإنه يصعب أيضا أن تعرف بشكل قاطع إن تمت إزالته، حيث يثبت “بيغاسوس” نفسه على أحد المكونات الصلبة للهاتف أو في ذاكرته، اعتمادا على الإصدار.
وإذا تم تخزينه في الذاكرة، فإن إعادة تشغيل الهاتف يمكن أن تمحوه نظريا، لذلك يوصى الأشخاص المعرضون لخطر الاستهداف مثل رواد الأعمال والسياسيين بإغلاق أجهزتهم وإعادة تشغيلها بشكل منتظم.
وفي هذا السياق أفاد وودوارد بأنه “يبدو الأمر مبالغا فيه بالنسبة لكثيرين.. يمكن اللجوء إلى برامج لمكافحة الفيروسات متوفرة لأجهزة الجوال”. وتابع: “إذا كنت مهددا، فربما عليك تثبيت بعض برامج مكافحة الفيروسات على هاتفك..”