تتميز منطقة الساحل في القارة الإفريقية بموقع استراتيجي هام، جعلها محل أطماع قوى خارجية، ويؤرة توتر تتصارع فيها الجماعات المسلحة.
أهمية استراتيجية
تشير بعض المصادر إلى أن عدد سكان منطقة الساحل يبلغ حوالي 100 مليون نسمة، يتوزعون على 5 بلدان هي: مالي وموريتانيا وتشاد وبوركينافسو والنيجر.
تتميز المنطقة الخاضعة للنفوذ الفرنسي على وجه الخصوص، بتنوع عرقي وديني ولغوي، وفيها العرب والطوارق وقبائل أفريقية مختلفة.
تزخر بثروات طبيعية هائلة، نفط غاز، نحاس، يورانيوم، إضافة إلى مخزون من الذهب والزنك والرخام.
ورغم الثروات الهائلة، تعاني شعوب المنطقة من الفقر والبطالة والهجرة، ومن الآفات الاجتماعية الناجمة عن ذلك.
وتتميز الدول الواقعة في منطقة الساحل بهشاشة اقتصادياتها، وبضعف نظمها السياسية، ما جعلها عرضة للانقلابات العسكرية وللاغتيالات التي تطال الزعماء والرؤساء.
الإرهاب والتدخلات
خلال السنوات الأخيرة، عرفت منطقة الساحل تحديات أمنية وصفت بالخطيرة، تمثلت في ظهور جماعات مسلحة تسللت من الخارج، وجعلت من دول المنطقة ساحات صراع واقتتال.
وحصل الانفلات الأمني خصوصها بسبب تغييرات إقليمية ودولية، مثل سقوط نظام العقيد الليبي الراحل معمر القذافي عام 2011، وخروج بعض العناصر والتنظيمات المسلحة من أفغانستان وباكستان عقب الإطاحة بحركة طالبان في الغزو الأمريكي لهذا البلد.
وكانت دولة مالي مثلا ساحة لنشاط جماعات مسلحة، مثل “حركة أنصار الدين”، و”حركة الجهاد والتوحيد في غرب أفريقيا”.
تدخلت فرنسا بقوة في منطقة الساحل، عسكريا وسياسيا، من أجل الحفاظ على مصالحها ونفوذها.
وبذريعة مكافحة الإرهاب، تدخلت باريس عسكريا في مالي منذ مطلع عام 2013.
وأطلقت فرنسا في جانفي 2013 عملية “سيرفال” عقب استيلاء المسلحين على مدن في شمال مالي، وتقدمهم نحو العاصمة بماكو.
وفي 2014، حلت عملية “برخان” محل “سيرفال” وقالت باريس إن هدفها هو تقديم القوات الفرنسية الدعم لدول المجموعة الخماسية لمنطقة الساحل.
وكان رؤساء بوركينا فاسو ومالي وموريتانيا والنيجر وتشاد شكلوا في عاصمة مالي باماكو عام 2017 “القوة المشتركة العابرة للحدود”.
وتتألف القوة المشتركة للمجموعة الخماسية لمنطقة الساحل، من خمسة آلاف عنصر، تهدف إلى مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة عبر الوطنية في منطقة الساحل، والمساعدة في استعادة سلطة الحكومة، وإعادة ملايين اللاجئين والمهاجرين.
وتعرضت فرنسا لانتقادات داخلية وخارجية، بسبب فشل تدخلها في إعادة الأمن والاستقرار إلى دول المنطقة.
الانقلابات العسكرية
عرفت دول منطقة الساحل انقلابات عسكرية أطاحت بزعماء ورؤساء، وأحدثت حالة من عدم الاستقرار السياسي في المنطقة.
وشهدت جمهورية مالي في تاريخها العديد من الانقلابات، كان أولها في 19 نوفمبر 1968، وأطاح بحكم أول رئيس للبلاد، وهو موديبو كايتا من قبل الجنرال موسى تراوري.
وفي أوث 2020 أطاح انقلاب أبيض بالرئيس إبراهيم أبو بكر كيتا، وفي ماي 2021 حصل انقلاب آخر ، أطاح بالرئيس الانتقالي، باه نداو ورئيس وزراءه المختار وان،
وعرفت موريتانيا من جهتها، سلسلة من الانقلابات العسكرية، كان آخرها الانقلاب الذي أطاح بالرئيس سيدي ولد الشيخ عبد الله عام 2008.
وكانت الانقلابات في موريتانيا بدأت عام 1978، واستمرت في الأعوام التالية، 1979 و1980 و1984 و2003 و2005 ، 2008.
ولم تكن تشاد بمعزل عن ما يحيط في دول الجوار، حيث شهدت انقلابات عسكرية خلال أعوام، 1975 و1979 و1980 و1991.
وفي 20 أفريل 2021 ، تم اغتيال الرئيس إدريس ديبي خلال مواجهات مسلحة مع متمردين في منطقة كانم شمال غربي دولة تشاد..
ومن جهتها، عرفت بوركينافاسو في تاريخها سبعة انقلابات عسكرية، كان آخرها في 17 سبتمبر 2015، وأطاح بالرئيس الانتقالي، ميشيل كافاندو.
وشهدت دولة النيجر أيضا سلسلة من الانقلابات العسكرية، آخرها ذلك الذي أطاح بالرئيس ممادو تانجا في فيفري 2010.