تسلط قضيةالصحفي سليمان الريسوني الضوء على واقع المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي في المغرب، حيث تنتقد منظمات حقوقية مغربية ودولية توظيف القضاء في لجم الأصوات الحرة في هذا البلد.
أثار الحكم بخمس سنوات سجنا في حق الصحفي الريسوني، موجة من الرفض والسخط في الأوساط الإعلامية والحقوقية في المغرب.
وأصدرت محكمة الاستئناف بالدار البيضاء في العاشر من جويلية الجاري، حكما بخمس سنوات سجنا نافذا بحق الصحفي، بعد إدانته بـ”اعتداء جنسي”.
ونص قرار المحكمة أيضا دفع تعويض قدره 100 ألف درهم لفائدة الشخص الذي اشتكى على الريسوني.
“تصفية حسابات سياسية”
وانتقدت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان في بيان نشرته في موقعها على شبكة الإنترنت، الحكم الصادر بحق الصحفي.
الأشعري :
صدمني كثيرا صدور هذا الحكم القاسي على الزميل والصديق العزيز سليمان الريسوني، أولا لأن ظروفه الإنسانية بعد اضراب طويل عن الطعام، وظروفه الحقوقية كمواطن له الحق كل الحق في محاكمة عادلة، كانت تقتضي قدرا ولو بسيطا من الاعتبار.. pic.twitter.com/eYAopRiuok— هاجر الريسوني hajar raissouni (@hajarraissounu) July 10, 2021
وقالت إن المحاكمة والنطق بالحكم تم دون إحضار النيابة العامة للصحفي من السجن، رغم إصراره على الحضور، وفي غياب دفاعه الذي رفض تزكية محاكمة تتم دون إحضار المتهم.
وصدر الحكم بحق الريسوني رغم أن حالته الصحية معرضة للخطر جراء استمراره في إضراب عن الطعام منذ 94 يوما، شنه احتجاجا على شعوره بـ “ظلم فظيع”، كما أكد دفاع الصحفي.
ووصفت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان الحكم الصادر بحق الصحفي بالكارثة وبالانتكاسة الحقوقية، وانتقدت” استمرار توظيف القضاء للانتقام ولتصفية الحسابات السياسية وجعله وسيلة للترهيب وللقمع التنكيل وإخراس كل الأصوات الحرة..”
واعتبرت أن المحكمة انكرت” كل قيم العدالة والإنصاف وغيبت مبادئ الحق والقانون..”
وطالبت الجمعية بالعمل على إطلاق “حركية نضالية من أجل الحرية لجميع المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي وجعل حد للاعتقال السياسي..”
ومن جهته، انتقد محمد الزهاري, الرئيس السابق للعصبة المغربية لحقوق الإنسان، الحكم الصادر بحق الصحفي.
وتساءل الزهاري عبر صفحته على فيسبوك: “لماذا كل هذا الحقد والتوظيف البين للقضاء في تصفية الحسابات مع الأصوات المعارضة والممانعة والمنتقدة؟ لماذا ضاقت الصدور ولم تعد تتسع لمن يخالف ما يرسم ويعد ويخطط له؟..”
وطالبت منظمات حقوقية محلية ودولية وأحزاب سياسية مغربية ومثقفون في عرائض وبيانات سابقة، بالإفراج عن الصحفي.
وتزامنت محاكمة الريسوني مع محاكمة أخرى يمثل فيها زميله الصحفي والناشط الحقوقي عمر الراضي (34 عاماً) بتهمتي “تخابر” و”اعتداء جنسي”.
وسبق أن أدينت صحفية تدعى هاجر الريسوني، وهي قريبة الصحفي الريسوني، في 2018 في قضية أخلاقية، قبل أن يتم الإفراج عنها بموجب عفو ملكي.
ورفضت السلطات المغربية الرضوخ لمطالب الإفراج عن المعتقلين، بحجة استقلالية القضاء وسلامة إجراءات المحاكمة.
ومنعت السلطات المحلية بمدينة الرباط، السبت وقفة احتجاجية كانت دعت إليها التنسيقية المحلية للتضامن مع المعتقلين السياسيين.
قلم جريء
اعتقل الريسوني في 22 ماي 2020 في مدينة الدار البيضاء، في قضية اعتبرها هو نفسه مفبركة، سبقتها حملة تشهير واسعة استهدفته من قبل الإعلام الحكومي.
وجرى اعتقاله من طرف رجال شرطة في زي مدني، عندما كان يهم بمغادرة سيارته بمدينة الدار البيضاء.

ويعرف الريسوني، المولود عام 1972، بقلمه الجريء وبمقالاته وافتتاحياته التي أزعجت نظام الملك، شغل منصب رئيس تحرير الصحيفة المعارضة “أخبار اليوم” التي توقفت عن الصدور بعد 14 سنة من الوجود.
وتولى رئاسة تحرير”أخبار اليوم” خلفا لمدير نشرها توفيق بوعشرين الذي اعتقل هو الآخر من قبل، بتهم اعتبرها مفبركة.
وبحسب مواقع إعلامية مغربية، فقد نهجت صحيفة “أخبار اليوم” خطا افتتاحيا أزعج النظام ، وكان مديرها المعتقل كتب افتتاحية نارية عن الملك محمد السادس، بعنوان ” الحكم ليس نزهة على شاطيء البحر..”
انتقد في الافتتاحية الملك الذي فضل الاحتفال بعيد ميلاده على الشاطيء بشمال المغرب” ما عاد ملكا شابا، ولا عهده جديدا، ولا حكمه بلا سوابق، بعد 18 عاما من الحكم.. ”
وتزامن الاحتفال بالغليان الذي كانت تعرفه في تلك الفترة منطقة الريف بالمغرب.
ويقبع المغرب في المرتبة 133 (من أصل 180 بلدا) على جدول التصنيف العالمي لحرية الصحافة، الذي نشرته منظمة “مراسلون بلا حدود” في 2020.