استعرض جهاز الإحصاء الفلسطيني في تقرير تفصيلي أوضاع الشعب الفلسطيني، من خلال الأرقام والحقائق والمعطيات التاريخية والحالية.
صدر التقرير الفلسطيني بمناسبة الذكرى الـ 73 لـ “نكبة فلسطين“، التي تصادف يوم 15 ماي الجاري، وهو اليوم الذي أكملت فيه العصابات الصهيونية احتلال معظم أراضي دولة فلسطين، بعد ترحيل سكانها قسرا في العام 1948.
تطهير عرقي وإحلال سكاني
وقال المركز في التقرير إن أحداث نكبة فلسطين وما تلاها من تهجير، شكلت مأساة كبرى للشعب الفلسطيني، لما مثلته وما زالت هذه النكبة من عملية “تطهير عرقي” حيث تم تدمير وطرد شعب بكامله وإحلال جماعات وأفراد من شتى بقاع العالم مكانه، وتشريد ما يربو عن 800 ألف فلسطيني من قراهم ومدنهم من أصل 1.4 مليون فلسطيني كانوا يقيمون في فلسطين التاريخية عام 1948 في 1,300 قرية ومدينة فلسطينية.
انتهى التهجير بغالبيتهم إلى عدد من الدول العربية المجاورة، إضافة إلى الضفة الغربية وقطاع غزة، فضلاً عن التهجير الداخلي للآلاف منهم داخل الأراضي التي أخضعت لسيطرة الاحتلال الإسرائيلي عام النكبة وما تلاها بعد طردهم من منازلهم والاستيلاء على أراضيهم.
ويوضح التقرير الذي نشرته صحيفة “القدس العربي”، أن الاحتلال الإسرائيلي سيطر خلال مرحلة النكبة على 774 قرية ومدينة فلسطينية، حيث تم تدمير 531 منها بالكامل وما تبقى تم إخضاعه الى كيان الاحتلال وقوانينه، وقد رافق عملية التطهير هذه اقتراف العصابات الصهيونية أكثر من 70 مجزرة بحق الفلسطينيين أدت إلى استشهاد ما يزيد عن 15 ألف فلسطيني.
ويشير التقرير إلى أنه كان عدد السكان في فلسطين التاريخية عام 1914 نحو 690 ألف نسمة، شكلت نسبة اليهود 8% فقط منهم، وفي العام 1948 بلغ عدد السكان أكثر من 2 مليون حوالي 31.5% منهم من اليهود، وقد ارتفعت نسبة اليهود خلال هذه الفترة بفعل توجيه ورعاية هجرة اليهود الى فلسطين خلال فترة الانتداب البريطاني حيث تضاعف عدد اليهود أكثر من 6 مرات خلال الفترة ذاتها.
استشهاد 100 ألف فلسطيني واعتقال مليون
وجاء في التقرير “رغم تشريد أكثر من 800 ألف فلسطيني في العام 1948 ونزوح أكثر من 200 ألف فلسطيني غالبيتهم الى الأردن بعد حرب حزيران 1967، فقد بلغ عدد الفلسطينيين الإجمالي في العالم في نهاية العام 2020 حوالي 13.7 مليون نسمة”، ما يشير الى تضاعف عدد الفلسطينيين أكثر من 9 مرات منذ أحداث نكبة 1948، أكثر من نصفهم (6.8 مليون) نسمة في فلسطين التاريخية (1.6 مليون في المناطق المحتلة عام 1948).
وتشير التقديرات السكانية إلى أن عدد السكان نهاية 2020 في الضفة الغربية “بما فيها القدس بلغ 3.1 مليون نسمة، وحوالي 2.1 مليون نسمة في قطاع غزة، وفيما يتعلق بمحافظة القدس فقد بلغ عدد السكان حوالي 467 ألف نسمة في نهاية العام 2020.”
وبناء على هذه المعطيات، فإن الفلسطينيين يشكلون 49.7% من السكان المقيمين في فلسطين التاريخية، فيما يشكل اليهود ما نسبته 50.3% من مجموع السكان ويستغلون أكثر من 85% من المساحة الكلية لفلسطين التاريخية (البالغة 27,000 كم2)، بما فيها من موارد وما عليها من سكان، وما تبقى من هذه المساحة لا تخلو من فرض السيطرة والنفوذ من قبل الاحتلال عليها. وتجدر الإشارة إلى أن اليهود في عهد الانتداب البريطاني استغلوا فقط 1,682 كم2 من أرض فلسطين التاريخية وتشكل ما نسبته 6.2%.
واقع اللاجئين
وحين تطرق التقرير إلى سجلات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، قال إن عدد اللاجئين المسجلين في كانون ثاني 2020، حوالي 6.3 مليون لاجئ فلسطيني، يعيش 28.4% منهم في 58 مخيماً رسمياً تابعاً لوكالة الغوث الدولية تتوزع بواقع 10 مخيمات في الأردن، و9 مخيمات في سوريا، و12 مخيماً في لبنان، و19 مخيماً في الضفة الغربية، و8 مخيمات في قطاع غزة. وتمثل هذه التقديرات الحد الأدنى لعدد اللاجئين الفلسطينيين باعتبار وجود لاجئين غير مسجلين، إذ لا يشمل هذا العدد من تم تشريدهم من الفلسطينيين بعد عام 1949 حتى عشية حرب حزيران 1967.
وقد حولت نكبة فلسطين قطاع غزة إلى أكثر بقاع العالم اكتظاظاً بالسكان، حيث بلغت الكثافة السكانية في دولة فلسطين في نهاية العام 2020 حوالي 857 فردا/ كم2 بواقع 545 فردا/كم2 في الضفة الغربية و5,693 فردا/كم2 في قطاع غزة، علماً بأن 66% من سكان قطاع غزة هم من اللاجئين، بحيث تسبب تدفق اللاجئين الى تحويل قطاع غزة لأكثر بقاع العالم اكتظاظاً بالسكان.
وحسب الأرقام الواردة في التقرير، فإنه منذ النكبة، سقط ما يزيد عن مئة ألف استشهدوا دفاعا عن الحق الفلسطيني، فيما يبلغ حاليا عدد الأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلي 4,500 أسير بينهم 570 أسيراً يقضون أحكاماً بالسجن المؤبد (مدى الحياة)، و650 معتقلا إداريا، كما تشير البيانات الى أن إسرائيل تعتقل ما يزيد على 700 أسير من المرضى وستة أسرى من النواب بالمجلس التشريعي، بالإضافة لوجود 25 أسيراً اعتقلوا قبل اتفاق أوسلو عام 1993 وما زالوا يقبعون داخل السجون الإسرائيلية. يوضح التقرير الإحصائي أيضا أن نحو مليون حالة اعتقال نفذت منذ العام 1967.
وحين تطرق إلى عمليات التوسع الاستعماري للاحتلال، قال إنه بلغ عدد المواقع الاستعمارية والقواعد العسكرية الإسرائيلية في نهاية العام 2019 في الضفة الغربية 461 موقعاً، منها 151 مستوطنة و26 بؤرة مأهولة تم اعتبارها كأحياء تابعة لمستوطنات قائمة، و140 بؤرة استيطانية، أما فيما يتعلق بعدد المستوطنين في الضفة الغربية فقد بلغ 688,262 مستوطنا وذلك في نهاية العام 2019، بمعدل نمو سكاني يصل إلى نحو 2.6%.
ويوضح التقرير الإحصائي أن الاحتلال الإسرائيلي استغل تصنيف الأراضي حسب اتفاقية أوسلو (أ، ب، ج) لإحكام السيطرة على أراضي الفلسطينيين خاصة في المناطق المصنفة (ج) والتي تخضع بالكامل لسيطرة الاحتلال الإسرائيلي على الأمن والتخطيط والبناء، حيث يستغل الاحتلال الإسرائيلي بشكل مباشر ما نسبته 76% من مجمل المساحة المصنفة (ج)، تسيطر المجالس الإقليمية للمستوطنات على 63% منها.
وبلغت مساحة مناطق النفوذ في المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية (تشمل المساحات المغلقة والمخصصة لتوسيع هذه المستعمرات) نحو 542 كم2 كما هو الحال في نهاية العام 2019، وتمثل ما نسبته حوالي 10% من مساحة الضفة الغربية، فيما تمثل المساحات المستولى عليها لأغراض القواعد العسكرية ومواقع التدريب العسكري حوالي 18% من مساحة الضفة الغربية، إضافة إلى جدار الضم والتوسع والذي عزل أكثر من 10% من مساحة الضفة الغربية.
هدم مبان وتهجير جديد
وعند الحديث عن عمليات هدم منازل الفلسطينيين، ذكر أن الاحتلال قام خلال العام 2020 بهدم وتدمير 976 مبنى، منها حوالي 30% في محافظة القدس بواقع 296 عملية هدم، منها 180 مبنى داخل أحياء مدينة القدس، وبلغ عدد عمليات الهدم الذاتي 89 عملية هدم ذاتي للمباني الفلسطينية يقع معظمها في محافظة القدس، كما أصدر الاحتلال الإسرائيلي خلال العام 2020 أوامر بالهدم ووقف البناء والترميم لنحو 1,012 مبنى في الضفة الغربية والقدس بزيادة مقدارها حوالي 45% عن العام 2019، كما تقوم سلطات الاحتلال بوضع العراقيل والمعوقات لإصدار تراخيص البناء للفلسطينيين.
ولم تتوقف سياسة قوات الاحتلال عن هدم المباني المملوكة للفلسطينيين وما نتج عنه من تهجير للسكان من منازلهم في جميع أنحاء الضفة الغربية، إذ وثق مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في الأراضي المحتلة (أوتشا) منذ عام 2009، أن قوات الاحتلال دمرت 7,514 منزلا أو منشأة منها 1,343 منشأة ممولة من المانحين مما أدى لتهجير 11,356 مواطنا.
ونفذ المستوطنون تحت حماية جيش الاحتلال الإسرائيلي 1,090 اعتداءً بحق المواطنين الفلسطينيين وممتلكاتهم خلال العام 2020، بزيادة بلغت 9% عن العام الذي سبقه، حيث تنوعت الاعتداءات بين اقتلاع وتدمير وحرق 8,925 شجرة، وتنفيذ 21 عملية دعس، و8 محاولات اختطاف، و26 عملية إطلاق نار، و47 عملية تجريف لأراضي المواطنين، كما لم تسلم المواشي من هذه الاعتداءات حيث تم قتل وسرقة 445 رأسا من الماشية، بالإضافة الى حرق وتدمير وإعطاب 350 سيارة ومركبة للمواطنين.
ويقول التقرير الإحصائي إن فلسطين تعيش واقعا مريرا في المياه، إذ أن 20% من المياه المتاحة في فلسطين يتم شراؤها من شركة المياه الإسرائيلية “ميكروت”، حيث تسهم الإجراءات الإسرائيلية بالحد من قدرة الفلسطينيين على استغلال مواردهم الطبيعية وخصوصا المياه وإجبارهم على تعويض النقص بشراء المياه من شركة المياه الإسرائيلية.